الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الباحث الفلسطيني أيمن أبو شاويش ينال درجة الماجستير في التربية

نشر بتاريخ: 20/03/2012 ( آخر تحديث: 21/03/2012 الساعة: 00:20 )
غزة -معا- مُنح الباحث الفلسطيني أيمن أبو شاويش من قطاع غزة، درجة الماجستير في التربية من جامعة الأزهر بغزة ، وحملت الرسالة عنوان " تقويم أداء معلمي اللغة العربية في تدريس القيم المتضمنة في كتاب لغتنا الجميلة " .

وكتبَ الباحث أبو شاويش في مقدمة الرسالة " لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالعلم والتعلم، فالعلم له فضل عظيم، وإن شرفه عالٍ رفيع مصداقاً لقوله تعالى: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ" (المجادلة:11)، ولو لم يكن العلم أشرف شيء في الحياة، لما طلب الله عزوجل من رسوله الكريم أن يسأله المزيد منه كما ورد في قوله تعالى: " وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا " (طه:114)، وتعتبر القيم والأخلاق الحسنة أساس الدين والدعوة إلى الله، ولقد بُعث النبي صلى الله عليه وسلم متمماً لمكارم الأخلاق وهادياً للقيم السامية والنبيلة " .

وواصل " تعد القيم من المفاهيم الجوهرية في جميع ميادين الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية والفلسفية، وذلك لأنها تمس العلاقات الإنسانية بكافة صورها، فالقيم هي معايير وأهداف لابد أن نجدها في كل مجتمع منظم سواء أكان متقدماً أم متأخراً، ولكل أمة ثقافاتها الخاصة بها، وتختلف هذه القيم من مجتمع إلى آخر " .

ولذلك لا بد من الرجوع إلى القرآن الكريم لاستنباط القيم والمبادئ والأهداف والمفاهيم والأسس التي لا بد أن نربي أبناءنا عليها، فالحضارة منظومة قيم، وانهيارها هو الموت المعنوي للأمة، ولقد أنبأنا التاريخ عن أمم عاشت ثم انقرضت؛ لأنها كحيوانات ما قبل التاريخ لم تكن تصلح للحياة، ولأهمية القيم نجد أن الديانات والفلسفات والتنظيمات الاجتماعية اشتغلت بها، وكذلك الدراسات الأكاديمية التربوية، وتنوعت وجهات النظر في إدراك طبيعة القيم وغاياتها .

واستطرد الباحث أبو شاويش " لقد حاول الغرب جاهداً أن يذيب المسلمين في بوتقته وحضارته، وأن يبعد المسلمين عن دينهم وشريعتهم, وأن يبث فيهم عقائده وأفكاره ونظرياته، وأن يرفع من شأن الذين تأثروا بفكره ومبادئه، حتى يكونوا رجال الفكر والأدب، وعلماء الاقتصاد والسياسة، وصبغ مناهج التعليم عندنا بالنظرة المادية، وسلب من مناهجنا محتواها الإسلامي، وجاء بالمسرح والتلفاز والسينما وصبغها بالصبغة المعادية للإسلام. وبذلك اهتزت ثقافتنا الإسلامية، وتعرضت الشخصية الإسلامية للمسخ والذوبان بسبب المؤثرات الهائلة التي صُبّت عليها من الغرب صباً، ولقد صدق المفكر المسلم روجيه جارودي الذي اعتنق الإسلام بعد عمر طويل من الضياع عندما قال "إن الحضارة الغربية ارتكبت أعظم جرم عرفه التاريخ بحق ثقافات العالم وشعوبه، لتبني لنفسها حضارة سلطوية شرسة تتجه اتجاهاً ًكارثياً مخيفاً ربما يؤدي في النهاية إلى الدمار الشامل"، ولقد قال: لقد وجدت في الإسلام نظاماً اجتماعياً واقتصادياً وأخلاقياً يصلح لإخراج البشرية من ورطتها الحاضرة " .

وبحمد الله لقد اقتنع كثير من المسلمين اليوم أن الإسلام هو الملاذ الوحيد لهذه الأمة التي اجتمع عليها أعداؤها وأحاطوا بها إحاطة السوار بالمعصم والأكلة بالقصعة وعادت الوجهة للإسلام.

وعند دراسة القيم ، كتب الباحث أبو شاويش " في ظل الصراع المحتدم والسعي المحموم لتذويب ثقافتنا العربية والإسلامية وتغييبها، كان لابد من التحرك السريع والواعي نحو دراسة موضوع القيم وبيان أهميتها وكيفية تناولها وتعزيزها والمحافظة عليها في نفوس الأجيال الحالية والمقبلة، ولذلك كان هذا البحث من أجل تسليط الضوء على هذا الموضوع من أجل بناء القيم التربوية وتعزيزها وبيان أهميتها للمعلمين والتعرف على كيفية متابعة تنفيذها وأساليب تنميتها وتدريسها الأنسب على أرض الواقع " .

