الغنوشي: نرفض الاعتراف باسرائيل وليس هناك نموذج للدولة الإسلامية
نشر بتاريخ: 08/02/2012 ( آخر تحديث: 08/02/2012 الساعة: 11:51 )
تونس -معا- وكالات- اكد الشيخ راشد الغنوشي أهمية التفاعل مع الواقع الإسلامي والثقافة العربية والعيش في عالم تحكمه القيم الكونية، مشيرا إلى ان المسلمين افاقوا نهاية القرن التاسع عشر على الخلل، وحاولوا الإصلاح والمزاوجة بين الإسلام والحداثة.
وقال الغنوشي ان الاستعمار قضى على حلم المزاوجة بين الدين والحداثة، وأن الثورات العربية اليوم هي محاولة لاستعادة الحلم القديم بقيمه الجميلة من حرية ومواطنة ومساواة.
واضاف الغنوشي في معرض رئاسته للجلسة السابعة من جلسات الندوة الدولية التي جاءت بعنوان "الثورة والانتقال الديمقراطي في الوطن العربي: نحو خطة طريق" والتي ينظمها مركز دراسات الوحدة العربية بالتعاون مع المعهد السويدي بالإسكندرية، ان حزب النهضة ليس حركة جامدة في مكانها، والحركة الإسلامية ظاهرة اجتماعية خاضعة لقانون التطور، وبين ان ما خرجوا من اجله لم يتم بعد، ورفض الاعتراف باسرائيل وشدد على انها محتلة.
ودعى إلى مراعاة التطور في أفكار حركة النهضة، مشيرا إلى أنهم كانوا ينظرون بريبة لمجلة الاحوال الشخصية وانتهوا سنة 1988 إلى ان المساواة بين الجنسين هي جزء من الاجتهاد في الإسلام. وأضاف بان النظام السابق حاول حصر حركة النهضة في زاوية مغلقة. وقال ان الحديث عن المستقبل هو المهم وان نخب الحداثة انتهت في تياراتها الأساسية إلى وثائق 15 اكتوبر 2006 عندما اتفق الاسلاميون مع مختلف التيارات والاحزاب التونسية للاتفاق على النموذج الديمقراطي التعددي غير الاقصائي والمساواة بين الجنسين، كما نص القانون والاتفاق على علاقة بين الدين والسياسة.
ودافع الغنوشي عن تأييده للثورة السودانية مع قيام حكومة الانقاذ. واعتبر ان الوصول للسلطة عن طريق العسكر خطأ وان التجربة الامينة للشورى في عصرنا هي الديمقراطية، وقال ان الله امرنا بالشورى ولم يعطنا اداوت لها، وهي تظل مجال عقل، يمكن الاجتهاد بها. واعترف الغنوشي بوجود اخطاء في التجربة الراهنة وان اهم شيء هو التوفيق بين الحرية والنظام، لان سقوط السلطان اوجد فراغا، والمهمة الكبيرة هي كيفية تنظيم المجتمع بالحرية دون وجود صوت السلطان، وقال أن هناك بعض الفئات لم تهضم وجود الإسلاميين في الحكم ولا تقبل بنتائج الديمقراطية.
وانتقد الغنوشي دور الفقهاء في الإسلام في التشريع للغلبة والشوكة في تولي السلطة.
من جانبه اكد وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام الذي حضر الجلسة السادسة امس ان لا اعتراف حكومي باسرائيل وان العلاقة مع ايران تظل بحجم نقاط الالتقاء والاختلاف، وانه لا يوجد حكومة اسلامية في تونس.
