عراب الدجاج كان عامل بناء .. 400 دجاجة للخليل وبيت لحم عام 80
نشر بتاريخ: 16/01/2012 ( آخر تحديث: 17/01/2012 الساعة: 10:59 )
الخليل-معا- كان حلم الحاج محمد عبد الفتاح سليمية، والمشهور بـ "النمر"، أن يدرس الزراعة ويعود للعمل في أرض والده التي تمتد على مساحات شاسعة من أراضي بلدة إذنا، والتي كانت فيما مضى تشتهر بالزراعة، بعد أن التهمها غول جدار الفصل والضم. أنهى دراسة الثانوية العامة من مدرسة العروب الزراعية سنة 1971 وهي ذات السنة التي افتتحت فيها كلية الزراعة في الجامعة الأردنية، فحالت 500 دينار أردني هي قسط الجامعة بينه وبين تحقيق حلمه بدراسة الهندسة الزراعية.
|161703|
كان أثناء دراسته الثانوية يعمل في مجال البناء في أكبر شركة للبناء بإسرائيل في حينه "سليل بونيه"، كان مبادراً ونشطاً في العمل، ما لفت أنظار المسؤول الإسرائيلي عن ورشة البناء التي يعمل بها، قربه منه، وأوكل له مهمة مراقبة العمال في الورشة، ولأنه سريع البديهة اتفق مع المسؤول على أن يقوم بإحضار عمال للعمل في الورشة مقابل مبلغ 90 دينار أردني إضافي لراتبه الشهري البالغ 90 دينار أردني، ليصبح راتبه 180 ديناراً أردنياً.
بعد عامين من تركه للدراسة، التحق بمعهد الدراسات العليا في رام الله لدراسة المساحة والرسم المعماري وحساب الكميات، كونه يسعى للتقدم في عمله، وبعد عام تخرج من المعهد وعمل في مدينة الخليل مع مجموعة من المهندسين وحصل منهم على شهادات خبرة وانطلق للعمل في السعودية سنة 1974.
|161701|
يقول النمر عن تلك الفترة: كان كفيلي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وعملت في القصور الملكية براتب شهري وقدره 350 دينار، تم قبولي للعمل كمهندس معماري، لكن المشرف على العمل في القصور قال: نحن بحاجة الى نجارين بناء، ولا نريد مهندسين. فحملت عدة النجارة وعملت كنجار بناء ثم عدت الى قريتي إذنا بعد 4 سنوات من الغربة.
وزاد: بصلة وحبة بندورة وزيتون وخبز الطابون، أفضل من دنانير الغربة، كأي فلاح تعلمت من والدتي ووالدي تربية الدجاج، فكنت أقوم بتربية الصيصان والدجاج وأبيعها في القرية".
من هنا كانت بدايته في مملكة الدواجن، فقام بإقناع تاجر الدواجن، عبد الهادي السراحنة والذي كان يعرف بأبي فاروق الذي يعمل في تجارة الدواجن منذ سنوات، وتم عقد شراكة فيما بينهما، يتولى "النمر" التجارة الخارجية، فيما يتولى ابو فاروق التجارة الداخلية.
وأضاف النمر وهو يبتسم: من كان يصدق انه بين عامي 1979 و1980، كنت أوزع في محافظتي الخليل وبيت لحم 50 قفص دجاج في كل قفص 8 دجاجات، محافظتين لم تكن تستهلك 400 دجاجة في اليوم..وقمت في العام 1978 بتأسيس شركة الأخوة الزراعية وأمتلكها أنا وأشقائي وكانت شركة الشعب الفلسطيني (...) ".
|161702|
مضيفاً: لدي 11 شقيقا و11 شقيقة وأنا أكبرهم سناً، ومن خلال أعمال الشركة كنت أقوم على رعايتهم والاعتناء بهم، حتى اشتد عودهم وشعرت بأنهم قد بدءوا يعتمدون على أنفسهم فقررت فصل الشركة حتى أعطي الفرصة لأشقائي لكي يكبروا أكثر وأكثر في السوق".
وقال: كان الجميع في تلك الفترة يربي الدجاج في بيته، ولم يكن الدجاج اللاحم مشهوراً فغالبية الناس كانت تتناول لحم الضأن، وتعيش في رغد، ومن كان يرغب في تدليل نفسه كان يتناول الدجاج، أما اليوم..فلا يستطيع غالبية الناس تدليل أنفسهم وتناول لحم الضأن لارتفاع سعرها..".
