الخميس: 03/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاعاقة .. مفهومها وكيفيه التعامل معها

نشر بتاريخ: 01/12/2011 ( آخر تحديث: 01/12/2011 الساعة: 22:12 )
اعداد : جواد غنام

مفهوم الاعاقة :
تختلف التسميات التي يتم اطلاقها على الأشخاص المعوقين تبعا لمتغيرات عديدة وبوجه عام فان التسمية التي اصبحت الاكثر قبولا في السنوات الماضية هي «ذوي الاحتياجات الخاصة» ولكن مؤخرا وبمبادره من الامم المتحدة تم الاتفاق على يوم عالمي لهذا الفئة المميزه يصادف الثالث من ديسمبر من كل عام و اطلاق مسمى " الاشخاص ذوي الاعاقة People with Disabilities “. وبصرف النظر عن التسميات فهي تشير الى الاشخاص الذين يعانون من حالات الاعاقة معينة تزيد من مستوى الاعتماد لديهم على الغير وتحد من قدرتهم أو تمنعهم من القيام بالوظائف المتوقعة ممن هم في عمرهم بشكل مستقل .
مصطلح ”الأشخاص ذوي الإعاقة“ كل من يعانون من عاهات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية، قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين.

الأسباب المؤدية للاعاقة :
للمعرفة العلمية ذات العلاقة بأسباب الاعاقة اهمية بالغة فهذه المعرفة تلعب دوراً حيوياً في تصميم بعض الاجراءات الوقائية من الحالات المؤكدة وهي تسهم في تحديد المجموعات التي ينبغي ان تستهدفها البرامج والخدمات بوجه خاص وهي تساعد في توفير المعلومات اللازمة لتشخيص الحالات مبكرا والتنبؤ بتأثيراتها المحتملة على النمو والتعليم والسلوك.
وعلى الرغم من ان نسبة غير قليلة من الحالات لا يعرف لها سبب محدد او ظاهر ولكن
هناك تصنيفان رئيسيان لأسباب الاعاقة : أسباب وراثية واسباب بيئية
الاسياب الوراثيه فهي تنطلق من جيل الى آخر عن طريق الجينات كما هو موجود في بعض الاسر مثل التخلف العقلي والنقص الوراثي في افراز الغدة النخامية.
الاسباب البيئية وهي التي تلعب دورها من الحمل وحتى الوفاة وهي مؤشرات ما قبل الولادة واثنائها وبعدها.
اما مجموعة الاسباب المرتبطة بمرحلة ما قبل الولادة فهي اصابة الام او تعرضها للامراض الخطيرة مثل الحصبة الالمانية او اضطرابات القلب والربو والكلى وتسمم الحمل والامراض الجنسية كذلك استخدام بعض الادوية الضارة بالجنين دون استشارة الطبيب وتعرض الام للاشعة السينية لذلك يجب على الطبيب التأكد ما اذا كانت المريضة حاملا ام لا قبل اجراء الفحوصات بالاشعة السينية وتعرض الام الحامل لعوامل ضارة كالتدخين وتسمم الحمل والخداج ونقص الاوكسجين والعوامل الوراثية والاضطرابات الكروموسومية، أما مجموعة الاسباب المرتبطة بالولادة فهي حدوث الولادة قبل موعدها المحدد وقد تؤدي لنزيف خلال الولادة واصابة دماغ الجنين خلال الولادة واختناق الجنين اثناء الولادة المتعسرة ويؤدي الى قلة الأوكسجين الواصل لمخ الجنين بسبب انفصال المشيمة وعدم الاهتمام بنظافة الجنين بعد الولادة مباشرة مما يؤدي الى الاصابة بالرمد الصديدي الذي يؤدي لفقد البصر اضافة الى صعوبة الولادة والنزيف والولادة باستخدام اساليب خاصة كذلك ارتفاع نسبة المادة الصفراء ونقص الاوكسجين بسبب انفصال المشيمة قبل موعدها او اصابة الطفل بالامراض الرئوية الحادة واستخدام العقاقير وغير ذلك.

أما مجموعة الاسباب المرتبطة بمرحلة مابعد الولادة فهي المتغيرات الطبيعية او البيئة اذا ما تعرض لها طفل ولد طبيعيا قد تنتهي باعاقة ما وهذه المتغيرات هي تعرض الطفل الى الاصابة بالأمراض والارتفاع الشديد في الحرارة وعدم علاجها في الوقت المناسب اضافة الى اصابات الرأس نتيجة السقوط من مكان مرتفع والامراض الخطيرة المزمنة واساءة استخدام العقاقير الطبية والتسمم بالرصاص او بغاز اوكسيد الكربون.

أهمية التدخل المبكر في التشخبص والعلاج

برامج التدخل المبكر في الكشف عن الحالات المحتلفه تكون اما من قبل طبيب الاطفال أو الاعصاب او العيون او الانف والأذن والحنجرة، وبعد احالتهم تطبق على الاطفال اختبارات كشفية سريعة، لمعرفة مواطن الضعف في نموهم من النواحي العقلية والحركية والسلوكية، فإذا كانت النتائج غير مطمئنة يجرى للطفل تقييم شمولي متعدد الأوجه باستخدام اختبارات تشخيصية متنوعة وفي ضوء النتائج يتم اتخاذ القرارات المناسبة.

