مركز بيسان: رؤية الحكومة للتعليم تقوم على تحويله إلى سلعة للتداول
نشر بتاريخ: 13/01/2012 ( آخر تحديث: 13/01/2012 الساعة: 13:38 )
رام الله- معا- أكد مركز بيسان للبحوث والإنماء، أن رؤية الحكومة الحالية لتنمية قطاع التعليم العالي أبعاد أكثر خطورة، تكمن في تحويل التعليم وبالتحديد التعليم العالي ـ إلى سلعة للتداول، وإفراغه من حساسيته للسياق الفلسطيني وخصوصيته بشكل خاص، والخصوصية الجنوبية بشكل عام، وتركيز التعليم العالي اليوم؛ وكما هو واضح في الخطة، يركّز على التكنولوجيا وبعض التخصصات التي تهدف إلى تشغيل الخريجين، ولكن بدون ثقافة، فهناك كفاءَة في التخصص، ولكن بدون ثقافة اجتماعية سياسية
جاءت هذه الخلاصة في تقرير جديد لمركز بيسان للبحوث والإنماء، والذي يتناول "تسليــع التعليم العالِي في سوق محاصر"، ويتعرض هذا التقرير إلى سياسات التعليم العالي الفلسطيني في خطط التنمية الفلسطينية الحديثة؛ خطة التنمية الوطنية ما بين أعوام 2011 - 2013، الخطة الخمسية التطويرية الإستراتيجية 2008 – 2012، والإستراتيجية القطاعية وعبر القطاعية للتعليم 2011 - 2013 بطريقة نقدية.
وقال التقرير: تبين أن الرؤى المطروحة، والخطط المراد تنفيذها، إضافة إلى التوجهات الليبرالية الجديدة المتضمنة في هذه السياسات، تنذر بتحويل التعليم العالي الفلسطيني إلى مجرد سلعة للتداول في السوق الرأسمالية، سواءً أكانت هذه السلعة معرفية أو بشرية.
ويصف التقرير صيرورة التعليم تاريخياً، حيث أخذ التعليم في الحال الفلسطينية بعداً مقاوماً متنوعاً؛ سواءً عن طريق المقاومة المباشرة للاحتلال، أو عن طريق الفعل التعليمي المقاوم، هذه الإضافة التي خطّها الفلسطينيون في نضالهم ضد الاستعمار لمفهوم الجامعة والتعليم العالي ليست فقط ضمن السياق الفلسطيني أو العربي، وإنما الجنوبي بشكل عام، والتي شكّلت نموذجاً تحررياً جديداً في النضال ضد الاستعمار والقهر، يأخذ اليوم؛ وضمن رؤية خطط التنمية الفلسطينية؛ منحنى آخر يخالف ويعاكس صيرورة هذا التطور المفاهيمي للجامعة، ليُلحِقه بموقع الجامعة النفعي والسلعي.
وتعرض التقرير إلى خصوصية أو فرادة الحالة الفلسطينية، التي شكّلت فيها الجامعات في السابق؛ وضمن مسيرة تشكيلها ونشأتها؛ حالة من المواجهة والمقاومة ضد الاستعمار، بحيث كان فضاء الجامعة الفلسطينية يَستمد وجوده من المجتمع، ويكمل الفضاء المجتمعي العام.
واعتبر التقرير أن هذه الحالة، أو هذه الفرادة كما أسلفنا، أضحى من الواجب تعميمها وتعزيزها لدى باقي الشعوب المظلومة والمقهورة، بعد أن أمستْ مهددةً اليوم في التحول إلى حالة أخرى، تعيد إنتاج الفقر، والظلم، والبطالة، وتضاعف من حالة الاستعمار.
وأكد التقرير أن التعليم العالي لعب دوراً مهماً وحيوياً في تمكين صمود الشعب الفلسطيني، وتقويته، وتعزيزه، وشكل مكوناً أساسياً من مكونات المجتمع الفلسطيني، الذي عانى التشتت، والضياع بفعل الاستعمار المباشر، وكما هو حال باقي القطاعات الحية الفلسطينية؛ فقد تعرض التعليم العالي في فلسطين إلى العديد من الإجراءات والممارسات الاستعمارية التي هدفت إلى إضعافه، وإفراغ محتواه النقدي والإبداعي والمقاوم.
وقال التقرير إن المطلوب من التعليم العالي فلسطينياً ليس المواءمة بين احتياجات السوق الرأسمالية، وإنما تخريج أفرادٍ مختصين في اختصاصات معيّنة، قادرين على العطاء والمساهمة المجتمعية، وفي الوقت نفسه لديهم الثقافة الاجتماعية، والسياسية، والوطنية الكافية، فالتعليم العالي يجب أن يكون أداة من أدوات التحرر قبل أن يشكل أداة لزيادة الظلم والقهر السياسي والاقتصادي، من خلال القيم الليبرالية الجديدة الموجودة بكثافة في خطط التنمية الفلسطينية.
وأعد التقرير من خلال مجموعة من المقابلات المعمقة مع شخصيات أكاديمية جامعية وقيادية تعليمية تمثل مجلس التعليم العالي الفلسطيني وخبراء في التعليم العالي مثل جابي برامكي، رياض الخضري، فاهوم الشلبي، عبد الرحيم الشيخ، رزق صليبي، يوسف عبد الحق، وأيلين كتاب، ومن خلال تحليل الخطط التعليمية للحكومة الفلسطينية.