تقرير: 70% من العائلات الفلسطينية اعتقل أحد أفرادها منذ العام 1967
نشر بتاريخ: 14/01/2012 ( آخر تحديث: 16/01/2012 الساعة: 13:38 )
رام الله -معا- سلط تقرير صادر عن وزارة شؤون الأسرى والمحررين الضوء على أثار ونتائج سياسات الاعتقال الإسرائيلية على العائلات والمجتمع الفلسطيني وما ينتج عن ذلك من معاناة وأعراض نفسية واقتصادية واجتماعية، وجاء في التقرير أنه منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967، اعتقلت سلطات الاحتلال ما يقارب الـ800 ألف مواطن فلسطيني بما يشكل 25% من مجموع الشعب الفلسطيني، وهذا يشير بشكل واضح أن أكثر من 70% من العائلات الفلسطينية قد اعتقل أحد أفرادها في مرحلة من المراحل، حيث شملت الاعتقالات كل فئات الشعب الفلسطيني من النساء والأطفال والشباب والشيوخ، ولم يستثن أحداً من الاعتقال، وقد مورست شتى الانتهاكات والممارسات اللاإنسانية بحق المعتقلين وعائلاتهم بما ينتهك كافة الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.
أثر الاعتقال على الأسرة الفلسطينية
لقد اثر الاعتقال بشكل مباشر على الأسرة الفلسطينية التي تعتبر دعامة أساسية من دعائم البناء الاجتماعي وخاصةً أن قضية الاعتقالات لا تمثل فقط معاناة للأسير نفسه وإنما تترك عواقب وخيمة على عائلة الأسير بما يشمل ذلك من ضغوطات اجتماعية واقتصادية ونفسية.
وتضررت الكثير من العائلات الفلسطينية بسبب غياب الأب أو الزوج أو الأخ أو الإبن، وأدى ذلك إلى اختلال كبير في نظام العائلة الفلسطينية، بالإضافة إلى حالة القلق التي تعيشها العائلة خلال فترة اعتقال أحد أفرادها حيث لا يمكن أن تؤدي الأسرة بجميع وظائفها في حالة غياب الأب ووجوده داخل المعتقل، ففي كثير من الأحيان تبرز العديد من المشكلات داخل الأسرة تتمثل في عدم تقدير كل فرد في الأسرة لمسئولياته الجديدة التي استجدت، إضافة إلى عدم قدرة الزوجة على القيام بكافة الأعباء في ظل غياب رب الأسرة.
وبين التقرير إن 40% من الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال هم من الأسرى المتزوجين، وهذا يؤثر بدوره على وضع الأبناء النفسي ومستقبلهم، إضافة إلى تأثير ذلك على وضع العائلة الاقتصادي. وحسب دراسة وزارة الأسرى فإن 91% من الأسر الفلسطينية التي مرت بتجربة الاعتقال تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، وتكون المعاناة أكثر وضوحاً إذا كان المعتقل هو المعيل الوحيد للأسرة.
وكشفت الدراسة أن معاناة الأسرة الفلسطينية تتضاعف نتيجة الخسائر المادية الناجمة عن أعمال الانتقام التي يقوم بها جنود الاحتلال، مثل هدم المنزل أو إغلاقه أو تدمير محتوياته، إضافة إلى ما تتكبده عائلة الأسير من أعباء مادية جديدة ناتجة عن التكاليف المادية التي تتكبدها العائلة أثناء الزيارات إلى السجون من شراء مستلزمات الأسير المختلفة وإدخال الكنتين ودفع الغرامات التي تفرضها إدارة السجن أو المحكمة الإسرائيلية على المعتقل.
ويترك الاعتقال آثاراً اجتماعية داخل العائلة من خلال عدم سماح سلطات الاحتلال لأكثر من 20% من الأسر الفلسطينية من الزيارات في حين أن جميع عائلات أسرى قطاع غزة محرومون من الزيارات منذ أكثر من 5 سنوات. ويترك هذا الأمر أيضاً آثاراً نفسية على أفراد العائلة نفسها، وكذلك ما يتعرّض له أهالي الأسرى من معاناة وإهانات وإذلال على الحواجز العسكرية خلال الزيارات.
