قريبا في فلسطين.. للنساء حق خلع أزواجهن في المحاكم الشرعية
نشر بتاريخ: 14/01/2012 ( آخر تحديث: 15/01/2012 الساعة: 09:54 )
بيت لحم- تقرير حصري معا- قال الشيخ يوسف ادعيس رئيس المحكمة العليا الشرعية في فلسطين إن اللجنة الفقهية في المحاكم الشرعية تدرس في الوقت الحالي اتخاذ قرار يمكّن المرأة من خلع زوجها، كاشفا النقاب لـ "معا" عن العديد من القضايا التي تجري دراستها لإقرارها في المحاكم الشرعية مرتبطة بالزواج والطلاق في الضفة الغربية.
وأظهرت البيانات الإحصائية الصادرة عن قسم الإحصاء في ديوان قاضي القضاة في فلسطين حول الزواج والطلاق في محافظات الضفة الغربية، انخفاضا طفيفا على حالات الطلاق لعام 2011 مقارنة بالعام 2010، بينما بينت تلك المعطيات ارتفاعا ملحوظا في عدد حالات الطلاق قبل الدخول في العام 2011 مقارنة بالعام الذي سبقه 2010.
وفي الوقت الذي انخفض فيه عدد حالات الزواج العادي في العام 2011 مقارنة بعددها في العام 2010 نجد ان هنالك ارتفاعا ملحوظا في حالات الزواج المتكرر.
وأوضح ادعيس في تصريح خاص لغرفة تحرير "معا"، "أن أولى القضايا التي يتم دراستها من قبل اللجنة الفقهية في المحاكم الشرعية في الوقت الحالي وسيتم اتخاذ القرار المناسب بها خلال فترة قصيرة هي إمكانية المرأة خلع زوجها، وذلك في حالة الخلع قبل الدخول والخلوة، بحيث يكون القرار بذلك بيد القاضي في المحكمة الشرعية".
وحول الآلية لإقرار هذا القانون، يقول ادعيس: انه في حال اتخذ القرار بعد الدراسة المستفيضة من قبل اللجنة الفقهية الموكلة إليها دراسة هذه القضية يصبح هذا القرار ساري المفعول فوراً بعد إصدار تعميم الى المحاكم الشرعية من قبل رئيس المجلس وذلك في ظل عدم اجتماع المجلس التشريعي.
وأضاف "بعد ان يصبح القرار ساري المفعول يمكن للفتاة التي عقد قرانها على شاب وأرادت فسخ هذا العقد لعدم تفاهم الطرفين، قبل الدخول وفي وضع الخلوة، وفي حال رفض الشاب القبول بفسخ العقد بالتراضي بل فضل التجبر بالفتاة وابتزازها، يمكن لها اللجوء الى المحكمة الشرعية فيقوم القاضي حينها بدراسة القضية ويحكم بضرورة الخلع.
ويعزو الشيخ ادعيس سبب لجوء المحاكم الشرعية الى دراسة هذا الموضوع نظرا إلى انتشار ظاهرة ابتزاز الشبان للفتيات اللواتي يردن فسخ عقد القران نتيجة عدم التفاهم ولجوء الكثير من الشبان الى ابتزازهن ليتنازلن عن جميع حقوقهن ومطالبتهن بدفع الأموال وخاصة في المناطق الشمالية من الضفة.
والموضوع الأخر الذي يجري دراسته في الوقت الحالي هو "جهاز العروس".
ويقول ادعيس ان المحاكم الشرعية وجدت وقوع ظلم على المرأة التي ينوي زوجها الانفصال عنها وتقطن في منزل أهلها ويرفض الزوج منحها جهازها من ملابس وغيرها، الا بعد اتخاذ قرار الطلاق من قبل المحاكمة بعد فترة طويلة.
ويضيف ادعيس ان اللجنة الفقهية في المحاكم الشرعية تدرس اتخاذ قرار يمكّن القاضي في المحاكم الشرعية من اتخاذ قرار سريع بعد طلب الانفصال بين الزوجين بحيث يمكن للزوجة الحصول على جهازها كاملا من منزل زوجها فور المباشرة بمعاملات الطلاق، واذا رفض الزوج ذلك يمكن للزوجة اللجوء الى الشرطة لمساعدتها في ذلك.
