ورشة عمل توصي باللجوء الى محكمة الجرائم الدولية
نشر بتاريخ: 19/01/2012 ( آخر تحديث: 19/01/2012 الساعة: 14:49 )
اوصت ورشة العمل والندوة التي اقامتها دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية على ضرورة اللجوء الى محكمة الجنايات الدولية لاهاي بخصوص قضية الاستيطان الاسرائيلي في القدس. وبتشكيل لجنة " قانونية لدراسة الاجراءات المنوي اتخاذها بشان اللجوء للمحكمة الدولية .جاء ذلك في الورشة التي عقدت اليوم في جامعة القدس ابوديس بعنوان " الاستيطان الاسرائيلي الاستعماري في القدس . واكد المشاركين على ضرورة تقديم الدعم للمقدسيين بكافة الاشكال لتعزيز صمودهم في ظل الهجمة الاستيطانية الشرسة.كما و اوصت بعمل مسح سكاني للمقدسيين في القدس و توحيد المرجعيات و التنسيق بينها و تخصيص ميزانية خاصة للقدس.
جاءت هذه التوصيات عقب ورشة العمل التي تحدث فيها رئيس دائرة شؤون القدس احمد قريع ابو العلاء وصف بها الاستيطان بجريمة حرب وصط تسامح دولي معيب.
ومن جانبه اكد خبير الخرائط والاستيطان خليل التفكجي ان البلدة القديمة من أهم المناطق في العالم حساسية ونتيجة لذلك تم الإعلان عنها كمنطقة أثرية محمية عالمياً بل و وضعت في قائمة التراث الحضاري الذي يجب حمايته. وقد جاءت الأهمية الكبرى لهذه المنطقة، كونها تحمل بصمات التاريخ الأثري، والفكري، والحضاري، من خلال الآثار البيزنطية، والإسلامية، حتى العثمانية مروراً بالصليبية، والمملوكية، والفاطمية والأموية . ونظراً لهذه الأهمية وضعت المدينة في دائرة الهدف بعد احتلالها، فكان الاستيلاء على البيوت والمنازل وهدم حارة الشرف والمغاربة ضمن سياسة وضع بصمات يهودية بالمكان في خطوة لتغيير للمشهد المكاني للمدينة، واستعرض التفكجي في ندوة نظمتها دائرة شؤون القدس في جامعة القدس اهم مراحل الاستيطان داخل البلدة القديمة في المدينة المقدسة وقد تم الإعلان عن مصادرة (116) دونم من الأراضي الموجودة داخل البلدة القديمة والتي حددت بخارطة رقم هـ ب /أ/108/322 بمصادرتها للمصلحة العامة وشملت هذه الأراضي حارة المغاربة التي تم تدميرها عام1967 وأراضي أحياء (حارة الشرف، حارة الميدان، حارة النمامرة، حارة الجواعنه، حوش العسلي، حارة اليهود) وفي عام (1968) تم الإعلان عن مصادرة 116 دونماً من أراضي البلدة القديمة بموجب قرار المصادرة للمصلحة العامة والذي يحمل رقم 5 ب /أ/108/322 وتم نشره بالجريدة الرسمية، و بموجب هذا القرار تم مصادرة 790 عقاراً تعود ملكيته إلى عدة قطاعات منها وقف إسلامي وصدور منها 15 عقار ووقف ذري صودر منها 346 عقار اما الملكية الخاصة فقد صودر257 عقار ووقف كنسي صودر 9 عقارات وعن الاملاك اليهودية فقد صودر 121عقارو اخيرا المرافق العامه صدودر منها 5 عقارات.
وقدم الدكتور موسى الدويك رئيس قسم القانون العام في كلية الحقوق بجامعة القدس عرضا توضيحيا من الناحية القانونية دوليا لعدم شرعية الاستيطان وانتهاكه لحقوق الانسان و اعتبره جريمة حرب يحاسب عليها القانون الدولي مستندا على اتفاقية جنيف الرابعة التي نصت على عدم جواز نقل سكان من الاقاليم المحتلة الى اقاليم اخرى كما حدث في القرى المهجرة في عانم 1948.وضرب مثلا وضح فيه السياسة الاستيطانية المتبعة مستعينا بتاريخ الاستيطان من التجربة الصليبية و السكساسونية و اللاتينية حيث عملت اسرائيل على دمجها معا من خلال الابادة و الاحلال والعزل.
