الديمقراطية تنظم ندوة في ذكرى انطلاقتها: اتفاق باريس كرس التبعية
نشر بتاريخ: 25/02/2012 ( آخر تحديث: 25/02/2012 الساعة: 16:54 )
رام الله -معا- نظمت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ندوة حوارية اقتصادية سياسية بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لانطلاقتها وذلك بمشاركة النواب قيس عبد الكريم عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، وبسام الصالحي الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، ووليد عساف النائب عن حركة فتح والدكتور نبيل قسيس رئيس مجلس أمناء مؤسسة ماس، وحضر الندوة المئات من ممثلي القوى والفصائل الوطنية والشخصيات الأكاديمية والنقابات والاتحادات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني.
وجاءت الندوة تحت عنوان "الأزمة الاقتصادية في فلسطين وأبعادها السياسية" ورحب مدير الندوة الإعلامي نهاد ابوغوش بالمشاركين والحضور، مستهلا الندوة بتوجيه التحية لشهداء الجبهة والشعب الفلسطيني والذين كان آخرهم الشهيد محمد موسى سمامرة الذي استشهد في بلدة الظاهرية قبل يومين، كما وجه التحية باسم جميع المشاركين للاسير خضر عدنان الذي انتصر بإرادته وصموده الأسطوري على بطش الاحتلال وعسف سجانيه.
واشار في مقدمته إلى تداخل الهم الوطني السياسي بالهم المعيشي والاقتصادي وبخاصة في ظل استفحال الغلاء وانفلات السعار وتفاقم مشكلتي الفقر والبطالة، واستمرار الضغوط المالية والسياسية على السلطة، وطرح خلال مقدمته عددا من الأسئلة على المتحدثين الرئيسيين والجمهور بشأن سبل تعزيز صمود المجتمع الفلسطيني في وجه الضغوط والابتزازات والأخطار المحدقة.
واشار الدكتور قسيس في مداخلته إلى جملة من الأبعاد السياسية الداخلية والخارجية للأزمة الاقتصادية، مؤكدا على أن النقاش الدائر حول قانون ضريبة الدخل هو نقاش صحي، ويمثل ظاهرة جديرة بالثناء، وينبغي تكريسها كنهج للحوار المجتمعي.
واضاف أن الضرائب التي يدفعها المواطن الفلسطيني متعددة ومرتفعة، ولا تشكل إيرادات ضريبة الدخل أكثر من 7 في المئة من مجمل الإيرادات الضريبية، كما أن قسوة الظروف التي نعيشها تتطلب دراسة للنظام الضريبي في ضوء خصوصية الوضع الفلسطيني.
واشار إلى أن كثيرا من الاراء والمواقف التي تطرح بشأن آثار تعديل قانون الضريبة على الأسعار مرتجلة، في حين أن القضية المثارة ليست بهذه السهولة، حيث أن ضريبة الدخل هي جزء من النظام الضريبي، كما أن المشكلة لا تقتصر على نسبة الضريبة ولكن الأهم هو معدل الدخل في فلسطين الذي يقع في الحدود الدنيا للدول المتوسطة الدخل .
واعتبر الدكتور قسيس أن الاتجاه لتقليل الاعتماد على الدعم الخارجي صحيحا ومنسجما مع الطروحات السياسية الفلسطينية، وتساءل عن جدوى الاستمرار في تحمل أعباء الدولة في حين أن الحل السياسي لا يبدو قريب المنال، في حين أن الأجدى ربط التراجع في الاعتماد على المعونات الخارجية بالتقدم الفعلي في خطوات إنهاء الاحتلال.
من جانبه قال النائب وليد عساف أن الأزمة المالية ليست وليدة الشهور الأخيرة، وعرض ارقاما وإحصائيات رسمية تظهر واردات السلطة ونفاقاتها خلال الشهور التي سبقت الأزمة ورافقتها، كما بين بالتفصيل مقدار ما تنفقه خزينة السطة على الرواتب وقطاعات الشؤون الاجتماعية والصحة والتعليم مظهرا أن نحو نصف النفقات تصرف على قطاع غزة بينما لا تستاثر حكومة حماس بكل الإيرادات والرسوم وتفرض ألوانا وانواع من الضرائب التي لا يرد منها شيء لخزينة السلطة، وهو ما يثقل كاهل مواطني الضفة بكل أعباء النفقات وهو وضع شاذ لا تستطيع اي دولة وبخاصة إذا كانت فقيرة تحمله كأن تتحمل الأردن مثلا كل مصاريف دولة كسوريا أو العكس، كما أن اشكالا من التلاعب والتواطؤ والتهريب تحرم خزينة السلطة من جزء مهم جدا من وارداتها المفترضة، وقال أن شعبنا الفلسطيني مثقل بالضرائب ولا يمكنه تحمل فرض ضرائب جديدة، وخلص إلى أن الحل يجب أن يكون سياسيا من الدرجة الأولى وليس ماليا أو اقتصاديا، ومدخله المصالحة والوحدة الوطنية.
