الثلاثاء: 05/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مؤتمر بغزة حول "حالة المجتمع المدني الفلسطيني للعام 2011"

نشر بتاريخ: 31/12/2011 ( آخر تحديث: 31/12/2011 الساعة: 15:23 )
غزة- معا- دعا ممثلو عدد كبير من المنظمات الأهلية الى تعزيز دور منظمات المجتمع المدني في النضال الوطني من خلال المشاركة الفاعلة في حملة المقاطعة وفرض العقوبات على دولة الاحتلال إضافة إلى المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال والحصار المفروض على أبناء شعبنا .

جاء ذلك في ختام أعمال المؤتمر الذي نظمته شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بمدينة غزة بمشاركة حشد كبير من ممثلي القوى السياسية ومنظمات أهلية وحقوقيين وشخصيات اعتبارية وأكاديميين وخبراء تحت عنوان " حالة المجتمع المدني الفلسطيني للعام 2011" وذلك ضمن مشروع تعزيز الديمقراطية وبناء قدرات المنظمات الأهلية بتمويل المساعدات الشعبية النرويجية.

وأكد المشاركون في التوصيات التي نتجت عن المؤتمر على وحدة الوطن ورفض كل محاولات الفصل والعزل ، واستمرارية دور منظمات المجتمع المدني في إنجاز المصالحة الوطنية والضغط تجاه التطبيق لبنود الاتفاق وضمان إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والمحلية، مشددين على رفضهم للتمويل السياسي المشروط الذي يتجاوز الحقوق الوطنية لشعبنا.

وشدد المشاركون على ضرورة اعادة فتح كافة الجمعيات والنقابات التي اغلقت بسبب الانقسام السياسي، مؤكدين ضرورة اعادة الاعتبار للمؤسسة التشريعية الواحدة وتعديل الغاء القوانين والقرارات التي تمس بالحريات وحقوق الانسان وبحق تشكيل الجمعيات.

وفي الكلمة الافتتاحية للمؤتمر قالت عضو الهيئة الادارية للشبكة آمال صيام أن هذا المؤتمر يأتي في ظل أجواء المصالحة الوطنية الأمر الذي يدفعنا للعمل على استنهاض دور المجتمع المدني باتجاه حماية الحريات العامة والتي تضررت كثيراً جراء الانقسام .

واكد ضرورة استمرار العمل الجاد لتحقيق وحدة المؤسسة الفلسطينية على أسس انتخابية وديمقراطية تضمن مشاركة الجميع في بنيتها وتركيبتها التمثيلية وعلى قاعدة قانون التمثيل النسبي الكامل الذي يضمن إشراك الجميع في الهيئة التمثيلية لشعبنا.

وفي كلمة المساعدات الشعبية النرويجية أكد محمود حمادة مسئول المشاريع أن المشاريع التي نفذت بالشراكة مع شبكة المنظمات الاهلية أثمرت عن التمكين والارتقاء بأداء المنظمات من أجل أن تقوم لخدمة المجتمع وحمايته بشكل عام، مشيراً أن قضية المصالحة لعام 2012 ستشهد مصالحة يرتقي فيها العمل المدني إلى أن تسمح السلطات خدمة المجتمع من أجل الوصول إلى التنمية المستدامة.

وتحدث حمادة عن دور المساعدات الشعبية النرويجية وهي مؤسسة نرويجية غير حكومية أُنشئت عام 1939 وتعمل مع أكثر من ثلاثين دولة من الدول النامية والتي تعرضت للحروب والانتهاكات خاصة الدول التي تفتقر إلى الوصول لأهدافها التنموية والوصول إلى السلطة والموارد لحماية والدفاع عن حقوقها كدولة فلسطين.

كما أشار حمادة أن المساعدات الشعبية النرويجية تشدد في عملها على قيم النزاهة والشفافية والعمل المميز في فلسطين .

وفي الجلسة الأولى التي ترأسها د.عائد ياغي مدير جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية قال "أن عام 2011 شهد تغيرات عديدة في الدول العربية المجاورة حيث الحراك الشعبي الذي مرّ عليه حوالي العام والذي أُطلق عليه الربيع العربي أو الثورات العربية والتي تركت الأثر الكبير ليس فقط على حالة المجتمع المدني الفلسطيني وإنما أثرت على مجمل الأوضاع في المجتمع الفلسطيني".

