كاد " المعلم" أن يكون مسكينا.. !!
نشر بتاريخ: 14/11/2011 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:32 )
كتب ابراهيم ملحم- كاد وليد المعلم وزير الخارجية السوري، أن يستدر عطفنا ودموعنا ويستميل قلوبنا لولا ما سمعناه و رأيناه من فعل يديه وايدي نظامه الذي يواصل البطش بشعبه العظيم قتلا تجاوز المدى بعد أن بلغ ما بلغ من عمليات ذبح الشباب الثائرين كما تُذبح النِّعاج، وفق ما وزّع في صور تقشعر لها الأبدان على الكثير من المواقع الإخبارية في الفضاء المكتظّ بمشاهد الدّم الطّافحة والطّالعة من ذلك البلد العزيز الذي لجراحاته في القّلب عمق.
فرئيس الدبلوماسية السورية اكتشف أخيرا أن الولايات المتحدة الأمريكية هي العضو غير المعلن في اجتماعات الجامعة العربية دون أن يقول لنا وهو الذي له من اسمه نصيب في مهنته ،ما إذا كان لا يعرف بمثل هذا الحضور من قبل ،وهو حضور لا تخطئه عين إن من خلال الاجتماعات على مستوى القمة أو دون ذلك سرا كان أو علانية، منذ شاركت قوات بلاده في الحلف الثلاثيني ضد الجار الشقيق قبل عشرين عاما ،وبقرار عربي صدر في نفس المكان الذي صدر منه قرار التجميد بحق الدولة التي وقف جيشها، إلى جانب القوات الأمريكية في حفر الباطن لإخراج القوات العراقية من الكويت، وعندما طالب الاسد بعد انتهاء غبار الحرب باستحقاق المنتصر قال له الامريكيون بانه جدير باستحقاق المهزوم لا المنتصر!
قد يقول المعلم الذي لا تعوزه الفطنة ولا الذكاء ولا رجاحة العقل والحكمة ،كي يرى ويفهم ما لم يستطع فهمه ولا رؤيته أحد من المستبدّين المخلوعين الذين أعمت السلطة بصيرتهم وبصائرهم، قد يقول بان مشاركة بلاده في ذلك الحين كانت لإخراج القوات العراقية من بلد عربي شقيق.
ولئن كان المعلم مصيباً في قوله -وقولهُ الحق- فإنه لم يكن مصيباً بفعله عبر إرسال قوات بلاده لتشارك قوات أجنبية في قصف بلد عربي جار لا زال حتى الآن يعاني من تداعيات ذاك القرار وهو الذي يعلم علم اليقين أن المشاركة العربية فيه لم تكن سوى غطاء لتسويغ التدخل الأجنبي الذي يحذر منه اليوم ويصف قرار الجامعة العربية إزاءه ببالغ الخطورة لأنه يمهّد لذلك التدخل ويستدعيه، ذلك أنه كان بالإمكان في ذلك الحين مثلما هو اليوم تغليب الحل العربي على الحل الأمريكي الغربي الحربي.. وقد يقول له قائل بانَّ قرار الجامعة العربية اليوم جاء لإخراج قوات بلاده من مدنه وقراه الممدّدة تحت جنازير دبابات حُماة الديار وشبيحة النظام الذين أعملوا قتلاً وفتكاً وإهانةً وإذلالاً وتعذيباً بحق شعبهم الأعزل فقط لأنه ينشُد الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وهي أعمالٌ تَفضحها الصور الملتقطة بعدسات الشبيحة أنفسهم.
ما يجري في الشام العزيزة على قلوبِنا يخيفننا على البلد الذي ليس له من ثروة يطمع الطامعون بها غير موقعه الاستراتيجي وهويته العربية القومية، نخاف مما يحتشد من سحب تبدو قاتمة حول بلد الحلم والحكمة والمعرفة سيجعلنا نُفجَعُ به كما فُجعنا بجاره الشّقيق من قبل بعد أن توزّع فيه القوم ايادي سبأ شِيَعاً وأحزابا وإثنيات طائفية وعرقية.
نحسب أنه ما زال في الوقت متسع بأن يخرج النظام من "القوقعة" التي وضع نفسه وشعبه بها طيلة العقود الماضية عبر الوقف الفوري لإعمال القتل واحترام خيارات وصرخات وتطلعات أهل الحارة بالحرية حتى لا يتكرر درس العقيد الذي خانه العقل والرأي الرّشيد بعد أن أصمّ أذنيه وأغمض عينيه وراح يقصف شعبه بالدبابات ويصفهم بالجرذان والمهلوسين.
سنقف للمعلم ونوفِّهِ التبجيلا ونشكره بكرة وأصيلا إن هو أعمل العقل والضمير واستجاب لصرخات شعبه العظيم التي تصدح بالحرية والكرامة وتداول الحكم ويوقف آلة القتل الدموية المتنقلة في المدن والأرياف والبلدات السورية تحصد أرواحهم وتفتح الباب واسعا أمام استدعاء الأجنبي الذي ندينه وندين من يسعى لجلبه إن من خلال عمليات التصعيد التي يقوم بها النظام نفسه ليبني بها جسر العبور لذلك التدخُّل المدان،أو من خلال الدعوات الصادرة عن بعض أجنحة المعارضة المنقسمة على نفسها والموزّعة على أجندات ليست عربية ولا قومية ولا اسلامية.
..فعندما يكون الراعي عدو الغنم فإن من شان ذلك السلوك ان يغري الذئب باقتحام الحظيرة ليأكل ما شاء من غنمها قاصيها ودانيها ، وان كنا نلوم الذئب ونحاربه فاننا نلوم الراعي اكثر وندعو لخلعه وتنحيته بعد ان لم يعد جديرا بالرعاية ولا بالحماية !