وكانت اعمال الندوة بدأت في جلستها الأولى بعد ظهر امس الاول التي ترأسها الدكتور حسن نافعة، بتقديم الدكتور محمد نور الدين أفاية بحثا بعنوان: «القوى الاجتماعية للثورة» واعتبر ان تحديد موضوع القوى الاجتماعية يستدعي اجتماع خبراء من مختلف الميادين والتخصصات لمقاربة هذه المسألة بحيث إن ليس هناك من دراسات سابقة حول الموضوع. وعرض الباحث مسألة الالتباس الكبير بين مفهومي الديمقراطية والليبرالية السياسية. كما اعتبر ان القوة الفاعلة في الثورة هي فئة الشباب المتعلم، المنتمي إلى الطبقة الوسطى عموماً وركز على حضور العنصر النسائي بالرغم مما تعرضت له النساء من عنف واضطهاد. وفي السياق نفسه، اعتبر الباحث ان الجيش لعب دوراً كبيراً خلال الثورة.
وتعقيباً على ورقة الباحث، تساءلت الدكتورة مارلين نصر حول طريقة تشخيص ومنهجية دراسة قوى الثورة وحول الدور الذي لعبته القوى المستفيدة والداعمة لإحداث التغيير، كما انتقدت تسمية الليبرالية السياسية التي تفصل بين المتحررين والإسلاميين. وأبدت ملاحظة حول القول بأن الطبقة الوسطى لعبت دوراً كبيراً في الثورة.
وتركزت المداخلات حول القوى الخارجية الداعمة للمجتمع المدني ووصول الإسلاميين إلى السلطة واختلاف قوى الثورة من بلد إلى آخر، كما إغفال قوى أخرى كالقبيلة والطائفة ومسألة التحول الديمغرافي والتركيز فقط على فئة الشباب.
كما خصصت جلسة لمحور الاندماج الاجتماعي والثورة ترأسها الدكتور مصطفى التير لتقديم بحث الدكتور فالح عبدالجبار بعنوان «أثر الاندماج الاجتماعي – حضوراً وغياباً – في عملية الثورة ونتائجها» الذي شرح الأنماط السياسية في العالم العربي ونشوء مجموعة الإصلاح الجزئي التي منها انطلقت شرارة الثورة. وعرض العلاقة بين تكوين الدولة وبناء الأمة ومسألة التجانس وارتباطها بالديمقراطية. كما حدد أربعة أنماط للخطاب الأيديولوجي.
وعقب الأستاذ محمد جمال باروت على البحث بانتقاده تصنيف الباحث الأنظمة العربية بالتوتاليتارية وأضاف بأن ضعف الدولة العربية عائد لحداثتها الزمنية قائلاً بأن الدولة أحياناً هي التي تصنع الأمة وليست بالضرورة نتاج للأمة.
كما تركزت المداخلات على معاناة المجتمعات العربية من النقص الحاد في الاندماج الاجتماعي مما يضيع فرص التغيير، والفرق بين التجانس والاندماج الاجتماعي ومسألة كون معظم بلدان العالم غير متجانسة مجتمعياً.
وتابع المشاركون في الندوة «أعمالهم امس في عرض التجارب والتشخيص للحالات الثورية العربية، وترأس الجلسة الثالثة في أعمال الندوة الدكتور بول سالم، وقدم الدكتور امين حطيط بحثا بعنوان: «المؤسسة العسكرية والثورة» وفيه تشخيص لحالة الجيوش العربية وتنظيمها ومهامها، من حيث طبيعة التأسيس والإنشاء، والعقيدة والـتأهيل والقدرات والمحيط. وتناول الباحث في دراسته أداء الجيوش العربية إزاء الحراك الشعبي العربي في زمن الربيع العربي، مميزا بين ثلاثة مواقف للجيوش العربية: وهي الموقف المحايد، وهو الذي بدا مترددا بين الحياد السلبي والحياد الإيجابي، وأخيرا المتطور من الامتناع عن نصرة الحاكم إلى الضغط عليه حتى يخرج، وفي هذه الحالة يقع الجيش التونسي والجيش المصري، والموقف الثاني وهو النقيض والمتميز بالاندفاع إلى حماية النظام والدولة في وجه خصومه، ومثال ذلك الجيش السوري، والموقف الثالث وهو الذي تميز بانقسام الجيش بين مؤيد للحركات الشعبية والذي مارس دور النصير ضد النظام السياسي، وبين المدافع عن الحاكم والمستمر بولائه المطلق له وهو ما مثلته الحالة الليبية واليمنية.