وزاد في حديثه: يوماً بعد يوم، وبالكثير من المثابرة والعمل استطعت إقناع المئات من المواطنين على تربية الدجاج في بيوتهم في كافة مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث كان ذلك يشكل دخلا لمن ليس له عمل، وكنت أزودهم بالصيصان والأعلاف وأشرف على تربية الصيصان وكانت الدورة تستمر لـ60 و65 يوماً، ليس كحال اليوم 40 يوما، وبعد ذلك أقوم بجمع الدجاج وبيعه في الأسواق والفائض عن الحاجة كنت أبيعه في السوق الإسرائيلي، وفي نهاية العام 1983 تمكنت من توزيع 250 ألف صوص في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأصبحت امتلك 7 شاحنات لتوزيع العلف على مزارع التربية وحوالي 8 سيارات لشحن الدجاج الى كافة مدن الضفة الغربية".
|161704|
وشهد قطاع الدواجن اللاحم ازدهارا خلال تلك الفترة، لكن بيض المائدة كان الإقبال عليه ضعيفاً ولغاية العام 1988 كان معدل استهلاك محافظتي الخليل وبيت لحم من البيض 50 طبق يومياً، أما اليوم فقد وصلت الكمية الى نحو 10 آلاف طبق يومياً.
يقول النمر: نما قطاع الدواجن كثيراً خلال سنوات الانتفاضة الأولى، وأصبحت تربية الدواجن تشكل مصدر دخل للمئات من العائلات، وبسبب الظروف المادية التي لحقت بالشعب الفلسطيني خلال تلك الانتفاضة، تحول الدجاج لوجبة رئيسية لتوفره باستمرار في السوق وثمنه الذي يتماشى مع وضع الناس في تلك الفترة ولغاية الآن الوجبة الرئيسية لنا هي الدجاج والبيض".
وأضاف: تطور قطاع الدواجن على مدار الأعوام الماضية تطوراً كبيراً، تحسنت فيه السلالات وتحسنت نوعية الأعلاف، فبعد أن كنا نربي بين البيوت وكان يستفيد مني لوحدي ما بين 2500-3000 أسرة في تربية الدواجن ببيوتهم، ما عادت التربية بين البيوت ذات جدوى، بسبب الزحف العمراني وبات من شبه المستحيل تربية الدجاج بين البيوت ويضاف الى ذلك المزارع الكبيرة التي تستطيع استيعاب 50 ألف صوص في دورة تستمر لـ 40 يوماً".
على الرغم من نمو وتطور قطاع الدواجن وازدياد الطلب على الدواجن خلال العقدين الماضيين، إلا أن الكثير من المزارعين تعرضوا لخسائر مادية فادحة بسبب الأمراض التي كانت تفتك بالدواجن، ناهيك عن إغلاق الطرق بين المدن الفلسطينية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وتعرض النمر للكثير من الخسائر، لكن أكبرها كما يقول فقاسه جنين.
|161702|
وأوضح، كنت قد أنشأت في بداية العام 1990 فقاسه في مدينة جنين واستوردت معداتها من هولندا، وتعرضت الضفة الغربية وقطاع غزة لإغلاق تام من تاريخ 1993/1/1 حتى 1993/6/10 وخسرت في ذلك الوقت كل مدخراتي التي قمت بتجميعها على مدار 34 عاما، إضافة لخسارة مليون دولار، وعرض علي مزارع من خان يونس أن يشتري الفقاسه، فقمت ببيعها في شهر 1993/9 وتم نقلها من جنين الى خان يونس".
قرر النمر في العام 1998 وبعد أن كبر أشقاؤه أن يقسم الشركة فيما بينهما وتتفرع الشركة الأم لأربع شركات، ولم يكتف بذلك بل قام بشطب الديون المتراكمة لزبائن شركة الأخوة الزراعية والبالغة قرابة 5 مليون شيكل، وبدأ الإخوة كل يعمل في شركته وتجارته في قطاع الدواجن وقطاعات أخرى.
بعد أن فقد النمر كافة مدخراته بدأ يستعيد نشاطه رويدا رويدا، وكون سمعته بين تجار الدواجن في الضفة الغربية وقطاع غزة وحتى داخل اسرائيل كانت ممتازة جداً استطاع في العام 2001 من بناء فقاسه في محافظة الخليل، قدرتها الإنتاجية 5 مليون بيضة سنوياً، كان يقوم بتسويقها في السوق المحلي، ويطمح بأن يقوم بتصدير البيض الى السوق الإسرائيلي على غرار ما سابقاً.
|161699|
ويرى النمر، أن بيئة الاستثمار في الأراضي الفلسطينية غير مشجعة، كون الاقتصاد فيها هش وقد ينهار في أي لحظة بسبب الاحتلال الإسرائيلي وعدم استقرار المنطقة سياسياً، مشيراً الى أن آلاف العائلات التي كانت تعتاش من تربية الدواجن باتت عاطلة عن العمل وبلا دخل، إضافة لاعتماد الكثير من المستثمرين على البنوك، وهو اضطر لتخفيف نشاطاته في قطاع الدواجن مؤخراً كون قطاع الدواجن قد تعرض للانهيار.
ونوه الى أنه كان في فيما مضى من سنوات يقوم بتصدير الدجاج والبيض الى السوق الإسرائيلي، الا ان اتفاقية باريس قد حرمته من ذلك ولا يستطيع تصدير دجاجة واحدة أو بيضة للسوق الإسرائيلي بسبب القيود والعراقيل الكثيرة التي تضعها إسرائيل.
|161695|
|161700|