وقال الباحث أمام حشد غفير في قاعة المؤتمرات بجامعة الأزهر " تُعد القيم واحدة من القضايا التي دار حولها جدل كبير نتيجة التغيرات والمستجدات في العصر الحديث ولا سيما مع تنامي موجات العولمة، وما رافقها من تصورات هائلة في مجال المعلوماتية، ولقد تأثر مجال القيم بالمستجدات والمتغيرات العالمية، وكان من نتائج هذا التأثير أن انحسرت قيم وظهرت قيم جديدة، فانعكس ذلك كله على التنظيم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للإنسان وعلى أساليب حياته. ولقد لعبت المناهج والمؤسسات التعليمية باعتبارها الموجهات الفكرية والثقافية والاجتماعية، على تعليم الإنسان وتربيته على استخدام الطريقة العلمية في حل المشكلات واتخاذ القرارات، والتكيف مع المستجدات، والتمكن من الاختيار والانتقاء من البدائل العديدة التي تظهر في ظل الحداثة والعولمة، بقدر ما يتقدم المجتمع ويتطور " .

ورأى الباحث أبو شاويش أن الكثير من الدراسات والمؤشرات أكدت على أهمية القيم، كدراسة الفرا والأغا (1996) بإجراء دراسة حول القيم المتضمنة في كتب التربية الوطنية من أجل التعليم القيمي، وعقد في جامعة اليرموك مؤتمراً تربوياً قومياً (1999) بعنوان القيم التربوية في عالم متغير وركزت غالبية أبحاثه وأوراق عمله على ضرورة توفير منظومة عربية لدى أبناء الأمة العربية نابعة من وعيها لدينها، وحضارتها وأصالتها في مجتمع متطور.

وأوضح الباحث " وفي ضوء ما سبق فإن أي منهاج لابد وأن يتضمن بعدين رئيسين هما البعد القيمي، والبعد المعرفي، والبعد القيمي يعبر عن منظومة القيم التي تنطوي على عدد من المعايير التي يرتضيها المجتمع لشخصية أبنائه، أما البعد المعرفي فيمثل منظومة المحتوى بما تشمله من حقائق ومفاهيم، ومبادئ وقوانين، ونظريات يتم اختيارها وتنظيمها وعرضها بطريقة هادفة." ، مشيراً إلى أن منهاج اللغة العربية يعد من المناهج ذات الأهمية البالغة لدى الطلبة في المرحلة الأساسية، حيث إن هذه الفترة العمرية تشكل طفولة ملائمة لغرس القيم وتمثلها لديهم ولذا فإن هذا المنهاج، لابد أن يكون غنياً وثرياً بكل أنواع القيم حتى يكسب الطلبة أنماطاً سلوكية موجبة. .

وأردف الباحث أيمن أبو شاويش " ولضمان فاعلية النظام القيمي الأعلى فإنه يتوجب على مؤسسات الدولة التربوية العمل على نقل القيم من مجال الفكرة والنظرية إلى مجال القول فيها والعمل بها، وينبغي أن يؤخذ ذلك في الاعتبار، خاصة عند الشروع في تخطيط المناهج الدراسية، وبناء الكتب الدراسية بعامة، وأوضحت الدراسات العلمية بأن التربية نسق من القيم يُسهم في تشكيل شخصية الفرد وضميره والوازع الداخلي الذي يضبط سلوكه، ولابد أن تقترن معرفة الفرد بالممارسة، وأن تترجم إلى قيم وسلوك، والتربية في جوهرها عملية قيمية، سواء أكانت بطريقة مباشرة أم غير مباشرة.

وأكد الباحث أبو شاويش خلال دراسته " أننا بحاجة إلى إنسان قائد مستعد لخوض ابتكارات وتجارب جديدة، إنسان متعلم قادر على طرح وشرح أمور لها علاقة بواقعه وتتمشى مع الاتجاهات العالمية المعاصرة، كما أن لديه قبول ديمقراطي بالآخرين ويتعامل معهم على أساس الحقوق والواجبات ويؤمن بالإنسان وبالحس الإنساني.

وقال الباحث " لقد أكد (Inkles) في دراساته التي أجراها في عدة دول أن التربية تُشكل عاملاً قوياً ومباشراً في صنع الإنسان المنتج القادر على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بروح عالية وبحماس منقطع النظير لدفع عجلة التقدم " .

