هيا ولما واسماعيل... عندما اختطفهم "الرصاص المصبوب" ذات صباح دام !!
نشر بتاريخ: 30/12/2011 ( آخر تحديث: 30/12/2011 الساعة: 22:37 )
غزة- معا- "عندما أستيقظ في الصباح، أول ما يخطر ببالي هو أطفالي، فأجلس خارج المنزل وأتخيلهم يلعبون في المكان الذي اعتادوا اللعب فيه، لا أريد أن أخرج وأتعامل مع الناس بعد الآن، وأفضل أن أبقى في المنزل"، أصبح كل من طلال حمدان "47 عاما" وإيمان حمدان "46 عاما"، يفكران في الحياة بشكل أعمق منذ فقدانهما لثلاثة من أطفالهما وهم: هيا 12 عاما، ولما 10 أعوام، وإسماعيل 5 أعوام.
في صباح يوم 30 ديسمبر 2008، أطلقت طائرة حربية إسرائيلية من طراز F-16 صاروخاً على المنطقة التي كان يتواجد فيها الأطفال الثلاثة في بيت حانون، فقتلتهم جميعاً رغم ان الأطفال ذاهبين برفقة والدهم لإلقاء القمامة في موقع قريب لتجميع النفايات عندما استهدفت قوات الاحتلال المنطقة.
|159981|على الرغم من أن السنوات الثلاث الماضية لم تكن سهلة على الزوجين، إلا أن الفترة الأصعب بالنسبة لإيمان كانت تلك التي تلت الحادثة مباشرة، عندما وجدت نفسها تحت تأثير صدمة كبيرة.
تقول إيمان: "بعد وفاة أطفالي، لم أكن قادرة على البكاء، ولم يتح لي المجال كي أبكيهم، ولكن بعد أن بقيت لوحدي، لم أتمالك نفسي وأجهشت في البكاء"، وترى أن الصدمة التي نتجت عن الحادثة قد أدت إلى تدهور حالتها الصحية، بما في ذلك آلام الظهر والقدمين.
واضافت إيمان: "بالكاد أستطيع النوم ليلاً، فقد أنام لمدة ساعتين طوال اليوم"، وتتضاعف أحزانها نتيجة تجربة فقدانها لوالدها وأخيها واثنين من أبناء عمومتها في يوم واحد خلال الانتفاضة الأولى.
لقد تغيرت حياة طلال بشكل كبير بعد فقدانه لأطفاله، فيقول: "عندما أستيقظ في الصباح، أول ما يخطر ببالي هو أطفالي، فأجلس خارج المنزل وأتخيلهم يلعبون في المكان الذي اعتادوا اللعب فيه.
وقال:" لا أريد أن أخرج وأتعامل مع الناس بعد الآن، وأفضل أن أبقى في المنزل"، لقد كانت علاقة طلال بابنه إسماعيل وثيقة جداً، "كان إسماعيل يتوسل إلي كي آخذه معي حيثما أذهب، وقد كنت آخذه معي وكنا طيلة الوقت معاً".
أما فيما يتعلق بالذكرى المؤلمة التي تركها أطفاله خلفهم، يضرب لنا طلال مثلاً عندما كان مريضاً وأراد الذهاب إلى المستشفى،"لقد كان هذا المستشفى هو المستشفى نفسه الذي تم تحويل أطفالي إليه قبل أن يفارقوا الحياة، عندما عدت بذاكرتي وتخيلتهم وقد فارقوا الحياة وهم بجوار بعضهم البعض، بدأت في البكاء، و اعتقد الأطباء في بادئ الأمر بأنني أخاف من الحقن، ووكان على أفراد عائلتي أن يشرحوا لهم الوضع وأخبروهم بما عانيته والسبب في انزعاجي، وبالتالي، لم أكن قادراً على البقاء في المستشفى لتلقي العلاج."
وعند تفكيرهما باقتراب الذكرى السنوية المقبلة للعدوان، يتحدث الزوجان عن كيفية مواجهتهما لذلك الأمر، تقول إيمان: "في الذكرى السنوية لوفاتهم أحاول أن أبقي نفسي منشغلة كي لا أفكر في الأمر كثيراً، ولكنني لا أذهب لزيارة القبور، فأنا لا أقوى على تحمل ذلك".
أما الآن، فقد أصبح لدى العائلة حفيد يعيش معهم ويدعى إسماعيل أيضاً، يقول طلال: "نحاول أن نعوّض أنفسنا لفقداننا إسماعيل بأن نصعد إلى الأعلى كل صباح ونرى حفيدنا إسماعيل ونمضي بعض الوقت معه."
كان طلال يعمل في السابق في مجال البناء، حاول أن يعود إلى العمل بعد الهجوم، ولكن المشكلة التي يعاني منها في أعصاب قدميه نتيجة للقصف تركته عاجزاً عن العودة إلى العمل، تعتاش العائلة الآن من المساعدات الغذائية التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أنروا) وعلى المساعدة التي يقدمها لهما ابناهما.
أما فيما يتعلق بالمستقبل، فهنالك آمال ومخاوف لدى عائلة حمدان، فيقول طلال: "نحن دوماً قلقون من تكرار العدوان مرة أخرى، ما قد يتسبب في مقتل أفراد آخرين من العائلة، لذا فإنني أطلب من بناتي أن يعتنين بأنفسهن وبإخوتهن الأصغر سناً."
واضاف "أتمنى أن يعم السلام وأن ننعم بالهدوء في نهاية المطاف، والأهم من ذلك، أتمنى ألا يقتل المزيد من الأطفال في أحداث مشابهة، يمكنني تفهم الأمر عندما يقتل البالغون أثناء الحرب، ولكن الأمر الذي لا يمكنني تصوره هو أن يقتل الأطفال".
وفيما يتعلق بالشكوى القانونية التي تقدمت بها العائلة عقب مقتل أطفالها، فإن طلال متفائل في هذا الشأن، ويعبّر عن تفاؤله بقوله: "أرى أن الأمر سينجح، فأطفالي لم يكونوا مسلحين ولم تكن هنالك أية أهداف عسكرية في المنطقة."
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يقول انه تقدم بشكوى جنائية نيابة عن عائلة حمدان بتاريخ 21 يوليو 2009، ولكنه لم يتلقَ أي رد حتى الآن.