السبت: 09/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

وزارة الاسرى: خريطة جديدة وقبضة مشددة على الأسرى

نشر بتاريخ: 09/01/2012 ( آخر تحديث: 10/01/2012 الساعة: 11:33 )
رام الله- معا- سلطت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الضوء على واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بعد تنفيذ صفقة شاليط والتي بموجبها أفرج عن 1000 أسير وأسيرة فلسطينية وبقي داخل السجون ما يقارب الـ4500 أسيراً محتجزاً.

وجاء في تقرير لوزارة الأسرى أن خارطة جديدة بدأت ملامحها ترتسم على واقع الحركة الأسيرة سياسياً وقانونياً وإنسانياً ستترك آثارها وإرهاصاتها على المدى القريب.

الآمال المتكسّرة:
رغم كل البهجة والفرح الذي عمّ بقاع الوطن الفلسطيني بالإفراج عن المعتقلين في صفقة التبادل الأخيرة، فإنها تركت مخاوفاً وقلقاً لدى الأسرى المتبقين داخل السجون والذين كانوا قد بنوا توقعات عالية خلال خمسة سنوات من المفاوضات حول شاليط بالإفراج عنهم واعتبارها فرصة فلسطينية لتحريرهم وإنقاذهم من الشروط الإسرائيلية المجحفة التي أبقتهم داخل السجون، وهي فرصة يعتقد الأسرى أنها تتاح أكثر في عمليات التبادل وليس في مفاوضات سياسية لا زالت آفاقها مغلقة وغامضة.

المراقب لأوضاع الأسرى بعد الصفقة يجد أن حالة نفسية وعصبية تسود أوساطهم، وخيبة من الأمل سقطت عليهم وخاصة الأسرى المعتقلين ما قبل اتفاقية أوسلو في العام 1994، وعددهم 124 أسيراً وهم الفئة التي تقضي أطول فترة في سجون الاحتلال، ومن بينهم 23 أسيراً يقضون أكثر من 25 عاماً داخل السجون أقدمهم الأسير كريم يونس، إضافة إلى إبقاء احتجاز مرضى ومعاقين وقادة ونواب منتخبين كمروان البرغوثي وأحمد سعدات وغيرهم.

الهزة النفسية أصابت الأسيرات الفلسطينيات لا سيّما أسيرات فلسطين المحتلة عام 1948، وهن ورود قاسم وخديجة أبو عياش ولينا الجربوني التي تعتبر أقدم أسيرة فلسطينية حالياً، وقد قضت لينا 10 سنوات من حكمها البالغ 18 عاماً، وقد وقعن الأسيرات في مصيدة الإسرائيليين وسوء آداء المفاوض الفلسطيني عندما أبقى على 9 أسيرات داخل السجون لم تشملهن الصفقة.

الأسرى والأسيرات الذين تم استثناؤهم من الصفقة يخشون أن يقعوا مرّة أخرى تحت سيف المقاييس والشروط الأمنية الإسرائيلية في أية عملية إفراجات مستقبلية، وخاصة أن هذه الشروط الإسرائيلية تستثني دائماً الأسرى المتهمين بقتل أو جرح إسرائيليين وتستثني أسرى القدس وفلسطيني المحتلة عام 1948، إضافة إلى سياسة تصنيف الأسرى حسب الانتماء السياسي والجغرافي.

لقد زادت مخاوف الأسرى في ظل مشروع قانون إسرائيلي جديد يقضي بعدم إجراء أي تبادل للأسرى إلا وفق معادلة أسير مقابل أسير، وفي ظل حملة التحريض العنصرية التي يشنها اليمين الإسرائيلي ضد الأسرى والداعية إلى الانتقام منهم وتشديد العقوبات عليهم.

تصعيد الإجراءات على الأسرى بعد الصفقة:
توقّع الأسرى أن تقوم حكومة إسرائيل بسحب وإلغاء كافة إجراءاتها التعسفية التي اتخذتها بحقهم خلال احتجاز الجندي شاليط، ولكن وبعد انتهاء الصفقة وسقوط ذريعة شاليط بتحرره من الاحتجاز شنّت حكومة إسرائيل وإدارة السجون حملة تصعيد غير مسبوقة على الأسرى وحقوقهم، واتخذت إجراءات قاسية بحقهم لم تكن مطبقة خلال احتجاز شاليط، مما يدل على توجّه انتقامي ممنهج تقوم به حكومة إسرائيل ضد الأسرى الفلسطينيين.

لم تلتزم حكومة إسرائيل بما وافقت عليه عند التوقيع على صفقة التبادل بإنهاء إجراءاتها العقابية والتعسفية بحق الأسرى، فما زالت هذه الإجراءات قائمة وأكثر تشديداً كالعزل الانفرادي ومنع التعليم الجامعي وحرمان أهالي الأسرى في قطاع غزة من الزيارات، وسياسة التفتيشات والاعتداءات على الأسرى من قبل قوات القمع الخاصة التابعة لإدارة السجون، وكذلك سياسة العقوبات الفردية والجماعية كالحرمان من الزيارات والكنتين وفرض الغرامات المالية وغيرها.

