هبة عيسى- وسام فخر يجسد نجاح التعليم الجامع في تربية وتعليم جنين
نشر بتاريخ: 26/12/2011 ( آخر تحديث: 26/12/2011 الساعة: 11:35 )
جنين- معا- لم تكن الهيئة التدريسية في مدرسة بنات عانين الأساسية لتتوقع إحراز نجاح كبير للطالبة هبة عيسى في ظل شخصية منغلقة وصعبة وأجواء من الاستغراب طغت على المدرسة في يوم قدومها وانضمامها للطالبات من على كرسي متحرك كونها تعاني اعاقة في اطرافها السفلية.
لفتت هبة في البداية أنظار الجميع فبين نظرات الحزن على حالها او بالاحرى الشفقة ونظرات الاستغراب جلست هبة على مقعدها الدراسي لاول مرة وبين زميلاتها لتمثل الحدث الأكبر في ذاك اليوم ولتشكل هذه الخطوة نقطة التحول الاهم في حياة طفلة لم تعتد الخروج من منزلها ولا مخالطة من حولها , فخروجها مقتصر على رؤية الأطباء وإجراء العمليات لا غير, ولكن هبة هذه المرة خرجت وبكل عزم لتثبت للجميع انها قادرة وعازمة على تحقيق ذاتها رغم كرسيها.
العزم والارادة كلمتان لم تكن هبة ابنة التسعة اعوام بقادرة على حملهما والحديث بهما لولا وجود جنود مجهولين ساهموابشكل كبير في مساعدتها على الخروج من عزلتها وتحدي إعاقتها, فقد كان لمديرية تربية وتعليم جنين الدور الأهم والأبرز في مساعدة هبة على الخروج من منزلها ودمجها مع الطلبة العاديين وذلك ضمن برنامج التعليم الجامع الذي أقرته وزارة التربية والتعليم على مستوى الوطن والذي يقدر عمرة 14 عاما.
وتقول هدى نواهضة مرشدة التعليم الجامع في مديرية تربية وتعليم جنين حول ألية دمج هبة والحاقها بالمدرسة"تم تسجيل هبة من قبل الأهل بعد معرفتهم ببرنامج التعليم الجامع وبإمكانية تسجيل الطلبة من ذوي الاعاقة داخل المدارس حيث تم تأهيل وموائمة الأمكنة في مدرسة بنات عانين الأساسية لتتناسب وإعاقة هبة الحركية بحيث يسهل عليها الحركة في المدرسة خاصة وأنها على كرسي متحرك بالأضافة لأقامة جلسات توعية خاصة لكل من الهيئة التدريسية والطالبات في المدرسة وذلك من قبل مرشدين مختصين ليقوم التعليم الجامع وبالتعاون مع المدرسة على تشكيل لجنة صداقة من طالبات صف هبة يقمن بمساعدتها خلال ساعات الدوام بكل ما تحتاجه من تحريك كرسيها أو اللعب معها أثناء الفسحة أومساعدتها على قضاء حوائجها وغيرها الكثير.
وتضيف نواهضة قمنا بتزويد هبة بكرسي متحرك بالتعاون مع المؤسسات المجتمعية العاملة في مجال الإعاقة بالإضافة لإجراء تعديلات بيئية خاصة في مدرستها كتعديل الأدراج وبناء وحدة صحية خاصة لها من قبل مديرية التربية و التعليم في جنين.
وتدعم مديرية تربية وتعليم جنين ممثلة بمديرتها السيدة سلام الطاهر قسم الارشاد والتربية الخاصة ببرنامجهم التعليم الجامع مسطرة العديد من قصص النجاح في دمج الطلبة ذوي الاعاقة في مدارس المحافظة ومشددة على تعزيز حقوقهم المنصوص عليها في قانونهم الخاص الصادر عام 1999مكثفة في الوقت ذاته من أطر التعاون بين المديرية ومختلف المؤسسات العاملة في مجال الاعاقة .
