....... ولا الصيام في رجب !!
نشر بتاريخ: 24/12/2011 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:29 )
كتب ابراهيم ملحم- ثمة افراد،وقوى،وجماعات في المشهد الداخلي القلق،لايعجبهم العجب،ولا الصيام في رجب،قوى ،ندّابة،نوّاحة،شكّاءة،بكّاءة ،همّازة،مشّاءة بنميم،كلّما وجدتك تتقدم خطوة تأخذك الى الوراء خطوات،وكلّما راتك تطوي صفحة تستدعي اليك من أرشيفها صفحات، وكلّما داويت أمامها جرحا نَكأت بوجهك جراحات.
هي قوى لا تتورع عن النواح على اشجار الامل الطالعة من حقول الياس والاحباط،لتزيد من مساحات الخضرة في الارض اليباب،وتزرع الطمانينة في نفوس الشباب،وتوسع حدود الامل في صحارى الياس،وتشعل شموع التفاؤل في دجى القنوط ، الذي كاد لولا فسحة الامل أن يودي بيقيننا بحتمية انتصار الحق على الباطل ،والوطن على الاحتلال ،والوحدة على الانقسام ،والقرار الوطني على الاجندات الحاملة لشهادات منشأ غريبة الوجه والقلب واللسان.
عندما اعلن الرئيس عزمه الذهاب الى خطوة ايلول،حامت حوله الظنون،وازدهرت حينها تجارة المشككين،والظانين به ظن السوء،وما ان بلغ المنبر ونال تصفيق الامم حتى بهت الذي كفر ،فذهب المشككون الى التقليل من اهمية خطوته ،وتبهيت انجازه ،والتشكيل في قدرته على مواصلة طريقه والصمود امام الضغوط الدولية التي تعترضه.
تلك القوى هي نفسها التي فاجأتها الاخبار العاجلة الطالعة من قاهرة المعز، وهي تحمل تباشير الامل منبئة بجدية الخطوات، واخلاص النيات، بتطبيق بنود المصالحة في مرحلة لاتحتمل ترف التلكؤ ،والتكتيك ،والتشكيك،والمناورة ،ونحن نرى طرفي النزاع الداخلي وقد اتبعوا الاقوال بالافعال، معتصمين بحبل اليقين، وباخلاص النية، والوحدة الوطنية ،بضم ثلاثة فصائل الى الاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير ،وصدور مرسوم رئاسي باعادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية ،تمهيدا للذهاب الى صناديق الاقتراع في ايار القادم.
كان الخبر الفلسطيني العاجل،والطالع من اجتماعات الفصائل في القاهرة ليلة السبت ، في صدارة نشرات الاخبار ينافس اخبار الثورات ،والثوار وهو يبشر ببدء مرحلة فلسطينية جديدة ،على طريق توحيد الوطن ،وانهاء جميع مظاهر الانقسام،وهو اضافة الى كونه مطلبا وطنيا لكل من لديه الحد الادنى من المسؤولية الوطنية،فانه قبل ذلك وبعده بات متطلبا دوليا لا قيام للدولة بدونه .
كانت مذيعة الجزيرة المحترمة تحاور ضيفها ،الناطق باسم حركة حماس من القاهرة ،الذي بادرته بسؤال لم يخف دهشة سائلته حول حقيقة وجدية ما اعلن عنه هناك من خطوات واتفاقات بين الفصائل الفلسطينية ، حتى زادها الرد دهشة وطمانينة بـ"نعم بالتاكيد هي جيدة وجادة وستتبعها خطوات وفق جدول زمني لبلوغ الغاية بتوحيد الوطن استعدادا لاستحقاقات قادمة".
عندها بادرت من حيث لا ادري برفع ابهامي مزهوا بغرور مباح،وباحساس من كسب الرهان، والمتيقن من خواتيم الاعمال ، امام اصدقاء يستمعون معي للحوار وكانوا قد لاموني بالافراط في التفاؤل بمقالة سابقة،وبيع الناس اوهاما بانهاء الانقسام، فيما المشهد ما زال على حاله رغم كل ما قيل عن اتفاق بطي صفحته المؤلمة.
بعد اللقاء الذي جمع السيد الرئيس برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الرابع والعشرين من تشرين تان الماضي عقب الانتصار الذي تحقق في الهيئة الدولية،ادركت بالتحليل،والمعلومة ،ان مرحلة فلسطينية جديدة قد بدات،وان قطار المصالحة قد انطلق فعلا، وان طريقه ليست سهلة ووصوله الى محطته الاخيرة دونه مصاعب كبيرة، ستظهر خلالها قوى الشد العكسي لتعطيل مسيرته،وابطاء حركته ،واعتراض طريقه غير مرة ، على النحو الذي شاهدناه غداة الاتفاق مباشرة ،بيد ان تلك القوى، ستجد من يكبح جماحها،ويعطل مفاعيل سحرها ،لترى نفسها معزولة لا حول لها ولا قوة امام اخلاص النية ،وصدق الارادة ،بانجاز الوحدة الوطنية.
واحسب ان الوصفة السحرية للرد كل الهمازين المشائين بنميم بين رفاق الدرب والمصير هي" الشراكة والتداول" الشراكة في وضع الاستراتيجيات وتقاسم الموارد،واتخاذ القرارات،لنقدم للعالم نموذجا في الحكم وادارة البلاد ،مثلما قدمنا لهم نموذجا في الثورة والنضال الذي امامه مشوار طويل ولا يقبل التفرد باتخاذ قراراته ووضع استراتيجياته ،فلم يعد بامكان فصيل ان ينفرد بادارة البلاد ،ذلك ان منطق الشراكة والتداول هو السائد في بلاد الربيع والتفرد بالحكم انتحار لاي فصيل يتأبطه، ولعل في تجربة حماس خلال سنوات الانقسام الخمس الماضية ما يكفي من العبر والدروس، مثلما يقدم انسداد افق التفاوض بعد عقدين من المفاوضات استخلاصات مهمة لدى الحركة الاكبر، وبقية الحركات السائرة في فلكها ،فصندوق الاقتراع بات خيار الشعوب الحرة والشراكة والتداول هما فصل خطاب الحكم الرشيد .
تكفي نظرة واحدة الى ردود الفعل الاسرائيلية الهستيرية ازاء ما تم التوصل اليه ان في تصريحات التهديد والوعيد او في عمليات التغول الاستيطاني واسعة النطاق في الضفة الغربية ، لنعرف اهمية وجدية واستراتيجية الرؤية الفلسطينية الجديدة ... فمهما توسع الاستيطان فانه كما الاحتلال طارئ.. والطارئ لامحالة زائل.