لا زالت ستة قوانين جائرة أقرها وناقشها الكنيست الإسرائيلي القاضية بتشديد الإجراءات قائمة ومطبقة مما يعني استمرار الغطاء القانوني والسياسي الإسرائيلي لكافة الممارسات والأعمال التعسفية التي تقوم بها إدارة السجون بحق المعتقلين، ومن بين هذه القوانين: قانون العزل الانفرادي المفتوح، وقانون المقاتل غير الشرعي، وقانون الحرمان من الزيارات، وقانون الاعتقال الإداري المفتوح وغيره من القوانين.

إن خريطة جديدة بدأت ترسمها حكومة إسرائيل للسجون تتمثل في تشتيت الأسرى وتجميعهم في سجون محددة وتحت شروط قاسية وصعبة، وقد بدأ تنفيذ ذلك من خلال نقل أكثر من 800 أسير من سجن النقب الصحراوي إلى سجون مختلفة، وذلك وفق مخطط يستهدف تفكيك البنية القيادية للأسرى لتسهيل السيطرة عليهم لا سيّما بعد خوضهم إضراباً مفتوحاً عن الطعام استمر 20 يوماً مطالبين بتحسين شروط حياتهم المعيشية والإنسانية.

الأسرى والمفاوضات السياسية:
تتجه أنظار الأسرى وأهاليهم إلى تحرّك القيادة الفلسطينية والرئيس أبو مازن باتجاه الإفراج عن أسرى فلسطينيين وذلك من خلال مطالبة الرئيس أبو مازن للحكومة الإسرائيلية بتنفيذ ما اتفق عليه مع الرئيس السابق للحكومة الإسرائيلية يهود ألمرت بالإفراج عن دفعة مماثلة لصفقة شاليط بعد تنفيذها. إضافة إلى التوجّه الذي بدأ يتبلور فلسطينياً بعدم العودة إلى المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي دون إطلاق أسرى فلسطينيين وعلى رأسهم المعتقلون قبل اتفاقية أوسلو والقادة النواب والمرضى والنساء.

يراقب الأسرى التحركات السياسية الأخيرة وما قد يترتب عليه من اللقاءات الاستكشافية التي جرت في العاصمة الأردنية عمان وموقف الرباعية الذي سيتبلور في نهاية هذا الشهر حول مسألة استئناف المفاوضات، ويراهن الأسرى أن لا تقدم القيادة الفلسطينية على العودة للمفاوضات دون أن يشمل ذلك إطلاق سراح أسرى فلسطينيين وتحديد جدول زمني للإفراج عنهم كأساس رئيس لأي تسوية أو مفاوضات سياسية جديّة وحقيقية.

ويرفض الأسرى ما نقل في وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخراً حول المساومة للعودة في المفاوضات بالإفراج عن الأسرى مقابل التخلّي عن المطلب الفلسطيني بوقف الاستيطان. ويعتبر الأسرى أن محك أية مفاوضات جادّة يجب أن تقوم على أساس استحقاقات فلسطينية أساسية أبرزها دولة فلسطينية بحدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف ووقف عمليات الاستيطان والإفراج عن الأسرى، رافضين أن يكونوا أداة للابتزاز السياسي على حساب القضايا المصيرية المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني.

الانفجار قادم والعنوان سياسي:
في ظل التصعيد الإسرائيلي على حقوق الأسرى في السجون وتجريدهم من كرامتهم وإنسانيتهم، وفي ظل انغلاق الأفق السياسي بسبب المواقف الإسرائيلية المتزمتة، فإن الوضع داخل السجون قابل للانفجار في أية لحظة وبطريقة مختلفة بحيث تتجه خطوات الأسرى نحو مطالب تحمل عناوين سياسية وقانونية تتقاطع حول ثلاثة محاور هي:

المحور الأول: تهديد الأسرى بخوض إضراب سياسي مفتوح عن الطعام والمطالبة بإطلاق سراحهم من خلال الضغط بعدم العودة لأية مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي دون أن يشمل ذلك إطلاق سراح الأسرى وفق أولويات نضالية وإنسانية.

المحور الثاني: تهديد الأسرى بخوض إضراب مفتوح عن الطعام تحت عنوان الاعتراف بهم كأسرى وفق اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، ومطالبة المجتمع الدولي إلزام دولة الاحتلال بالاعتراف بهم وفق هذه الصفة وهذا المركز القانوني من أجل وضع حدٍّ لاستمرار التعامل الإسرائيلي معهم كإرهابيين ومجرمين وبقوانين عسكرية تجردهم من حقوقهم الشرعية القانونية والسياسية

المحور الثالث: تهديد الأسرى المعتقلون قبل اتفاقية أوسلو بالتوجّه إلى القضاء الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة للمطالبة بإطلاق سراحهم باعتبار أن اتفاقية إعلان المبادئ التي وقعت عام 1993 بين الجانين الفلسطيني والإسرائيلي هي اتفاقية دولية قضت بإنهاء حالة الحرب بين الطرفين والاعتراف المتبادل، وبموجب ذلك كان يجب إطلاق سراحهم منذ ذلك الحين.