الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

اجتماع للجبهة الديمقراطية لمناقشة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية

نشر بتاريخ: 08/02/2012 ( آخر تحديث: 08/02/2012 الساعة: 11:55 )
جنين - معا - رحبت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالدعوة إلى حوار وطني حول السياسات الاقتصادية والمالية للحكومة والدعوة إلى التعجيل بالمباشرة فيه،

علماً بأن الجبهة كانت قد بادرت، قبل بدء الحكومة في مناقشة السياسات المالية الجديدة، إلى الدعوة لأوسع مشاركة شعبية وبرلمانية في الحوار حول هذه السياسات بهدف التوصل إلى أقصى درجة ممكنة من التوافق المجتمعي عليها، وإلى تمكين المجلس التشريعي – ممثلاً بهيئة الكتل والقوائم البرلمانية وفرق العمل المنبثقة عنها – من القيام بدوره كاملاً في إقرار هذه السياسات والنظر في موازنة عام 2012 قبل أن يصار إلى اعتمادها.

جاء ذلك في الاجتماع الموسع الذي عقدة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في جنين بحضور رمزي رباح عضو المكتب السياسي للجبهة ومصطفى بدارنة عضو اللجنة المركزية للجبهة وجمال محاميد امين فرع الجبهة في جنين وقيادة وكوادر الجبهة في المحافظة لمناقشة الوضع المالي والازمة المالية التي تعاني منها السلطة نتيجة من جهة لسياسات الاحتلال التدميرية والقيود المجحفة التي املتها اتفاقية باريس ومن جهة أخرى للسياسات الاقتصادية والاجتماعية العقيمة التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة والتي عجزت عن تعزيز مناعة الاقتصاد الوطني في مواجهة السياسات الاحتلالية، بل وقادت إلى زيادة انكشاف الاقتصاد الفلسطيني للخارج وتكريس تبعيته للسوق الإسرائيلية وتعميق الاعتماد على المساعدات الخارجية حتى في التمويل المباشر للموازنة الجارية للسلطة،

كما أدت إلى تعميق الفوارق الطبقية وزيادة معاناة الفئات الفقيرة والمتوسطة التي تئن تحت وطأة الغلاء المتصاعد وتتحمل القسط الأكبر من العبء الضريبي الثقيل.

وقال رباح إن التوجه نحو تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية في تمويل العجز الجاري للموازنة العامة هو توجه صائب وضروري، وهو يشكل خطوة لا بد منها لتصويب السياسة الاقتصادية والمالية المعتمدة. إن التقليل من أهمية هذا التوجه بحجة إلزام المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء شعبنا، أو بحجة عدم إعفاء إسرائيل من مسؤولياتها كقوة محتلة، إن هذا المنطق يقوم على إحلال الرغبات محل الوقائع ويتجاهل الحقيقة المرة وهي أن المساعدات الخارجية تستخدم من قبل المانحين، وبخاصة الولايات المتحدة وبعض الدول التي تنصاع لأوامرها، كأدوات ضغط على السلطة الفلسطينية للتأثير في قرارها السياسي أو للنيل من تماسك المجتمع الفلسطيني، كما أن تحكم إسرائيل في تحويل أو حجب أموال المقاصة يستخدم أداة ابتزاز من جانب الاحتلال بنفس هذا الاتجاه، الأمر الذي يجعل مهمة تحرير القرار السياسي الفلسطيني من الارتهان لهذه الضغوط والابتزازات مهمة وطنية من الطراز الأول بخاصة في ضوء احتدام المواجهة مع الاحتلال وحماته الأمريكيين والمتوقع أن تزداد حدتها إذا ما كان التوجه نحو استئناف الهجوم السياسي والدبلوماسي الفلسطيني على الصعيد الدولي جاداً وهو ما ندعو إليه ونؤكد على ضرورته.

