حنظلة في الميدان / المتوكل طه
نشر بتاريخ: 30/11/2011 ( آخر تحديث: 04/04/2012 الساعة: 09:23 )
هذي مظلوميةُ حنظلةَ،
وريثِ الأشجارِ
وأسطورةِ ناصرةِ الشهداء.
أو ناجي الكنعانيُّ المخلوعُ
من الجنّات إلى الظمأ الدهريّ،
كأنَّ به خيطاً نبويّاً يجري
في دمه الحُرّ من الزهراء.
هو الذهبيّ المذبوحُ
من الأخوة والأعداء.
وحنظلةُ العتمةَ زاحمها
بأصابعهِ الناريةِ،
فتثورُ كوابيسُ الثورة،
من نجمتهِ،
ويجَّنُّ الثوّارُ الأمراء.
ويشرب سيّدهُم كأسَ اليأسِ
وتأمرهُ "سالومي" أنْ يقطعَ
رأسَ المبعوثِ،
لترقصَ حول جدائله المائيةِ،
في الأنحاء.
ويكشفُ موتُ اللاجيِء،
في لندن،
أنَّ الثورةَ من أسماء الظُلمةِ
حين تضيق الروحُ على الإيحاء.
ولو أنَّ فلسطينَ تصيرُ
على شكلِ الإنسانِ
لكانت حنظلةَ المصبوبَ حليباً
في الأثداء.
نحتاجكَ يا ناجي الآن،
هنا، بالضبطِ هنا،
في الأرضِ المخفوقةِ بالَطْوطَمِ
والريحِ السوداء،
وفوق شقائقها المهروسةِ،
من خُطوات العسكر،
وهي تَخبُّ لقمعِ لهيبِ الحبق،
وموقدة الأحياء،
وتعتقلُ جنازاتِ الشغفِ الطائرِ
فوقَ الأكتافِ الأعلى
من غيم العلياء.
ونحتاجك لتَضمَّ الدوريَّ الزائغ
من دولاب الضّديّن،
الكارهةِ لناي الرعيان
ونرجسِ شهوتنا البيضاء.
ونحتاجك لترى كيف تحوّلت الكلماتُ
من الجوريّ إلى التبريرِ،
ولعنِ الشعلة والدَّهماء.
وكيف قَبِلنا أن تُصبح هذي الأرملةُ
العصماءُ فلسطين
مُجَزّأةً؛
هذي دولتُنَا القادمةُ،
إذا شاءَ العاَلمُ !
- والعالمُ سيّدةٌ عمياء-
وتلك لهم من رأس الثلجِ
إلى القدمِ الرمليّة!
مَنْ يقبلُ هذي القسَمةَ
غيرُ التجّارِ
وبعضُ أحبّتنا الشعراء؟
ويا ناجي !
اللحظةُ كالنار المجنونةِ
تأكل قُدسَ الله وعكا
وبُراقَ المعراجِ
وموجةَ يافا والعذراءَ،
ونخلَتها الباقيةَ
وليمونةَ غزةَ هاشم،
وقناديلَ العنب المنحورِ،
ورمّانَ السّهلِ الثاكلِ،
واللوزاتِ على التلّ المحروقِ،
وبيّاراتِ الزعترِ والحنّاء.
رضينا يا ناجي أن ننجوَ بالذلّ،
وأن نرفعَ رمزين
على الشبرِ الممنوحِ،
فضاق بمَنْ فيه،
وحُوصرنا قلباً وثياباً،
وصرخنا من زنزانةِ
هذا الصُّلح الوهميّ،
فمَنْ أدخلنا في السّرِ المفضوحِ،
ومَنْ أطبق فوق الشفتين الخَرَسَ،
ومَنْ أعطى الشرعيةَ للأشباحِ الدمويةِ؟
إنَّ الجاني يا ناجي الأهلُ،
وأعمامُ الصمتِ،
وهذي الدنيا المأخوذةُ بالعنقاء.
فمات الأرغولُ المسحورُ
ومات الثوبُ
وليلُ السامرِ ..
والسَّقّاء.
ويومَ العيد، وكان ربيعاً في الأرجاء،
رأيتكَ ناجي في الميدانِ،
وساحةِ تحرير البسطاء،
رأيتك ترفعُ رَسْمَ الشمسِ
وتَعْدو بالفَرَسِ الشقراء.