الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

اللجنة الدولية للصليب الأحمر... دورها في حماية الأسرى والمعتقلين

نشر بتاريخ: 20/02/2012 ( آخر تحديث: 20/02/2012 الساعة: 11:46 )
رام الله- معا- سلطت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الضوء على دور منظمة الصليب الأحمر الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة في توفير الحماية للأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال في ظل تصاعد الانتهاكات بحق الأسرى وأهاليهم واستمرار سلطات الاحتلال بالتنصل من التزاماتها القانونية بموجب اتفاقيات جنيف وأحكام وقواعد مبادئ حقوق الإنسان، وفي ظل الشعور الملموس لدى الأسرى بتراجع دور الصليب الأحمر في تقديم خدماته للأسرى ومواجهته لصعوبات كثيرة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي...

الوسيط الإنساني:
تأسست اللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 1863 وهي مؤسسة مستقلة محايدة، وقد ضمنت اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبرتوكولان الإضافيان للجنة الدولية للصليب الأحمر تفويضاً من المجتمع الدولي وفقاً للقانون في زيارة أي شخص يلقى القبض عليه له علاقة بنزاع دولي مسلح بما في ذلك حالات الاحتلال، وذلك بموجب المادتان (9،29) من اتفاقية جنيف الثالثة والمادتان (124،10) من الاتفاقية الرابعة، والمادة (81) من البرتوكول الإضافي الأول.

وتقوم اللجنة بتوفير الحماية والعون للضحايا العسكريين والمدنيين سواء كانوا أسرى حرب أو محتجزين مدنيين أو جرحى حرب أو سكاناً مدنيين في أراضي محتلة أو في أراضي العدو، كما تقوم بزيارة المعتقلين السياسيين.

وقد أسهمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تحسين وضع ضحايا الحرب من خلال القانون، وقامت بإعداد اتفاقيات جنيف التي ضمنت القواعد التي تلزم بها أطراف النزاعات في معاملة الأسرى الذين يقعون في قبضتها، وتسعى اللجنة إلى تطوير القانون الدولي الإنساني وتطبيقه، وهي تعمل كوسيط محايد بين أطراف النزاع.

وعند حدوث انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، تمثل الدور الرئيسي للجنة الدولية طبقاً للنظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في العمل من اجل التطبيق الأمين للقانون الدولي الإنساني الواجب التطبيق أثناء النزاعات المسلحة، وتلقي أي شكاوي حول انتهاكات لذلك القانون.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليست جهاز للتحقيق في الانتهاكات ومقاضاة مرتكبيها، ذلك ان عقاب الأشخاص الذين ينتهكون القانون الدولي الإنساني أمر يدخل في اختصاص الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف.

ولا تستطيع اللجنة القيام بعملها دون تعاون من أطراف النزاع، ومن منطلق عرض خدماتها على أساس حق المبادرة الإنسانية.

الإغاثة بين الحماية والحياد السياسي:
استمرار عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأراضي المحتلة هو تأكيد قانوني على استمرار الاحتلال وسقوط الضحايا، وأهمية وجود رقابة دولية على ممارسات الاحتلال وانتهاكات لحقوق الإنسان.

ومنذ عام 1967 واصلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في زيارات الأسرى في السجون ومراكز التحقيق، وترفع ملاحظاتها وتوصياتها إلى السلطات المسؤولة على نحو سري، وإضافة أنها تضطلع بمهمة نقل أهالي الأسرى لزيارة أبنائهم في السجون، وعلى تبادل الرسائل بين الأسرى وأهاليهم، وتعمل على إبلاغ أهالي الأسرى بأماكن احتجاز أبنائهم، وتتلقى شكاوي من أهالي الأسرى وتتابعها مع المسؤولين في سلطات السجون.

وقامت اللجنة بتوفير المساعدات المادية للأسرى في السجون من مواد غذائية وثقافية إضافة إلى أجهزة طبية للمرضى، وكل ذلك بشرط ان يحصل على موافقة من سلطات الاحتلال بذلك.

الدور الاغاثي للجنة الدولية للصليب الأحمر كوسيط وحلقة وصل بين الأطراف وتركز عملها على الجانب الإنساني المحض وعدم التدخل بالشأن السياسي والقضائي جعلها في موقع صعب بين الخير والشر، أمام استمرار الاحتلال الإسرائيلي بانتهاك دائم لحقوق الأسرى وكرامتهم داخل السجون ومراكز التحقيق، كممارسة التعذيب والتنكيل، واعتقال الأطفال القاصرين، والعزل الانفرادي والحرمان الواسع من الزيارات تحت حجة أسباب أمنية، وسوء أماكن الاحتجاز، واحتجاز الأسرى داخل ارضي دولة محتلة، وكل هذا ينتهك القانون الدولي الإنساني الذي تسعى اللجنة الدولية للصليب الأحمر على تطبيقه وحمايته.

ومنذ بداية الاحتلال لم تستطع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من إلزام دولة الاحتلال بتطبيق القانون الدولي الإنساني على الأسرى بحيث استطاع الاحتلال حصر دور الصليب الأحمر في جانب المساعدات المحدودة والمقلصة جداً وحصر دورها في مجال السلطة الأدبية فقط.

واجهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مأزقاً في عملها وأصبح نجاحها في التفاوض مع سلطات الاحتلال مدخلاً للقيام بعملها في مجال الإغاثة، وبالتالي تحول دورها إلى رهينة لمدى موافقة سلطات الاحتلال على القيام بعملها.

وقراءة لواقع الأسرى وخطورة ما تقوم به حكومة الاحتلال من إجراءات وعقوبات مشددة على المعتقلين وبغطاء التشريعات والقوانين الإسرائيلية فشلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من تنمية مجال تدخل القانون الدولي الإنساني وتعديل سلوك الإسرائيليين في تعاملهم مع الأسرى بسبب تجاهلهم القواعد الأساسية للقانون الإنساني.

