قراءة في الانتخابات المصرية... الاخوان والسلفيون يحصدون الصناديق
نشر بتاريخ: 04/12/2011 ( آخر تحديث: 05/12/2011 الساعة: 08:46 )
الفيوم - معا - كتب اشرف سويلم - اسفرت نتائج المرحلة الاولى للانتخابات البرلمانية بمحافظة الفيوم عن فوز ساحق للتيار الاسلامى الذي حصد 16 مقعدا برلمانيا بمحافظة الفيوم من اجمالي 18 مقعدا، حيث لعبت الدعاية الدينية بشكلها الطائفي دورا هاما خلال المرحلة الاولى للانتخابات البرلمانية فمحافظة الفيوم من المحافظات التي استشرى فيها التيار الاسلامي بقوة منذ الاربعينيات والذي اسسه تيار الاخوان المسليمن والذى امتد توغله فى المجتمع لظهور تيارات دينية اسلامية اخرى عديدة واصبح طابع شعب محافظة الفيوم يميل الى التدين والالتزام الاسلامي بجميع القرى والمراكز.
فالتيار الاسلامي يحظى باحترام كبير بمحافظة الفيوم وهو ما سهل المهمة امام حزبى الحرية والعدالة والنور لايجاد قاعدة شعبية كبيرة لهما بمحافظة الفيوم التى يبلغ تعداد سكانها حوالى 2 مليون وسبعة من عشرة نسمة ويشغل الاقباط قرابة ثمانية من عشرة فقط من اجمالى سكان محافظة الفيوم.
الدعاية الانتخابية... لعبت على العاظفة الدينية:
وقد نجح التيار الاسلامي بدعايتة الانتخابية في المساجد والمؤتمرات من جذب عاطفة المصريين تجاة الدين بعد الثورة كون الاحزاب الدينية الفريق المجنى علية دائما خلال نظام السابق، ولم يصدر من الاسلاميين اية تجاوزات او فساد يذكر خلال النظام السابق، فعندما نزل الاخوان والسلفيون الى الساحة الانتخابية وجدا المناخ مهيئا للاحزاب الدينية ان تكون قاعدة شعبية لها فى الشارع بشكل متسارع خاصة فى محافظات تميل الى الطابع الدينى مثل الفيوم، فنجح حزب الحرية والعدالة بالفيوم وحصد ستة مقاعد على مستوى القوائم الحزبية بالدارتين الاولى والثانية، وجاء في المرتبة الثانية حزب النور حاصدا 4 مقاعد من القوائم الحزبية ليبقى مقعدان فقط على مستوى المقاعد الحزبية انتزعهما بصعوبة بالغة حزب ائتلاف الثورة وحزب الحرية المحسوب على الفلول بينما سقط الوفد وبقية الاحزاب الاخرى سقوطا لايتناسب مع مكانة حزب سياسى كبير كحزب الوفد ويتبقى لحزبى النور والحرية والعدالة بمحافظة الفيوم من مقاعد هى مقاعد الستة المتبقية على مستوى الفردى والتى شهدت اعادة بالفيوم بين 12 مرشحا نصفهم من النور والنصف الاخر من الحرية والعدالة يتنافسون للفور باكبر عدد من المقاعد حتى يتبرع احدهما بمركز الصدارة فى حصد الاصوات بينهما كما حدث مع السلفيين فى الاسكندرية وفازوا بصدارة القوائم والفردى وكذلك في محافظة اسيوط بينما فاز الحرية والعدالة بالصدارة فى بقية محافظات المرحلة الاولى للانتخابات وكانت الترجيحات تشير الى امكانية خلق تحالف فى الاعادة على الفردى بالفيوم بين الاخوان والسلفيين المتنافسين على الستة مقاعد للفردى وكانت المفاجاة هى عدم وجود تحالف بين التيارين وسيخوضان انتخابات الاعادة بمنافسة شرسة بينهما للفوز باكبر عدد من مقاعد الفردى التى ستحسم صدارة القوائم والفردى لصالح النور او الحرية والعدالة الا ان قيادات الحزبين اجتمعتا واقرتا فيما بينهما ميثاق شرف بمعنى خوض المنافسة على ستة المقاعد الفردية بدون صدامات او عنف او مشاحنات وتجرى المنافسة فى جو هادىء وبذلك خرجت اصوات الاقباط من اللعبة السياسية والحسابات بعد فشلهم فى تشتيت الاصوات ومحاولة الاقباط اسقاط قائمتى الحرية والعدالة والنور لكن فشل الاقباط فى ذلك يرجع الى قلة تعدادهم فى محافظة الفيوم مقابل اعداد المسلمين.
