الإثنين: 14/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

من ذكريات الحرب- عائلة عياد لن تكرر تجربة الهرب ولو كان الثمن الموت

نشر بتاريخ: 12/01/2012 ( آخر تحديث: 12/01/2012 الساعة: 19:39 )
غزة - معا - أعد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تقريرا بأنه وبتاريخ 12 يناير 2009، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتجريف منزل عائلة عياد الواقع في حي الزيتون بمدينة غزة، ما أدى إلى تشريد العائلة المكونة من الأب رزق عياد، 60 عاماً، وزوجته يسرى، 58 عاماً، وأبنائهما: مصطفى، 16 عاماً؛ محمد، 20 عاماً؛ عبد الكريم، 26 عاماً؛ وخليل، 29 عاماً، وابنتين. وكانت العائلة قد غادرت المنزل قبل عدة أيام من تدميره، بسبب الدمار الكبير الذي لحق بالمنطقة.

وبالحديث مع رزق عياد وابنه، عبد الكريم، للمركز الفلسطيني لحقوق الانسان يتضحمدى الارتياح الذي يشعرون به بعد نسيانهم ما حدث لهم، وبالعودة إلى منزل العائلة، والذي بدأوا في إعادة بنائه في مايو 2010 وعادوا إليه في أكتوبر 2010، نجد كلاً منهما سعيداً بعودة الأمن والاطمئنان إلى حد ما إلى العائلة مرة أخرى، فيقول رزق: "أتذكر ما حدث، وأحمد الله أننا لازلنا على قيد الحياة."

"لقد غادرنا المنزل بالملابس التي كنا نرتديها فقط وتركنا كل شيء خلفنا إلا بعض الأغطية والمراتب. لقد فقدنا كل شيء بعد تجريف المنزل،" يقول عبد الكريم... بعد انتهاء العدوان، اضطرت العائلة بأكملها إلى البحث عن مأوى. "اضطررت أنا وزوجتي إلى اللجوء إلى أقاربنا في منطقة عسقولة بمدينة غزة.

|161227*عائلة عياد|

أما ابني عبد الكريم فقد اضطر للانتقال إلى حي السموني، بينما لم يكن أمام خليل أي خيار سوى العيش مدة عامين في خيمة مع زوجته وابنتيه،" يقول رزق.

أما الابن محمد عياد، والذي كان يبلغ من العمر 17 عاماً آنذاك، فقد قام ببناء غرفة صغيرة على أنقاض منزلهم الذي دمر، وبقي هناك لحراسة المنزل ورعاية حميره التي كانت في المنطقة.

قضى عبد الكريم وزوجته شهيرة، 22 عاماً، قرابة العام في كوخ بناه من الصفيح والبلاستيك... "زوجتي من عائلة السموني، وبعد وقوع المجزرة التي ارتكبت بحق عائلة السموني في تلك المنطقة أثناء الحرب، لم ترغب في الانتقال إلى هنالك خوفاً من وقوع اعتداء آخر. ولكن لم يكن لدينا مكان آخر نلجأ إليه،" يقول عبد الكريم... ويصف عبد الكريم الظروف التي عانى منها هو وزوجته خلال تلك السنة بأنها "لا تطاق، فقد كان الكوخ لا يحتمل في الصيف من شدة الحر ولا يحتمل في الشتاء من شدة البرد."

كانت شهيرة حاملاً بأول طفل لهما في الوقت الذي كانت فيه العائلة بلا مأوى، فيحدثنا عبد الكريم عن معاناتهما: "لم يكن في الكوخ ماء ولا كهرباء.

وكانت شهيرة تنتظر حتى عودتي من العمل كي أجلب لها الماء... لقد كان حملها صعباً جداً. كنت أعمل في بيع الخضار ونقل البضائع لادخار بعض المال وبناء منزل لنا... في اليوم الذي انتقلنا فيه إلى المنزل، وضعت زوجتي طفلتنا رؤى." عندما يفكر عبد الكريم بما حدث، يؤكد بأنه لا يريد أن يعيش هو وعائلته نفس التجربة التي عايشوها مرة أخرى: "إذا وقعت حرب أخرى، لن أغادر المنزل حتى لو متنا هناك. لا أريد أن أمر بذات التجربة مرة أخرى."

اضطر خليل عياد، وزوجته نبيلة، وابنتاهما: إسلام، 5 أعوام؛ وغدير، 4 أعوام، إلى العيش في مسكن مؤقت بعد الهجوم... "انتقل خليل إلى خيمة في منطقة الزيتون بمدينة غزة.... لقد كان هنالك الكثير من العائلات التي تشردت خلال الحرب والتي انتقلت إلى تلك المنطقة مؤقتاً. ولكن عائلة خليل كانت هي آخر عائلة تترك المنطقة، فقد مكثوا في الخيمة مدة عامين كاملين".

يقول رزق... "لقد كانوا يجمعون الحطب للطبخ وتسخين الماء، كما كانوا يتشاركون المياه مع العائلات الأخرى في المخيم. خلال تلك الفترة، أنجبت نبيلة طفلها وأسمته رزقاً، والذي يبلغ من العمر الآن عاماً واحداً. وقد عانت نبيلة من ذات الظروف الصعبة التي عانت منها شهيرة أثناء الحمل.

وبالانتقال إلى المستقبل، تبدو أمنيات عبد الكريم بسيطة، حيث يقول: "أتمنى أن أكون قوياً بما يكفي لأن أمضي في حياتي وأن أكون رجلاً صالحاً." وفيما يتعلق بالشكوى التي تقدمت بها عائلتا رزق وعبد الكريم إلى الحكومة الإسرائيلية فهم غير متفائلين باحتمال تعويضهم عن الضرر الذي تعرضوا له. "لا نتوقع أية نتيجة إيجابية في هذه القضية.... كان المنزل صغيراً ويقع في حي سكني، ومن الواضح أنه لم يكن هدفاً عسكرياً. لقد كان الجنود الإسرائيليون يعرفون ما يقومون به. أرادوا أن يدمروا المنزل فحسب، ولن يفتحوا تحقيقاً في الأمر."

وبالحديث عن إعادة بناء منزل العائلة عقب تدميره، يوضح رزق بأنه كان يملك لنفسه ادخاراً كونه يعمل معلماً في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)... وعندما سألناه عما أراد القيام به بالمال الذي ادخره طيلة فترة عمله قبل أن ينفقه كله على إصلاح الضرر الذي تسبب به جيش الاحتلال، أجاب رزق بأنه كان يريد أن يساعد أبناءه في الزواج والتعليم... يقول رزق هو مبتسم وقد رفع كتفيه لا مبالياً: "لقد أنفقت كل ما ادخرته، والآن سوف أبدأ من جديد."

يذكر أن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تقدم بشكوى جنائية إلى السلطات الإسرائيلية نيابة عن عائلة عياد في الثاني من أغسطس 2009، ولكنه لم يتلقَ أي رد حتى الآن.