الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الإستقلال ليس أن نرفع علما فلسطينيا على بناية محاصرة بل أن نبني وطناً

نشر بتاريخ: 15/11/2006 ( آخر تحديث: 15/11/2006 الساعة: 18:40 )
معـــاً - تقرير - كيف يبدو الإستقلال الفلسطيني بعد 7 سنوات إنتفاضة حجارة و7 سنوات سلطة و7 سنوات إنتفاضة أقصى !!
بعد أكثر من عشرين عاماً على إنطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة أعلنت م. ت. ف بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وثيقة الإستقلال في الجزائر عام 1988 .. وفي هذه المناسبة ، يشار الى ان مفهوم الإستقلال عند الفلسطينيين مرَّ بعدة مراحل ،تفاوتت بين التضحية الجماعية مروراً بالواقعية وصولاً الى الإحباط .

فالإستقلال ليس مجرد رفع علم فلسطين فوق بناية، يكون كل ما فيها من صناعة إسرائيلية أو اجنبية ، والإستقلال الذي حلم به الشعب الفلسطيني لم يكن أبداً شراء أعلام فلسطينية من مصنع بمستوطنة إسرائيلية ( وهذا حدث فعلاً ذات مرة ) ..

في العام 1988، إشتهى الفلسطينيون الإستقلال، والإستقلال الفلسطيني إذا يكون على شكل سيارة فإنه "دفع خلفي" حيث أن الشعب الفلسطيني دفع بإتجاهه عبر إنتفاضة الحجارة، إنقادت له القيادة في الخارج فأعلنته في وثيقة .

وقد واصل الفلسطينيون الإحتفال بالإستقلال رغم قمع الإحتلال، ورغم حظر التجوال، وقيام جنود الإحتلال بكسر ذراع كل من يرفع العلم الفلسطيني، وقبل الفلسطينيون التحدي وإحتفلوا بهذا اليوم وأشعلوا الألعاب النارية ورفعوا الأعلام وهتفوا للحرية وأقاموا الإحتفالات في سجن النقب وفي الزنازين في الخامس عشر من تشرين الثاني كل عام .. وصولاً الى مرحلة السلطة، حيث إعترفت إسرائيل بالعلم الفلسطيني وسمحت بالإحتفالات، و " باركت" للفلسطينيين بهذا اليوم، ولكنها قتلت كل مضامين الإستقلال، وجعلت منه " مسخرة" بكل معنى الكلمة ..

وفي بعض شوارع فلسطين جعلت اسرائيل المسرب اليمين للشارع منطقة سلطة والمسرب اليسار منطقة جيم ممنوع فيه اسيادة !! فشعر السكان أن معنى الإستقلال أخذ طابعاً آخر وباتت مشاركتهم في الإحتفالات شكلية بعدما كانوا يموتون من أجل رفع العلم تحت حراب الجنود المحتلين ..

وساهمت إسرائيل في (إبتلاع) مفهوم الإستقلال الفلسطيني وتعمدت السخرية منه عن طريق منح تصاريح للسكان لكي يصلوا منازلهم ، وفهم كل فلسطيني أن الرئيس لا يستطيع أن يتحرك بمروحيته دون "تصريح" من مقر الإحتلال، فضاع المعنى، وظلَّت الغصة في قلب الشاعر، كما ان العديد من السلوكيات الخاطئة لدى بعض المسؤولين الفلسطينيين ساهمت في إجهاض مفهوم الإستقلال .

وبعد ذلك صارت الحواجز العسكرية تواصل إهانة المواطن الفلسطيني فتبخر حلم الإستقلال وتحول المفهوم الى " إستغلال"، فإسرائيل لم تتخل عن عقلية الإحتلال بل إستبدلتها بعقلية خبيثة أساسها إهانة الكرامة الفلسطينية ومواصلة تهويد القدس ومصادرة الأرض وخلق شريحة تجار غنية ..

وفيما كانت تتعطل جهود إنجاح المفاوضات وصولاًً الى مفاوضات كامب ديفيد 2000 .. وهي مرحلة الصدمة، حيث ثار الفلسطينيون على الإحتلال بفارق مهم، وهو أن إنتفاضة الحجارة كانت نابعة من الشعب أي ( سيارة دفع خلفي ) أما إنتفاضة الإقصى فهي نابعة من القيادة ( سيارة دفع أمامي ) فدخلت إسرائيل من جديد وإحتلت الضفة الغربية وهدمت مؤسسات السيادة وقتلت مفهوم الإستقلال "الشكلي" وقصفت المقاطعة وإعتقلت الضباط وأجبرتهم على الخروج أمام الكاميرات وهم بالملابس الداخلية ما أثار غضب المواطن ضد الإحتلال وضد كل من يعتقد بإمكانية الحل الوسط ..
وصولاً الى تحرير غزة ( المحاصرة) وبدلاً من إقامة سنغافورة هناك، إنتشر السلاح والفوضى والفلتان الأمني والإقتتال والزعرنة والإنقسام فبكى الفلسطينيون دماً على حالهم وعلى عدم قدرتهم على " الإستقلال " حتى وصل الأمر ببعض الضعفاء قولهم :" الحمد لله أننا لم نحصل على الإستقلال " .
والآن نحن نقف على باب السؤال التالي، بعيداً عن كل دبلوماسية :
كيف نبني وطننا قبل أن نرفع علماً فوق بناية مدمرة وفقيرة ؟؟ وكيف يمكن أن نعيد للإستقلال هيبته ؟؟ ومكانته .. ومعناه ؟ وآفاقه ؟ وبنائيته ؟ ونجاحه ؟ ..

سؤال ملح ... ينتظر كل فلسطيني أن يعرف إجابته، وخصوصاً أن الفلسطينيين في خارج فلسطين لا يزالون بإنتظار دورهم في معرفة .. كيف سيستقلون ؟؟ وكيف نفرق بين ميكانيكية الاستقلال وبين ديناميكية الاستقلال ؟