وفي ذات السياق قال مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية المحامي أحمد الرويضي في كلمته ان السياسات الإسرائيلية ركزت على إبقاء نسبة الفلسطينيين في المدينة بما لا يتجاوز % 28 من مجمل سكانها في شقي المدينة، إستنادا الى الخلاصات التي وصلت اليها( لجنة جافني) الوزارية الإسرائيلية التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية في العام 1973 والذي درست الزيادة الفلسطينية للسكان بفعل ضم أحياء جديده للقدس بعد العام 1967 والنقص في عدد اليهود فيها.
واضاف الرويضي ان موضوع النسبة السكانيه الفلسطينية والزياده فيه،دفع إسرائيل الى وضع مخطط هيكلي جديد للمدينة في العام 2000 هو )مخطط القدس 2000 ) وبحسب هذا المخطط فان سنة 2020 متوقع فيها أن يكون تعداد سكان القدس 947 ألف شخص، منهم 589 ألف يهود ( % 62.2 ) و 358 ألف عرب وآخر ( 37.8 %).
وانتقل الرويضي الى القول أن التوقعات تبين تراجع كبير للأغلبيه اليهودية في القدس بل و معظم الزيادة السكانية المتوقعة حتى سنة 2020 هي لدى السكان العرب. اما الطموح السياسي للمحافظة على نسبة % 70 يهود مقابل % 30 عرب لا تبدو على أنها واقعية بناء على نتائج التوقعات بدون حدوث تدخل تخطيطي وسلطوي ويكشف المخطط الهيكلي 2000 للقدس الهدف الإسرائيلي من السياسات التي تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس، والذي اهمه تقليص عدد الفلسطينيين في المدينة وبناء مزيدا من المستعمرات والأحياء اليهودية الجديدة التي تحقق أغلبيه يهوديه مطلقه وخاصة في القدس الشرقية وعرض الرويضي خلال حديثه قضية التهويد بقالب قانوني إسرائيلي.
ومن جانبه اشار خبير الاستيطان د. ثابت ابو راس ان الخارطة الهيكلية لمدينة القدس 2000تعد هي الأولى منذ العام 1959. ويميز الخارطة أنها شملت ودمجت ولأول مرة مدينة القدس العربية في التخطيط الإسرائيلي لمدينة القدس "الكبرى". ولم تعط هذه الخارطة أي تصور مستقبلي لتطوير الأحياء العربية بل جاءت بتغييرات طفيفة للسياسة التخطيطية التي انتهجت منذ احتلال المدينة في العام 1967.ويتضح ان الهدف الأول من التخطيط الإسرائيلي في مدينة القدس هو تكريس التفوق الديمغرافي لليهود في المدينة والحد من تطور وبناء الأحياء العربية في القدس الشرقية. ويظهر ذلك جليا في الإعلان عن الهدف الأسمى.
وعن الاستيطان اليهودي في سلوان التي تعد من اقرب الأحياء العربية إلى المسجد الأقصى وحائط البراق وبالتالي تعد من أكثر الأحياء التي تحاول السلطات الإسرائيلية واذرعها المختلفة اختراقها هذا الحي والذي يقع في جنوب شرق القدس يقطنه أكثر من 50 ألف نسمة و 70 عائلة يهودية في 15 بؤرة مختلفة في البلدة و يعيشون على مساحة 2,194 دونما وتعتبر كل من وادي حلوه, البستان, وسط البلد, وادي قدوم, حارة التنك, بير أيوب وعين اللوزة كلها أجزاء من حي سلوان والجدير بالذكر أن مؤسسات التخطيط المحلية وأللوائية في القدس صادقت على خرائط قليلة جدا لبناء بيوت عربية في هذا الحي ولم تصادق على أي خريطة بناء لبناية جديدة في منطقة وادي حلوة أو البستان في الحي منذ العام 1967و في هذه المنطقة تم إعطاء بعض الرخص لإضافة غرف لأبنية قائمة ذلك أغلبية المباني, أذا لم تكن كلها, في هاتين المنطقتين بنيت بدون ترخيص. وأصدرت بلدية القدس أوامر لهدم عشرات المنازل العربية بحجة البناء الغير مرخص في البلدة.
