الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
إيران تقصف إسرائيل
4 قتلى وعدد كبير من الجرحى بعملية إطلاق النار في "تل أبيب

قلوبُنا احترقت معهم!!

نشر بتاريخ: 26/11/2011 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:31 )
كتب ابراهيم ملحم- أسيل، وسهير، وأحمد، ومحمود، ومؤمن، هي خمسة أسماء حُسنى، لأطفال في عمر الزهور، صعدت أرواحهم البريية إلى بارئها، بعد أن تفحّمت أجسادهم الغضّة، بنار اللّهب الذي التهمت ألسنتُه، كلّ مرافق البيت الذي أرادوا تبديد ظلمته، من انقطاع الكهرباء فيه، بنار الشموع التي ما أن أضاءت عتمة المكان،حتى أحرقته، وأحرقت قلوبنا معه،ليلفّ الظلام المنطقة ،والوطن بأكمله، من هول تلك الكارثة التي يتكرر مثلها مطلع كل شتاء ،بسبب الاستخدام الخاطيء للتدفئة،أو اللجوء غير الامن لضوء الشموع ،بسبب الانقطاع الطويل المتكرر للكهرباء!..

فالحريق "الكارثة" الذي وقع في بلدة قفّين شمال طولكرم الليلة الماضية، بما أحدثه من فجيعة الفقد، لأطفالنا الخمسة، وإصابة والدهم، ووالدتهم، وابنهم الأكبر وزوجته بالإغماء، يهزّ النفس من أقطارها ويضعنا جميعا آباء وأمهات،ومعلمين،ومعلمات،ومسؤولين كل في موقعه، ووسائل إعلام، وأجهزة الدفاع المدني أمام مسؤولياتنا لمواصلة الطّرق على مخاطر الاستخدام الخاطيء لوسائل التدفئة، ولا سيّما غير الآمن منها، ويضع على التربويين مسؤوليات مضاعفة، في مواصلة التوعية لأطفالنا، لحمايتهم من عبثهم البريء، حتى لا تتكرر مثل تلك الحوادث المفجعة، سيّما ونحن ما زلنا في بداية موسم الشتاء.

ولم يكن هذا الحادث المفجع في بلدة قفين، الأول الذي يحرق قلوبنا، ويُبكي عيوننا على أعزاء لنا، فقد سبقته سلسلة حوادث مشابهة وقعت على امتداد مواسم الشتاء الماضية، بسبب الأخطاء في استخدام أجهزة التدفئة، وهو ما من شأنه أن يدفع بمديريات الدفاع المدني، لمضاعفة جهودها ليس في عمليات إطفاء الحرائق فحسب، بل وفي منع نشوبها، وتكرار حدوثها، عبر برامج توعوية، بالتعاون مع جميع أصحاب العلاقة، وفي مقدمتهم وسائل الإعلام.

لم تتمكن الأم الثكلى، ولا الأب المذهول، من هول الصدمة، وهما يخاطران بحياتهما لاقتحام خطوط النار التي حوصر خلفها فلذات أكبادهم أطفالهم الخمسة، لم يتمكنا من انقاذهم ،من قدر بات يحاصرهم، بعد أن سقطا مغشيا عليهما، من الدخان الكثيف، والنيران التي كانت تأكل الأجساد الغضة.

بعد اليوم..لن تتمكن الأم المفجوعة بفلذات كبدها ،من تَمسيد شعر طفلتيها الجميلتين أسيل، وسهير، وهي تحضّرهما قبل أن يتوجّها إلى المدرسة، بعد أن تكون قد اطمأنّت على ساندويشاتها في الحقيبة، كذلك أطفالها أحمد، ومحمود، ومؤمن، الذين اعتادت الأم الثكلى، ترتيب ملابسهم، وتأمين ساندويشاتهم، بعد أن سهرت الليل تشاركهم حل واجباتهم، وفروضهم المدرسية، دون ان تدري انها الليلة الأخيرة من حياتهم،على شموع، أشعلها انقطاع الكهرباء الطويل،في البلدة المذهول أهلُها من وقع الصدمة من الحادثة ،ومن تأخر الدفاع المدني عن تلبية نداء الاستغاثة، لاكثر من ساعة في مسافة لا يتجاوز قطعها العشرين دقيقة!

وإذ نحتسب الضحايا الأبرياء شهداء في علّيّين عند ربهم يرزقون، فإننا نضرع إلى العلي القدير أن يمُن على المصابين بالشفاء، ويلهمهم الصبر على البلاء، ويَجزيَهم سبحانه خيرَ الجزاء.