الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

ندوة بغزة حول التهديد الإسرائيلي لإيران بحضور خبراء ومحللين

نشر بتاريخ: 23/11/2011 ( آخر تحديث: 23/11/2011 الساعة: 16:46 )
غزة-معا- نظم مركز الدراسات السياسية والتنموية الثلاثاء، 22 نوفمبر ندوة سياسية بعنوان " حقيقة التهديد الإسرائيلي لإيران"، شارك فيها نخبة من الكتاب والمفكرين والباحثين الفلسطينيين. وافتتح د. محمود الحرثاني، رئيس مجلس الإدارة، الندوة بالترحيب بالحضور والمحاضرين، والتعريف بالمركز وأهدافه.

واستهلت الندوة بمداخلة للدكتور إبراهيم أبراش، وزير الثقافة السابق والمحاضر في جامعة الأزهر، أشار فيها إلى التوظيف السيو-إستراتيجي للملف النووي الإيراني، من أجل تحقيق أهداف سياسية بعيدة المدى. وأكد د. أبراش أن امتلاك إيران للسلاح النووي لا يثير مخاوف إسرائيل، وما تخشى إسرائيل منه كيفية استخدام هذا السلاح، لأن دولاً أخرى امتلكت السلاح النووي مثل الباكستان، ولم تتسبب في إثارة مخاوف إسرائيل.

مضيفا" في حل وجهت ضربة لإيران، فستكون من باب الضغط والاستفزاز السياسي. ويندرج هذا كله ضمن سياسة "حافة الهاوية". كما لا يمكن أن تقدم إسرائيل على ضرب إيران إلا بتوفر ضوء أمريكي واضح، وقرار أممي يتهم إيران بامتلاك السلاح النووي، مما يبرر التدخل الإسرائيلي لاحقاً".

مشيراً في الوقت ذاته إلى إمكانية توجيه إسرائيل ضربة لإيران من دون توافر هذه الشروط، وذلك في ضوء فهم العقلية الإسرائيلية. وتابع" إسرائيل ضربت العراق وسوريا، واغتالت عدد كبير من العلماء المسلمين والعرب النوويين".

وشدد على "أن واشنطن، وطهران وبعض الدول العربية تحاول توظيف الملف النووي الإيراني لخدمة مصالحها في المنطقة. فإيران وظفته إلى جانب الأيديولوجيا لخدمة مصالحها، وهي تتحدث عن إسرائيل في الوقت الذي تفتح فيه عينها على دول الخليج. ولها مصالحها التي لن تغامر فيها من أجل أحد. كما وظفت واشنطن هذه "الفزاعة" من أجل مصالحها في الخليج، وهي التي احتلت العراق بعد إثارة مخاوف امتلاكه أسلحة نووية من أجل الهيمنة على منطقة الخليج".

وفي ذات السياق، تستخدم ما يسمى بدول الاعتدال العربي الملف النووي الإيراني لقمع المعارضة. كما وظفت إسرائيل هذا الملف عبر القول للعالم بأنها مهددة، وأن ثمة علاقات تربط حركة حماس بإيران. وختم د. أبراش بالقول" الملف النووي الإيراني أقرب إلى التوظيف السياسي من كونه مشروع حقيقي سيخدم قضيتنا على المدى القريب والبعيد".

من جانبه، تحدث د. يوسف رزقة، المستشار السياسي لرئيس الحكومة الفلسطينية في غزة عن أثر التعامل الإسرائيلي مع إيران على المنطقة. واستبعد رزقة إمكانية شن إسرائيل حرب على إيران في ضوء دراسة المعطيات التي سبقت توجيهها ضربات عسكرية للمفاعلين النووي السوري والعراقي. وعلق على تصريحات قادة الاحتلال بالقول" ما يلفت نظري في التهديدات الأخيرة أن قادة الاحتلال تعمدوا إثارة هذا الملف والحديث عن الضربة المتوقعة بعد أن خمدت ولو لأشهر فكرة الملف النووي الإيراني".

