الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الشهيد كيلاني قبّل طفلته الوحيدة ووعد والدته "سأعود مبكرا"

نشر بتاريخ: 15/11/2011 ( آخر تحديث: 15/11/2011 الساعة: 12:51 )
غزة- خاص معا- "والله ما شفته كويس، يا جماعة بس لو اني أشوفه، وين راسه، وين جسمه، يا قرة عيني يا لوعة فؤادي" شهقت والدته التي لم يسمح لها بأن تحتضن ما تبقى من جسد ابنها محمد الذي سجي في العلم الفلسطيني وسالت دماؤه على القماش.

قبل توجهه للقاء ذويه كان البيت يجلس كأنه فوق كومة من الحطب، اللحظة التي قال لهن قريبهن: "محمد قرّب وبدي إياكن تودعوه بهدوء وما بدي صراخ"، لم يكمل جملته حتى تزاحمت النسوة لالقاء نظرة الوداع وتركن خمسا منهن يساندن والدته ضعيفة البنية، وأخريات كأنهن يحملن زوجته، الجميع يريد ان يلقي نظرة الوداع والجميع لا يريد أن يرى من كان بالأمس يسير بينهم ويضحك ويتلقف ابنته تارة أعلى وتارة لأسفل، غاب الشهيد عن الأنظار وبدأت النساء قواهن تخور وبدأن بالبكاء والنواح.

بعد وداع الشهيد على استعجال، اقترب شاب يحمل امرأة صغيرة بالسن، ووضعها بصعوبة فوق فراش قريب في باحة البيت، ثم ساند والدة الشهيد ووقف خائر القوى واضعاً يديه خلف رأسه، لقد ودع هو الآخر شاب قريب لقلبه هو صهره زوج شقيقته نبية كيلاني التي رزقت منه بابنه واحدة هي نور الهدى لها من العمر ربيعاً واحداً.

قالوا لزوجته: "إدعي له بأن يرحمه ربه ويجعل مثواه الجنة"، قالت:" لقد فقدت روحي وعمري" قالوا لها ابنتك ها هي بقربك: "قالت هذا ما تبقى منه لي سأضعها في بؤبؤ عيني وأخفيها عن الزمان وغدره" ثم ناحت بالبكاء:" يا قلبي يا محمد يا بعد عمري وين ودعتني ورحت".
|154424|
أما أمه التي تخشبت أقدامها من فرط الحزن فقالت: "والله ما شفته بس لو سمحوا لي أودعه وأحضنه" وبدأت النساء يمسحن وجهها بقليل من الماء لإنعاشها" ثم انهارت عمته وخالته وهكذا...

قالت جدته: "أوصاني محمد ابن ابنتي بجلب جلابية بيضاء له من الحج وحين ارتداها قال لي ما أحسنك يا جدتي، نحن نقدمه فداء للوطن هو أخوته وكل أبنائنا فلا يعز على الوطن احد وكلنا فداء لفلسطين".

آخر لحظات لقاء الشهيد كيلاني (23 عاماً) بعائلته كانت في ساعات المساء حين قال لزوجته نبية أنه سيذهب لتناول وجبة العشاء مع زملائه ثم يطلب إذنا بالعودة لأنه مريض منذ أيام، ولكن القدر لم يخطط كما خطط محمد وكان الاحتلال قد حدد هدفه في ساعات الفجر الأولى ليقصف مقر البحرية الفلسطينية التابعة للشرطة المقالة في منطقة السودانية شمال مدينة غزة بثلاثة صواريخ تكفلت بمحو المنطقة عن بكرة أبيها وبتركه حطاماً وقد لحقت الكثير من الخسائر المادية بالأماكن والمبان القريبة منها مثل منتجع النورس القريب، وعدد من البيوت القريبة.

وشيع جثمان الشهيد في جنازة عسكرية من مستشفى كمال عدوان إلى بيته حيث ألقيت عليه نظرة الوداع ثم أدى رئيس الوزراء بالحكومة المقالة إسماعيل هنية صلاة الجنازة وأم جمع من المصلين الذي وواروا محمد الثرى في المقبرة القريبة.