وفي التعقيب على البحث تساءل العميد الركن بشير الصفصاف، المعقب على علاقة المؤسسة العسكرية السلطة السياسية، والظروف والواقع العلمي والامني للقطاعات العسكرية خلال الثورة، محاولا نقد مجموعة من المقولات التي عرضها الباحث في ورقته ومنها مقولة الجيوش التي تحمي النظام والجيوش التي تحمي الوطن، ومقولة الجيوش العقائدية والجيوش غير العقائدية والجيوش الطليقة والجيوش غير الطليقة ومقولة الجيوش المنقسمة على نفسهاـ ووضع المعقب مجموعة من الملاحظات حول حقيقة الوضع الثوري للجيش الليبي في مرحلة الثورة الأخيرة من حيث المواقف التي اتخذت والاسهام في الثورة واعداد الشهداء وحالة الجيش في مرحلة ما قبل الثورة.
وجاءت المداخلات كثيفة على الورقة، وفي اتجاهات مختلفة، حول طبيعة موقف الجيش السوري من الثورة الشعبية في سوريا، وفي الحالة اليمنية وفي التجربة المصرية والتونسية.
الجلسة الرابعة من أعمال الندوة خصصت للاعلام والثورات العربية والتي ترأسها الدكتور محمد الرميحي للحديث عن حالة الإعلام العربي في زمن الثورات العربية، وقدم الدكتور صباح ياسين ورقة بعنوان» أثر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في عملية التغيير». وبدأ الباحث دراسته بأسئلة عن موقع الموضوعية في تعامل الإعلام العربي مع احداث الربيع العربي، والتنويه إلى أهمية دراسة بنية الإعلام العربي والتوصيفات التي اطلقت عليه، كمصدر رئيس للمعلومات وتشكيل الرأي العام.
وبيّن الباحث أن المتغير الواضح في مهمة الإعلام بوسائله المختلفة خلال مرحلة الربيع العربي لم تكن في تغيير الثوابت في إطار المسؤولية المهنية، وإنما في وسائل التعبير وقوة ووضوح ذلك التعبير، وبين ان وسائل الإعلام العربي لم ترتبط بشكل كامل بالوعي الجماهيري. لذلك، فإن مصلحة الإعلام برأي الباحث تكمن في قدرته التبشيرية بالحرية والتطور بمختلف أبعاده والدفاع عن المصالح الأساسية على حد سواء. وانطلاقا من هذه الوضعية لحالة الإعلام العربي حاول الباحث طرق ابواب التغيير والتعبئة المتواصلة وأثر التكنولوجيا على الأطر التقليدية العاملة في الإعلام العربي ومعايير المرجعية الإعلامية.
وعقب على البحث الدكتور لقاء مكي، وتساءل عن مدى امكانية الوصول إلى الموضوعية في الإعلام، مبينا ان الصحفي والإعلامي يكون مدفوعا باللاوعي باتجاه ميوله التي تحكمه، وأشار إلى أن الحماسة السياسية والعواطف غير مقبولة في التعاطي مع الأخبار، واعتبر مكي أن الموضوعية تظل في باب الفريضة الغائبة، وأشار إلى تأثر تغطيات الصحفيين العرب للثورات العربية بالميول والاجتهادات الشخصية ونفى ان يكون هناك توجيه محكم للصحفيين في بعض القنوات الفضائية، مثل الجزيرة والعربية، ونفى مقولة تأثر الإعلام العربي باجندات اقليمية، وأضاف ان الإعلام العربي لم يكن مستعدا بشكل جيد للتعاطي مع الثورة التونسية، كما أن الحدث المؤسس وهو احراق البوعزيزي لم ينل اهتماما مميزا وعومل معاملة خبر تقليدي بسيط، ولكن توالي الاحداث المحلية في سيدي بوزيد والقصرين أظهر ان الأمر مختلف. وفي مصر كان الوضع فارقا، فعوضت الجزيرة في مصر ما لم تحققه في تونس.