ولعل الآثار النفسية الناتجه عن الاعتقال هي الأكثر خطورة خاصةً على الأبناء الذين يحرمون من رؤية والدهم لسنوات طويلة. حيث بينت الدراسة أن الكثير من أبناء الأسرى يعانون من اضطرابات نفسية نتيجة اعتقال الأب وغيابه ويمرون بحالات من القلق وقلة النوم والشعور بالانطواء والعزلة والكثير منهم يميل نحو العنف والشعور بعدم السعادة والإحساس بالحنان والفرح لعدم تمتعه بالحياة كبقية الأطفال.
وحسب التقرير فان الاعتقال يضع مسؤوليات جديدة على زوجة الأسير ويلقي عليها أعباءاً إضافية ثقيلة حيث تقوم بدور مزدوج وهو دور الأب والأم معاً واضطرار الكثير من الأبناء في كثير من الأحيان إلى ترك المدرسة والذهاب إلى العمل لمساعدة الأم على تحمل أعباء العائلة.
أثر الاعتقال على المجتمع الفلسطيني
أثرت سياسة الاعتقالات على المجتمع الفلسطيني بشكل عميق نتيجة استمرار الاعتقالات واستقبال الآلاف من المحررين الذين أصبحوا جيشاً عاطلاً عن العمل نتيجة عدم وجود إمكانيات لاستيعابهم وإيجاد فرص عمل لهم، حيث يتراوح عدد الأسرى المحررين العاطلين عن العمل ما بين 10 إلى 15 ألف أسير. وهذا أدى إلى مشاعر من الاحباط واليأس والتفكير بالهجرة لدى العديد من الأسرى المحررين وخاصةً الشباب منهم.
وبين التقرير ان الاعتقالات ألقت أعباء كثيرة على المجتمع الفلسطيني من حيث توفير العلاج للأسرى بعد تحريرهم والبحث عن حياة كريمة لهم تكون بمستوى تضحياتهم ومن أجل مواجهة السياسة الإسرائيلية التي تستهدف تحويل الأسرى المحررين إلى عبء على مجتمعهم والشعور بالعجز عن إطلاق سراح المعتقلين نتيجة السياسات الإسرائيلية الإحتلالية الهادفة إلى زرع الشعور لدى الأسرى بأنهم وحدهم وأن مجتمعهم وشعبهم قد تخلّى عنهم.
ويترك الاعتقال أعباء اقتصادية هائلة على المجتمع الفلسطيني نتيجة الدمار الذي يحدثه الاحتلال عند اعتقال أي أسير من تدمير للمنازل أو محلات تجارية أو إغلاقها أو تهجير للسكان أو إبعاد أسرى إلى الخارج أو حتى إبعادهم عن أماكن سكناهم. إضافة إلى ما تتطلبه احتياجات الأسرى داخل السجون وعائلاتهم من عناية ودعم اقتصادي ومادي والبحث عن برامج ومشاريع لتأهيل وإدماج الأسرى المحررين في المجتمع الفلسطيني للتغلب على الآثار التي تركها الاعتقال نتيجة غيابهم لفترات طويلة داخل السجون.
وظهرت هذه الأعباء من خلال ما تقوم به السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال وزارة الأسرى من تحمل أعباء اقتصادية كبيرة تجاه الأسرى وعائلاتهم من خلال توفير متطلبات الكنتين للأسرى في السجون ومصاريف التعليم الجامعي والرعاية الاجتماعية والمادية لعائلاتهم وما تقوم به من برامج لتأهيل الأسرى المحررين في مجالات مختلفة كالتعليم الجامعي والتدريب المهني ومشاريع القروض الصغيرة والتأمين الصحي وغيرها من البرامج.
وقررت وزارة شؤون الأسرى إطلاق برنامج تحت عنوان "التحدي" يستهدف تشغيل الأسرى المحررين بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في محاولة للتغلب على نسبة البطالة العالية في صفوف الأسرى المحررين ولخلق حالة تضامن اجتماعية ووطني لاحتضانهم وتحدي آثار الاعتقال ونتائجه على حياتهم ومستقبلهم ومستقبل أسرهم.