وأكد رزقة أن إسرائيل تحاول "ابتزاز الموقف الأمريكي في وكالة الطاقة الذرية، خاصة أن الولايات المتحدة متجه إلى الانتخابات الرئاسية في وقت قريب. كما تحاول ابتزاز إيران، والتقليل من نفوذها في الملف السوري. وكان إبعاد إيران عن الملف السوري هدفاً لهذه التصريحات الإعلامية". مضيفا" يحاول الغرب الضغط على إيران خاصة مع التقارير التي تحدثت عن مؤامرة إيرانية لاغتيال السفير السعودي في أمريكيا".

وختم رزقة بالقول " تدرك إيران أن جزءاً كبيراً من التصريحات الإعلامية المثارة هدفها الضغط عليها، وأن أي ضربة لمنشئاتها النووية ستكون بمشاركة دول أوروبية. كما ترغب إيران في الظهور بمظهر الشجاع، والرد على التهديد الإسرائيلي بآخر إيراني، وهي التي فعّلت سرياً قنوات اتصال مع الغرب، وبعثت برسائل تطمين له بشأن موقفها الحقيقي من ملفها النووي".

إلى ذلك، بدأ د. عدنان أبو عامر، الخبير في الشأن الإسرائيلي حديثه بالتأكيد على عدم وجود لمصطلحات الاستبعاد والاستحالة في السياسة والتاريخ. وأثار أبو عامر جملة من التساؤلات حول الوضع الداخلي الإسرائيلي أهمها أن نتنياهو هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول الذي لم يخض حرباً في غضون 3 سنوات منذ 12 عاماً، وأن باراك ونتنياهو يبدوان الأكثر انسجاما في تاريخ إسرائيل، إلى جانب حديث ليبرمان لصحيفة نيويورك تايمز بأن 99% مما يثار إعلامياً حول الملف النووي الإيراني "لا أساس له من الصحة"، في ضوء الخلاف المعروف بين الموساد ووزارة الخارجية الإسرائيلية.

وبين أبو عامر أن ثمة دوافع تقف وراء رغبة إسرائيل في احتكار السلاح النووي، أهمها تراجع تحالف إسرائيل مع الغرب، وتحول إسرائيل إلى عبء إستراتيجي، وتوازن ميزان القوى، والأزمة الإستراتيجية الوجودية التي تمر بها الولايات المتحدة، وثورات الربيع العربي التي دفعت بعض الإسرائيليين إلى القول بأن حرباً يجب أن تقع في المنطقة في ضوء كل هذه التغيرات.

وأكد أبو عامر في الوقت ذاته على احتمالية ظهور" حكيم " إيراني في آخر لحظة يحل كل هذه القضايا، والتاريخ أستاذ شاهد.

كما أن هناك ثمة اعتبارات تمنع إسرائيل من شن حرب ضد إيران. فهي التي تخشى من "اليوم التالي"، لتوجيه الضربة وتبعاته، وطريقة الرد الإيرانية. والفيتو أمريكي ضد توجيه أي ضربة لإيران. مضيفا" أعطت الولايات المتحدة إسرائيل ضوءاً أصفراً لضرب إيران".

وينقسم المجتمع الإسرائيلي بساسته وعسكره إزاء هذه القضية الحساسة. ولا تقف القيادة العسكرية الإسرائيلية خلف السياسية في هذا الموضوع. وهو ما دفع البعض إلى القول أن وزراء يعارضون الضربة هم من يقفون وراء تسريب التقارير التي تحدثت عن نية إسرائيل ضرب إيران.

وختم أبو عامر بالقول" المسألة اللوجستية وانتشار المواقع النووية الإيرانية على مساحات شاسعة يشكل كابحاً أخر لإسرائيل يمنعها من توجيه الضربة. ويدفع هذا كله إلى تبني أسلوب الحرب الناعمة المتمثلة في الحرب الإلكترونية والاغتيالات".

وتأتي هذه الندوة في سياق نشاطات المركز الهادفة إلى تبصير صانع القرار الفلسطيني بآخر المستجدات على الساحة الدولية، ومحاولة تبني موقف واضح من هذه القضية التي شغلت بال وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة.