ورقة سياساتية شبابية تقدم إستراتيجية جديدة للمستقبل
نشر بتاريخ: 08/02/2012 ( آخر تحديث: 08/02/2012 الساعة: 14:52 )
رام الله- معا- صرح شباب قياديون فلسطينيون من الضفة الغربية وقطاع غزة، بأهمية تحسين الوضع الاقتصادي ومحاربة الفقر وخلق فرص عمل كأحد أهم أولوياتهم، مطالبين بإنهاء حالة الانقسام والتحرك قدما نحو إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، ودعم التوجه الفلسطيني نحو الأمم المتحدة بالاستفادة من ثورات الربيع العربي.
وجاءت هذه التصريحات الشبابية ضمن تقرير قام باعداده معهد العالم العربي للبحوث والتنمية "أوراد" وشارك في صياغته شباب فلسطينيون من مختلف التوجهات والمنابع الفكرية والسياسية، يهدف لمناقشة هموم الشباب الفلسطيني وتطلعاته نحو المستقبل.
وضمن جهوده الرامية إلى تعزيز وتطوير الممارسة الديمقراطية في فلسطين والى زيادة المشاركة الفعلية لفئات المجتمع وفعالياته المختلفة في عملية صنع القرار ورسم السياسات العامة، نظم معهد أوراد الذي يديره الدكتور نادر سعيد- فقهاء ثلاث ورش شبابية متزامنة في الضفة الغربية وقطاع غزة بمشاركة 55 شابا وشابة قياديين من مختلف الأحزاب والتوجهات السياسية الفلسطينية وبمشاركة خبراء من أوراد.
وركز التقريرعلى خمسة محاور رئيسية تمثلت في الربيع العربي وأثاره على الواقع الفلسطيني، التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، الصراع العربي-الإسرائيلي، النظام السياسي الفلسطيني، والنظام السياسي الفلسطيني وواقع الأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية.
فيما يتعلق بثورات الربيع العربي، اجمع المشاركون على أن ثورات الربيع العربي تركت تأثيرا طويل الأمد على الوضع الفلسطيني لاسيما المتعلق بالاحتلال الإسرائيلي مشددين على أن الربيع العربي شجع الشباب على الانخراط بالعمل السياسي مما عزز من الشعور المتزايد لدى الشبان الفلسطينيين بإمكانية استعادتهم لدورهم القيادي في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كما أكد الشباب على أن سقوط نظام حسني مبارك قد أحدث تطورا ايجابيا ساعد القيادة الفلسطينية على اتخاذ موقف حاسم من وقف المفاوضات نتيجة لاستمرار الاستيطان والتوجه إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالعضوية الكاملة. مشيرين إلى تغير مواقف الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية بعد ثورات الربيع العربي.
في حين، عبر بعض الشباب عن تخوفهم من نتائج الثورات العربية بتحولها لصراعات وحروب أهلية داخل هذه البلدان، متوقعين بان ذلك سيؤدي إلى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية.
كما تشكك بعض المشاركين من التصفيق الغربي لنتائج الانتخابات التي أجريت بعد الثورات العربية، معبرين في الوقت ذاته عن تخوفهم من صعود التيارات الإسلامية إلى أنظمة الحكم مما يعني تحديات جديدة تحدق في مستقبل الحريات الديمقراطية ومبادئها.
أما فيما يتعلق بمبادرة التوجه إلى الأمم المتحدة، فقد أبدى المشاركون تأييدا كبيرا لقرار القيادة الفلسطينية التوجه إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، كما يعتقد البعض بان مبادرة التوجه نحو الأمم المتحدة أعادت النصاب لموقع القضية الفلسطينية على المستوى الدولي ووجهت أنظار الإعلام لها، أي كسرت معايير السيطرة الإسرائيلية الأمريكية على أي مفاوضات مستقبلية.
واعتبر بعض الشباب أن التوجه للأمم المتحدة كان خطوة تكتيكية وليست طويلة الأمد حيث هدفت القيادة الفلسطينية من وراء ذلك التأكيد التزام المجتمع الدولي بحل الدولتين، وأن السلطة الفلسطينية ستقبل العودة إلى طاولة المفاوضات في حال وافقت إسرائيل على التزاماتها تجاه الفلسطينيين.