إمكانية إلغاء توابع المهر
والموضوع الثالث الذي تدرسه المحاكم الشرعية هو "توابع المهر" ويقول ادعيس بعض النساء تشترط على زوجها توابع للمهر من أثاث للمنزل أو شراء سيارة لها او ما شابه ذلك وهذه التوابع تعتبر جزءا من المهر المؤجل تستحقه بالطلاق او الوفاة واذا مات الزوج قبلها يعتبر المهر المؤجل وتوابع المهر دينا على الزوج تستحقه المرأة من ضمن الديون المتعلقة بالتركة وينفذ قبل الوصايا وقبل قسيمة التركة بين الورقة، وهذا بند موجود في قسيمة عقد الزواج في فلسطين، ولوحظ أن الزوج في الكثير من الاحيان لا يستطيع الوفاء بهذه التوابع ما يؤدي الى مشاكل بين الزوجين ويسبب الطلاق ولذلك تدرس المحاكم الشرعية إمكانية إلغاء هذا البند المتعلق بالتوابع.
للزوجين المطلقين الحق في استضافة أبنائهما في منزليهما والمبيت معهما
يؤكد ادعيس ان الموضوع الرابع الذي تدرسه المحاكم الشرعية في هذا الوقت هو " المشاهدة مع الاستضافة" حيث ان العديد من حالات الطلاق تحصل ويكون هناك ابناء للزوجين، وتصدر المحكمة قرارا بان تقوم الزوجة او الزوج بتربية الأطفال كما وتقر المحكمة بحق الزوجة او الزوج رؤية الأبناء لساعة او ساعتين، وتسعى المحاكم من خلال هذا القرار" المشاهدة مع الاستضافة" الى حق الزوجة او الزوج المطلقين ان يشاهدا الابناء والبنات مع الاستضافة بحيث يحق للزوجة ان تستضيف أبناءها في منزلها او منزل اهلها والمبيت عندها ويكون هذا القانون سائر للزوج ايضا وبالعكس.
وفسر الشيخ يوسف، سبب ارتفاع نسبة الطلاق قبل الدخول الى ثلاثة عوامل، اولها التسرع وعدم التفاهم ويقصد بها تسرع الشاب او الفتاة في اختيار شريكة حياته، وعدم التفاهم اثناء فترة الخطوبة وعقد الزواج بين الشريكين.
اما العامل الثاني فهو الاقتصادي فهناك الكثير من الشبان الذين يقدمون على إجراء عقد الزواج دون التفكير بالمستقبل، خاصة الوضع الاقتصادي الذي يعيش فيه الشاب حيث انه لا يستطيع ان يفي بالمتطلبات التي تم الاتفاق عليها اثناء عقد الزواج ككسوة العروس والذهب وغيرها من المتطلبات المعروفة في مجتمعنا الفلسطيني.
وتظهر الإحصاءات الصادرة عن ديون قاضي القضاة ان نسبة الطلاق قبل الدخول ترتفع في مناطق شمال الضفة الغربية اكثر منها من الجنوب والوسط.
ويعزو الشيخ ادعيس ذلك الى ان مناطق شمال الضفة الأكثر تضررا بالوضع الاقتصادي في فلسطين بالمقارنة منها بالمناطق الجنوبية.
وطالب ادعيس من الشبان والفتيات في فلسطين التروي والتفكير جيدا قبل الاقدام على اختيار شريك الحياة والدراسة الجيدة والمفصلة لذلك لعدم الوقوع في أي مشاكل تذكر بالمستقبل.
وقال ادعيس ان احد المعيقات التي تحول دون التطور الاقتصادي لدى الشباب في فلسطين هي التي تفرضها سلطات الاحتلال والمتمثلة بالجدار الفاصل والحواجز والتي تحول دون تنقل الشبان وإيجاد فرص العمل اللازمة.
وارجع الشيخ ادعيس سبب ارتفاع نسبة الزواج المكرر في الضفة الغربية الى ارتفاع نسبة الفتيات الغير متزوجات في فلسطين بالإضافة الى ارتفاع نسبة الطلاق قبل الدخول والذي يساعد الرجال على استغلال ذلك وتعدد الزوجات.
ويؤكد ادعيس الى ان تعدد الزوجات مباح في الاسلام لكن هناك قيود وضوابط لتعدد الزوجات اهمها العدل بين الزوجات في المأكل والمشرب والمسكن وغيرها من الامور، لكن اذا تيقن الرجل انه سيقع في ظلم المرأة ولن يعدل فهذا حرام.
ولفت ادعيس الى انه قام مؤخرا باصدار تعميم على المحاكم الشرعية بعدم الموافقة معاملات عقد القران لزوج ينوي تكرار الزواج الا في حال علم الزوجة الاولى بذلك من خلال اعلامها رسميا من قبل المحكمة بهذا الامر بعد ذلك يتم الموافقة في المحكمة الشرعية على عقد القران للزوجة الثانية.
