الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الربيع العربي يجتاح المجتمع المدني الفلسطيني

نشر بتاريخ: 14/12/2011 ( آخر تحديث: 14/12/2011 الساعة: 10:21 )
رام الله- معا- خَلُصَ مؤتمر "المجتمع المدني الفلسطيني في ظل الربيع العربي" الى؛ تطوير عمل مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، واستحداث ادوات واساليب عمل تمكنه من الاعتماد على الذات. اضافة الى توصية للشعب الفلسطيني باتجاه تقليل الاعتماد على التمويل الخارجي، وبالتالي الحد من امكانية أي تدخلات خارجية في سياسات واليات عمل المؤسسات الفلسطينية.

كما اوصى المؤتمرون بضرورة تمكين الشباب الفلسطيني من تبوء مواقعهم الطبيعية في مراكز صنع القرار، واستعادة الوحدة الوطنية السياسية والجغرافية على اساس البرنامج الوطني الفلسطيني وعماده وثيقة اعلان الاستقلال، منبهين من مخاطر الاستسلام لشعارات الانظمة العربية ووعوداتها غير الحقيقية حول القضية الفلسطينية.

جاء ذلك خلال مؤتمر " المجتمع المدني الفلسطيني في ظل الربيع العربي " الذي نظمه المركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية في رام الله ، على شرف اليوم العالمي لحقوق الانسان، بمشاركة اكثر من 150 شابا وشابة من مختلف مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية.

وقدمت خلال المؤتمر خمس اوراق عمل اعدها وقدمها مجموعات شبابية وبمساندة واشراف من قبل المركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية . حيث تناولت الورقة الاولى والتي قدمها كل من ايمان زياد و يوسف حنتش، وادار الجلسة فادي اشتية، تناولت الربيع العربي ومؤسسات المجتمع المدني وبمقارنة الحالة المصرية مع الحالة الفلسطينية، ولخصت فيها المجموعة رؤيتها لمستقبل المجتمع المدني في ظل التغيرات التي تجتاح المنطقة، واهمية دور هذه المؤسسات في التنمية الديمقراطية والسياسية، وحماية مصالح الجماهير ومساندتها في العمل على تحقيق اهداف الثورات العربية وحمايتها من الانزلاق نحو الديكتاتورية او الشمولية. وتم التركيز على الدور الذي تتبعه منظمات المجتمع المدني في الدول العربية والذي يقترب الى النهج الليبرالي غير الثوري الذي قام بوصف اسسه الفيلسوف غرامشي، بالتالي هناك كم هائل من المؤسسات العربية بشكل عام و المصرية بشكل خاص دعمت من قبل المؤسسات الامريكية و الاوروبية التي تدخلت في برامجها و مشاريعها و بتعدت عن العمل الطوعي الحقيقي للعمل المدني. ان هذا المجتمع المدني الذي هو اقرب للمجتمع المدني الكنسي يقدم فقط الخدمات للفئات المهمشة، ولا يعمل على تنظيم هذه الفئات للخروج للشارع للمطالبة بحقوقها المشروعة.

اما الورقة الثانية والتي قدمها كل من اسمهان بشناق وزهير طميزة، و ادار الجلسة ابراهيم عبد الجواد. ركزت هذه الورقة على دور الاعلام وحقوق الانسان في الربيع العربي، حيث تعرض معدو الورقة الى واقع حقوق الانسان اثر اندلاع الثورات العربية، والانتهاكات التي تعرض لها المواطنون من قبل الانظمة المستبدة اثناء قمع هذه الثورات. كما تم استشراف وضع حقوق الانسان في ظل واقع ما بعد الثورات العربية والمحاذير والمخاطر التي يمكن ان تتعرض لها هذه الحقوق في ظل سيطرة تيارات الاسلام السياسي على المشهد القادم.

وفيما يخص الاعلام؛ فقد شهد هذا المحور نقاشا هاماً حول دور وسائل الاعلام في اندلاع الثورات وتبعية بعض هذه الوسائل لجهات سياسية ودول بعينها، لكن المشاركون اجمعوا على اهمية وضرورة وسائل الاعلام في نقل الاحداث، واحيانا المساعدة في تنظيمها ودور الاعلام الاجتماعي الالكتروني في تحدي وسائل القمع التي استخدمتها الانظمة البائدة.

