سنة " ثورة " ياجميل!!
نشر بتاريخ: 03/01/2012 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:28 )
كتب ابراهيم ملحم- عنوان المقال هو "مانشيت"بالبنط العريض،وباللون الاحمر،لواحدة من كبريات الصحف المصرية، وهي تحتفي بالعام الذي مضى ولا زال منه بقية ،على الصفحات الداخلية، لاجندة العام الجديد الي سيكون خير خلف لخير سلف .
اذن هو عام مدهش،ذلك الذي لملم اوراقه ومضى،مأسوفا عليه،وهو يبهرنا باحداثه ،وثوراته،وثواره،وانقلاباته الشتوية والربيعية، والخريفية ،في ربيعه الذي هيمن على كل الفصول،واثار لدى المراقبين،والفلكيين الفضول،وهو يكسر خوفنا،و يشد حيلنا ، ويعلي شاننا بين الامم ،ويمنحنا زمام امرنا ، ويخلصنا من ضعفنا، واستخذائنا ،وقلة حيلتنا ،وهواننا على الحكام ،من قضى منهم او سجن او هرب او من ينتظر المصير المشابه او اكثر،حسب الفناجين الطافحة بالاسرار ،والقارئات اللائي حذرننا مما ستشيب له الولدان ،في قادم الاشهر، والاسابيع ،والايام .
كان العام الذي مضى مدهشا باخباره العاجلة،وتداعياته الاجله،وباسراه الاسرة لاولي الالباب،مدهش بزعاماته،واحداثه .. ببداياته ونهاياته.. بانجازاته وتحدياته..بشعاراته وساحاته.. بميادينه وحاراته وزنقاته.. بنكاته وسخرياته الطافحة بالضحك في عز الغضب ... باناشيده واغنياته وهتافاته... بمغنيه ومنشديه وهتيفته.... ببلطجيته وبلاطجته وشبيحته...وبخواتيم طغاته،بشعاره الجديد الاثير الكبير بالعربي الفصيح الذي اسقط الطغاة، وزلزل كراسي الحكام ،وقصر اعمارهم واستعجل اجالهم " ارحل" كلمة صغيرة هزت اركان النظام واشاعت الرعب في قلوب الحكام.
" ارحل ".. ذروة سنام الجهاد عند سلطان جائر ،ومطهرة البلاد والعباد من الظلم والقهر والاستبداد والفساد ،وباعثة الامل في نفوس الاطفال، والنساء، والشيوخ،والشباب.
" ارحل" نجمة الميادين، وقمر الساهرين في ساحات التغيير ،وسلاح الثائرين،ومقتل الحكام الطغاة المستبدين،وقبلة الكتاب والمبدعين والصحفيين،ومعقد امال وتطلعات الفقراء ،والمساكين ،والمعوزين ،والمظلومين.
"ارحل" اكثر الكلمات ترددا على السنة الثائرين،والطامحين الى الحرية والعدالة والعيش الكريم .
" ارحل" فعل امر صارم مبني على فعل ثوري ،ويقين شعبي ، واداء مبهر يزلزل الوجدان،ويعلي شان الحق،والعدل،والكرامة،والنصر على الظلم والطغيان.
"ارحل" رددتها الملايين في ميادين التحرير وساحات التغيير،فكانت على قدر اهل العزم العزائمُ.
وحتى الدول التي لم تطرق ابواب عواصمها الثورات حتى الان ، فقد انتصرت شعوبها بالرعب ،عندما بادر حكامها الى رزمة اجراءات ،بدت كما لو انها ترشي الغاضبين،وتستجدي المقهوين ،وتطفي ثورة الثائرين،عبر استجابات للحقوق غير مسبوقة،واعجاب بديموقراطية غير موجودة ،وزياردات في الرواتب والمعاشات،واعفاءات من استحقاقات ،وتراجع عن سياسات،واقرار باحترام الحريات الشخصية،وارتفاع سقوف الحريات الاعلامية ، واستيعاب تظلمات المظلومين ومحاصرة جيوب الفساد و محاكمة الفاسدين.