ويؤكد ادعيس ان الهدف من هذا القرار هو حفاظا على نسيج الأسرة الفلسطينية والحفاظ على مصداقية الزواج وخاصة بعد ملاحظة ارتفاع نسبة المتزوجين من عرب الداخل بالفلسطينيات من الضفة الغربية، حيث يلجأ الرجل المتزوج من عرب الداخل الى الزواج من فلسطينية من الضفة وبعد ان تكتشف زوجته الاولى بذلك يلجأ الى تطليقها دون حصول الزوجة الثانية على أي حقوق، علما انه يمنع على الرجال في عرب الداخل تكرار الزوجات.
واكد الشيخ ان نسبة النساء الفلسطينيات المتزوجات من رجال عرب الداخل وتطلقن بلغت 95 %.
|161456|
ازدياد في نسبة معتنقي الإسلام
وتظهر إحصاءات المحاكم الشرعية في فلسطين زيادة كبيرة في نسبة الدخول في الإسلام حيث زادت النسبة 100%.
وتوضح الإحصاءات الى ان عدد الذين دخلوا الإسلام عام 2010 بلغ 56 شخصا، فيما زاد العدد بشكل كبير عام 2011 حيث اصبح 156، وبينت المعطيات الى ان العدد الاكبر من زواج الأجنبيات كان في بلدة نعلين قضاء رام الله اعتنقوا الإسلام في محكمة نعين الشرعية وبلغ عددهم 131.
ويعزو الشيخ ادعيس ذلك الى ارتفاع المهور في فلسطين ويلجأ في الفترة الحالية الكثير من الفلسطينيين التزوج من أجنبيات، من شروط الزواج ان تعلن إسلامها او يكون لديها ولاية، ولعدم وجود ولاية تلجأ معظم الأجنبيات إلى إشهار إسلامها.
فرحات: اتساع ساحة التواصل بين الشاب والفتاة زاد من نسب الطلاق قبل الدخول
وفي تفسيره لتزايد نسب الطلاق قبل الدخول قال استاذ علم الاجتماع د. محمد نعيم فرحات يمكن التوقف عند مجموعة عناصر. من اهمها أن اتساع ساحة التواصل بين الشخصين المرشحين للزواج (الشاب والفتاة) تكون كبيرة خصوصاً انها تتم تحت اطار شرعية العقد ما قبل حفلة الزفاف، وهذا ما يتيح إطلاعاً أوسع وأعمق عند كل طرف منهما عن الاخر، الامر الذي يتيح اكتشاف ابعاد او عناصر منفرة او غير مرغوب فيها وبالإضافة لذلك هناك ما يمكن ان نطلق عليه "بترددات الاختيار" حيث أن الخيار في الزواج او غيره مهما كانت دوافعه والحاجة إليه يتضمن حداً من التردد قد يلعب العامل السابق دوراً مهما في تصعيدها.
وفي هذا الصدد يمكن الإشارة الى عناصر مثل: رفع سقف متطلبات الزواج او تدخل الاهل السلبي من الطرفين، او اضافة بنود مكلفة او صعبة ومتطلبات بعد الاتفاق بين المعنيين او أسرتيهما.
وحول ثبات معدل الزواج وبقائها على حالها بالرغم من ارتفاع اعداد المرشحين للزواج من الجنسين فسر فرحات ذلك وعزاه لعدة أسباب: منها اسباب اقتصادية مرتبطة بتكاليف الحياة المضنية، وأسباب ثقافية حيث نجد ان هنالك تحولات ملحوظة بخصوص مفهوم الشباب تحديدا للزواج وباتت الثقافة الاجتماعية تتعايش وتتفهم عزوف الابناء عن الزواج اكثر من السابق، ولا يخلو الامر من محاكاة ثقافة المجتمعات الغربية.
وفي تعليقه على ارتفاع نسب الزواج المتكرر قال فرحات لـ"معا" ان قوانين السوق تسود أيضاً في حقل الزواج حيث ان المعطيات تكشف فشل الكثير من حالات الزواج قبل الدخول، وعند استقرار عدد حالات الزواج رغم ارتفاع اعداد المرشحين للزواج من الجنسين، فان واحدة من الظواهر التي يمكن توقعها وجود بيئة مناسبة وأطراف تتوافق على يجري زواج متكرر من قبل رجل متزوج أصلا من امرأة اخرى في مجتمع ترتفع فيه نسبة تأخر الفتيات في الزواج"العنوسة" حيث ان الكثير من مؤشرات الواقع تساهم في تفسير هذه الظاهرة.