الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

فياض: توجهاتُنا لتقليص العجز المالي لن تمس بالفئات ذات الدخل المتدني

نشر بتاريخ: 11/01/2012 ( آخر تحديث: 11/01/2012 الساعة: 16:41 )
رام الله- معا- اكد رئيس الوزراء د.سلام فياض ان توجهات الحكومة لتقليص العجز المالي لن تمس بالبرامج الاجتماعية واحتياجات الفئات متدنية الدخل، ومراعاة العدالة الاجتماعية في توزيع الاعباء، وخاصةً العبء الضريبي بالإضافة إلى الأعباء المتصلة بتخفيض العجز اضافياً.

واوضح فياض خلال حديثه الإذاعي توجهات الحكومة الهادفة إلى تقليص العجز في مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2012 وبما يضمن بلورة حلولٍ جذرية للأزمة المالية، للوصول الى تعزيز عملية التمكين الذاتي كجزءٍ من معركة الخلاص من الاحتلال، وممارسة الحق في تقرير المصير.

وأكد رئيس الوزراء أنه وبالرغم من التقدم الذي حققته السلطة الوطنية على مدار السنوات الأربعة الماضية في تقليص العجز الجاري في الموازنة العامة، ومدى الاعتماد على المساعدات الخارجية المخصصة لتمويل النفقات الجارية، إلا أن الأزمة المالية، ومنذ أواسط عام 2010، استمرت بصورةٍ غير مسبوقة بسبب شُح المساعدات الخارجية، الأمر الذي تطلب بلورة حلول عمليةٍ لهذه الأزمة من خلال اتخاذ إجراءاتٍ كفيلة بتخفيض العجز الجاري المتوقع في موازنة عام 2012، والبالغ مليار ومائة مليون دولار، وبما يتجاوز ما كان مبرمجاً في السيناريو متوسط المدى الذي أًعتُمد كأساسٍ في إعداد موازنة عام 2011، في الوقت الذي لا يمكن فيه التعويل على ورود ما يزيد عن 750 مليون دولار من المساعدات المخصصة لتمويل النفقات الجارية في عام 2012، علماً بأن ما تم استلامه بالفعل من هذه المساعدات في عام 2011 قد بلغ 742 مليون دولار.

وقال: "كما تعلمون إن الأزمة المالية التي واجهتنا منذ أواسط عام 2010، تصاعدت حدتها وخطورتها بسبب عدم ورود المساعدات الخارجية لدعم الخزينة في الوقت المُحدد أو عدم ورودها بالمُطلق، وترافُق ذلك مع قيام إسرائيل بين فترةٍ وأخرى بحجز عائداتنا وإيراداتنا الضريبية التي تُشكل حوالي ثلثي إيرادات السلطة الوطنية، ممّا وضعنا أمام أزمةٍ مالية هي الأخطر منذ نشوء السلطة الوطنية، الأمر الذي استدعى تسريع الخطوات الكفيلة بتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، وحث الخطى نحو المزيد من الاعتماد على الموارد الذاتية، وذلك عبر تطوير أداء الإيرادات، وترشيد النفقات دون المساس بالفئات الضعيفة ومحدودة الدخل".

وشدد فياض على أن الذي عزّز ضرورة الأخذ بهذا التوجه هو ما واجهته السلطة الوطنية من صعوباتٍ مالية حادة منذ أواسط العام 2010، حيث وصل النقص في المساعدات المخصصة لتمويل العجز في الموازنة الجارية في ذلك العام إلى حواليّ 100 مليون دولار. كما اضطرت الخزينة العامة إلى تمويل المشاريع التطويرية من الإيرادات العامة بحوالي 250 مليون دولار نظراً للنقص التمويلي لهذه المشاريع من قبل الجهات المانحة.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن الوضع تفاقم في عام 2011 الذي تلقت السلطة الوطنية خلاله فقط حوالي 742 مليون دولار من المساعدات المخصصة لدعم النفقات الجارية، أي بما يقل عما كان مبرمجاً في الموازنة بقيمة 225 مليون دولار، الأمر الذي جعل من المتعذر، وبصورةٍ متواصلة، الوفاء بكافة الالتزامات المالية بانتظام ودون تأخير، وما ترتب على ذلك من تراكم المتأخرات مستحقة السداد لقطاعٍ واسعٍ من مزودي السلطة الوطنية بالسلع والخدمات، وذلك بالإضافة إلى التأخير في أكثر من مناسبة في الوفاء باستحقاق الرواتب والأجور والمخصصات الاجتماعية.