وأشار " لقد أصبحت القيم من الضرورات اللازمة للتربية بمؤسساتها المختلفة، وخاصة في الجوانب التي تُسهم القيم في بنائها والتي تتمثل في الصفات الشخصية المرغوبة والقادرة على تحقيق تكامل الفرد واتزان سلوكه والتي تجعله يسلك في حياته مضحياً بفرديته ليخدم المجموعة، ومن هنا كان لا بد أن تتاح لهذا الإنسان الحركة والتفكير والاجتهاد والحوار والنقاش والتشاور، للوصول إلى الشخصية القيادية الاستقلالية السوية " .

وبيّن الباحث أن أحداث التاريخ الإنساني أثبتت أن لكل أمة ثلاثة مصادر أساسية تحفظ لها قوتها ونقاءها وقدرتها على الاستمرار؛ وذلك على مستوى الحضارات الإنسانية المختلفة، وهي على الترتيب حسب أهميتها على النحو التالي " منظومة القيم التي تتبناها وتعيش بها ولها، ومقدار تمسك أهلها بها، والتي تحمي البنيان الاجتماعي للأمة وقدراتها العلمية ومن ثم الاقتصادية وقدراتها العسكرية ، والأداة الأولى هي الأداة الرئيسة لتحقيق الثانية والثالثة، مشيراً أن مما سبق يخلص الباحث إلى أن الإنسان يساوي مقدار ما يتبناه ويعمل به من القيم.

وواصل الباحث الفلسطيني أيمن أبو شاويش " لذلك أصبح تعليم القيم وتدريسها فريضة ينبغي الاهتمام بها وتحمل مسؤولياتها الجسيمة، ومقصد كل من يعمل على تربية أبنائه وبناته وطلبته عليها، ونقطة البداية تكون بالمعلم الركيزة الأساسية في غرس القيم وتعزيزها، لكونه القدوة الصالحة لمن يربيهم فلا يرون من سلوكك إلا حباً وعطفاً وخيراً، ولا يسمعون من حديثك إلا الصدق والعدل والبر، كما عليك أن تبذل جهودك المستمرة في غرس الإيمان، والحق والعدل، ولتكن على يقين أن أفضل رسالة تؤديها خدمة لأمتك وتكوين وعيها، وتعزيز دورها الحضاري تكمن في حفظ كيان أفرادها، ورعايتهم، وتعريفهم الخير من الشر، وتزويدهم بالإرادة الخيرة والفاعلة التي تقيهم الضعف والانجرار وراء ما يضر بالنفس ويفسد الحياة، وكل ذلك مرهون برسالة تعليم القيم الفاضلة وتعزيزها " .

وأضاف " لعل من أبرز الأمور التي يتفق بشأنها علماء التربية هي أهمية دور المعلم وخطورة تأثيره في نجاح العملية التعليمية، ولقد عبرت العديد من المؤتمرات عن أهمية المكانة التي يحتلها المعلم داخل المنظومة التعليمية، والدور الذي يلعبه المعلم في إنجاح تطوير التعليم لأنه مهما بلغ مستوى الأهداف التربوية من طموح ومهما تبلغ السياسات التعليمية والخطط المنبثقة عنها من إحكام، فإن المسئول المباشر عن تنفيذ هذه السياسات ونجاح مخططاتها هو المعلم.

وأكد الباحث خلال دراسته أن قضية إعداد المعلم من أهم القضايا التي شغلت ولازالت تشغل بال المهتمين بالتربية والتعليم، لكونها قضية تربوية لها صفة الاستمرارية؛ وهي صفة قد تنفرد بها عما عداها من القضايا التربوية الأخرى التي يكون البحث فيها واستمراره مرهوناً بالتغلب على صعوبة ما أو بالإجابة عن تساؤل مطروح، أو بحل مشكلة معينة، فالبحث في قضية إعداد المعلم مستمر ومتجدد ما دام هناك تغير وتطور.

وكشف الباحث أبو شاويش " أن دراسة (عياد، 1999: 127) أوصت بأهمية تقويم أداء المعلم قبل الخدمة وأثناءها في ضوء الكفايات أو المهارات الواجب توافرها لدى المعلم في المجالات المختلفة.

ويرى الباحث أن عملية إعداد المعلم تتطلب العناية بالجوانب المعرفية والوجدانية والمهارية التي تؤهل المعلم للقيام بالأدوار المسندة إليه، حيث يُمكن اتخاذ هذه الجوانب معايير لتقويم أدائه أثناء ممارسته المهنية، ويُعد الجانب المهاري من أهم هذه الجوانب الثلاثة في تقويم أداء المعلم، ويتمثل الجانب المهاري في مهارات التدريس التي ينبغي أن تتوافر لدى المعلم والتي ينبغي أن يكون قادراً على أدائها، حتى يتمكن من أداء عمله.