وعرضت المداخلات على هذه الورقة للدور الذي قامت به الفضائيات العربية في زمن الربيع العربي، من خلال حالات محددة، في تونس ومصر وسوريا. ووقف بعضها عند حدود التدخل في التغطية الإعلامية والدقة والحياد والنوعية، وبينت أنه لولا وجود الفضائيات لما واصلت الثورات العربية انطلاقتها في مسارها الثوري، وطالبت بعضها بوجود ميثاق شرف مهني ومرجعية مؤسسية.
وتحت الإطار الموضوعي لمستقبل النظام العربي في زمن الثورات جاءت الجلسة الخامسة امس لتعاين المستقبل العربي في ظل الثورات العربية، وترأسها الدكتور نور الدين العوفي، وقدم الدكتور بول سالم بحثا بعنوان:» مستقبل النظام العربي والمواقف الإقليمية من الثورة» وبيّن الباحث ان الثورات العربية جاءت من الداخل وللداخل، وأن الإعلام العربي نقل الوعي السياسي العربي، والذي ظهر بشكل موحد في البلدان العربية، بشكل مختلف عنه في ظل حدوث تجارب ثورية او ديمقراطية مجاورة سواء في ايران أو تركيا.
واشار الباحث إلى ان التغيير الجذري في السياسات الخارجية غير ممكن في دول الربيع العربي، وبيّن ان وصول الإسلاميين للسلطة أظهر انهم لا يحملون معهم ثورة في السياسة الخارجية، بقدر ما يتعاملون باسلوب مصلحي، وهم لا يحملون البعد الثوري معهم في سياساتهم الخارجية، وتظل هناك امكانية تحول في الواقع السياسي إذا ما حصل عدوان اسرائيلي على الشعب الفلسطيني او على إيران، وهنا قد يحدث الرد الثوري في السياسة الخارجية كرد فعل فقط.
وفي إطار الرصد للمواقف الدولية النافذة عالميا بيّن الباحث أن الغرب تعاطف مع الثورات العربية بشكل ايجابي اكثر من الدول النافذة في الشرق، واعتبر أن الولايات المتحدة برغم تخوفها من خسارة حلفائها إلا أنها بعد الثورة وجدت خسارتها محدودة، اما أوروبا فكان لها دور كبير في تونس وليبيا وتبين أن خساراتها ليست كبيرة، وقد يكون استقرار الوضع في الجنوب الأوروبي مدخلا إلى حلول اقتصادية في المستقبل، أما روسيا والصين، اللتان كانتا تخشيان من مضمون الربيع العربي، ومنعت مصطلحاته من محركات البحث الالكتروني، فإن موقفها كان مناهضا للربيع العربي، وتظل سوريا المؤشر الاكبر لحدوث التغيير، أما ايران فقد تضررت بشكل كبير، وتراجعت جاذبيتها وشعبية احمدي نجاد في المنطقة العربية، وذلك بعد سلسلة اعمال قمع في ايران العام 2009 ودعمها لنظام بشار الأسد. ونجد اسرائيل من بين الخاسرين، وبخاصة بعد انتهاء مصر مبارك، فهي اضحت معزولة أكثر من اي وقت آخر. ومع ان السعودية تظهر خاسرة ورابحة في آن واحد إلا ان قطر بسبب مواقفها قبل الربيع العربي وبعد، استطاعت وضع الدوحة كعاصمة عالمية، في السياسة الدولية، كما استعادت الجامعة العربية موقعها في المجال الدولي، لكن معالم نظام عربي لا يزال بعيد جدا، وانما يجد انظمة عربية اقليمية دون الحالة الدولية مثل مجلس التعاون العربي، وهو جسم أكبر قوة من السابق، اما نظام دول الممانعة المتحالف مع ايران فهو نظام دون الوصف الإقليمي، ويوجد في دول المغرب حديث عن إعادة تنشيط دول المغرب العربي في إطار موحد وبصورة إقليمية.