الخدمات التي تقدمها برامج التدخل المبكر تتضمن عناصر وقائية متنوعة مثل العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي، والعلاج النطقي والارشاد الأسري، والتقييم التربوي-النفسي، والبرامج التربوية الفردية، والاشراف الطبي والتمريضي.

ويتم تقديم خدمات التدخل المبكر إما في مراكز متخصصة يعمل فيها ذوو التخصصات المذكورة اعلاه ، وإما في منازل الاطفال حيث يتم تدريب الأمهات على سبل العناية بأطفالهن وذلك على أيدي اختصاصيات يتمتعن بالكفاءة المهنية.

التعايش مع الاعاقة

إن تربية الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الاعاقة المزمن أكثر صعوبة وذلك لأن الأسرة تتعرض لتحديات خاصة إضافة إلى تلك التي تواجهها الاسر جميعا، فوجود طفل او شخص ذو احتياجات خاصة غالبا ما تنطوي عليه صعوبات نفسية، مادية، طبية، اجتماعية، وتربوية، فليس بمقدورنا ان نتحدث عن نتائج متشابهة على جميع الأسر، فكل أسرة لها خصائصها الفردية، وتتمتع بمواطن قوة محددة، وقد تعاني من مواطن ضعف معينة، وقد اشارت الدراسات الى ان بعض من حالات الاعاقة عند الاطفال تقود إلى تقوية العلاقة الأسرية، في حين أشارت دراسات أخرى إلى عكس ذلك، فبينت أنها قد تؤدي إلى مشكلات في الحياة الأسرية وخاصة منها تلك المرتبطة بإساءة معاملة الطفل والشخص جسمياً أو نفسياً وتأثر العلاقة الزوجية.. وقد تحدث مجموعة من ردود الأفعال العاطفية المختلفه لكل من الوالدين والاخوه والاخوات . إن ردود الفعل هذه قد تأخذ أشكالاً متنوعة مثل الشعور بالصدمة عند اتضاح الاعاقة والحداد، والحزن على الطفل العادي الذي كان منتظراً، ولكنه لم يأت، وعدم الاعتراف بالحالة على مستوى اللاشعور مما يؤدي إلى التنقل بالطفل من اختصاصي إلى آخر، والشعور بالخوف على مستقبله، ووضعه في المجتمع، والشعور باليأس في ضوء فشل كل المحاولات لمعالجته والغضب وربما الشعور بالذنب.

التعامل مع الاعاقة :
التعايش مع الاعاقة عملية صعبة، ولكنها غير مستحيلة، حيث إن تربية الأطفال وتنشئتهم التنشئة الصحيحة مسؤولية كبيرة ومهمة صعبة وشاقة، وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للأطفال العاديين، وهو حقاً كذلك، فإن تربية الطفل ذي الاحتياج الخاص أكثر صعوبة، وأكثر مشقة، فحالة الشخص قد تفرض على الوالدين تغييرات مهمة في مجرى حياتهما، وهي قد تقود إلى الشعور بالحزن، قد يختفي أحياناً ولكنه يعود فيظهر مجدداً.
بعض المقترحات المفيدة في كيفية التعامل مع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة التي تسمح معرفتنا العلمية بتقديم مقترحات بناءة ومفيدة وهي أن نتقبل الطفل كما هو، نحاول التعرف إلى أفضل الطرق لتعليمه حيث إنه لن يتعلم بالقوة، ولا نتوقع منه ان يتعلم كل شيء باستخدام نفس الطرق التي يتعلم بها الأطفال الآخرون. وإن كون الطفل من ذوي الاحتياج الخاص لايعني أبداً عدم محاولة تغيير سلوكه أو عدم توضيح قواعد السلوك المناسب، إضافة إلى مكافأة الطفل على التحسن الذي يطرأ على أدائه، حتى لو أبدى تحسناً بسيطاً، فتعزيز التحسن يقود إلى المزيد منه، ولا يجب أن ننظر إلى الطفل من زاوية اعاقته فقط ، بل أن ننظر إلى الصفات المقبولة في أدائه، وتوفير الفرص لتطويرها، وايجاد طريقة مناسبة خاصة للتواصل فيها مع الطفل ،.. إلخ
أخيرا .. هناك نماذج ثرّة في رَحْبِ فضائِنا .. تتألّق بمحنة البدنِ أو الحواس .. تومض بالصبرِ .. وتنبض بالعطاء .. أحالت محنتها إلى منحة عظيمة أجزلت تاريخ البشريّة بأنموذجيّتها .. حين تحدّت حاجز العوقِ .. بفاعليةٍ وعزم وإصرار نذكر منهم الامام الترمذي ، هيلين كيلر ، بيتهوفن وغيرهم كثيرون .

" دائرة ونادي العلاج الطبيعي والتاهيل في جامعة القدس