وأكد ياغي على أن الحراك الشعبي العربي دفع وحفّز الفئات المختلفة من الشعب وخاصة طليعة الشباب للقيام بتحركات جماهيرية من أجل إنهاء حالة الانقسام والتي تجلّت في آذار الماضي.

وفي ورقته بعنوان "المجتمع المدني في مواجهة الاحتلال وتحقيق الوحدة" أكد حمدي شقورة نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن دور المنظمات الأهلية هو الاهتمام بكافة الحقوق والفئات المهمشة ومواجهة الاحتلال مشيرا الى أن المنظمات لها موقف ثابت تجاه الدفاع وحماية الحريات العامة وحقوق الإنسان.

وقال شقورة الحالة الإنسانية قد تدهورت في ظل الانقسام التي مست تداعياته كل مؤسسات الحكم الفلسطيني بل والنسيج الاجتماعي الفلسطيني.

وسلط شقورة الضوء على ثلاث جوانب لأجندة المنظمات الاهلية في مواجهة الاحتلال وبخاصة ما تقوم به المنظمات الأهلية من توثيق قضايا الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني بشكل مهني وقانوني. مؤكداً على دور المنظمات في المتابعة والتواصل المستمر مع الضحايا واستخدامها بالحشد والمناصرة والضغط واستخدام وتوظيف المعلومات والعمل على نشر الحقائق وإظهار حقيقة الاحتلال وتفنيد إدعاءاته الكاذبة.

وأضاف شقورة أن المطلوب في المرحلة القادمة اتخاذ خطوات جادة تجاه المصالحة بما في ذلك إطلاق الحريات العامة والضمانة الأساسية للمرحلة القادمة بل والتحدي الرئيسي هو إعادة الهيبة والاعتبار للسلطة القضائية التي طالها الانقسام أيضا.

وفي ورقته بعنوان "الحراك الشعبي العربي وانعكاساته على المجتمع المدني الفلسطيني" أكد محسن أبو رمضان رئيس الهيئة الإدارية للشبكة بقطاع غزة على الدور الذي لعبه الحراك الشعبي العربي في التأثير على المجتمع الفلسطيني وكذلك على المجتمع المدني حيث أدى إلى تقارب كل من حركتي فتح وحماس بسبب التغيرات بالمنطقة العربية وكذلك الدولية حيث أدرك الطرفين أهمية الاهتمام بالعامل الذاتي الفلسطيني وتقوية البيت الداخلي وذلك بدلاً من الرهان على الخيارات الإقليمية أو الدولية، فبدون العامل الذاتي الفلسطيني الموحد لا يمكن الاستمرار بالمسار الفلسطيني كفاحياً وسياسياً وذلك على قاعدة برنامج سياسي فلسطيني موحد .

وأشار أبو رمضان أن الحراك الشعبي العربي ساهم بتحريك القطاعات الاجتماعية وفي المقدمة منهم الشباب الذي قام بحركة 15/ مارس /2011 بتنظيم اعتصام شعبي واسع في كل من غزة والضفة تحت شعار " الشعب يريد إنهاء الانقسام " وقد سبق ذلك قيام الحملة الوطنية للدفاع عن الحريات العامة وإنهاء الانقسام بتنظيم مؤتمر جماهيري في قاعة الهلال الأحمر الفلسطيني بقطاع غزة.

وذكر أبو رمضان أن الاحتجاجات تجاه السياسات التمويلية الدولية لبلدان الحراك الشعبي العربي أدت إلى تطوير خطاب منظمات المجتمع المدني تجاه المنظمات الدولية غير الحكومية وبعض الصناديق العربية ، على قاعدة ضرورة تعزيز الشراكة ورفض تجاوز المنظمات الأهلية ، وكذلك رفض الأجندة المحددة مسبقاً دون الاستجابة للاحتياجات والأولويات الوطنية ، ومقاومة الابتزاز السياسي للتمويل .

وفي ورقته بعنوان "المجتمع المدني ودوره في النضال الوطني ومواجهة الاحتلال" أشار فراس جابر مدير دائرة الأبحاث والدراسات بمركز بيسان برام الله عبر الفيديو كونفرنس إلى مدى توسع عمل المنظمات الأهلية منذ فترة الانتفاضة الأولى وحتى الآن، الأمر الذي أدى لجعل الاحتلال يقدم على إغلاق عدد من المؤسسات الأهلية ومصادرة أموالها ومعداتها وإغلاق مكاتبها، بل واعتقال موظفيها، وإبعاد عدد من قادتها، وخلال عام 2011 فقط قام الاحتلال بإغلاق خمس مؤسسات أهلية في القدس المحتلة، عدا عن إجبار عدد كبير من المؤسسات الأهلية بالرحيل عن القدس.