فقد احتشد الاقباط في طوابير امام جميع مقرات اللجان الانتخابية بالفيوم وجميعهم متجهون للتصويت لصالح قائمة حزبية خاصة بالاقباط وهى الكتلة الثورية بعد ان جرت عمليات شحن للمواطنين الاقباط فى الكنائس بضرورة نصرة المرشح القبطي امام المرشحين الاسلاميين، وربما ياتي ذلك بسبب تخوف الاقباط من التيار الاسلامي المتنامي بسرعة بعد الثورة والذى حاول الحزب الوطني السابق تشوية صورته امام كافة فئات الشعب فاصبح تيارا مخيفا من اجنداته وتحولت الدعاية الانتخابية فى مصر الى دعاية دينية استخدمت فيها الشعارات الدينية والاشارات.
كما استغلت المساجد والكنائس في الدعاية الدينية لمكاسب سياسية في الجانبين او ربما بالنسبة للاقباط الامر لا يعدو تنافسا دينيا بقدر ماهو مخاوف الاقباط من التيار الاسلامى من اعتلاء الحكم فى مصر ويعمل على تهميش الاقباط وتطبيق الشريعة الاسلامية التى تشكل رعبا للاقباط فى مصر وهو امر لم يعتادوا علية.
موقف الكنيسة:
وقد تضاربت الانباء عن حقيقة الكنيسة المصرية وموقفها من الانتخابات بعدما اعلن عن موقف الكنيسة ودعمها لقائمة مرشحين اقباط وتاكيدها على الاقباط في مصر ضرورة نصرة المرشح القبطي وتبنت الكنيسة قائمة مرشحين اقباط وهو ما أشعل التنافس الانتخابي الطائفى بين قطبي الدين فى مصر الاسلامي والمسيحي وهو الامر الذى دعا كثيرا من المسلمين الذين كانوا فى طريقهم اختيار قوائم حزبية تضم مسلمين واقباط عزفوا عن اختيار هذه القوائم بعد موقف الكنيسة والاقباط وتحول التصويت الشعبى المصرى الاسلامي فى اتجاه الاحزاب الاسلامية وظهر هنا ضعف الاقباط العددى فى مصر فى مواجهة الاحزاب الاسلامية.
فتعداد الاقباط فى مصر لايزيد عن 8 مليون نسمة يصوت منهم في الانتخابات 5 مليون نسمة تسعى الى انجاح اكبر عدد ممكن من المرشحين الاقباط ومع الاحتشاد القبطي بلغت نسبة الكتلة الثورية فى المرحلة الاولى 35 % حتى تحولت الساحة الانتخابية فى مصر الى صراع ودعاية دينية بين المسلمين والاقباط، كما التصويت الى تصويت طائفي وهو امر لم يعتاد عليه المصريون من قبل في ظل تماسك الوحدة الوطنية وجاء رد الاخوان المسلمين على مخاوف الاقباط من خلال تصريح المهندس محمد خليفة المتحدث الاعلامى باسم الاخوان المسلمين بمحافظة الفيوم وقال ان موقف الاخوان المسلمين من الاقباط هو موقف ثابت ومعلن من البداية فالاقباط مواطنين لهم مالنا وعليهم ماعلينا ومن حق اى قبطى فى مصر ان يتولى اى منصب سيادى بناء على خبرتة وكفائتة دون تمييز عرقى او دينى بدليل ان الاخوان المسلمين ساهموا فى نجاح مرشح قبطي بشبرا يدعى امين اسكندر مرشح حزب الكرامة وهو الحزب الذى ظل متحالفا مع حزب الحرية والعدالة وكان المرشح القبطى ضمن قوائم متحالفة مع الاخوان المسلمين وصوت له المسلمين ونجح المرشح القبطى باصوات مسلمة اما الانبا مرقص وكيل مطرانية الفيوم فاكد ان الكنيسة ليس لها دخل بالدعاية الانتخابية الحالية وليس لها دخل فى دعم قائمة مرشحين اقباط انما الكنيسة لعبت دورا هاما لتحفيز المواطنين الاقباط على المشاركة فى التصويت لانة واجب وطنى والكنيسة تتمنى السلام والتوفيق لكل مواطن مصرى مسلم او مسيحى والقرار فى النهاية للناخب المصرى.