وكانت الورقة الثالثة بعنوان " الشباب: تغيير أم فعل و تأثير؟ " و التي قدمها كل من علي حمد الله و رزان القاضي وأدار الجلسة محمد العمله، فقد تناولت الورقة دور الشباب في قيادة وتنظيم الثورات العربية وتضحياتهم من اجل رفعة بلدانهم وشعوبهم وتخليصها من الاستبداد والفقر والتهميش. وحذرت الورقة من مخاطر الاستمرار في تهميش الشباب العربي والفلسطيني، وطالبوا بضرورة الاسراع في اجراء الانتخابات الديمقراطية ليتمكن الشباب الفلسطيني من ممارسة دوره الطليعي عن طريق صندوق الانتخابات، وانهاء حالة التشرذم والانقسام في الساحة الفلسطينية، والتفرغ لمواجهة التحديات الحقيقية المتمثلة في الاحتلال والفقر والبطالة. هذا و دعا مقدمو الورقة الشباب الفلسطيني الى تنظيم انفسهم و العمل وفق رؤية واضحة تحدد مواقفهم من كافة القضايا الوطنية والاجتماعية والعمل في الميدان بشكل منظم ومنتظم والابتعاد عن العمل الموسمي، لا سيما وان الشباب الفلسطيني يمتلك طاقات وخبرات هائلة تمكنهم من المشاركة السياسية الكاملة في صناعة القرار، والتركيز على اهمية صمودهم في الوطن بحقهم في العمل والثروة ايضا.

أما الورقة الرابعة كانت عن " اثر التدخلات الخارجية على الربيع العربي والقضية الفلسطينية " التي قدمتها كل من حنين ابو سعدى و هبة العرب، و ادار الجلسة حسين صوالحة، فقد استجلبت نقاشا حادا و اراء متضاربة حول مخاطر هذه التدخلات ومحاولات حرف الثورات عن اهدافها في الحرية والعدالة الاجتماعية وبناء نظام اقتصادي سياسي جديد قائم على العدالة والديمقراطية والتوزيع العادل للثروات. ونبه المشاركون الى محاولات دول بعينها او دول وكيلة للقوى العظمى تعمل بالمال والاعلام للسيطرة على الثورة وربطها باجندات سياسية واقتصادية محددة لا تخدم مصالح الجماهير الثائرة. كما اشارت الورقة الى الحرب الدبلوماسية والاعلامية والضغوط المالية التي تمارسها امريكيا واسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وخاصة في ظل التوجه الى مجلس الامن والحصول على عضوية اليونيسكو .

وجاءت الورقة الخامسة و الاخيرة بعنوان " تأثير الثورات العربية على القضية الفلسطينية و دولة الاحتلال" والتي قدمها ناصيف معلم و ادار الجلسة وائل عمرو، حيث ركزت الورقة على تأثير العامل الدولي والاقليمي على اندلاع هذه الثورات بعد الفشل الذريع التي منيت به الليبرالية الجديدة على مستوى الدول الرأسمالية والاخرى الرجعية. وأكدت الورقة انه من المبكر الحديث عن قطف ثمار هذة الثورات لانها وحتى الان لم تحقق اي من اهدافها التي انطلقت من اجلها والمتمثلة بتحقيق الديموقراطيتين السياسية والاجتماعية. فالتأثير الايجابي للثورات العربية على القضية الفلسطينية يبدأ من اللحظة التي تحقق هذة الثورات اهدافها في بلدانها اولا. ولا يمكن تصور دعما عربيا للقضية الفلسطينية ما دامت الجماهير العربية تعاني من غياب المشاركة السياسية الحقيقية والعدالة الاجتماعية ايضا. هذا وركزت الورقة على دور الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية التي تعمل على تغيير رموز النظام والحفاظ على النظام نفسه، فالمصالح الامريكية في الشرق الاوسط تقتضي دعم نظم شمولية جديدة لبقاء العرب تحت الهيمنة الاجنبية. أما فلسطينيا فقد دعت الورقة الى ضرورة اعتماد القيادة الفلسطينية لغة المصالح في تعاطيها مع اي نظام عربي او اسلامي او دولي مهما كانت ادعاءاته وشعاراته تجاه القضية الفلسطينية، مشيرا الى ان حصيلة العمل العربي والاسلامي في مجلس الامن لم تتجاوز نتيجته الصفر، حسب تعبيره، وذلك بعد فشل هذه الدول في تجنيد الصوت التاسع الضروري لطرح القضية الفلسطينية للتصويت امام مجلس الامن. أما اسرائيليا، فقد تحدثت الورقة بأن الربيع العربي لم يصل الى دولة الاحتلال، فالمظاهرات التي خرجت في تل ابيب وحيفا لم تتحدث عن انهاء الاحتلال، بل تراجعت تحركاتها فور وعود حكومة نتانياهو بحل ازمة السكن من خلال المزيد من مصادرة الاراضي الفلسطينية، وبناء الشقق الجديدة للمتظاهرين في القدس الفلسطينية.

وفي ختام المؤتمر، تم تخريج كوكبة من الشباب والفتيات ضمن مشروع الشباب في الاعلام الذي نفذه المركز بدعم من مؤسسة (MCC ) بهدف تمكين الشباب من امتلاك المهارات والمعارف اللازمة لاتستخدام وسائل الاعلام وطرح قضاياهم بأنفسهم والتعبير عن افكارهم وارائهم بحرية ومهنية.