وأشار جابر إلى دور العمل الأهلي في النضال الوطني، وتعدد أشكاله، فقام العمل الأهلي مع باقي مكونات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات بالعمل على قضايا وطنية قطاعية أو متخصصة، كما هو في حملة مقاومة جدار الفصل العنصري، حملة إنهاء الحصار على قطاع غزة، حملة المقاطعة "لإسرائيل"، وكذلك عدد من الحملات القانونية والتي أدت حملة منها إلى فتوى لاهاي حول الجدار، حملات محاربة التطبيع، بالإضافة إلى أدوارها في تعزيز صمود المزارعين، والسكان في مناطق الجدار، ودورها المحدود في القدس.

وأشار جابر إلى أنواع الخطابات في منظمات العمل الأهلي فمنها الخطاب التنموي فجزء من هذه المنظمات يمارس عملاً تنموياً داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة دون تأطيره بخطاب واضح ومفهوم وبرامج محددة مرتبطة أساساً بالمقاومة كمنهج، مما يعني العفوية في العمل، وبالضرورة انتفاء النتائج الواضحة والمؤثرة.

وأشار الى ان خطاب حقوق الإنسان فإنه ينحصر تقريباً في المنظمات الأهلية الفلسطينية والدولية، حيث تعمل هذه المنظمات الحقوقية من أجل حماية حقوق الإنسان. وخطاب الخدمات في العمل الأهلي تبلور في مواجهة الاحتلال، ومع مجيء السلطة حصل تنافس بين مجموعة من المنظمات الأهلية "مقدمة الخدمات" مع السلطة من أجل الهيمنة على الخدمات والأفراد المنتفعين منها، بما يعني من مشروعية للجهة المقدمة للخدمة.

وفي الجلسة الثانية التي ترأستها نادية أبو نحلة مدير طاقم شئون المرأة في غزة ,قالت أن هذا المؤتمر يأتي في نهاية عام 2011 وما شمله هذا العام من حراك شعبي على مستوى العالم العربي .

وأكدت أبو نحلة على دور منظمات المجتمع المدني، وخصوصاً المنظمات الأهلية، ضرورة وطنية وحاجة مجتمعية؛ فطبيعة النضال الوطني اقتضت توسيع نطاق المشاركة الجماهيرية وبالتالي تضافر جهود كل الأطراف السياسية والاجتماعية للانخراط في النضال.

وفي ورقته بعنوان "المجتمع المدني وتعزيز التضامن" أكد خليل أبو شمالة مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان على دور المنظمات الأهلية في تعزيز التضامن بين أفراد المجتمع وقد دللت تجربة الفلسطينيين خلال العقود الأربعة المنصرمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة على أن المنظمات الأهلية الفلسطينية تعتبر أحد أهم قنوات التعبئة الشعبية والاجتماعية والتضامن؛ حتى أن البعض يراها بوصفها أفضل ممكنات الفعل الاجتماعي وتجسيداته، في جدل معقد مع آليات السيطرة والهيمنة القادمة من الداخل وتلك المفروضة من الخارج.

ونوه أبو شمالة إلى الدور الكبير الذي تلعبه المنظمات الأهلية في تعزيز التضامن وتقديم المساعدة بالعديد من الأنشطة تشمل هذه الأنشطة على وجه الخصوص مشاريع وبرامج التنمية الريفية والمياه والبيئة والتدريب المهني والإقراض الصغير وبناء القدرات , والدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية , أيضاً تقوم المنظمات الأهلية بأنشطة اجتماعية تتعلق بالخدمات الصحية ورعاية المسنين ورعاية المعاقين وأنشطة الطفولة .

وأكد أبو شمالة على أن المنظمات الأهلية تعاملت بصورة أو بأخرى مع التحديات التي تواجه المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، فقدمت مساهمات معتبرة في مجال وقف تدهور الأمن الإنساني بأبعاده المختلفة، وبذلت جهوداً مقدرة في مواجهة الانقسام والانتهاكات التي تعرضت لها الحريات والحقوق، وساهمت في جهود رأب الصدع وقدمت اقتراحات جديرة حول قضايا الخلاف.