واكد رباح إن الخطوة الأولى والأكثر أهمية نحو تقليص العجز في الموازنة العامة تتمثل في ترشيد الإنفاق الحكومي ووضع حد لمظاهر البذخ والتبذير وبخاصة فيما يتعلق بنفقات السفر وبدلات المهمات والامتيازات الممنوحة لكبار الموظفين ونفقات شراء أو استئجار العقارات. إن الإجراءات التي اعتمدتها الحكومة مؤخراً على هذا الصعيد هي خطوات بالاتجاه الصحيح ولكن من الضروري أن تكون أكثر جرأةً وشمولاً وأن تتسع دائرتها لتشمل ترشيد النفقات التشغيلية للأجهزة الأمنية ووضع حد لمظاهر الهدر والامتيازات فيها.

وحذر رباح من خطورة المقترحات المتعلقة بالتقاعد المبكر للموظفين. رغم أن هذه المقترحات لم يتم إقرارها، فإن إبقاءها قيد التداول أو البحث يخلق حالة من التوتر وعدم الاستقرار في الجهاز الحكومي وتلحق ضرراً فادحاً بأدائه، وبخاصة أن الآثار الاجتماعية السلبية لهذه المقترحات، فيما لو تم تبنيها وتنفيذها، ستكون مدمرة. وبدلاً من مقترحات التقاعد المبكر فقد دعت الجبهة إلى إعداد برنامج مدروس لإعادة تأهيل موظفي السلطة تمهيداً لإعادة توزيعهم لسد الحاجة الماسة التي تعاني منها الوزارات والمؤسسات التي تقدم الخدمات الأساسية الصحية والتعليمية والاجتماعية للمواطنين، إلى جانب الحفاظ على مبدأ حق الاختيار الطوعي بالنسبة للموظف فيما يتعلق بالتقاعد المبكر.

واشار رباح انه منذ أن انفجرت الأزمة المالية عندما عجزت الحكومة عن دفع رواتب شهر حزيران من العام الماضي، جددت الجبهة الديمقراطية - في إطار رزمة المقترحات التي تقدم بها مكتبها السياسي لمعالجة الأزمة – دعوتها إلى إعادة نظر شاملة بالنظام الضريبي بحيث يضمن إعفاءً كاملاً للدخول التي تقل عن خط الفقر الوطني، وإقرار ضريبة تصاعدية على الدخول العالية بما في ذلك الأرباح المتأتية من المضاربة والصفقات العقارية. إن القانون المعدل لضريبة الدخل الصادر بقرار رئاسي في 17/9/2011، والقرارات التي اعتمدها مجلس الوزراء استناداً إليه في 1/1/2012، هي خطوة نحو الاستجابة لهذا المطلب الذي يساهم في تحقيق درجة من العدالة في توزيع العبء بين مختلف طبقات المجتمع ويساعد في تصويب بنية الحصيلة الضريبية بزيادة نسبة ضريبة الدخل بالمقارنة مع الضرائب غير المباشرة التي تصيب بوطأتها بشكل خاص الشرائح الفقيرة وذوي الدخل المتدني والتي توازي نسبتها الآن 94% من مجموع الإيرادات الضريبية للسلطة.

واكد رباح إن القانون المعدل والقرارات الصادرة بموجبه تضمن إعفاءً كاملاً من الضريبة لكل من يصل دخله إلى ( 2500 ) شيكل شهرياً، أي كل من هو على عتبة خط الفقر الوطني أو دونه، فضلاً عن إعفاءات إضافية تصل إلى 1300 شيكل شهرياً لمن يسدد قرض إسكان و/أو أقساطاً جامعية. كما أنها تضمن تخفيضاً بدرجات متفاوتة للضريبة على شرائح الدخل الدنيا والمتوسطة ( الدخول التي تترواح بين 2500 شيكل وحتى 13 ألف شيكل شهرياً )، في مقابل زيادتها بشكل تصاعدي على أرباح الشركات وعلى الدخول العالية التي تزيد عن 13 ألف شيكل شهرياً. يتبين هكذا أن الادعاء بأن الزيادات الضريبية المقترحة سوف تطال في الأساس الفئات الشعبية الفقيرة، هو ادعاء لا أساس له بل العكس هو الصحيح. وكذلك لا أساس للزعم بأن هذه الزيادات سوف تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، حيث من المعروف أن ضريبة الدخل، تحديداً، لا يمكن تحميلها للمستهلك وبالتالي لا تنعكس على مستوى الأسعار كما هو الحال بالنسبة للضرائب غير المباشرة

