الثلاثاء: 24/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

مهربون استغلوا تقصير الزراعة والصحة لتهريب سمك ملوث ببكتيريا اللستيريا

نشر بتاريخ: 06/02/2012 ( آخر تحديث: 07/02/2012 الساعة: 11:20 )
الخليل- تقرير معا- بعد إعلان وزارة الصحة عن ضبطها لنحو 70 طنا من السمك المجمد في مدن رام الله والخليل ونابلس، وبناء على الفحوصات التي أجريت في مختبرات وزارة الصحة تبين بأنها ملوثة ببكتيريا "اللستيريا"، بتاريخ 30/1/2012، وحصلت "معا" على وثيقة صادرة عن مدير صحة البيئة في وزارة الصحة، بتاريخ 1/2/2012، تطالب فيها الجهات المختصة بضبط 24.5 طن من سمك فيليه المجمد، في مدينة الخليل.

وجاء في الوثيقة "بناء على معلومات وردت وزارة الصحة وجهات أخرى بوجود تلوث في السمك، قامت الوزارة ممثلة بدائرة صحة البيئة، بإجراء فحوصات خاصة، وتبين بأنها ملوثة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي، مما استدعى التحفظ عليها تمهيداً لإتلافها بالطرق القانونية".

وعلى مدار خمسة أيام قمنا في "معا" بفتح تحقيق حول السمك المجمد الموجود في السوق الفلسطيني والذي يتم استيراده من فيتنام، وتبين من خلال تحقيقاتنا وجود "تقصير" لدى وزارتي الزراعة والصحة، وهناك تداخل في الصلاحيات الممنوحة لكل وزارة، وهذا التداخل ساعد "مهربين" على تهريب سمك غير صالح للاستهلاك الآدمي، ونوصي بأن تكون وزارة الزراعة من خلال دائرة البيطرة هي المسؤولة عن عملية السماح باستيراد جميع المنتجات الحيوانية، وعدم الاعتماد على شهادة المنشأ الصحية، والاعتماد بشكل كامل على المواصفات والفحوصات المخبرية الفلسطينية مع مراعاة أن تكون الفحوصات المخبرية بشكل أكبر وأوسع مما هي عليه الآن.
|163778|
وزير الصحة د. فتحي ابو مغلي اعترف، بأن السوق الفلسطيني يُستخدم كمكب للنفايات الإسرائيلية، حيث يقوم بعض التجار باستغلال الظروف وشراء تلك النفايات وبيعها في السوق الفلسطيني. كما أن الوزير ومن خلال حديثه معنا، لم يدلي بكافة المعلومات التي لديه حول السمك الملوث والذي كان يباع في الأسواق الفلسطينية.

وقال ابو مغلي: "وردتنا معلومات حول وجود سمك ملوث، ومن خلال الفحوصات المخبرية الدورية للسمك الموجود لدى إحدى الشركات المستوردة للسمك المجمد، تبين بأنها ملوثة ببكتيريا اللستيريا".

وأضاف: "قمنا في وزارة الصحة بدعوة ممثلي وزارتي الاقتصاد والزراعة وكذلك الضابطة الجمركية لاجتماع عاجل، حيث تم إطلاع كافة الشركاء على نتائج الفحوصات المخبرية، وتقرر، إتلاف كافة الكميات التي تم فحصها ووجود تلوث بكتيري من نوع اللستيريا فيها، والتحفظ على كافة المنتجات المشابهة والتي كانت موجودة في نفس المخازن لحين فحصها والتأكد من سلامتها".

مصدر موثوق في وزارة الاقتصاد، قال لـ"معا" الفحوصات الدورية التي تجريها وزارة الصحة على السمك المجمد، لا تكشف تلوثها ببكتيريا اللستيريا، واكتشاف البكتيريا يحتاج لفحوصات خاصة.

|163794|وأضاف: "تعتمد وزارة الصحة ووزارة الزراعة على الشهادة الطبية الصادرة من بلد المنشأ، وبعد أن تصل أي شحنة سمك لأسواقنا يقوم المستورد بالطلب من وزارة الصحة والزراعة بإجراء فحوصات على شحنته، ويتم أخذ عينات عشوائية من تلك الشحنة وفي غضون أسبوع تظهر النتائج وبناء عليها يتم السماح بتسويقها من عدمه".

وقال المصدر: "لغاية تاريخ 17/1/2012 لم تكن تجرى فحوصات لاكتشاف بكتيريا اللستيريا، وهذه البكتيريا تسبب الإجهاض للحوامل وتدمر الجهاز العصبي للأطفال، وبالصدفة تم اكتشاف أن شحنة الأسماك مصابة بهذا التلوث".

وزاد في حديثه: "هناك تقصير واضح من وزارة الصحة حيث لا تقوم دائرة صحة البيئة فيها بإجراء فحوصات على السموم والزئبق والعديد من الفحوصات الخاصة".

وأكد صحة ما ذكره المصدر، مدير تسويق في شركة كبرى تعمل تجارة استيراد اللحوم في رام الله، حيث قال: "الفحوصات المخبرية التي كانت تجرى غير كافية لاكتشاف الأمراض".