وعدد النائب بسام الصالحي أسباب الأزمة الاقتصادية وفي مقدمتها استمرار الاحتلال، وقيوده المجحفة وإجراءاته، بالإضافة إلى المنهج الاقتصادي الذي انتهجته السلطة الفلسطينية منذ تاسيسها القائم على الاقتصاد الحر مما خلق فجوات اقتصادية كبيرة. كما اشار إلى تضخم جهاز السلطة باعتباره سببا رئيسا للأزمة.
واشار الأمين العام لحزب الشعب إلى أن قطاع الزراعة لا يتلقى سوى 1% من موازنة السلطة على الرغم من الأهمية الوطنية والاستراتيجية والاقتصادية لهذا القطاع الحيوي، ونبه إلى أن القرارات والسياسات الاقتصادية قد تؤدي إلى ازمات وتوترات اجتماعية تفاقم من مشكلات الغلاء والفقر والبطالة، وهي توترات تضعف صمود المواطنين وثقتهم بالسلطة والحكومة.
ودعا الصالحي إلى مراجعة السياسات الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أنه لا يجوز لطرف أن يقرر وحده هذه السياسات ما يستدعي حوارا وطنيا جادا ومسؤولا بمشاركة كل الأطراف.
ولفت الصالحي إلى أن السؤال الاهم الذي ينبغي طرحه قبل بحث سبل وطرائق تحصيل الثلاثين مليون دولار، قيمة العجز في الموازنة الشهرية، هو السؤال إلى اين ستذهب هذه الأموال، وكيف ستصرف؟.
وأوضح النائب قيس عبد الكريم ( أبو ليلى) أن تبعية الاقتصاد الفلسطيني لاقتصاد الاحتلال الإسرائيلي تكرست بفعل القيود التي فرضها اتفاق باريس الاقتصادي، وقد تعمقت هذه التبعية بسبب السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومات الفلسطينية المتعاقبة، واضاف أن أدوات السياسة المالية تتقرر في إسرائيل وحدود قدرة السلطة على التأثير فيها لا تتجاوز 1-2 في المئة، ووافق أبو ليلى من سبقه من المتحدثين بأن الأزمة الأخيرة ليست وليدة الشهر الأخيرة، بل هي نتاج المنهج الذي اعتمدته الحكومات المتعاقبة والتي بنيت على مجموعة من الأوهام ابرزها إمكانية تحقيق التنمية المستدامة في ظل الاحتلال، والمراهنة على الدور الريادي للقطاع الخاص في دفع عجلة النمو الاقتصادي، وقد ثبت عقم هذه الرهانات، وتبددت هذه الأوهام مع استفحال الأزمات وتعميق التبعية ما يستدعي اعتماد استراتيجية اقتصادية اجتماعية بديلة تقوم على تسخير الموارد المتاحة لتعزيز صمود المجتمع وبخاصة الفئات الكادحة والفقيرة، وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية لصد الضغوط والابتزازات الأميركية الإسرائيلية.
كما دعا لترشيد الانفاق الحكومي ووقف الهدر والتبذير في مؤسسات السلطة بما فيها الأمنية، وإلى خفض الضرائب على السلع والمواد الأساسية لوقف استفحال الغلاء.
كما طالب أبو ليلى إلى اعتماد انظمة توفر مزيدا من العدالة في توزيع العبء الضريبي من خلال نظام الضريبة التصاعدية على الدخل مع إعقاء المزارعين وعدم المساس بمكافآت نهاية الخدمة، ومكافحة التهرب الضريبي، وشدد على ضرورة تصويب أولويات الموازنة لصالح تحسين الخدمات الأساسية ودعم الزراعة والانتاج الوطنين وإقرار الحد الأدنى للأجور، واعتماد قانون الضمان الاجتماعي والصحي الشامل وقانون الصندوق الوطني للتعليم الجامعي.
وجرى نقاش موسع شارك فيه عدد كبير من الحضور ومن بينهم أحمد القاسم وعصام العاروري وأمل خريشة وأحمد ابوغوش والنقابي محمد جاد الله وعائشة عودة وديما أبوغوش اجاب بعدها المشاركون الرئيسيون على الأسئلة والملاحظات.