واكدت الجيهة إن إقرار مبدأ الضريبة التصاعدية، وفقاً للسلم الضريبي المشار إليه، هو خطوة بالاتجاه الصحيح ينبغي على جميع القوى التقدمية أن تدعمها وتدافع عنها. ولكنها تشدد في الوقت نفسه على ضرورة تعديل قانون ضريبة الدخل الجديد بما يضمن إعادة العمل بالإعفاء الذي كان ممنوحاً للمزارعين العاملين في الأرض كما لمكافآت نهاية الخدمة، كما يضمن إلغاء الإعفاء الجزئي الذي ما يزال القانون الجديد يمنحه للأرباح المتأتية من المضاربة والصفقات العقارية. كما تدعو الجبهة إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة التهرب الضريبي وبخاصة أشكال التهرب التي تجري بالتواطؤ مع سلطات الاحتلال من خلال التلاعب بقيمة فواتير المقاصة المستحقة للسلطة.

وقال بدارنة مقابل هذا التصويب لنظام الضريبة على الدخل، وفي ضوء استفحال الغلاء وموجة الارتفاع الجنوني في الأسعار، فإن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تطالب بإجراءات فورية لخفض العبء الناجم عن الضرائب غير المباشرة المفروضة على السلع الأساسية ( وبخاصة الخبز والمحروقات المنزلية ) والتي تقود إلى المزيد من الارتفاع في أسعارها وتشكل عبئاً ثقيلاً على صدور ذوي الدخل المتدني. إن تخفيف هذا العبء ممكن، وضروري، من خلال الدعم الحكومي لأسعار هذه السلع، أو من خلال شمولها بالرديات الضريبية.

وطالبت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بإعادة النظر في أولويات الموازنة العامة بما يضمن تخصيص الحصة الأكبر من الموارد المتاحة لتطوير الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية وشبكة الحماية الاجتماعية، وكذلك لدعم الزراعة وسائر القطاعات الإنتاجية الوطنية والمناطق والفئات المتضررة من إجراءات الاحتلال والجدار والاستيطان. كما تؤكد الجبهة على ضرورة اضطلاع المجلس التشريعي، ممثلاً بهيئة الكتل والقوائم البرلمانية وفرق العمل المنبثقة عنها، بدوره كاملاً في مناقشة وإقرار موازنة 2012 قبل أن يصار إلى اعتمادها

وطالب قادة الجبهة الديمقراطية المجتمعين بضرورة تصويب السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة التي ينبغي استكمالها بخطوات جريئة أخرى تكفل معالجة ملموسة لمعضلات الفقر والتهميش التي تعاني منها القطاعات الأوسع من أبناء شعبنا. ودعوا الى اتخاذ خطوات مع جميع القوى التقدمية والنقابية إلى التوحد للضغط على الحكومة من أجل إقرارها، وضع حد أدنى للأجور يتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة وذلك من خلال التفعيل الفوري للمواد 86-89 من قانون العمل التي ترسم الآلية لتحديد الحد الأدنى للأجور وتنفيذه. وإقرار نظام شامل للضمان الاجتماعي والتأمين الصحي من خلال صندوق وطني مستقل يخضع لإدارة نزيهة ومنتخبة من المستفيدين المشمولين بالنظام.و إقرار وتنفيذ قانون الصندوق الوطني للتعليم العالي الذي اعتمده المجلس التشريعي بالمناقشة العامة بإجماع كتله وقوائمه البرلمانية، والذي يمكن الطلبة من سد الكلفة الباهظة للتعليم الجامعي.

ودعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كافة القوى الحريصة على المصلحة الوطنية، وبخاصة القوى السياسية والنقابية المدافعة عن حقوق العمال والموظفين والمزارعين وسائر الفئات الفقيرة والمهمشة، إلى الحذر من محاولات خلط الأوراق وتشويه الوقائع والمفاهيم وإلى توحيد موقفها على أساس برنامج واقعي لتصويب السياسات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والضغط على الحكومة من أجل اعتماده بما يضمن تعزيز صمود شعبنا في مواجهة الضغوط الخارجية وإجراءات الاحتلال، وإحقاق العدالة في توزيع العبء بين مختلف طبقات المجتمع.