وفي ظل مأزق العمل الإنساني الذي يواجه الصليب الأحمر يفترض ان تضطلع اللجنة بدور أكثر حزماً وخلق آلية للتوافق بين العمل الإنساني والعمل السياسي والقانوني، كون العمل الإنساني للجنة يدور في أجواء سياسية، وان يساعد العمل الإنساني تطبيق القانون وخدمة العمل السياسي.

لا حصانة للصليب الأحمر الدولي:

إن اقتحام مقر الصليب الأحمر الدولي في القدس يوم 23/1/2012 من قبل قوات الاحتلال واعتقال النائب محمد طوطح والوزير السابق خالد أبو عرفة، بعدما أبعدت قبل ذلك بشهر النائب احمد عطون من القدس الى رام الله بعد اقتحام مقر الصليب الأحمر، وذلك ضمن سياسة منظمة يقضي بعملية إبعاد النواب ونشطاء سياسيين من القدس، دلّ ذلك أنه لا حصانة لمقرات الصليب الأحمر الدولي، ولا للمؤسسات الدولية العاملة في فلسطين.

الناطقة باسم شرطة الاحتلال (لوبا سمري) قالت للصحفيين في القدس: اعتقال النواب نفذ بترخيص من القائد العام للشرطة ولا توجد وضعية دبلوماسية لمقر الصليب الأحمر.

لم يصدر موقفا واضحا وبشكل رسمي من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدين عملية الاقتحام والاعتقال بما في ذلك إهانة وإساءة للمكانة القانونية وللمركز الأخلاقي والإنساني الذي يمثله الصليب الأحمر الدولي بصفته الجهة التي تتلقى مظالم الضحايا والملجأ الذي يتخذه الضحايا للتعبير عن حقوقهم ومطالبهم.

تراجع دور الصليب الأحمر الدولي:
المراقب لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي يجد ان دورها قد تراجع كثيراً في السنوات الأخيرة حتى على مستوى الخدمات الإنسانية والتي كان آخرها وقف إدخال صحيفة القدس إلى الأسرى بالسجون، وهي الصحيفة العربية الوحيدة التي تدخل إلى السجون والتي دأب الصليب الأحمر بالإشراف على ذلك..

ومنذ 1/1/2011 أبرمت اتفاقية بين الصليب وسلطات الاحتلال تقضي بتقليص الخدمات الطبية للأسرى المرضى وتقليص مساهمة الصليب الأحمر في تغطية هذه الخدمات وإلزام الأسير المريض على دفع جزء من نفقة العلاج.

ولا زالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر غير قادرة على إيجاد حلول لعائلات الأسرى من فئة قرابة أولى الممنوعين من زيارة أبنائهم بالسجون تحت ذريعة أسباب أمنية، ولم تستطع سوى تنظيم زيارات للمنوعين مرة واحدة كل ست شهور أو سنة، إضافة إلى عجزها في تنظيم زيارات لعائلات أسرى قطاع غزة المحرومين من زيارة أبنائهم منذ أكثر من خمس سنوات.

ولم تستطع اللجنة إيقاف سلسلة إجراءات اتخذتها إدارة السجون وحكومة إسرائيل بحق الأسرى كالحرمان من التعليم الجامعي والتوجيهي وإدخال الكتب وفرض العقوبات الفردية والجماعية عليهم كالغرامات والحرمان من المشتريات الغذائية والسماح بإدخال الأطباء لمعالجة المرضى.

ولعل تعرض الأهالي لتفتيشات مذلة ومهينة على الحواجز خلال الزيارات من المشاكل المتواصلة التي لم تستطع اللجنة إيجاد حل لها مما جعل من الزيارات عقاب وتعذيب لأهالي الأسرى...

ان العديد من الانتهاكات المخالفة لأحكام القانون الدولي الإنساني تجري أمام معرفة ورؤية الصليب الأحمر الدولي الذي يكتفي برفع التقارير السرية إلى المسؤولين في جنيف دون ان يلمس الأسرى أي تحول أو تأثير لهذه التقارير على سلوك الإسرائيليين في التعامل معهم.

قضية الأسير خضر عدنان:
ان إغاثة الضحايا وإقرار حقوقهم هو صلب عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، وتعتبر قضية الأسير خضر عدنان المضرب عن الطعام منذ 66 يوماً ضد قرار اعتقاله الإداري من ابرز القضايا التي يجد الصليب الأحمر فيها نفسه في أزمة حقيقية فعلى الرغم من اهتمام الصليب الأحمر ومتابعته الحثيثة لهذه القضية ومتابعة زيارة الأسير ومتابعة ذلك مع سلطات الاحتلال، إلا انه وبسبب الحياد وعدم تدخله في الجوانب القضائية وقف عاجزاً عن عمل أي شيء أمام التدهور المستمر على صحة وحياة الأسير خضر عدنان.

اللجنة الدولية تدرك مدى استخدام سلطات الاحتلال للاعتقال الإداري بطريقة تعسفية، ويفترض ان تتدخل في جوهر هذه السياسة كونها راعية للقانون الدولي وان يصدر موقفاً صريحاً منها موجه إلى الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف يقضي بضرورة عقاب دولة إسرائيل بسبب انتهاكها للقانون الدولي الإنساني.

الحفاظ على صحة الأسير خضر هام جداً، ولكن الأهم هو وقف السياسة القانونية المخالفة للقانون الدولي والتي بموجبها اعتقل الأسير خضر والآلاف من الأسرى ويدفعون الثمن بسببها، وهذا ما يجب ان تعلن عنه اللجنة الدولية للصليب الاحمر.