مجلس الإفتاء يحرم إجهاض الجنين المصاب بمرض الثلاسيميا
نشر بتاريخ: 06/03/2012 ( آخر تحديث: 06/03/2012 الساعة: 15:15 )
رام الله- معا- أصدر مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين فتوى بتحريم إجهاض الجنين المصاب بمرض الثلاسيميا، جاء ذلك جوابا لسؤال بالخصوص، واستمع المجلس إلى توضيح من رئيس جمعية مرضى الثلاسيميا وبعض أصحاب العلاقة حول هذا المرض والمصابين به، ومدى إمكانية تشخيصه في فترة الحمل الأولى، وبعد مناقشة مستفيضة حول الموضوع، أصدر المجلس فتوى بتحريم الإجهاض بسبب الثلاسيميا، هذا نصها:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
فقد كرم الله تبارك وتعالى النفس البشرية، وجعل الحفاظ عليها من الضرورات الخمس، ومن وسائل المحافظة عليها استمرار التناسل، وقد دلت النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية على لزوم حفظ حياة الإنسان واحترامها في كل مراحل عمره ووجوده، فقال تعالى : ?...مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا? (المائدة: 32)، ويقول تعالى: ?وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا...? (الإسراء:31)، ويقول تعالى: ? وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ? (الأنعام:151)، وجاء في الحديث الصحيح: « قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قَالَ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال:َ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِك،َ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَهَا "وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا» (صحيح مسلم - كِتَاب الْإِيمَانِ – باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده )، وجاء في الحديث الصحيح ما يُظهر الحرص على ابن الزانية التي لزمها الحد، وفيه «... فَجَاءَتْ الْغَامِدِيَّةُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي، وَإِنَّهُ رَدَّهَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تَرُدُّنِي؟ لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَحُبْلَى، قَالَ: إِمَّا لَا فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي، فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ قَالَتْ: هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ، قَالَ: اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ، فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ، فَقَالَتْ: هَذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ فَطَمْتُهُ، وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ... » (صحيح مسلم - كِتَاب الْحُدُودِ – باب من أعترف على نفسه بالزنا)، وجاء في صحيح مسلم: «اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَىَ، أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا، غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ...... » (صحيح البخاري - كِتَاب الديات– باب جنين المرأة).
فللإسلام موقف واضح من تحريم الإجهاض، إذ يعتبره تعدياً على حق الجنين في الحياة والوجود، إلا إذا وجد ما يستدعيه حسب القواعد والمبادئ والأحكام التي يؤخذ بها في هذا المجال، وحيث أن تحديد مستوى الإصابة بالثلاسيميا يصعب تحديده في بدايات الحمل، فإن إجهاضه لهذا السبب يقوم على الظن، واليقين لا يُزال بالشك، إلا إذا وجدت أسباب أخرى تستدعي إجهاضه.
وبناءً عليه؛ فإن مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين، يرى منع الإجهاض بسبب هذا المرض.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.