الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ندوة ادبية في رابطة أدباء بيت المقدس عن التصوير الفني في القران الكريم

نشر بتاريخ: 15/11/2006 ( آخر تحديث: 15/11/2006 الساعة: 17:17 )
نابلس-سلفيت-معا- عقدت رابطة ادباء بيت المقدس ندوة ادبية عن التصوير الفني في القران الكريم وسورة المدثر نموذجا على ذلك وذلك في مقرها في مدينة نابلس، و أدارها الاستاذ مأمون مباركة وشارك فيها عدد من العلماء و أعضاء الرابطة وعشرات المهتمين.

وتناول المشاركون تحليل سورة المدثر، وبيان مواطن الإعجاز فيها، والآيات التي يظهر فيها التصوير الفني بوضوح تام. واستهل الحديث الدكتور جبر خضير، ليتحدث عن الوحدة العضوية في النص القرآني، وقال :"إن الغربيين يقولون: أن العقلية العربية تقوم على التفتيت والتجزئة، ودللوا على ذلك بقولهم - مثلا- : إن أغزل بيت قالته العرب: "إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا" وأخذوا على العرب عدم تعاملهم مع النص على أساس كلية متكاملة، بانين هذا الأمر على أساس سياسي، ولذلك عملوا على تفتيت العرب إلى دويلات وجزيئات، وامتد قولهم هذا ليشمل القرآن الكريم، فقالوا إن القرآن الكريم نص يقوم على التفتيت والتجزئة"

وأضاف جبر انه إذا أردنا دراسة النص دراسة منهجية فيجب مراعاة امور ثلاثة تتمثل بالمضمون السياقي، وحروف العطف، والتكرار الذي يفيد التوكيد في اللغة.

واوضح ان سورة المدثر قسمت إلى مجموعة من المقاطع مخاطبة النبيّ حتى الآية "ذرني ومن خلقت وحيدا" ومن ثمّ صورة المنكر الرافض لمنهج الحق، متمثلا في شخصية الوليد بن المغيرة، وصورة القيامة،ومشاهدها. والمدقق في هذه المقاطع يجد ترابطا بين أجزاء كل مقطع، وفي الوقت ذاته نجد ترابطا بين المقاطع بعضها مع بعض.

وقال د. جبر: "نخلص من كل ذلك إلى أن القرآن الكريم وحدة كلية متكاملة، والقسم القرآني يعزز الوحدة العضوية والمقاطع في المضمون ترابطية،تهدف إلى تقوية المضمون. ومن يدرس التراث العربيّ سيدرك الوحدة العضوية فيه، وفي القرآن الكريم كذلك، وهذا يؤكد أن الله تعالى أراد أن تكون هذه الأمة أمة عظيمة."

وأما الشيخ الداعية الكرمي محمد غانم، فقد تحدث عن قضية التصوير الفني في الأدب العربيّ بعامة، والقرآن الكريم بخاصة، وقال: " إذا قرأنا النصوص الأدبية الراقية التي جاء فيها تصوير نجد أنفسنا كأننا نتابع مشهدا حيا، فيصبح في ذهن الإنسان وعي تام لما يريده الكاتب، وكذلك الناظر في سور القرآن، والمنصت لآياته يرى المشهد حاضرا أمامه. مثال ذلك سورة الكهف، ورد فيها أربع قصص: " قصة أصحاب الكهف، وصاحب الجنتين، وموسى والعبد الصالح، وقصة ذي القرنين". مضيفا ان القصص الأربعة تتحدث عن العقيدة وأثرها في النفوس، وكل قصة تمثل مشهدا فنيا متكاملا متسلسل الأحداث. أما سورة مريم فتعرض لنا حدثا فنيا رائعا، ولا سيما حين جاءها جبريل، وكأنك إنك لتشاهد شيئا معروضا امامك.

من جانبه تحدث الأستاذ رمضان عمر عن التصوير الفني في سورة المدثر، وقال: "كثير من علماء البلاغة والنقد تناولوا الجملة القرآنية، وقالوا فيها كلاما كثيرا، منهم الجرجاني،و سيد قطب. ومن يتأمل النص القرآني يجده من كلام العرب، ليس حوشيا ولا غريبا، بل كما قال عنه جل في علاه " ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر" ثم اضاف : علماء اللغة تناولوا اللغة من خلال مستوياتها الاربعة :الصوتي والصرفي والنحوي ثم البلاغي أو الجمالي. وخلص البلاغيون منهم - مثل عبد القاهر الجرجاني- إن سر إعجاز القرآن في قضية النظم، والموسيقى الداخلية فيه تمثل ركيزة أساسية من ركائزه الفنية .

وأضاف: فحرف الراء - مثلا - فاصلة قرآنية، وهي تمثل هنا - في الجملة القرآنية، إيقاعا موسيقيا مؤثرا؛ من خلال هذه الراء التكرارية لهذا النسق التعبيري الذي فيه نوع من السجع،حيث إنّ حرف الرويّ يتناسب مع النص، فمادة الإنذار تحتاج إلى نوع من التذكير التكراري يسد الحاجة فيه ذلك الطرق الموسيقي في حرف الراء فهناك تداخل صوتي في الحروف، وكل هذا يخدم المعنى، لماذا وردت المدثر بدلا من المتدثر، لفظ المدثر يدل على الخفاء والستر هذا اللفظ يتناسب مع نفسية النبيّ- صلى الله عليه وسلم- الخائف المرتبك ،وهذا الموقف لا يحتاج إلى الإطالة في الحروف.

ولاضاف قائلا: "حتى البناء النحويّ جاء ليخدم النص التصويري، مثال على ذلك "ًوربك فكبرً،وًالرجز فاهجرً، ثم استرسل قائلاً : هذه قضية فنية موسيقية،قضية لها علاقة بالدلالة، دلالة بلاغية على سبيل أسلوب الحصر. وهي بذلك تضمن القيمة المضمونية المطلوبة من الخطاب التوجيهي في تربية شخص المصطفى وإعداده لأمر الدعوة إعدادا عقديا في حصر العبادة لله وتطهير النفس أيضا وخلوصها لله"

أما الدكتور جهاد بني عودةفقال في ورقته ان الله تعالى يرسم لنا بالحرف والكلمات، حيث إن كل حرف له دلالة، النص القرآني له جمال، وله حلاوة عبر عنه الوليد بن المغيرة حيث قال:إن له لحلاوة،وإن عليه لطلاوة.

وأردف الدكتور جهاد قائلا: جاء الله بضروب البيان، التي يحبها العرب، وليس هناك حرف زائد في القرآن، فكل حرف جاء ليؤدي معنى، ويوصل رسالة، وكل كلمة في القرآن، إذا أراد الشاعر أن يستطعم معناها سيجد لها طعما مميزا.