ويستدعى المشهد السياسى الراهن خلال المرحلة الاولى للانتخابات ضرورة تحقيق المعادلة السياسية والتوازن السياسى خلال المرحلتين الثانية والثالثة مع تلافى جميع السلبيات التى اظهرتها المرحلة الاولى للانتخابات
كما جاء ت الدعاية الانتخابية خلال فترة الصمت السياسى كاحد سلبيات المرحلة الاولى والصمت السياسى هو الفترة التى تسبق الانتخابات ب 48 ساعة لايجوز فيها اجرا ء دعاية انتخابية لانه جريمة يعاقب عليها القانون كما قام المرشحون وانصارهم بتجاوزات فى هذا الشان بمحاولة الدعاية خارج وداخل اللجان الانتخابية للتاثير على الناخبين المتوجهين الى صناديق الاقتراع وقت الانتخابات الا ان رئيس اللجنة العليا للانتخابات حذر من ذلك ووضعها ضمن المحاذير التى سيتم تلافيها خلال اجراء الانتخابات المرحلتين الثانية والثالثة.
التحالفات:
اما التحالفات بين الاحزاب السياسية فى مصر قبل الانتخابات فقد شهدت مواقف مثيرة وهزات سياسية ظهرت فى نتائج المرحلة الاولى للانتخابات فقط سقط حزب الوفد سقوط لايتناسب مع وضعه كحزب سياسى كبير ويعد من اقدم الاحزاب السياسية فى مصر فقد اعلن الوفد دخولة فى تحالف مع حزب الحرية والعدالة من خلال التحالف الديمقراطى ولكن ظهرت خلافات عديدة بين الاحزاب السياسية وقت تقسيم المقاعد فيقول اطراف من الحرية والعدالة بان حزب الوفد طمع فى حصة كبيرة من المقاعد لاتتناسب مع قاعدتة الشعبية فى الشارع المصرى وعلى حساب الاخوان المسلمين فخرج الوفد من التحالف مع الاخوان وخسر الوفد اصوات ناخبى الاخوان، كما خسر الوفد اصوات الاقباط فى مصر والتى كان يعول عليها دائما مع كل انتخابات برلمانية لان الوفد حينما اعلن تحالفة مع الاخوان المسلمين خسر وقتها اصوات الاقباط وعندما خرج الوفد من التحالف خسر اصوات الاقباط وانصار الاخوان واصبح الوفد وحيدا يلقى هزيمة سياسية ساحقة خلال هذه المرحلة ففى محافظة الفيوم لم يحصد الوفد اصواتا تذكر وجاء فى ذيل قائمة الفائزين وتراجع وخسر جميع المقاعد وجاء فارق التصويت بين الوفد وحزبى والنور والحرية والعدالة باكثر من مائة وعشرين الف صوت ومنى الوفد بهزيمة ساحقة ولم يحصد من مقاعد بالمرحلة الاولى على مستوى المرحلة الاولى سوى 4 % فقط
ظاهرة فريدة:
وتبقى ظاهرة صعود التيار الاسلامى فى الانتخابات البرلمانية فى مصر ظاهرة فريدة من نوعها تستحق الدراسة ولكن محللين سياسيين فى حزب الحرية والعدالة كشفوا عن حقيقة اخرى ستحدث فى الانتخابات البرلمانية التالية لهذه الانتخابات من عزوف الناخبين عن دعم ومساندة المرشحين الاسلاميين كحزبى النور والحرية والعدالة والتصويت فى مصر خلال الانتخابات البرلمانية التالية سيتحول الى الاحزاب السياسية ذات البرامج التنموية والاقتصادية التى ستحقق النهضة لمصر وستتضائل فرصة التصويت للاحزاب الدينية الاسلامية فى الدورة القادمة وهى ظاهرة لن تتكرر فى