وزارة الاسرى تسلط الضوء على المعتقلين قبل اتفاقية اوسلو
نشر بتاريخ: 08/12/2011 ( آخر تحديث: 08/12/2011 الساعة: 11:38 )
رام الله -معا- سلطت وزارة الأسرى الضوء على المعتقلين الفلسطينيين ما قبل اتفاقيات أوسلو، وجاء في تقرير أصدرته أنه لا زال 124 أسيرا فلسطينيا اعتقلوا قبل اتفاقيات أوسلو 1993 يرزحون في سجون الاحتلال الاسرائيلي، يعيشون الآن أوضاعا نفسية صعبة وخاصة بعد تنفيذ صفقة تبادل شاليط، حيث تكرست توقعاتهم بالإفراج عنهم لا سيما أنهم الفئة الأقدم داخل سجون الاحتلال.
أسئلة صعبة، توتر نفسي وغضب يجتاح الأسرى القدامى خلال البحث عن مصيرهم سواء في أية تسوية سياسية أو مفاوضات أو من خلال صفقات التبادل، وقد مرّ 18 عاما على المفاوضات وتوقيع اتفاقيات أوسلو، وجرى أكثر من تبادل للأسرى ولا زالوا يقبعون في السجون سنوات طويلة.
المعتقلون قبل اتفاقيات أوسلو 1993 ظلوا خلف الاتفاق التاريخي الذي أعلن انتهاء حالة الحرب والعدوان بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وإعلان الاعتراف المتبادل، وبدء مسيرة التسوية السياسية التي على أثرها أنشئت السلطة الوطنية الفلسطينية، وكان من المفترض أن لا يبقى أي أسير فلسطيني منذ توقيع هذا الاتفاق وتبييض السجون من الأسرى.
الاعتراف المتبادل يعني بالنسبة للأسرى الاعتراف بهم كجنود ل م ت ف خاضوا الصراع من اجل الحرية والاستقلال، وافترضوا أن يكون أول ترجمة ملموسة على الأرض لهذا الاتفاق هو إطلاق سراحهم، ولم يتوقعوا أن لا يذكرهم المفاوض الفلسطيني في نص اتفاقيات أوسلو، او أن يراهن المفاوض على حسن نوايا حكومة اسرائيل.
خيبة أمل واسعة عمّت صفوفهم بعد عام 1993 ووجهوا انتقادات واسعة للمفاوض الفلسطيني وأعلنوا لأول مرة إضرابات سياسية ضد تجاهلهم ونسيانهم خلال السنوات التي امتدت من 1994 حتى عام 1998.
وكان رد المفاوض الفلسطيني في ذلك الوقت أن الإفراج عن الأسرى سيكون تحصيل حاصل للاتفاق وبعض المفاوضين اعتبر أن خطا قد حدث وأنه سيتم استدراكه فيما بعد، ولكن حكومة اسرائيل تمسكت بنص الاتفاق ووضعت سياسة جديدة أكثر تعسفا وعنصرية في التعامل مع إطلاق سراح أسرى من السجون.
لقد استغلت حكومات اسرائيل عدم وجود نص صريح وواضح في اتفاقيات أوسلو حول إطلاق سراح الأسرى لتمارس الضغط السياسي والابتزاز على القيادة الفلسطينية خلال مراحل التفاوض اللاحقة، ليصبح الأسرى منذ ذلك التاريخ أداة للمساومة السياسية وفرض الشروط.
وكان الأخطر في مرحلة ما بعد أوسلو هو قيام حكومات اسرائيل بوضع معايير ومقاييس عنصرية ذات طابع أمني وسياسي حول إطلاق سراح أسرى، ورفعت شعار الأيادي الملطخة بالدم واستثناء أي أسير متهم بقتل أو جرح إسرائيلي من أية افراجات، إضافة الى استثناء أسرى القدس وفلسطين المحتلة 1948 باعتبارهم مواطنين اسرائيليين لا يخضعون لإشراف وولاية السلطة الوطنية الفلسطينية.
لقد مرّ الأسرى ما قبل أوسلو بتجربة صعبة ومريرة ما بين القيود التي فرضتها حكومات اسرائيل حول إطلاق سراحهم وما بين شروط سياسية وابتزاز تمارسه على القيادة الفلسطينية، وخاصة قيام حكومات اسرائيل بتجزئة الأسرى وتصنيفهم حسب الانتماء السياسي ومكان السكن وحسب التهم الموجهة لهم، مما يعتبر مساسا بوطنيتهم ووحدتهم النضالية وتكريس التفرقة بينهم والتعاطي معهم كأفراد ووفق ملفات حمراء وخضراء.
الإحباط والغضب ومرحلة مختلفة مربكة ميزت تجربة الأسرى ما بعد أسلو، مفاهيم جديدة لم تكن قبل ذلك تتعلق بالخلاص الفردي والبحث عن مكانتهم في الوضع السياسي ومصيرهم الإنساني.
الأسير توفيق عبد الله الذي أفرج عنه في صفقة شاليط قال لقد ضاع من عمري 18 عاما، إذ كان يفترض أن يتم الإفراج عني في اتفاقيات اوسلو، وقد أبعدت زوجتي لمياء معروف الى البرازيل بعد قضائها 9 سنوات بالسجن، وبعد هذا الغياب الطويل لا زالت أبحث عن استقرار إنساني وعائلي حيث لم تسمح لي حكومة اسرائيل بالسفر للقاء زوجتي.
المحللون القانونيون يعتبرون أن إبقاء الأسرى رهائن بيد اسرائيل وأجهزة الأمن الاسرائيلية واعتباراتها الخاصة يضع مصيرهم القانوني في خطر ويكرس استمرار التعاطي معهم كمجرمين إرهابيين ووفق المفاهيم الأمنية الاسرائيلية الظالمة خاصة أن اسرائيل لا تعترف بالمكانة الشرعية والقانونية للأسرى باعتبارهم أسرى حرب وفق اتفاقيات جنيف الرابعة والثالثة.
الاستياء والحيرة تعودان الآن الى الأسرى المعتقلين ما قبل أوسلو بعد أن استثنت صفقة شاليط عدد كبير منهم من الافراجات، حيث كانت فرصتهم الوحيدة بعد أن فشلت الجهود السياسية وجولات المفاوضات من تحريرهم من السجون، وهم لا يتوقعوا أن يكونوا مشمولين في المرحلة الثانية من الصفقة كونها ستخضع للمقاييس الاسرائيلية ومن جانب واحد.
الرئيس أبو مازن أعلن أنه سيطرح هذه القضية على الأمم المتحدة ويطالب بالإفراج عن الأسرى كاستحقاق أساسي للاتفاقيات الموقعة محاولا أن يستدعي تدخلا دوليا لوضع حد لإبقاء الأسرى محتجزين في السجون زمنا طويلا ولإخراجهم من المصيدة الاسرائيلية التي لا تلتزم ولا تحترم أية قواعد لحقوق الانسان ولا للجهود السياسية المبذولة نحو إنهاء الصراع وتحقيق السلام العادل.