وفي كلمته وصف المحامي قيس ناصر الاستيطان"بجريمة الحرب" ففي دستور المحكمة الجنائية والمسمى بدستور روما عرّف الاستيطان كجريمة حرب تستطيع المحكمة الجنائية الدولية البت فيها، فمنذ بداية عام 2001 قررت حكومة اسرائيل التوقيع على دستور المحكمة الجنائية ولكن فيما بعد قامت اسرائيل وبتوصية من المستشار القضائي لحكومة اسرائيل ألا تنضم كعضو في المحكمة الجنائية وقد اعلنت ذلك لهيئة الامم المتحدة.و من بين الاسباب الرئيسية لانسحاب اسرائيل هو تخوفها من مقاضاتها ومقاضاة المستوطنين على جرائم الاستيطان في الاراضي الفلسطينية مع ان اسرائيل كانت سحبت توقيعها من دستور المحكمة كي لا تعطي المحكمة صلاحية مقاضاتها على جريمة الأستيطان, ولانه حسب تفسير القانون الدولي لميثاق روما لا تزال المحكمة الجنائية مخولّة بمقاضاة إسرائيل على جريمة الأستيطان في الأراضي المحتلة وذلك بواسطة المملكة الاردنية الهاشمية التي كانت تسيطر على الضفة الغربية حتى عام 1967 وهي عضو في المحكمة الجنائية او من خلال اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية "جسما دوليا" يستطيع التوجه للمحكمة الجنائية بخصوص الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وتحدث ناصرعن قضية القدس الشرقية كحالة خاصة ففي حرب 1967 احتلت اسرائيل القدس الشرقية, وضمت بذلك الى سيطرتها نحو 70,500 دونما كانت الى ذلك الحين تحت سلطة المملكة الأردنية الهاشمية, لتصبح مساحة مدينة القدس (الغربية والشرقية) نحو 126,000 دونم. كما قامت اسرائيل منذ عام 1967 بمصادرة نحو 35% من مساحة القدس الشرقية لغرض بناء المستوطنات, وذلك بالاضافة الى الاستيلاء على الاملاك الفلسطينية الخاصة وتحريك عدد كبير من المخططات التهويدية في البلدة القديمة ومحيطها.بالرغم من ذلك, لم يعترف القانون الدولي, ممثلا بقرارات هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بشرعية الخطوات الأسرائيلية لضم القدس المحتلة.
ومن جانبه قال مدير معهد الأبحاث التطبيقية جاد اسحاق إن محور الصراع الحالي في القدس هو صراع ديموغرافي-جغرافي تسعى إسرائيل من خلاله إلى تفريغ المدينة من سكانها العرب الفلسطينيون وبالمقابل تعمل على زيادة التواجد اليهودي الإسرائيلي فيها.حيث إن دراسة الواقع الديموغرافي لمدينة القدس وضواحيها يؤكد على أن التجمعات والأحياء اليهودية تمركزت داخل حدود بلدية القدس للعام 1947 وكانت تمثل أربعة أضعاف التجمعات والأحياء العربية المتواجدة داخل حدود البلدية، علماً بأن التجمعات العربية إنتشرت في القدس الشرقية والغربية مثل سلوان والطور شرقي الخط الأخضر وبيت صفافا والمالحة غربي الخط الأخضر وهي تلك المناطق التي عمدت السلطات البريطانية على إبقائها خارج حدود البلدية وإنطلاقاً من أن مدينة القدس ترزح تحت الإحتلال، فإن التواجد اليهودي فيها كان على حساب التواجد الفلسطيني علماً أن التواجد اليهودي في القدس الشرقية قبل عام 1967 لم يتجاوز عدة مئات (هودكينز، 1998). وفي حين أن سلطات الإحتلال الإسرائيلي لم تعلن ضمها لأراضي الضفة الغربية إلا أنها سارعت إلى ضم القدس الشرقية إلى إسرائيل وإعلان توحيد شطري القدس، حيث أنه في عام 1980 أقر الكنيست الإسرائيلي قراراً يعلن القدس الموحدة العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل وكأكبر مدينة إسرائيلية، حيث أدى هذا الضم إلى توسيع حدود المدينة من 6.5 كم² (تضم البلدة القديمة) لتصل إلى 71كم².
وقد تطرق اسحاق الى قضية أسرلة القدس وتغيير معالم المدينة المقدسة منذ بدأ إحتلالها لمدينة القدس شرعت إسرائيل إلى تغيير معالم المدينة المقدسة وفرض واقع جديد بإستخدام ذرائع دينية. وكانت البداية من حي المغاربة المحاذي لحائط البراق وباحة الحرم القدسي الشريف والذي تم تدميره بشكلٍ كاملاً بعد مصادرته وطرد 900 عائلة عربية كانت تسكن فيه. هذا وتم تحويل الحي لساحة كبيرة للمصلين اليهود وللمناسبات الدينية. وبالمثل ما حصل في حي الشرف بغية بناء المزيد من المساكن لليهود وتوسيع مساحة الحي اليهودي ليمتد على 130 دونماً مستولياً على أجزاء من الأحياء المجاورة في حين أن مساحته الأصلية كانت سبعة دونمات فقط.