واوضح أبو شمالة أن تطوير دور المنظمات الأهلية يكمن في تعزيز التضامن عن طريق الاستمرار بالعمل كمجتمع مدني موحد بالرغم من الانقسام, و تجاوز حالة الحياد الاضطراري أو الاختياري التي تعيشها بعض المنظمات , ويتمثل التحدي الرئيس هنا بالاستمرار في تلقي الدعم الخارجي، ولكن مع تطوير إمكانية إملاء الأجندة ورفض الشروط الجائرة.

وفي ورقته بعنوان "البناء المؤسسي والحكم الرشيد" أكد الدكتور علام جرار مدي عضو الهيئة التنسيقية للشبكة بالضفة الغربية عبر الفيديوكونفرس على نقاط رئيسية الارتباط لنشوء السلطة الفلسطينية بالبعد القومي والوطني حيث ارتبط بمفاهيم وحركات تنويرية وأيضا البعد التنويري بطبقات مجتمعية البرجوازية، والبعد للمنظمات الأهلية البعد الوطني والكفاح والنضال للشعب الفلسطيني في بداية الأربعينات والثمانينات.

وأشار جرار إلى أن أهم عنصر في الحكم والحوكمة هو الالتزام بالمواثيق والقوانين الدولية المحلية ،وعلى المؤسسات الأهلية الارتقاء بالخطاب والالتزام بالأولويات ومنها مبدأ التحرر والاستقلال ،والتحكم في مصادر المؤسسة

وفي ورقته بعنوان "المجتمع المدني بين التهميش والتنمية" أكد تيسير محيسن الباحث التنموي ومدير دائرة الحشد والناصرة بجمعية الاغاثة الزراعية أنه خلال عام 2011 حدث تطور طفيف على صعيد الفعالية السياسية في المنظمات الأهلية منها تبلور حركة الجيل الثالث جرت في إطار التشكيلات المدنية القائمة والمستحدثة، عبر عمليات التعبئة وأنشطة التوعية والتدريب والتطوع وتزويد الخدمات وبناء التحالفات ودعم الحركة المتنامية في أوساط الشباب. كما انتقل التركيز على الأنشطة ذات الطابع الإغاثي إلى التركيز على أنشطة المدافعة والضغط (من أجل المصالحة، الدفاع عن الحريات، رصد الانتهاكات،..)

وأشار محيسن إلى دخول المنظمات الأهلية في حالة اشتباك مع مؤسسات الحكومتين يتراوح بين التنسيق والتعاون من جهة، والانتقاد وتقديم البدائل من جهة ثانية، حول السياسات القطاعية وتخصيص الموازنات العامة وتصميم خطط التنمية والإصلاح.

وقال محيسن لقد ازدادت القناعة يوماً بعد يوم لدى القائمين على شأن هذه المنظمات، أن المعركة من أجل الاستقلال ومن أجل الديمقراطية ومن أجل تحقيق غايات التنمية الإنسانية هي معركة سياسية بالمقام الأول، وأن أعمال الإغاثة الخيرية والاكتفاء بتقديم الخدمات والعزوف عن السياسة من شأنه أن يفاقم أزمة المجتمع المدني ويضعف دوره ويمّكن سلطتي رام الله وغزة من الزحف المنظم لاحتلال الفضاء العام وتقليص مساحة الفعل السياسي والاجتماعي أمام الآخرين. مع الفعالية السياسية خفت حدة الملاحقة الأمنية ومحاولات تضييق الخناق.

وفي نهاية المؤتمر تلا أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية التوصيات التي خرج بها المشاركون في المؤتمر والتي أكدت على أهمية الدور الذي تقوم به المنظمات الأهلية في تعزيز المصالحة بمختلف مستوياتها وإرساء أسس الوحدة بما يحافظ على النسيج الاجتماعي ويعزز من مقومات الصمود وتمكين شعبنا من مواجهة مشاريع الاحتلال الاستيطانية والتوسعية والعنصرية ،ورفض التمويل السياسي المشروط والعمل على تبني أجندة تمويلية تأخذ بعين الاعتبار التوجهات التنموية والتمكينية وتعزيز صمود المواطنين الفلسطينيين.

وأكد الشوا في التوصيات على تعزيز مبادئ الحكم الرشيد والنزاهة والشفافية والتسيير الديمقراطي في كافة المؤسسات بما فيها مؤسسات المجتمع المدني .