وزير الزراعة بالوكالة د. أحمد مجدلاني، كشف لمراسل "معا"، بأن شحنة السمك الملوثة والتي تم ضبطها دخلت للسوق بتصريح قديم ولم تخضع للفحوصات، وكان التاجر الذي قام بشرائها من تاجر إسرائيلي وهو على علم بأنها ملوثة.

وقال المجدلاني: "قمنا يوم الخميس الماضي بتحويل التاجر لنيابة مكافحة الجرائم الاقتصادية، بتهمة الغش وبيع منتجات غير صالحة للاستهلاك الآدمي".
وحول تداخل الصلاحيات ما بين وزارة الزراعة ووزارة الصحة، أكد الوزير المجدلاني وجود هذا التداخل، موضحاً بأنه أرسل كتاب خطي لوزير الصحة بهذا الخصوص.

وقال: "ليس من حق وواجب دائرة صحة البيئة التدخل في عمل وزارة الزراعة، وليس من حقها توجيه كتب لضبط أو إتلاف سلع تقوم وزارة الزراعة بإرسال عينات منها للفحص لدى مختبرات وزارة الصحة، وهذه صلاحيات دائرة البيطرة في وزارة الزراعة، وهي المخولة بأن تسمح بتداول أو منع تداول أي سلعة حيوانية".

وأضاف: "نحن نقوم الآن بوضع آلية لتنظيم إدخال كافة المواد الغذائية والحيوانية بالتعاون مع كافة الجهات الحكومية، وسيتم اتخاذ إجراءات حازمة وجادة".

ووجه رسالة الى المواطنين قال فيها: "أطمئن أبناء شعبنا بأننا حريصين على صحته وعلى أمنه الغذائي، ونهيب بكافة التجار والمواطنين بالتقييد بالتعليمات وعدم اللجوء للتهريب والتعامل بالقوانين والتعليمات".

توجهنا لدائرة العلاقات العامة والإعلام في جهاز الضابطة الجمركية، والتي أوضحت بأنها تلقت معلومات بتاريخ 17/1/20112، حول نية تاجر فلسطيني إدخال سمك ملوث للسوق الفلسطيني، فتم تعميم هذه المعلومات على كافة حواجز الضابطة المنتشرة بالضفة الغربية، وفعلا تمكنت دورية تابعة للضابطة من ضبط شاحنة وهي تقوم بإفراغ حمولة سمك بأحد المستودعات بمدينة رام الله، فتم التحرز على الشاحنة والشحنة بداخل المستودع وتم إبلاغ لجنة السلامة العامة –وزارة الزراعة، وزارة الصحة، وزارة الاقتصاد، ومحافظة رام الله، والضابطة الجمركية والدفاع المدني- والتي حضرت صبيحة اليوم التالي، كون عملية الضبط تمت في ساعة متأخرة من الليل، وتم سحب عينات للفحص المخبري والتي أثبتت بأن السمك ملوث، فقمنا باستدعاء صاحب الشركة لإجراء بعض التحقيقات معه والتحقق من أوراقه الثبوتية الخاصة بعملية استيراد السمك، وبعد انتهاء التحقيقات معه، قمنا بتحويل الملف كاملا بما يحويه من تقصير بعض الجهات الى سعادة المستشار أحمد المغني النائب العام لأخذ المقتضى القانوني بحق من ثبت أو يثبت إدانته في هذه القضية".
وأضافت العلاقات العامة للضابطة الجمركية: "نحن ما زلنا نتباحث مع نيابة الجرائم الاقتصادية وكافة لجان السلامة العامة في المحافظات الفلسطينية، لعمل فحوصات على كافة الأسماك التي دخلت وهي متواجدة في السوق الفلسطيني، من أجل الحفاظ على صحة مواطننا وللتأكد من خلوها من جميع الأمراض".

وقالت: "قمنا بوضع توصيات بناء على مشاوراتنا مع لجان السلامة العامة لوضع خطط لازمة لضمان عدم تكرار إدخال مثل هذه السلع ووصولها للمواطنين قبل إجراء الفحوصات المخبرية اللازمة عليها، وهذه التوصيات لاقت آذناً صاغية من قبل وزيري الزراعة والصحة لعمل فحوصات خاصة وليست روتينية في مختبرات وزارة الصحة وعدم الاعتماد على شهادة المنشأ الصحية".

وأكدت بأنه تم الاتفاق على أن أي تاجر يريد استيراد السلع الحيوانية يتوجب عليه أن يقوم بإبلاغ وزارة الزراعة ووزارة الصحة من أجل إجراء الفحوصات عليها بالتعاون مع الضابطة الجمركية، وبعد ظهور النتائج سيتم اتخاذ القرار بشأنها.

وأكدت بأنها ستبقى العين الساهرة للحفاظ على صحة أبناء الشعب الفلسطيني، وأنها ستعمل على تقديم كل من تثبت إدانته بالأمن الغذائي الفلسطيني للنيابة العامة مهما عليّ شأنه.