الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

توقيع " صالح " لجميع الاقطار !!

نشر بتاريخ: 24/11/2011 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:31 )
كتب ابراهيم ملحم- أخيراً.. وبعد طول مراوغة استمرت عشرة أشهر ، نفد خلالها مخزون الحيلة لديه لادامة حكمه بضعة اشهر ،وقّع الرئيس اليمني على عبد الله صالح ،على قرار تنحيه او" خَلعه الرّحيم "بعد ان سام اليمنيين سوء العذاب، من صنوف الظلم، والقهر، الاستبداد و"تصفير العداد"، الذي طالما لاذ اليه كلّما أزف وقت تجديد الشرعيات، وتداول السلطات .

وقّع الرئيس المراوغ الذي لم يترك حيلةً الا واستخدمها ، ولا قبيلة الا وحرّضها، وتوسّل شيوخها وأبناءها ،لادامة حكمة ومحاربة خصومه الثائرين على قصره الذي كاد أن يلقى فيه حتفه، وهو معتصم فيه من طوفان الجموع التي نزلت الى الساحات، والميادين المكتظة بالصيحات المنادية بخلعه، تنشد الحرية، والعدالة التي غابت عن شريعته.

وقّع صاحب مقولة "فاتهم القطار"بعد أن لحق بقطار السابقين من المخلوعين، وبعد أن وجد نفسه وقد اقتيد مضطراً الى قفص التوقيع على قرار خلعه بعد أن أعياه التعب وأصاب جسده النحيل الوهن والنّصَب،من مقارعة الحق الذي ظهرَ اخيراً على باطل طال واستطال، حتى بات على مشارف الزوال .

توقيع الرئيس علي عبد الله صالح على الاتفاق الذي وضع لمساته الاخيرة المبعوث الاممي جمال بن عمر، بعد لقاءات ماراثونية قام بها في صنعاء وعدن،وهو يضع الشعب اليمني العظيم أمام مرحلة جديدة من الحرية والعدالة الاجتماعية ،والتداول السلمي للسلطة، في بلد كان يقاد فيه الثائرون الى أعواد المشانق كما يذهب الطلبة الى المدارس ،وفق توصيف أحد كبار المثقفين اليمنيين..،هذا الاتفاق يصلح -وان جاء فهم صاحبه متاخراً عشرة أشهر- لان يكون نموذجاً لفك العُقد، والاستعصاءات في دول واقطار الثورات الحالية ، والمتوقعة، منعا للمزيد من الدماء ،والعذابات التي تكتوي بها الشعوب المتطلّعة لكسر أغلالها ،ونيل حريتها وكرامتها ، ودرءاً لتدخل الاجنبي في شؤونها ليلوث بياض ونقاء ثورتها .

كان صالح المكتوي بنار غطرسته، واستبداده التي لعبت بها أصابعه طيلة سنوات حكمه الثلاثين ،يحاول حتى اللحظات الاخيرة التي سبقت ذهابه للرياض مضطراً، شراء المزيد من الوقت، للافلات من اللحظة الحاسمة للتوقيع على الاتفاق ،الذي زاغ منه غير مرة، ليضيف المزيد من الضحايا على لوائح شهداء الحرية من الشباب، والاطفال ،والنساء، الذين عِيلَ صبرهم من مراوغات الحاكم المستبد والاعيبه .

ولعلّ الصورة الاخيرة في ألبُوم حكمه المديد، في اليمن السعيد،كانت طافحةً بالمعاني والدلالات وهي ترصد لحظات ارتجاف أصابعه المكتوية بنار استبداده وهي توقع على اتفاق تنحّيه عن الحكم، بينما كانت عيناه تومضُ ثعلبةً، ومكراً ،مصحوبةً بابتسامة تلخص حراجة اللحظة التاريخية، التي وجد نفسه فيها مضطراً للتوقيع على قرار خلعه من "فخامته" في حفل لم يحظ به غيره من المخلوعين السابقين،الذين هاموا على وجوههم في الارض ،بين طريد، او قتيل، او سجين ليكون عبرةً لغيره من اللاحقين ،المنتظرين للقطار، الذي ما زال فيه متّسع للمزيد من المستبدّين .

وهكذا يقدم الشعب اليمني العظيم، للشعوب الثائرة وللانسانية جمعاء ،درساً طافحاً ببلاغة الصبر ،والحكمة اليمانية، طيلة عشرة أشهر،بينما أبناؤه يُقتّلون ويُذبّحون في ساحات التغيير ،وميادين التحرير،دون أن تراودهم أنفسهم بان يتحسّسوا أسلحتهم، التي بامكان الواحد منهم، ان اراد ،أن يأتيه سلاحه،قبل ان يرتدّ اليه طَرفُه !.

نعم سقط "صاحب الفخامة" اليمني من على كرسيه الطاعن في الاستبداد ،مضرّجاً بالشّعر،والحكمَة،مثلما سقط من قبل ،كبيرُ المستبدّين، مغشيا عليه بالنّكتة .... فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر ؟!.