الأسير العفو شقير يوجه رسالة الى وزير الأسرى
نشر بتاريخ: 12/01/2012 ( آخر تحديث: 12/01/2012 الساعة: 11:20 )
رام الله- معا- تنشر وزارة شؤون الأسرى والمحررين نص الرسالة التي وجهها الأسير العفو مصباح شقير الى وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، والأسير شقير سكان الزاوية قضاء سلفيت 48 سنة، وهو من الأسرى القدامى حيث يقضي 26 عاما داخل سجون الاحتلال منذ اعتقاله في 14/7/1986 ومحكوم بالسجن مدى الحياة، وهو متزوج ويعيل بنتان وولدان، وقد توفيت والدته وهو في السجن.
وفيما يلي نص الرسالة:
اكتب لك هذه الرسالة بعد أن تنسم شعبنا جزءا من رائحة الحرية لعدد من الأسرى الذين أفرج عنهم، زملائي في البرش والغرفة والقسم، رافقوني سنوات طويلة بين القضبان، خرجوا الى الحياة، وقد فرحت لهم وسعدت بحريتهم، وانتابني شعور غامض بين الفرح لزملائي وبين قدري المؤلم وقدر من بقي داخل السجون، يعتصرهم الظلام والقهر تحت سياط السجان وفي زمن السجن الذي يطحن زهرة شبابنا وأعمارنا دون رحمة.
إنني أتطلع الى نفسي، ها أنا أكبر في العمر، تمر الفصول والسنون عليّ، أتقلب على نيران إجراءات إدارة السجون الاحتلالية التي تستحقنا وتدمر إنسانيتنا بقوانينها وعنصريتها وتتعامل معنا كأننا لسنا من بني البشر، تمارس كل وسائل الإحباط لقتلنا نفسيا وتتفنن في أساليب قهرنا من أبسط الأمور الحياتية حتى أعقدها.
وأتطلع الى هذا التاريخ الذي يمضي ونبقى نحن خلفه، ذهبت كل آمالنا سدى، كنا نتوقع نحن المعتقلون قبل اتفاقيات أوسلو أن السلام والاتفاقيات سوف تحررنا وتنقذنا من براثن السجانين الجلادين، وأننا الجنود الذين قاومنا هذا المحتل وكنا مشاريع شهادة لن ينسانا أحد أو يتركنا خلف الجدران الصمّاء، ولكن الاتفاقيات مضت، والسلطة أنشئت، وصفقات التبادل قد انتهت، وبقينا كما نحن ننتظر وقد سقط انتظارنا أمام الأبواب التي ظلت مغلقة.
اكتب لك يا سيادة الوزير أن تنقل رسالتنا نحن الأسرى القدامى بان يوقف حكم الإعدام المتواصل بحقنا وأن نكون جزءا ثابتا وراسخا من أي حل سياسي وشرطا لاستئناف المفاوضات إذا استؤنفت هذه المفاوضات، فالإنسان هو الأغلى، والإنسان الأسير هو من حمل المشروع الوطني بروحه وتضحياته وصبره فهو الذي يستحق أن يولى كل الاهتمام.
لا أستطيع أن أصف لك الحالة النفسية التي يمر بها الأسرى القدامى بعد الصفقة، أنه الجنون الإنساني أن يشعر الجندي أن قادته تركوه وحيدا، لا ينام الليل ولا يستمتع بنهار، فالليل والنهار متساويان بالسجن أمام سخرية الجلادين وملوحة المشاعر وغموض القادم.
إن الأرض والإنسان لا ينفصلان، وقيمة الأرض هي بقيمة الانسان على هذه الأرض، والصراع الآن هو إقصاء الانسان وتدميره وتحطيم أسرته ونفسيات أبنائه، فالإسرائيليون يسعون الى تدمير أحلامنا الكبيرة، أحلام الحرية والسيادة والكرامة، ونحن الأسرى هدفا سهلا لهم، يستفردون بنا ليعذبوننا ويشعروننا أن نضالاتنا ذهبت سدى، وأن أحلامنا باطلة.
نحن لم نضعف، سبعة وعشرون عاما مرت ولم نستكين لإدارة السجان، رؤوسنا عالية، نفتخر بشعبنا ونعتز بأنفسنا ولا نسمح لأحد من يكون أن يهيننا أو يصغرنا، نحن كبارا، ونكبر أكثر كلما لمسنا أن هناك من يهتم بنا، لا ينسانا ويعتبرنا جزءا أساسيا من المشروع التحرري والوطني، لا يتركنا رهائن لمقاييس وشروط دولة الاحتلال، يدافع عنا، يطرق الطاولة من اجلنا، يحفظ أسماءنا، يذكرنا في كل محفل وزمان ومكان.
أتمنى كما يتمنى زملائي القدامى بالسجون أن تكون التجربة السابقة عبرة ودرس، وأن المرحلة القادمة مهما كانت أن تحمل أسماءنا عنوانا واستحقاقا لأي تسوية او سلام أو تعايش، فاذكرونا دائما حتى نستمر ونقطع مشوارنا بسلام أحياء من زمن السجن الى زمن الحرية.