وأشار بعض المشاركين إلى أن القيادة الفلسطينية ليس لديها نظام أو خطة طويلة الأمد تضمن نجاح النهج الدولي لتحقيق الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
أما فيما يتعلق بالنظام السياسي الفلسطيني، فقد أجمع المشاركون على ان استمرار الاحتلال الإسرائيلي يؤثر سلبيا على فرص تطور النظام السياسي الفلسطيني، مؤكدين ان النظام السياسي الفلسطيني يعاني انقساما أفقيا وعموديا وجغرافيا وسياسيا مما يعني انه لا يوجد أي محاولات حقيقية للنهوض بالنظام السياسي الفلسطيني في ظل حالة الاقتتال الداخلي بين الفصيلين الرئيسيين (فتح وحماس).
ويعتقد المشاركون على وجود اشكالية في بنية النظام السياسي الفلسطيني والتي ظهرتبشكل جلي إثر انتخابات 2006 والذي من وجهة نظرهم شكل منعطفا له تأثيرات طويلة الأمد على الوضع السياسي الداخلي، إضافة إلى أن المستجدات الجارية في فلسطين والمنطقة لم تظهر أي تأثيرات حقيقية على المشهد الفلسطيني، حيث ما زالت تحصل حركة فتح على ما بين (%33-40%) من التأييد، وحماس على ما بين (15%-20%)، كما وتبقى النسب الأكبر ما بين (40%-50%) غير مقررين أو داعمين لمجموعات صغيرة أو رافضين للمشاركة في أي انتخابات قادمة.
وحول السيناريوهات المتوقعة، أعرب الشباب عن تشاؤمهم من عملية السلام باعتبارها مخيبة للآمال من وجهة نظرهم في ظل استمرار العدوان على الفلسطينيين ومحاولة إسرائيل فرض وجهة نظهرها على قضايا الحل النهائي، وذلك مع استمرار السيطرة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية، واستمرار البناء الاستيطاني وتحويل حلم إقامة الدولة الفلسطينية إلى كنتونات صغيرة متناثرة.
آما فيما يتعلق بحل السلطة فقد أجمع الشباب على عدم موافقتهم على إنهاء دور السلطة كونها جاءت بعد تضحيات كبيرة قدمها الفلسطينيون، وبالتالي تعتبر انجازا وطنيا يجب المحافظة عليه وتطويره. كما انها أداة سياسية تمهد الطريق لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى أنها ضرورة اقتصادية كونها بحسب تعبير أحد المشاركين "مسؤولة عن إطعام ملايين الفلسطينيين".
أما فيما يتعلق بتوقعاتهم من حركة حماس، فظهرت في أوساط المشاركين وجهتي نظر الأولى تقول بان حركة حماس ستزيد شعبيتها كنتيجة للتغيرات التي تجري في المنطقة العربية ونتيجة للانتخابات الأخيرة في البلدان العربية والموقف الغربي الذي أصبح أكثر تقبلا لدور الحركة.
أما وجهة النظر الأخرى التي عبر عنها شباب قطاع غزة بقولهم "إن شعبية حركة حماس في تراجع، نتيجة لتجربة الفلسطينيين لقيادة حماس في قطاع غزة وما لها من تأثيرات سلبية على شعبيتها، وخصوصا في ظل اتخاذها إجراءات صارمة فيما يتعلق بالحريات الشخصية والأداء الاقتصادي وتصاعد معدلات البطالة مما يقود إلى الابتعاد عن تأييد حركة حماس ودفع المواطنين إلى الهجرة".
وبعد توزيع المشاركين إلى مجموعات بهدف مناقشة أهم الأولويات والإجماع عليها، أجمع الشباب على أن أولويتهم الأولى هي إنهاء الانقسام، وجاءت بالمرتبة الثاني أولوية إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وبالمرتبة الثالثة أولوية وضع خطة إستراتيجية جديدة، وبالمرتبة الرابعة أولوية تعزيز صمود المواطن الفلسطيني وتحقيق جملة من الإصلاحات الداخلية.
ولتفعيل دور الشباب الفلسطيني، اقترح المشاركون تشكيل ائتلاف يضم عددا من المجموعات الشبابية لتيسير وتنظيم الأنشطة المقترحة من أجل الضغط والمناصرة إضافة إلى تنظيم ورشة عمل تجمع المجموعات الشبابية المستقلة تهدف لفهم وبحث إمكانية وضع إستراتيجية وخطة واضحة المعالم من خلال دعوة كل مجموعة لأعضائها للمشاركة في الأنشطة المقترحة.
كما اقترحوا تشكيل لجان تنسيقية مناطقية تنفذ خطة العمل المتفق عليها بعد إجراء العديد من المناقشات، مؤكدين على ضرورة استخدام وسائل الإعلام وخصوصا وسائل الإعلام الاجتماعية في رفع درجة الوعي والضغط ومطالبة الشباب بالمشاركة في الأنشطة.