وعقب على هذا البحث ثلاثة معقبين هم الاستاذ جميل مطر ود نيفين مسعد ود محمد نور الدين. وبيّن فؤاد مطر ان الربيع العربي لم ينطلق من الحالة الإسلاموية التي فشلت سابقا في تحقيق الثورة، كما ان بوادر النظام المصري بعد الثورة تظهر دورا محتملا لرجال اعمال جدد غير الذين كانوا موجودين في زمن مبارك، وبالإضافة إلى ذلك أدت الثورات العربية إلى الحد من صعود تركيا في النظام الإقليمي، وأظهرت الثورات العربية اختلاف الدول العربية في النظر إلى هذه الثورات، وأن هناك خلافات في المواقف وردود الفعل وبشكل واضح، وتبرز اسرائيل في قمة القوى الإقليمية الناظرة بحذر إلى الثورات العربية.
وأوضح د. محمد نور الدين أن ايران اعتبرت الصحوة الإسلامية التي جاءت بها نتائج الثورات هي عمل تصحيحي لعلاقاتها مع العرب وعلى قاعدة مواجهة المشروع الصهويني، لكن مساندة ايران للنظام السوري يجعلها في حالة محيرة وهو ما قد يجعلها تخسر الكثير من مؤيديها من الإسلاميين أو المعارضة السورية، أما تركيا فهي بلد متلبس الهوية، وهناك خلافات في الداخل والخارج، ولديها سياسات مركبة في المنطقة، وهي التي كانت تعتبرنظام مبارك معطلا لامتداد نفوذها في المنطقة العربية.
وأشارت د. نيفين مسعد إلى أن استرداد القرار ووضعه بيد القوى المحلية يحتاج إلى تدبر، فهناك خلاف بين القوى المصرية والإدارة الأمريكية حول تمويل مؤسسات المجتمع المدني، وان الحاجة للمعونة الخارجية اثبتت العجز العربي في مواجهة تحدياته، كما ألمحت إلى ان تفجير خط الغاز المصري الأردني الاسرائيلي لاكثر من 11 مرة هو دليل على تقويض الامن. كما أشارت إلى عدد من الشواهد التي تؤكّد حضور البعد العربي في الثورات وهو ما يبيّن أن الثورات ليست محلية فقط.
وجاءت المداخلات لتركز على التداخل الاقليمي بين الدول والدور الدولي في دعم الثورات العربية والمواقف الإقليمية وبخاصة فيما يتعلق بتركيا وايران وموقفهما من الحالة الثورية العربية، وأشارت بعض المداخلات إلى أن الثورات قامت في البلاد التي كانت حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، كما أن مستقبل النظام السوري ليس هو المعضلة بل هناك توقعات بامتداد الثورات إلى منطقة دول الخليج العربي، وإمكانية نجاح الثورات في تأسيس نظم ديمقراطية حقيقية.
في إطار الحديث عن الإصلاح الاجتماعي جاءت الجلسة السادسة ليبدأ بها المحمور الثالث من اعمال الندوة، وهذا المحور ركز على التغيير الديمقراطي والإصلاح الاجتماعي، وترأس هذه الجلسة الشيخ راشد الغنوشي وحضرها وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام، وقدم بحثها الدكتور مصطفى الفيلالي بعنوان:» الثورة التونسية والبناء الديمقراطي».
وفي الدراسة ذهب الفيلالي إلى أن الثورة التونسية اتسمت بالعفوية والتلقائية، وغاب عنها التأطير والقيادة، وكانت بريئة من الشعارات المذهبية، مما جعلها فعلا وليدة الصدفة، وأولى الباحث اهمية لدراسة المجال الاجتماعي لثورة تونس والتوقيت الزمني الذي انفجرت به، واعطى اهمية قصوى إلى عامل الوعي الثقافي، وبالذات التربوي والذي عمل على تخريج مجموعة كبيرة من الشباب الذين تعلموا على التفكير الناقد والإدراك المقارن بين الواقع والممكن، ولذلك تفاقم الوعي الغضوب عند الشباب التونسي جراء انفراد مجموعة من الحاكمين في تونس والنخب الموالية لهم وممارستهم الاستقواء بالعائلة الحاكمة على سبيل قوت الناس.