وقال " إن أداء المعلم داخل الفصل أو ما يطلق عليه بسلوك التدريس يعتبر من أهم العوامل التي تؤثر على أداء المتعلم. وهناك علاقة تفاعل متبادلة بينهما تتمثل في علاقة تأثير وتأثر، فأداء المتعلم على سبيل المثال يتأثر بالمنهج وأداء المعلم أثناء عملية التعليم والتعلم، وبذلك قد يعيد المعلم النظر في طريقة أدائه ، وبالتالي فإن الارتقاء بهذا الأداء إلى مستوى التمكن الذي يعتبر أحد الأهداف التربوية المهمة في الوقت الحاضر يمكن أن يتحقق إذا زادت فاعلية سلوك التدريس، وهذا يستلزم أولاً عملية قياس موضوعية لهذا السلوك داخل حجرة الدراسة أثناء التفاعل الحادث بين المعلم والمتعلم، وعن طريقه يمكن إجراء عملية تقويم لهذا السلوك فيتحدد الأداء الضعيف حتى يمكن تحسينه، ونقف على الأداء السليم حتى يمكن تدعيمه، والأداء الخاطئ حتى يتم تعديله، ونصل إلى أكثر فاعلية ممكنة لسلوك التدريس.

وأشار الباحث إلى أن المنهج التربوي السليم لا يتمثل بالدروس التي يحفظها التلاميذ أو المقررات الدراسية التي يجتازها فحسب، ولكن بما يقدمه هذا المنهج للتلاميذ من قيم ومُثل حياتية تتضمنها المواد الدراسية، أما المواد الدراسية المختلفة فلا تعدو أن تكون وسائل لتحقيق هذه القيم والتمكن من تمثلها ، وبهذا يلتقي في اللغة العربية البناء القيمي للفرد مع البناء القيمي للمجتمع، وتتسق الحياة الفردية مع الاجتماعية للمجتمع، وإذ كنا اليوم - رجالاً ونساءً وشيوخاً وشباناً - في أشد الحاجة إلى التمسك بالقيم النابعة من الدين الإسلامي؛ فإن حاجة أبنائنا الصغار أشد وأعظم، وعليه وجب علينا جميعاً أن نأخذ بيد تلك البراعم الصغيرة التي ما زالت قابلة للتشكيل والتغير حسب إرادة الكبار وتخطيطهم.

واختتم الباحث دراسته " يشهد الواقع أن تعلم القيم في بلادنا يمر بأزمة عاصفة؛ لغياب التخطيط الواعي لتدريس القيم، ووجود التناقض بين مؤسسات بناء الإنسان، مما ينم عن غياب تصور كلي واضح لبناء الإنسان العربي، ويرتكز التعليم على الجانب المعرفي، وإهمال الجانب الوجداني الذي تقع القيم منه في الصميم، واعتبار تعليم القيم ناتجاً ثانوياً يمكن تحقيقه من خلال تعليم المواد الدراسية المتعددة، أو إمكانية تركه لمؤسسات أخرى كالأسرة ودور العبادة ووسائل الإعلام، رغم أنه صار من المتعارف عليه في الآونة الأخيرة اقتصار وانشغال الأسرة بتوفير المتطلبات المادية للحياة، واقتصار دور العبادة على أداء الشعائر الدينية، واهتمام وسائل الإعلام بالجوانب الترفيهية، هذا فضلا ًعن تركيز التعليم على حشو عقول الطلاب بالمعلومات دون إعمال العقل في هذه المعلومات، ودون الاهتمام بتكوين الشخصية المتكاملة السوية " .

وكان لفيف واسع من المثقفين والأدباء والأكاديميين ونواب من المجلس التشريعي الفلسطيني قد شاركوا في حضور مناقشة رسالة الماجستير للباحث الفلسطيني أيمن أبو شاويش بقاعة المؤتمرات بجامعة الأزهر .

وأعربت شبكة شباب فلسطين الثقافية عن فخرها الشديد بإنجاز هذه الرسالة، مثنيةً على دور الباحث أبو شاويش على الصعيد المجتمعي فكرياً وثقافياً وأدبياً، وتواجده البارز والملحوظ في جميع المحافل والمشاهد الثقافية في قطاع غزة .

وهنأت الشبكة الباحث أبو شاويش، وقالت أن دراسته إضافة نوعية لتعزيز القيم في التعليم، مما يلقي بظلاله على أداء المعلمين من جهة وعلى التحصيل العلمي للطلاب من جهةٍ أخرى .