مشهد تاريخى وفرصة تاريخية سانحة للاخوان المسلمين والسلفيين لاعتلاء الحكم فى مصر برغم المخاوف التى اظهرتها جماعة الاخوان المسلمين من التيار السلفى القادم بقوة ومخاوف الاخوان تتلخص فى عدم الثقة فى الاداء السياسى للسلفيين والذى يعمل من خلال اشخاص وليس من خلال كيان سياسى مثل الاخوان المسلمين ويتخوف الاخوان ان يلعب السلفيين اللعبة السياسية بشكل فردى دون الانحراط داخل كيان سياسى مثل الاخوان برغم ان التيار السلفى اكد انه سيكون ذراعا مساعدا للاخوان المسلمين داخل البرلمان
المشهد المفتوح على المفاجأت:
وعلى اية حال فالمشهد السياسى في مصر مازال يحمل فى طياتة الكثير والكثير خاصة مع مرور مصر بمرحلة حرجة في ظل انهيار الملفين الامنى والاقتصادى وهو مايؤكد على تعرض مصر لهزة عنيفة بل تعرض مصر لسيناريوهات عديدة البعض منها سيناريوهات مشبوهة قد تفضى بالبلاد الى حالة من الفوضى والانقسام والتمزق لذا كان الجيش المصرى هو سفينة نوح الذى اعتاد الشعب المصرى على ان يعبر بها الى بر الامان والمقصود بان الجيش هو السفينة التى تحمل دائما الشعب المصرى من الكبوات والى بر الامان ولكن هناك قوى خارجية لها ذراع داخل مصر تسعى الى تفكيك المؤسسة العسكرية المصرية من خلال مطالب الاحتشادات المشبوهة التي تطالب بعزل المجلس العسكرى عن الجيش اي شق الجيش وهو امر خطير يهدف الى اسقاط الدولة لذا جاء التوافق الشعبي بين جموع الشعب بعيدا عن ميدان التحرير وهم الفئة الغالبة من شعب مصر واغلبها سميت بالكتلة الصامتة التى تمثل اكثر من 75 مليون نسمة ترفض المظاهرات وترفض وقف عجلة الانتاج وترغب فى الاستقرار ربما جاءت رجاحة كفتها على حساب كفة عدم التوافق السياسى وهو الخلاف الراهن بين القوى السياسية فى مصر والتى يقودها عواجيز السياسية المصرية التى تتسابق على قطف الثمار وتقسيم الكعكة اضافة الى تواجد قوى خفية تعمل لحساب اجندات عربية واجنبية تسعى لاسقاط مصر قبل ان تفيق مصر وتصبح واحدة من الدول العظمى فى العالم فمصر تمر بمرحلتين من التوافق والتوافق المضاد فالتوافق الاول وهو التوافق الشعبى الذى ظهر امام صناديق الاقتراع واخرس العديد من الالسنة واحبط احتشاد المصريين على صناديق الاقتراع اية نوايا غير حسنة اما التوافق المضاد وهو انشقاق الصف السياسى في مصر ويظهر معلامة بالمظاهرات الغير مبررة بميدان التحرير ولكن فى النهاية رجحت كفة التوافق الشعبى ضد حالة عدم التوافق السياسى بين بعض القوى وشخصيات سياسية لاتضع مصلحة مصر قبل اى شىء الا ان التوافق الشعبى سيندفع كالموج فى وجة المنقسمين والطامعين وستبقى كلمة الشعب المصرى فى النهاية فوق الجميع وستستريح مصر العظيمة التى ارهقتها النزاعات والانقسامات والاطماع وسيعهما السلام والنهضة لانها ذكرت بالخير فى الكتب السماوية وذكر جيشها بخير اجناد الله فى الارض فى القران الكريم.