ووقف الباحث عند اهمية الاستثمارات السياحية التي تركزت في الولايات السياحية في تونس واهملت المناطق الاخرى، فنحو 80% منها في الساحل، وكذلك الحال في مجمل الشركات الاستثمارية التي استثمرت نحو 70% من أموالها في الولايات الساحلية، وهذ كله ما اجج عنصر الغضب في الولايات الداخلية، وجعلها مهيئة للثورة.
في الحالة الراهنة تونسيا وهي ما بعد الثورة التونسية، بين الباحث ان قضية التشغيل تبرز كأكبر تحد ٍ امام الحكومة الحالية، كما ان مسألة الشركات الاستثمارية وتوزيعها على مختلف المناطق التونسية يعد اولوية قصوى عند التونسيين، وبمثل ما تحدث الفيلالي عن مقاصد الثورة، تحدث أيضا عن الجوانب الرمزية فيها وبين ان التحدي امام الحكومة الحالية هو اعادة فرض قوة الدولة والقانون والاستقرار والحكم بالمؤسسات.
د. لطيفة الأخضر عقبت على ورقة الفيلالي بعدة نقاط ومنها حول خصوصية الثورة التونسية، والعثرات في مرحلة ما بعد الثورة، وسبل الخروج من تلك العثرات، واوضحت بداية ان الثورة التونسية لم يكن لها قيادة أو تأسيس، وهذا ما جعلها مفاجئة، بالنسبة للكثير منا، ولكن الثورة التونسية استوجبت تعبيرا واضحا، عن خارطة الحيف الاجتماعي الذي امتد طيلة عمر الدولة الوطنية الحديثة، وقد اتخذ الحيف صبغة وجودية عند ابناء الجهة الوسطى من تونس. وانتقدت المعقبة على مسألة رموز الثورة ومنها إهانة البوعزيزي من سيد يطبق عليها من أعوان البلدية وانها كادت ان تقتل من نظام بن علي لكونها كبش فداء، وبينت ان البوعزيزي لم يفهم ان تعمل امرأة وان يكون هو في حالة بطالة وعجز.
وبين د خير الدين حسيب في تعقيبه بأن الحكم مبكرا على الثورة التونسية وعلى الإسلاميين قد يكون مبكرا، وقال ان الإسلاميين في تونس قدموا وعيا مختلفا عن غيرهم وشكلوا حكومة ائتلافية ولم ينفردوا بالسلطة، وقال أن التخوف من الإسلاميين غير مبرر وليس مقبولا في الحالة التونسية، وأشار إلى أهمية حسم الموقف من القضية الفلسطينية، وعدم تركه دونما رأي واضح. ودعى حركة النهضة التونسية إلى العمل على دوام الانتخابات.
ودارت المداخلات حول الحكم الإسلامي والتجربة الإسلامية وفشلها في السودان، واولوياتها تونسيا ودعوا إلى ترتيب الأولويات وعلى رأسها محاربة الفقر، ودعت المداخلات إلى اهمية استيعاب حركة النهضة للآخر، وتساءلوا عن الاعتراف باسرائيل، والموقف من العلمنة، وعن الضمانات الممكنة لكي لا تتكرر تجربة بن علي في تونس، والغاية من العودة للمقدس/ الدين من اجل الهوية والاحتماء بها، ودعوا إلى فصل السياسة عن الدين لكي لا يوظف الدين لاجل قضايا سياسية، كما تساءلوا عن عدم القدرة على انتاج مفاهيم جديدة ومقولات جديدة في تونسية بعد الثورة.