الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

العوري: غالبية المرضى النفسيين يحجمون عن العلاج بسبب الوصمة الإجتماعية

نشر بتاريخ: 09/01/2012 ( آخر تحديث: 09/01/2012 الساعة: 18:21 )
رام الله- معا- أكد المستشار النفسي والمتخصص في علم النفس المجتمعي محمد راجح العوري، اليوم الاثنين، على أن هناك نسبة كبيرة من المرضى النفسيين يرفضون طلب أو تلقي العلاج النفسي من المختصين خوفآ من الوصمة الإجتماعية السلبية المنتشرة حولهم في المجتمع مع أنهم يكونوا بأمس الحاجة الى المتابعة والعلاج.

وتحدث العوري على أن الوصمة الاجتماعية هي النظرة السلبية التي يحملها المجتمع حول المرض النفسي أو حول من يعاني من مرض أو إضطراب نفسي معين بحيث تكون ردة فعل المجتمع نحو هؤلاء الأفراد سلبية، لأنهم يعتبرونهم مختلفين عن باقي أفراد المجتمع الأسوياء.

وأكد العوري على أنه بالرغم من التطور العملي والتكنلوجي الذي وصل اليه المجتمع في كافة المجالات إلا أنه وللأسف ما زال هناك فئة من أفراد المجتمع لديها نظرة سلبية نحو المرض النفسي ونحو الأشخاص الذي يعانون من مشاكل نفسية، لدرجة أنه وصل الحد ببعض المرضى بعدم التوجه لطلب الخدمة النفسية من الأطباء والمختصيين واللجوء الى طرق أخرى مثل السحرة والمشعوذين خوفآ من النظرة السلبية التي يحملها المجتمع نحوهم، فالوصمة السلبية للمرض النفسي أصبحت منتشرة بكثرة في الكثير من المجتمعات والبلدان والثقافات فهي لا تشمل منطقة بعينها أو مجتمع بعينه وإنما هي منتشرة في كل أرجاء العالم.

وعن أسباب إنتشار الوصمة الاجتماعية في المجتمع حول المرض والمرضى النفسيين تحدث العوري على أن عدم وجود وعي لدى أفراد المجتمع بالأمراض والإضطرابات النفسية المختلفة وعزوها الى السحر والشعوذة والمس بالعين تعتبر من الأسباب الأساسية لوجود هذه الوصمة، كما أن ضعف الثقافة النفسية وتراجع دور وسائل الاعلام والمدارس ومؤسسات المجتمع المختلفة في توعية وتثقيف المجتمع بالمشاكل النفسية له دور بارز أيضا، بالإضافة الى إنتشار بعض الاتجاهات الخاطئة والأفكار الخرافية التي ما زال الناس يحملونها حول الأمراض النفسية وأنها من عمل الشيطان وليس لها علاج.

وتساءل العوري قائلآ هناك نسبة كبيرة من المرضى الذين يعانون من أمراض ومشاكل صحية مختلفة في المجتمع كالقلب والضغط والسكري وأمراض مزمنة كثيرة، لا يجدون أي حرج في التحدث عن مرضهم أمام الآخرين ولكن عندما يعاني أي فرد من أي مرض أو إضطراب نفسي يتكتم على الأمر هو وعائلته وكأنه أمر مخجل ومعيب بالنسبة لصاحبه أو للعائلة التي يعيش بداخلها وهذا ما يساهم بطريقة أو بأخرى في تعزيز هذه الوصمة وتكريسها، فالأصل أن نتعامل مع المرض النفسي كمثله من الأمراض الأخرى المنتشرة في المجتمع.

ودعا العوري الى التركيز على التوعية المجتمعية من خلال تكريس وسائل الإعلام المختلفة وعقد اللقاءات والندوات والمحاضرات التي تستهدف كل فئات وأفراد وشرائح المجتمع لتوعيتهم بضرورة فهم الأمراض والإضطرابات النفسية المختلفة وكيفية حلها والتعامل معها من أجل تكريس الثقافة والمناعة النفسية لدى كل فرد من أفراد المجتمع.

وأكد في ذات السياق على أن الجميع منا مهما كانت درجة التعليميه أو مكانته الإجتماعية لا بد إلا وأن يمر في وقت من الأوقات نتيجة ظروف معينة ببعض المشاكل أو الأحداث التي قد تؤثر على حالته النفسية ويتأثر تبعاً لذلك أداؤه ونمط حياته بطريقة أو بأخرى، و الناس كما هو معروف يتفاوتون فيما بينهم في تكيفهم مع ضغوط الحياة المختلفة تبعاً لتكوينهم النفسي وطبيعة شخصياتهم، فالمريض النفسي ليس شخصاً مختلفاً عنا، بل هو فرد منا تعرض لظروف معينة ، وفي كل هذه الحالات فإن الأمر لا يتطلب هذه النظرة السلبية من المحيطين به، بل يجب مساندته ودعمه وتشجيعه بكل الطرق والوسائل الممكنة حتى يستطيع أن يتخطى مشاكله بسلام.