ولعل اكثر ما ميز ثورات الربيع هو النكتة الطازجة الطافحة في الميادين،وعلى السنة الثائرين ،لتمنحهم ،وتمنحنا معهم اليقين بحتمية انتصار الميادين على المستبدين، والجرحى والشهداء على الجلادين ، و"ارحل " على مراوغات واكاذيب المتلعثمين " فهمتكم" و " لم اكن انتوي" وانا لو كنت حاكم لرميت استقالتي بوجوهكم" و " لن اصفر العداد " وغيرها من البكائيات المضحكات للرويبضات .!!
ورغم ان الثورة التونسية هي ام الثورات، وقادحة الشرارة ،وباعثة العزيمة، بشعارها الاثير للشاعر العربي الكبير ابو القاسم الشابي " اذا الشعب يوما اراد الحياة...." وكذلك الثورة اليمنية باشعارها واناشيدها ،والثورة السورية باغنيات ثوارها وشعاراتهم المكتوبة على الجدران، فان الثورة المصرية كانت الثورة الضاحكة التي فاضت نكاتها من الميادين،حتى وضعت طغاتها في الاقفاص في مشهد مثير لنهايات الظلم والفرعنة والاستكبار ، تستدعي من التاريخ صور حضارات سادت ثم بادت وحكام طغوا في البلاد ،قبل ان يرسل عليهم ربهم سوط عذاب .
في سوريا بدأ الثورا بعبارة" ايجاك الدور يا دكتور"... و" الف باء بو بايه سطل دهان وفرشاية انا بكتب على الحيط والامن بيمحي وارايه "
لذلك كان رد النظام باستئصال حناجر الصادحين بالغناء ،وكسر اصابع الرسامين على الورق والجدران.
اما في مصر فقد اندلعت النكات حتى فاضت القلوب بالضحكات...قال احد الكتاب الساخرين" في مصر ناس عايشين كويس .. وناس كويس انهم عايشين"
وفي نكته اخرى ان حوارا دار بين جمال مبارك واحمد عز قال عز لجمال:على فكرة ابوك غلط غلطة عمره فرد جمال : ليه؟ قال عز: ابوك باع البلد كلها ونسي يبيع ميدان التحرير!"
الرئيس التونسي يتصل بروتانا ويهدي اغنية " بستناك" لمبارك، اما الرئيس المصري فاهدى الشعب المصري اغنية" اخاصمك اه اسيبك لا".
ومن النكات ما ورد على ويكيلكس بان الرئيس اوباما ارسل رسالة الى الملك عبد الله يقول له فيها "استقبل زين واحصل على مبارك مجانا ".
وتقول نكته اخرى "ان الشعب التونسي اراد الحياة فاستجاب له القدر اما الشعب المصري فاراد الحياة فوجدها على النايل سات على تردد 11255 افقي."
ولم تتوقف النكات بسقوط النظام بل اشتعلت في الانتخابات التي فاضت صناديقها بالاخوان والسلفيين تقول احداها : ان قبطيا قال لصديقه صباح الخير فرد عليه: صباح الحرية والعداله. فقال له :ليه كده.. فرد عليه: مش احسن ما اقولك صباح النور.
كم هو جميل ،ومدهش ،وماكر ذلك العام الذي مضى وانقضى..فلو انك توقفت عند بداياته لشعرت بالاعجاب،ولو انك قرات شعارته، ونكاته ،وسخرياته واغنياته ،لشعرت بالدهشة، وما ان تقف على تخوم نهاياته وخواتيم طغاته،وانقلاباته ،ومصائر من كانت بيدهم المصائر،وطوع ارادتهم ورهن اشارة من اناملهم اموال ،وخيرات، ومقدرات، شعوبهم واعواد المشانق لمعارضيهم وخصومهم، لشعرت بالذهول... انها سنة اولى ثورة!