وقال فياض: "لقد أعدت الحكومة من هذا المنطلق، مجموعةً من الإجراءات الهادفة إلى تخفيض العجز الجاري الى ما لا يزيد عن 750 مليون دولار، أي إلى مستوى يبعث على الثقة بإمكانية تمويله بيسر، وذلك في ضوء عدم توقع تغييرٍ جوهري في المعطيات التي أدت إلى الانخفاض الحاد في مستوى المساعدات في العام الماضي"، وتابع: "من شأن النجاح في هذا الجهد أيضاً أن يخفف التأثير السلبي الذي خلفته الأزمة المالية، وأن يحد من احتمال استمرارها خلال العام 2012، حيث أن العجز الجاري في موازنة العام 2012 قد يصل إلى مليار ومائة مليون دولار إذا لم تتخذ إجراءات كفيلة بتقليصه الى المستوى المطلوب".

وشدد فياض على أنه تم توخي التوازن في اختيار أدوات التدخل التي تستند إليها الإجراءات الهادفة لتخفيض العجز بحيث تشمل تخفيضاً في النفقات الجارية، وزيادةً في الإيرادات، ذلك بالإضافة إلى الاستمرار في انتهاج سياسةٍ مالية كفيلةٍ بترشيد النفقات وضبطها وتحسين الإدارة الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي، مع الحرص على تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد، ومراعاة متطلبات العدالة في توزيع العبء المتصل بالتخفيض الإضافي للعجز، وبما يكفل العدالة الاجتماعية من خلال حصر الزيادة في نسب ضريبة الدخل في النسبة المفروضة على شريحة الدخل المرتفع، خاصةً وأن عائدات ضريبة الدخل لا تُشكل حالياً (أي قبل الزيادة) سوى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تُشكل في دول المنطقة ما يزيد عن 5% من الناتج المحلي الاجمالي.

وقال: "لقد تضمنت الإجراءات، والتي ما تزال قيد الدراسة والبحث، فيما يتعلق بترشيد النفقات، إعادة تنظيم عقود العمل مع الخبراء، وتحديد الأجور المناسبة مع ضمان تحقيق المنفعة العامة ضمن ضوابط الاحتياج الفعلي، كما تضمن أيضاً ترشيداً في تغطية نفقات السفر وفي مصاريف مهمات العمل الرسمية، والدورات التدريبية، وترشيد العمل بالعلاوات الإشرافية وبدل الانتقال، وغيرها من الإجراءات، وبما يشمل ترشيد شراء واستئجار العقارات، بالإضافة إلى البحث في امكانية إلغاء عدد من الوحدات القائمة في الوزارات، كوحدات مجلس الوزراء والمجلس التشريعي مع الابقاء على مهامها، وأيضاً امكانية التقاعد المبكر".

وأكد رئيس الوزراء أن السلطة الوطنية ستستمر بالتأكيد في سعيها للحصول على أكبر قدرٍ ممكنٍ من المساعدات الخارجية، لضمان التغطية الكاملة للنفقات التطويرية، بالإضافة إلى العجز الجاري.

وقال: "وفي حال تحقق من المساعدات ما يزيد عن ذلك، فسيتم استغلال الفائض في تسديد المتأخرات التي تراكمت جراء الأزمة المالية، ومن ثم تخفيض مديونية السلطة الوطنية تجاه القطاع المصرفي، وبما يُساهم في توفير قدرٍ من المرونة يحمي الوضع المالي للسلطة الوطنية من تأثير ما قد يطرأ من تقلبات غير مؤاتية لاحقاً إما في أداء الإيرادات أو فيما هو متوفرٌ من مساعدات" وأضاف: " في حال توفر ما يزيد من هذه المساعدات عن كافة الاحتياجات المذكورة أعلاه، يخصص الفائض لتمويل المزيد من المشاريع التطويرية".

وأشار فياض الى أن هذه هي الملامح العامة للإجراءات والأنظمة، والتي لم تُقر بل هي قيد المشاورات في إطار إعداد مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2012، مع التأكيد على تحقيق المزيد من الترشيد للنفقات وزيادة في الإيرادات دونما مساس بالخدمات الأساسية أو باحتياجات فئات المجتمع الأكثر حاجة لهذه الخدمات، وبما يستهدف أيضا تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية في تحمل العبء الضريبي ويشمل أيضاً تكثيف الجهد الرامي للحد من التهرب الضريبي.

وقال: "إن هذه الإجراءات الحاسمة ستساعدنا أيضاً في تحصيننا من الابتزاز السياسي الذي يُحد من قدرتنا على المناورة واتخاذ القرارات التي نعتقد بأنها تنسجم مع المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، هذا التزام علينا وهذه مسؤوليتنا التي لن نتهرب منها ولن نُصدرها، لا بل كلي ثقة، بأننا سنتمكن من الاضطلاع بها، ومن الوفاء التام باستحقاقها، وبكل الجدية التي ميزت تنفيذ السلطة الوطنية الناجح لبرنامج العامين."

وختم رئيس الوزراء حديثه الإذاعي بقوله: "سيبقى تعزيز صمود المواطنيين الموجه الرئيسي لعملنا في اطار اعداد الموازنة، كما هو في مناحي الادارة الاخرى، وبما يحصن قرارنا السياسي في وجه كل اشكال الابتزاز والانتقاص من كرامتنا الوطنية".