الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

عاطوف والعقبة... شاهدتان على الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة

نشر بتاريخ: 28/02/2012 ( آخر تحديث: 29/02/2012 الساعة: 00:03 )
سلفيت-معا- منذ أن إحتلت إسرائيل أراضي الضفة الغربية عام 67 وهي تمارس سياسة إغلاق منطقة الإغوار الشمالية عسكريا، فلم تكفيهم قسوة الطبيعة بصيفها الحار وبردها القارص، والحياة البدائية التي إعتادوا عليها, بل جاء من يزيد همهم هما كبيرا ، تفنن في تحويل حياة الفلسطيني الى جحيم لا يطاق، فأصبح سكانها يتجرعون مرارة ورعبا وخوفا وحرمانا ، يفترشون الأرض, ويلتحفون السماء, يسكنون في العراء بلا ماء أو كهرباء بعد أن دمر الإحتلال لكثير من بيوتهم ، ومع كل هذا الا أنهم صامدون ومرابطون فوق ما تبقى من أراضيهم ، لتكون إرادتهم هي السلاح لمقاومة عنجهية الإحتلال .

تبلغ مساحة الأغوار كما أخبرنا محافظ طوباس "مروان طوباسي" حوالي 1664كم2 يسيطر الإحتلال على أكثر من 87 % من أراضيها ,حيث يسيطر الإحتلال على معظم الأراضي في المنطقة من خلال المستوطنات ومناطق التدريب العسكرية , إضافة الى السيطرة على جميع الموارد الطبيعية وأهمها أحواض المياه الرئيسية.

عملية تهجير منظمة

ويتابع طوباسي حديثه" في الفترة الأخيرة يقوم الإحتلال الإسرائيلي بتنفيد حملات مسعورة واسعة النطاق والمتمثلة, بالإنتهاكات ضد المواطنين والإستمرار في توسيع المستوطنات الزراعية, وتوجيه العديد من إخطارات الهدم والترحيل للسكان, والتي زادت نسبتها خلال عام 2011 الى 25% , ومن هذه المناطق " قرية العقبة,الفارسية , الحلوة,المالح,الحديدية,مكحول,سمره,الرأس الاحمر,خربة يرزة, ابزيق"ويبلغ مجموع إخطارات الهدم 137 , وترحيل 32 إخطارا, ومصادرة إخطارا واحد.

ويكمل الطوباسي حديثه :ومن المناطق التي تمت مصادرة أراضيها من أجل إقامة المستوطنات ومعسكرات التدريب " عين البيضاء , بردلا,المالح ,عاطوف وخربة سمرا..." ويضيف :لم يكتف الإحتلال بهذه الأعمال التعسفية ,بل يتعداه الى مخلفات تدريبات جيشها في هذه المناطق, مما تؤدي الى إستشهاد وجرح المواطنين ، إضافة الى المياه التي تحرم على الفلسطيني".

ويستطرد طوباسي قائلا:" أثبتت الإحصائيات أن 13 آلاف مستوطن إسرائيلي في منطقة الأغوار الشمالية, موزعين على 12 مستوطنة, يستهلكون خمسة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني, ويسيطرون على المصادر المائية في المنطقة,وأن سلطات الإحتلال تمنع السكان من حفر آبار ارتوازية في أراضيهم المملوكة, وتمنعهم من ترميم آبارهم القديمة المرخصة, وتجبرهم على إستخدام مياه ميكروت ,وتمنعهم من شق الطرق الزراعية وتعبيد الشوارع وهدم البركسات والخيم ومصادرة المواشي ,وتغريم المواطنين غرامات مالية بدل حجز تلك المواشي, وينهي حديثه قائلا": إن ما يجري في الأغوار حرب ضد الوجود الفلسطيني تهدف الى ترحيله ,

بحاجة الى وقفة حقيقية

ومن خلال جولة صحافية نظمتها وزارة الإعلام لعشرات الصحافيين المحليين والأجانب توجهنا الى خربة عاطوف, الصورة القاتمة من وجوه الأهالي, ومشاهد البيوت المهدمة كافية لتخبرنا عن معاناتهم التي سببها لهم الإحتلال الإسرائيلي ، إستمعنا لرئيس مجلس عاطوف "عبد الله بشارات" ليخبرنا عن عذاباتهم وقهرهم اليومي الذي يقلقهم قائلا " :عاطوف محاطة بالمستوطنات من كل الجهات تبلغ مساحتها 196 الف دونم, ولم يبقى منها سوى 20 الف دونم ما بين وعر وسهل, فهي مستهدفه بشكل مباشر, إضافة الى ذلك وجود بعض الأراضي والتي تحتوي على مخلفات للالغام, وراح ضحيتها 73 اصابة من عام 1997, واستشهاد 6 مواطنين وكان اخرها عام 2008, ومن بينهم اخي مصطفي بشارات .

