الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

في ذكرى الهجوم- سجن أريحا شاهد على سقوط الاتفاقيات

نشر بتاريخ: 15/03/2012 ( آخر تحديث: 15/03/2012 الساعة: 16:37 )
بيت لحم- تقرير "معا"- ست سنوات مضت وأبناء الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات محرومون من اللقاء بوالدهم او حتى رؤيته بعيونهم التي احمرت شوقاً وهم ينتظرون لحظات تنهي الحرمان الذي طال أمده في مسيرة رجل وهب نفسه للدفاع عن وطنه وقضيته.

بالأمس عادت ذاكرة الأبناء غسان وإيباء وصمود ويسار إلى الوراء لتستذكر مشهد الدبابات الإسرائيلية التي انقضت على سجن اريحا لتختطف والدهم ورفاقه من داخل السجن الذي سورته حراسة بريطانية وإشراف امريكي، ناقضة بذلك اتفاقا مع السلطة كان من المفترض أن يضمن سلامة وأمن المعتقلين داخل هذا السجن.

وبعد ست سنوات من بينها ثلاث في العزل الانفرادي واكبتها ظروف قاسية وصعبة وتدهور صحي خطير، ترى عبلة سعدات "أم غسان" زوجة الأمين العام للجبهة الشعبية أنه يبدو في معنويات عالية وبصحة جيدة رغم معاناته من بعض الأمراض التي كادت تودي به وهو يخوض الإضراب الإخير في سجون الاحتلال.

وتمنع إسرائيل زوجة سعدات وابناءه من زيارته منذ عزله في التاسع من آذار 2009، وقبل ذلك لم يكن يستطيع زيارته سوى زوجته عبلة وابنه غسان (30 عاما) لأنهما يحملان الهوية الزرقاء، أما ايباء (25 عاما) وصمود (25 عاما) وشقيقهن الآخر يسار (20 عاما) فلم يكن باستطاعتهم زيارة والدهم منذ اعتقاله من سجن أريحا قبل ستة أعوام لانهم يحملون هوية الضفة الغربية.

وتتواصل عائلة سعدات معه من خلال المحامين والصليب الأحمر فقط، وكانت آخر زيارة له الأسبوع الماضي قام بها الصليب الأحمر، وتشتكي "أم غسان" من تأخر سلطات الاحتلال بابلاغ الصليب الأحمر عن موعد الزيارة قبل يوم واحد فقط، الامر الذي لا يعطي العائلة فرصة كافية لتوفير الاحتياجات اللازمة لسعدات لا سيما وأن الملابس والكتب وبعض المستلزمات الضرورية لا يتم ادخالها سوى من خلال الصليب الأحمر.

ويبلغ مجموع ما أمضاه أحمد سعدات الذي أكمل الشهر الماضي عامه التاسع والخمسين حوالي خمسة وعشرين عاما، وأصبح مطاردا منذ عام 1992 واختفى عن الانظار حتى اعتقاله من قبل الاجهزة الأمنية الفلسطينية قبل عشر سنوات، في محاولة من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات لحمايته ورفاقه الذين اتهموا بقتل وزير السياحة الاسرائيلي رحبعام زئيفي بتاريخ 17 تشرين الأول 2001 في مدينة القدس.

وجرى اعتقال سعدات ورفاقه بوساطة اميركية وبريطانية، واشرف على وجودهم في السجن ضباط بريطانيون، إلا أن إسرائيل أقدمت قبل ست سنوات على اختطافهم في عملية عسكرية دمرت خلالها سجن أريحا ومن ثم قدمتهم للمحاكمة رغم عدم اعترافهم بشرعيتها لتقضي بسجن سعدات 30 عاما.

تقول عبلة سعدات "لم نعش حياة أسرية أو زوجية سوى الخمس سنوات الأولى من زواجنا الذي كان في عام 1981، ففي عام 1985 كان اعتقاله الأول بعد الزواج حيث امضى سنتين ومع خروجه اندلعت الانتفاضة الأولى فكان الاحتلال يعتقله إداريا بشكل متواصل ولا يمضي سوى أشهر قليلية ثم يعود إلى السجن من جديد.
|167854|
وكان سعدات قد اعتقل في عام 1976 واستمر اعتقاله حتى العام 1980، بينما اصبح مطاردا في العام 1992، أما زوجته عبلة سعدات فقد تعرضت للاعتقال مرتين في عامي 1987 و2003، وتروي صعوبة الظروف التي عاشها ابناؤهما وهما في السجن، بينما كان الأبناء يذهبون في رعاية ابنة عم لعبلة وشقيقها.

وتؤكد "أم غسان" صِدق وجهة نظر زوجها إزاء المصير الذي آل اليه، فهو دائما كان يقول بأن اعتقاله ورفاقه سيناريو اسرائيلي امريكي سينتهي بهجوم إسرائيلي على السجن واغتيالنا أو اعتقالنا وهو ما حصل بالفعل، تقول زوجة سعدات.

وترى أن الإفراج عن زوجها والعميد فؤاد الشوبكي و"الرفاق" الاربعة هي مسؤولية السلطة الفلسطينية وقالت: "السلطة عملت الاتفاقية ووضعتهم في سجن أريحا دون موافقة أحمد ويجب متابعة قضيتهم على أعلى المستويات".