وتقول هبة " واجهت العديد من الصعوبات عند دخولي المدرسة وخاصة نظرة من حولي، فأنا الفتاة الوحيدة بالمدرسة التي تتحرك على كرسي، ولا تستطيع التنقل بشكل طبيعي مثل غيرها من الفتيات، هذا الوضع تغيير مع الوقت وأصبحت فتاة قادرة على المشاركة والنقاش وإثبات شخصيتها، أقوم بممارسة الألعاب الرياضية مثل غيري من الطابات، وأشعر بتميزي وقدراتي أمامهم، ومما لا شك فيه أن دمجي في المدرسة قد عزز من قوتي وزادني تألقاً".
وتشيد حربية ياسين مسؤولة لجنة التعليم الجامع في مدرسة بنات عانين الأساسية بالتعاون الكبير الحاصل بين مدرسة هبة وعائلتها خاصة في مجال تلبية احتياجات هبة المختلفة لافتة إلى حالة الاستغراب التي واجهت زميلات هبة عند انضمامها لهن كونها تعاني إعاقة حركية والتي ما لبثت أن زالت بتعود الطالبات على هبة وتعودها عليهن وذلك بفضل الجهود الحثيثة التي بذلت من قبل التعليم الجامع في المديرية والهيئة التدريسية في مدرسة عانين وعائلة هبة عن طريق دورات توعوية عدة نفذت في المدرسة والتي وجه قسم منها للمعلمات والأخر للطالبات في كيفية التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة وبالأخص هبة .
وتضيف ياسين إلى انه تم إعداد ملف خاص بهبة يضم كل التقارير الطبية والصحية بالإضافة إلى امتحاناتها وشهاداتها المدرسية وكل ما يتعلق بهبة من أوراق ومستلزمات .
وتعول والدة هبة على الدور الكبير الذي قامت به مدرسة بنات عانين الأساسية والتعليم الجامع في مديرية التربية والتعليم في مساعدة هبة ودمجها في المدرسة مشيرة الى تحسن وتطور شخصية هبة بشكل كبير وتقول " عانيت الأمرين مع ابنتي هبة لإقناعها بعدم قدرتها على الذهاب إلى الروضة مع بنات جيراننا حيث كنت اختلق لها الأعذار دائما وكانت بدورها تعاني كثيرا وتشعر بالحزن لعدم قدرتها على الذهاب ولكن وبعد أن قام التعليم الجامع في قسم الإرشاد والتربية الخاصة مشكورا بدمجها وإيصالها للمدرسة شعرت بفرحة كبيرة لحصول ابنتي على ما حلمت به" .
ويقوم برنامج التعليم الجامع والذي ابتدأ العمل به منذ أواخر التسعينات كمشروع ريادي إلى أن تطور مع الزمن ليضحى ضرورة حتمية انتهجته الوزارة على مستوى الوطن للنهوض بمستوى التعليم ككل ومستوى تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة على وجه الخصوص بالإضافة إلى سعي الوزارة المستمر والدائم لتطوير هذا البرنامج من خلال المشاركة بالأنشطة اللامنهجية المختلفة وكذلك عقد الاجتماعات الدورية للهيئات التدريسية في المدارس وعقد لقاءات تدريبية للمعلمين داخل كل مدرسة.
وتعبر مديرة مدرسة بنات عانين الأساسية فاطمة شواهنة عن سعادتها بتقبل المدرسة أدارة وطالبات لهبة وتفاعلهما المستمر مع قضيتها بالإضافة إلى تعاونهم الدائم معها ما أثر إيجابا على شخصيتها وساهم في صقلها وبلورتها ليصب في صالح هبة وتطور مستواها التعليمي والشخصي.
بابتسامتها البريئة وإصرارها على الحياة استقبلتنا هبة عند دخولنا مدرستها التي لم تحلم يوما بالوصول إليها لولا إرادة قوية وجهد كبير بذله جميع من حولها من عائلة وهيئة تدريسية ومديرية وكذلك أشخاص خيرون بذلوا كل ما باستطاعتهم لإيصالها للمدرسة وبتلك الابتسامة التي استقبلتنا بها ودعتنا وصديقاتها الوفيات وكلها أمل بإكمال تعليمها والانضمام لفريقنا كصحفية فلسطينية تدافع عن قضايا مجتمع احتضنها ورعاها.