ويضيف بشارات": عدد سكان عاطوف مع الرأس الاحمر 120 نسمة, ويعتمد سكانها على الزراعة وتربية المواشي, بالرغم من قله المناطق الرعوية بسبب المصادرة, ولم يقف الحال عند هذه المعاناة, وما يزيد الطين بله على المواطنين, عدم توفر البنية التحتية, فاالشوارع غير مناسبة وعدم وجود مركز صحي في القرية وعدم توفر المياه الكافية, والتي نقوم بشراءها من خلال الصهاريج من بلدة طمون, ويبلغ ثمن الكوب 17 شيقل , وينهي حديثه بمناشدته قائلا":نطالب السلطة الوطنية بدعم المنطقه والوقوف الى جانب المواطنين من أجل محاربه الإستيطان وتعزيز صمودهم في الأرض"

حياتنا صعبة

الحاج خالد بني عودة ذو الثمانية والخمسين عاما تحدث الينا عن معاناتهم قائلا": نعيش حياة صعبة ، حيث بلغ مجموع الأراضي المصادرة حتى الآن 60 ألف دونم، وتعود منها 100دونم لملكية بني عودة في محيط المستوطنة.

ويضيف عودة حديثه بتنهيده شعرنا بلهيبها المحرق قائلا":كل يوم نتعرض لمضايقة من قبل علاوة على ذلك يتم محاصرتنا من خلال خندقان كبيران وبعمق 8 امتار وطول 4 كيلومترات وهذه الخنادق أقيمت خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، بغرض منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الاول يعتبرونه كنقطة تحذير"محسوم"لا يجوز تجاوزه , والخندق الاخر لا يجوز الاقتراب منه, ويقومون باطلاق النار على كل من يشاهدوه بالقرب منه،لذلك اقوم بتوصيه ابنائي واولادهم يعدم التوجه الى تلك المناطق خوفا عليهم.

وينهي حديثه :بالرغم من كل هذه الاعمال الوحشية بحقنا فنحن مرغمون على تحمل هذه الحياة وسنبقى صامدون بالرغم من الذل والاحتقار الذي سببه الاحتلال وعلى العالم ان يرى ما يفعله بنا ".

لن نرفع الراية البيضاء

وبعد ذلك توجهنا الى العقبة ليكون في استقبالنا رئيس مجلس قروي العقبة "سامي صادق" فلم تمنعه كرسي الإعاقة, والتي كان سببها رصاصة إسرائيلية حكمت عليه بالعجز الحركي خلال عام 1971. من اصطحابنا الى شارع السلام جنوبي القرية في أطراف غور الأردن. وبنبرة صوته والتي تحذوها الأمل والقوة تحدث الينا قائلا": قتل الإحتلال السلام مرتين في العقبة، عندما هدم الشارع الذي أطلقنا عليه هذا الاسم، لأنه بإختصار لا يريد السلام، ويستمر في توسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي, ومحاولة تهجيرنا ومسح العقبة عن الوجود "

ويضيف صادق تبلغ مساحة العقبة والتي تحاط بمعسكرات كوبرا (1)، وكوبرا( 2)، وتسيدفيع، (تعني بالعربية المُتلون)،" 3500" دونم يستولي الاحتلال على معظمها ويعيش في العقبة 300 مواطن على 45 بيتاً حصلت كلها على إخطارات بالهدم، بدعوى البناء دون ترخيص،. فيما يعيش من هجّرهم الاحتلال وعددهم قرابة 700، في بلدة تياسير ونابلس والأردن.

ويكمل حديثه "شارع السلام ليس الوحيد الذي يستهدفه الإحتلال، فالبيوت, والمسجد التي مئذنتة تحمل شارة النصر فنحن من قام ببناءها لنقول لهم نحن المنتصرون , كذلك مبنى المدرسة والعيادة الصحية والجمعية الخيرية، كلها مهددة بالهدم، كما أن شارع إسكان المهجرين، تعرض هو الآخر للهدم، أما شارع غاندي، الذي يقول عنه صادق، أحد الرموز التي تُذكر العالم بالنضال السلمي لإنهاء الاحتلال، فلم يتعرض حتى الآن للأذى، لكن ذلك قد يتغير في المستقبل فالعقلية الإسرائيلية لا تعرف لغة السلام والاستقرار". وينهي صادق حديثه" سنبقى صامدون ولن نرحل وسنقاوم الاحتلال بكافه الوسائل ولن نرفع الراية البيضاء ".