الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

عبيدات: مجابهة التطبيع على المستوى الشعبي واجب كل القوى الوطنية

نشر بتاريخ: 03/02/2012 ( آخر تحديث: 03/02/2012 الساعة: 23:14 )
القدس- معا- بدعوة من نادي حقوق الإنسان والتابع لبرلمان شباب القدس، وضمن جهود مؤسسة جذور للإنماء الصحي والاجتماعي، ألقى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي راسم عبيدات محاضرة لطلبة النادي حول التطبيع كمفهوم وتعريف ومخاطره وآليات واستراتيجيات مواجهته.

وفي هذا الصدد قال عبيدات "من بداية الصراع تنبه شعبنا الفلسطيني وبحسه الشعبي والوطني إلى مخاطر التطبيع والمحاولات الجارية إلى نقله إلى أوساط شعبنا وجماهيرنا، والقبول بإسرائيل كجسم طبيعي قائم فوق أرضنا وعلى أنقاض ومآسي شعبنا".

وأشار إلى أن أخلاقنا وقيمنا العربية والإسلامية والحس الشعبي لعبت دوراً هاماً في التصدي لمن كانوا يحاولون بيع الأرض للمحتل، وقد لعب الوعي الشعبي دوراً حاسماً في مواجه أية سياسات تنازلية تهدف لنقل التطبيع إلى المستوى الشعبي.

ولفت عبيدات إلى أن التطبيع ظهر كمصطلح ومفهوم سياسي بعد اتفاقيات كامب ديفيد عام (1979 )، حيث أصرت إسرائيل على إقامة علاقات سياسية واقتصادية وثقافية وتجارية ودبلوماسية وأمنية بينها وبين مصر قبل عودة الأراضي العربية المحتلة وإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتطبيق قرارات الشرعية المتعلقة بذلك، وبالتالي التطبيع كمفهوم ثقافي سياسي هو نتاج لثقافة الهزيمة والاستسلام التي أرسى دعائمها السادات، مضيفاً أن هذا الاستدخال لهذا المفهوم كان نتاجاً للهزائم العسكرية والاستثمارات السياسية لتلك الهزائم، وهي التي ترى أن كل أوراق الحل بيد أمريكا وإسرائيل وبالتالي يجب الاستجابة للشروط والاملاءات الإسرائيلية والأمريكية فيما يتعلق بالتسوية وحل الصراع العربي- الإسرائيلي، وأي موقف خارج ذلك النطاق هو غير "واقعي وعقلاني وتطرف" ونتج عن هذا الفهم إزاحات سياسية خطيرة منها إغلاق الخيارات أمام الحلول الأخرى لاسترداد الحقوق والأراضي المحتلة، وحصرها في الجانب التفاوضي، وكلك القفز عن جذور الصراع واعتبار ما حققه الاحتلال بفعل عدوانه على شعبنا وامتنا العربية حقوقا مكتسبة، وبالتالي يرفع الغطاء الأخلاقي والسياسي والقانوني عن شرعية نضالاتنا ويوفر الغطاء للاحتلال في مشروعية عدوانه ويخرجه من دائرة عزلته الدولية.

ونبه عبيدات إلى أن تائر التطبيع زادت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة بحيث أضحت على شكل "تسونامي"، وأن التطبيع ما قبل أوسلو يختلف عنه ما بعد أوسلو، فسلطة أوسلو كبلت نفسها بالكثير من الشروط والاتفاقيات التي تلزمها بممارسة التطبيع على أكثر من مستوى مع الاحتلال وإقامة المشاريع المشتركة معه، أمنياً،سياسياً،ثقافياً،أكاديمياً ومؤسساتياً،أي أن السلطة هي "بلدوزر" التطبيع الأساسي، ونحن لا نرى أن الخطر يكمن على ثقافتنا ووعينا ومفاهيمنا من التطبيع على مستوى السلطة، بل الخطر الأكبر يتأتى من قيام العديد من النخب الفكرية والثقافية والسياسية والأكاديمية والرياضية بمحاولات جادة لنقل التطبيع من المستوى الرسمي إلى المستوى الشعبي وتحديدا إلى الجامعات والمدارس تحت يافطات ومسميات زائفة وخبيثة في أنشطة مشتركة علمية وأكاديمية وتربوية ورياضية وفنية وغيرها الهدف منها اختراق جدار الوعي الفلسطيني وأدواته ووسائله، وتشويه ثقافته ونسف أسس روايته وإعادة قراءة تاريخه.

ورأى عبيدات أن تلك النخب والتي لا تمثل شعبنا من قريب أو بعيد تحاول أن تختبر أفكارها ومفاهيمها على واقعنا الفلسطيني وبغض النظر عن صوابية أو عدم صوابية تلك الأفكار والمفاهيم والرؤى حتى لو كانت متعارضة مع حقوق شعبنا وقضيته الوطنية.

ورأى عبيدات أن مجابهة التطبيع على المستوى الشعبي ومنع تمدده وتعميمه واجب كل القوى الوطنية والمجتمعية والمؤسساتية،من خلال القيام بحملات مواجهة وتوعية شعبية شاملتين، وكذلك حشد كل الطاقات والجهود في عملية المجابهة تلك،فهذه القوى بنخبها وبما تمتلكه من مال وإمكانيات وخبرات وتجارب وعلاقات وتسهيلات،عندما ترى ارتفاع حدة المجابهة والتصدي لخططها وسمومها تنحى باتجاه الكمون والبيات،متحينة الوقت والظرف المناسب لتعاود الكرة من جديد.

وفي ختام الندوة، أجاب عبيدات على أسئلة الطلبة، وقد حضر المحاضرة حشد كبير من طلبة البرلمان، وثمن دور كل القوى المجتمعية والشعبية وبالذات هيئة العمل الأهلي -الوطني والمؤسسات المقدسية التي أفشلت العديد من المؤتمرات واللقاءات التطبيعية التي خطط جهابذة التطبيع لإقامتها في مدينة القدس.