الجبهة الشعبية: على السلطة حماية سعداء بعد "الخطيئة الكبرى بحقه"

من جانبها طالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين السلطة الفلسطينية من جديد للقيام بواجباتها وتحمل مسؤولياتها في مطالبة الطرفين الأمريكي والبريطاني اللذين تواطآ مع حكومة الاحتلال وجيشه في اقتحام سجن اريحا واعتقال الامين العام للجبهة احمد سعدات ورفاقه القيام بمسؤولياتهما في استعادة المعتقلين تحت طائلة المساءلة والملاحقة في الهيئات السياسية والقانونية الدولية.

وقال جميل المجدلاوي في حديث لغرفة التحرير بوكالة "معا" أن موضوع سعدات تتحمل مسؤوليته أكثر من جهة، أولها "السلطة الفلسطينية باعتقالها لسعدات بالخديعة التي اصبحت معروفة للجميع"، ثم المسؤولين البريطانيين والأمريكان المتواطئين مع الإسرائيليين بكل ما تقوم به سلطات الاحتلال.

وأكد المجدلاوي أن موضوع سعدات مدرج على جدول الاعمال في كل اللقاءت والمطالبة الدائمة من السلطة حماية الأمين العام بعد "الخطيئة الكبرى" بحق الجبهة وأمينها العام.
|167855|
وأوضح المجدلاوي أن "الجريمة" التي ارتكبت بحق سعدات ورفاقه أظهرت بوضوح أن "العدو" لا يلتزم بأي اتفاقات، وخاصة اتفاق اوسلو الذي نص على انه إذا حوكم أحد من قبل السلطة على شيء فإن هذا يعفيه من المحاكمة في اسرائيل.

واضاف "أشك في أن السلطة استخلصت الدرس من عدم التزام الإسرائيليين بأي شيء".

وأشار المجدلاوي إلى الجهود التي بذلتها الجبهة الشعبية مع الرئيس الراحل ياسر عرفات لتفادي اعتقال سعدات وصولا الى الجهود التي بذلها نائب الأمين العام للجبهة عبد الرحيم ملوح قبل اعتقاله وبعد الافراج عنه مع الرئيس محمود عباس من أجل الوصول إلى حل للافراج عن سعدات، مؤكدا ان "أبو مازن" حصل على وعود من إسرائيل بان الملف سينتهي ولكن كل تلك الوعود لم تكن سوى ذر للرماد في العيون.

وقالت الجبهة في الذكرى السادسة لاقتحام وهدم سجن اريحا واعتقال الأمين العام احمد سعدات ورفاقه عاهد ابو غلمة ومجدي الريماوي وحمدي قرعان وباسل الاسمر واللواء فؤاد الشوبكي: "ان هذه الجريمة كشفت لمن راهنوا على المفاوضات بان الاحتلال لا يحترم عهداً او وعداً وبان امريكا والمملكة المتحدة تتحملان مسؤولية نقض اتفاقهما مع السلطة بالاشراف على السجن وحماية المحتجزين واظهرت بأن السلطة لا تتعظ من العبر والدروس".

وطالبت الجبهة "الرئاسة والقيادة الفلسطينية بالكف عن الرهان على الرباعية الدولية ووعودها وخيار الحلول والمفاوضات الثنائية بالرعاية الامريكية وبمراجعة كافة الاتفاقيات المرتبطة باتفاق اوسلو ووضع حد لشتى اشكال الالتزامات الامنية والاقتصادية التي بات استمرارها يتلاقى وسلام حكومة نتنياهو الامني والاقتصادي ودولة المعازل التي يسميها الدولة ذات الحدود المؤقتة".

واكدت الجبهة بان المهمة المباشرة للشعب الفلسطيني وقواه السياسية والاجتماعية كافة والتي يتوقف عليها الخروج من المأزق الوطني الراهن ووضع الجميع امام مسؤولياته في مجابهة الاحتلال ومخططاته لتصفية القضية الفلسطينية في ظل الصمت والتواطؤ الرسمي الشامل، هو استعادة الوحدة الوطنية على اساس استراتيجية وطنية كفاحية واجتماعية جديدة تقوم على النهوض بمقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال ومطالبة كل ذي صلة بدعم هذه المقاومة المشروعة والعادلة لدحر الاحتلال والاستيطان وتحرير الاسرى ونيل الحرية والاستقلال والعودة.

وفي النهاية لا تجد عائلة سعدات أو الجبهة الشعبية فرقا بينه وبين أي من الأسرى الفلسطينيين الذين يعانون بذات الدرجة من ممارسات الاحتلال وسياساته التعسفية بحق الاسرى، وتقول عبلة سعدات "احمد معروف بالصلابة والقوة ويعرف كل اساليب الاحتلال والضغط الذي يسعون من ورائه لاضعاف الروح المعنوية للاسرى، ولكن دائما المناضل اعلى واقوى من الاحتلال والذي يعطينا الأمل هو ايماننا بعملنا ونضالنا وايماننا انهم في يوم سيتحررون فقضية الاسرى قضية عامة وأحمد سعدات ليس وحده في السجن فمثله مثل بقية المناضلين".