الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الدنيا ربيع .. من مصر الى تطوان .. ومن"وول ستريت" الى"الساحة الحمراء"!

نشر بتاريخ: 26/12/2011 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:29 )
كتب ابراهيم ملحم - من الشام الى بغدان، ومن نجد الى يمن، ومن مصر الى تطوان، ومن "وول ستريت" الى "الساحة الحمراء"،يزهر ربيع الشعوب بغبار الطلع ،وحبوب اللقاح،التي تذروها الرياح الطالعة من الاحساس بالقهر،والظلم،والاستبداد بالبلاد،والعباد،الى الفضاء الرحب،عبر اثير الصندوق السحري،الذي يرصد كل حركة،اوصرخة،او استغاثة،في كل زنقة،وشارع،ودار،في الكون الذي بات قرية صغيرة..وغدت كلمة " ارحل" بالعربية حاضرة بكثافة في اكبر الشوارع الغربية

فحتى الدول التي ظنت انها مانعتها ديمقراطيتها من رياح التغيير ،باعتبارها نموذجا في قيم الحرية،والشفافية والعدالة الاجتماعية، والحكم الرشيد ،ثارت شعوبها على سياساتها الاقتصادية الظالمة،وشركاتها،وشراكاتها،واسواقها الاحتكارية ،التي اغرقت شعوبها بـ"الديون السيادية" كالدول الاوروبية،وقيام العديد من المؤسسات العالمية الكبرى،باعلان افلاسها تحت وطأة العجز المالي،كما في الولايات المتحدة الامريكية ،او تلك الدول التي ،اثارت مشاعر شعوبها من شبهات التزوير بانتخاباتها ،كما يحدث في روسيا التي يواجه فيها رجلها القوي فلاديمير بوتين ،اكبر تحد له وهو يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية في اذار من العام القادم .

يستعجل بعض الكتاب مدفوعين بتحليلات رغائبية،او مواقف مسبقة من ثورات الشعوب ،بنعي الربيع العربي الذي لم يخلق مثله في البلاد منذ قرون،وهو يسقط حكاما،طغوا في البلاد ،واكثروا فيها الفساد ،فصبت عليهم شعوبهم اسواط العذاب ،جزاء ما عملوا من ظلم واستبداد وتغول،وغرور، وقهر،واستباحة لخيرات البلاد وكرامات العباد .

نعم..مازالت الدنيا ربيع رغم تعاقب الفصول ،ورغم اصفرار اوراق الشجر، وسقوطها،والجو بديع،بينما الشعوب المقهورة تطرق بوجع معاناتها، ونزف جراحها، ابواب حريتها في ساحات التغيير،وميادين التحرير، وهي نعيش لحظات فارقة من حياتها ، لحظات ،ينتصر فيها الحق على الباطل،والتواضع على الغرور،والاحرار على الرويبضات،والاوطان الحرة على المزارع الشخصية، وصناديق الاقتراع على التوريث ،والسجين على السجان،والكرامة والكبرياء على استمراء الذل والهوان والاستخذاء،والجرأة على الخوف،والمقاومة السلمية على الرصاصة وقنبلة الغاز وغطرسة القوة، وشباب وشابات واطفال الميادين على الشبيحة،والبلطجية،وتوكل كرمان على المراوغة واللف والدوران،وبلاطجة النظام .

نعم... الدنيا ربيع ولا موضوع ،ولا مواضيع،على بساط البحث في العواصم التي يتنقل فيها بساط الريح ،غير سيرة الثورات ،ومسيرتها،ومالاتها ،وحتمية انتصارها ،وحمايتها من الثورة المضادة المحمولة على الفلول، والمثبطين،والظانين بها ظن السوء .

نعم..الدنيا ربيع ،وان غاب التواضع عن النفوس،وطفح الغرور في قلوب من اعجبتهم كثرتهم ،وبالغوا في تقدير ذواتهم،،وحصاد صناديقهم، وحجوم انجازاتهم،وتحالفاتهم،وارتداداتهم في لحظة استقطاب،للناخبين تحت وطاة الفقر،والجوع، والخوف المقيم ،بسلطان الدين الذي يدعو الى الجدال بالتي هي احسن .

لن يتوقف الربيع عن الازهار والفرح،حتى ولو هبت عليه رياح السموم،وتكالبت عليه الفلول،وهو ينشيء الواحات في وسط الصحراء القاحلة،ليعيد للعدالة والكرامة والحرية قيمتها،ويعلي من شانها، بعد ان غابت خلف حجب الظلم،والاستبداد سنين عددا .

لن تستوي الثورات قريبا على جوديّها ،وهي ما زالت تصارع بعد عام من اندلاعها ،وسط بحر لجي،ما تبقى من حشرجات الظلم، والذل ،وبقايا الاستبداد،لكنها بالتاكيد لن تعود الى الوراء وهي تغذ الخطى الى شاطيء الخلاص،بعد ان كسرت حاجز الخوف،وتمردت على اساطين الظلم،وفراعنة الاستبداد،ورأت الظالمين المستبدين ،وهم يتلامومون،ويتلعثمون، ويتنصلون من مسؤولياتهم،ويفهمون ،ويندمون في لحظة سبق فيها السيف العذل،ولم ينفع فيها الندم.