الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

غزة لم تصبح سنغافورة بعد: انتظرت الإعمار وبدأته بنفسها

نشر بتاريخ: 28/12/2011 ( آخر تحديث: 28/12/2011 الساعة: 13:40 )
غزة- خاص معا- كي لا يظن البعض أن غزة قريبا ستتحول إلى سنغافورة، لا بد من التأكيد هنا على أن آلاف العائلات الفلسطينية في قطاع غزة لا زالت دون مأوى إما هي مستأجرة في عقار تجاري أو مؤنسة لأقاربها في بيت ليس بيتها، الآلاف خرجوا دون مأوى قبل الحرب والآلاف لحقوا بهم بعد انتهاء "الرصاص المصبوب"...

ولكن غزة بالحقيقة بدأت إعمار ذاتها بيدها وشيدت عشرات الأبراج والعمارات السكنية واعادت بناء كافة مقراتها الشرطية ومنشآتها العامة بعد مرور ثلاث سنوات على الحرب، وبمساعدة "المحبين" من العالم، ولكن المشكلة التي لا تزال تطفو على السطح هي بقاء هؤلاء المشردين دون مأوى والغلاء الملحوظ في أسعار الشقق السكنية في ظل حصار مستمر وارتفاع كبير في مستويات البطالة وانخفاض مستوى الدخل.

كما تقول إحصاءات وزارة الأشغال العامة والإسكان التابعة للحكومة المقالة فإن غزة تعاني عجزاً في الوحدات السكنية يقدر بـ 100 ألف وحدة سكنية، أما بالنسبة للعالقين دون مأوى والذين اصطلح عليهم إعلامياً " المشردين" فإن آلاف العائلات التي شردت من الحرب والتي فقدت 3500 وحدة سكنية كانت تقطن بها لا زالت مشردة، تم العمل منذ انتهاء الضربة الجوية الأخيرة لغزة على إعمار قرابة 350 وحدة سكنية كانت مدمرة بالكامل وأعيد المواطنون إليها وهناك 600 وحدة سكنية قيد الإعمار ووعود ببناء 400 وحدة سكنية أخرى تم تلقيها من قبل مؤسسات دولية وستكون الوزارة مشرفة على إعادة إعمارها.

أي أن 1350 وحدة سكنية باعتبار تم إعادة إعمارها ويبقى قرابة ألفي وحدة سكنية بحاجة لإعادة الإعمار وبحسبة بسيطة إذا قيل أن متوسط عدد أفراد الأسرة الغزية 6.5 × 2000 يصبح عدد المشردين جراء الحرب 13 ألف نسمة دون مأوى.

هكذا تقول إحصاءات وزارة الأشغال العامة والإسكان بغزة، ويضاف هذا إلى 3600 وحدة سكنية تم تدميرها بالكامل جراء الاجتياحات والتوغلات التي سبقت الحرب على غزة وأصحابها ينطبق عليهم ما انطبق على مشردي الحرب وهم أيضاً للتأكيد لا زالوا مشردين ودون مأوى خاص بهم، أي أنهم إما مستأجرين وإما يقطنون لدى أقاربهم، وبحسبة بسيطة أيضاً فإن 3600× 6.5 = 23400 مواطن فلسطيني من قطاع غزة لا زالوا مشردين ما قبل الحرب على غزة حتى نهاية 2011، وهؤلاء بالطبع يناشدون العالم بالنظر لحالهم وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بتعويض المشردين وإعادة إعمار منازلهم التي دمرها الاحتلال فوق رؤوسهم ودفعوا ثمنها من دمهم وأرواحهم وفقدوا فيها أعز ما يملكون من أبنائهم وأنفسهم وممتلكاتهم واموالهم.

غزة على الجانب الآخر تبدو جميلة، فحركة الإعمار بها بدأت بعد الضربة الجوية الأخيرة كما يقول م. عماد حمادة مدير ديوان وزير الأشغال العامة والإسكان بالحكومة المقالة لـ" معا" مؤكداً أنه تم إعمار قرابة 95% من المباني التي تضررت بشكل جزئي.

وحمادة قال أيضاً أن ما تضرر جراء الحرب لغزة بشكل كامل كان 3500 وحدة سكنية يجري العمل على بناء ما سلف ذكره بتمويل بنك التنمية الإسلامي ومؤسسات دولية منها الهيئة العربية للتنمية ويتبقى 2000 وحدة سكنية بانتظار برنامج إعادة إعمار غزة، والحل بدأ من فكرة الوحدة النواة التي ابتكرتها الوزارة لإسكان آلاف العائلات المشردة باستخدام ما توفر من مواد البناء المتواجدة بغزة، وتم بناء 120 وحدة سكنية على ذات النظام نظام الوحدة النواة حتى نهاية 2010 ثم سوقت الفكرة لدى الممولين الذين اقتنعوا بها في المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة الذي عقدته الحكومة بغزة أعلن فيها رئيس الوزراء بالحكومة المقالة إسماعيل هنية عن النية بتنفيذ 120 وحدة سكنية، وهناك 218 وحدة سكنية قيد التنفيذ وفقاً للوحدة النواة.

أما فيما يتعلق بالمواطنين الذين هدمت منازلهم بشكل جزئي فإن إجمال المباني المتضررة جزئيا جراء الحرب بلغ 50 ألف وحدة سكنية منها 3600 وحدة سكنية تم إعادة ترميمها وعودة المواطنين إليها، أما من تضررت منازلهم بشكل طفيف ومتوسط فقد تسلموا تعويضات وقاموا بترميم منازلهم بأنفسهم وسكنوا بها، ويتبقى من تضرر منازلهم بشكل جزئي ولكنها غير صالحة للسكن وعددها 1500 وحدة سكنية وستقوم الوزارة بالإشراف على إعادة إعمارها بنفسها.

وبذلك يمكن القول أنه تم إعادة إسكان قرابة 88%- 90% من المواطنين الذين تضررت منازلهم بشكل جزئي كما يقول حمادة.

صحيح أن غزة تبدأ خطوات نحو إعادة الإعمار ونفض غبار الحرب عنها وبدأت بالفعل بناء أبراج سكنية ويجري العمل لبدء تنفيذ أكبر مدينة سكنية فيها منذ عشر سنوات إلا أن أسعار العقارات بالقطاع ليست في متناول من هُدٍم بيته ومن هو مقبل على حياة جديدة وكل هذا بحاجة لقرار بالعمل الحقيقي لإعمار المدينة التي لازالت تتغلب على غصات الحرب.