الثلاثاء: 15/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

"معا" تكشف حقيقة الصورة التي أثار نشرها على "تويتر" حفيظة إسرائيل

نشر بتاريخ: 28/03/2012 ( آخر تحديث: 28/03/2012 الساعة: 17:27 )
بيت لحم- تقرير معا- طالبت إسرائيل في الأيام القليلة الماضية الأمم المتحدة بطرد موظفة فلسطينية من عملها في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا"، وتتذرع إسرائيل في هجمتها ضد خلود بدوي بأنها نشرت على موقع تويتر الخاص بها صورة لطفلة فلسطينية تقول إنها قتلت جراء غارة جوية إسرائيلية، وهو ما تؤكده منظمات حقوقية، وكذلك عائلة الطفلة، في حين تقول إسرائيل إن مقتل الطفلة لا علاقة له بالغارة الإسرائيلية.

كتبت خلود بدوي تحت صورة الطفلة رجاء أبو شعبان المضرجة بالدماء التي نشرتها على تويتر إبان تجدد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في آذار 2012: "فلسطين تنزف. هذه طفلة أخرى تقتلها إسرائيل".

وبعد عشرة أيام كتب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة رسالة إلى مسؤولة الشؤون الإنسانية في المنظمة الدولية فاليري عاموس مطالبا بتنحية خلود بدوي عن منصبها بسبب "خطاب الكراهية" حسب ما نشر على حساب الفيسبوك الخاص بمكتب السفير الإسرائيلي.

ويضيف الوزير الإسرائيلي رون بروزر في رسالته، كما كتبت "فوكس نيوز" على موقعها الإلكتروني: "الصورة التقطتها ونشرتها رويترز عام 2006، حيث أشارت وقتها إلى أن الطفلة قتلت نتيجة حادث، وليس على يد القوات الإسرائيلية".

رجاء البالغة من العمر سنتين وصلت إلى مستشفى الشفاء جثة هامدة في التاسع من آب 2006، وتقريبا في الوقت ذاته وصلت إلى المستشفى جثتان لمقاومين من الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية قضيا في غارة إسرائيلية استهدفت موقعا في مدينة غزة.

الجيش الإسرائيلي من ناحيته يصر على أن الغارة الجوية الإسرائيلية لا علاقة لها بمقتل الطفلة من قريب أو بعيد، وهو ما ينافي السجلات الطبية، وما قاله أقرباء الطفلة، وما أوردته التقارير الإخبارية في ذلك الوقت.

والد الطفلة سلام أبو شعبان قال لـغرفة تحرير "معا"، الأحد الماضي: "سقط صاروخ إسرائيلي بالقرب من المنزل وتسبب في سقوط الأرجوحة في الملعب فوقها"، في إشارة منه إلى الغارة التي وقعت على بعد 200 متر من المنزل، وهو ما أكدته والدة الطفلة كذلك.

أما تقرير المستشفى في ذلك اليوم من عام 2006، والذي وصل إلى "معا" نسخة عنه فيقول: "حضرت المذكورة أعلاه (في إشارة إلى الطفلة رجاء) إلى قسم الاستقبال الطوارئ على إثر ادعاء سقوط من علو أثناء القصف جثة هامدة وبالفحص الطبي الظاهري لم يبد وجود أي علامات للحياة وعمل له إنعاش ولكن دون جدوى".

كما ورد في أسفل التقرير وبخط اليد أنه "تم اعتمادها شهيدة انتفاضة الأقصى بعد تحري النيابة وكتاب النيابة 14/1/2007 الموقع من رئيس نيابة غزة ياسر حماد".

المنظمات الحقوقية بدورها تقول إن رجاء قضت نتيجة تأثير الانفجارات، حيث تؤكد منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية أن سقوط الطفلة كان نتيجة نشاط الجيش الذي استهدف مسلحين في حقل مجاور.
|169373|
منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم" أوردت في أحد تقاريرها حول المدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا على يد القوات الإسرائيلية أن الطفلة رجاء "سقطت من على أرجوحة وأصيبت في رأسها عندما سقط صاروخ أطلقه الجيش الإسرائيلي في حقل يبعد 100 متر عن منزلها".

وقد أكدت الناطقة بلسان "بتسيلم" ساريت ميخائيلي لـ "معا" الأحد الماضي أن التحقيقات الأخيرة أكدت مجددا ما جاء في التقرير السابق.

كما استخلص مركز الميزان، وهو منظمة حقوقية تتخذ من غزة مقرا لها، في تحريات أجراها بعد مقتل الطفلة رجاء أنها سقطت نتيجة الغارة الإسرائيلية، وهو ما أكده المركز مجددا السبت الماضي.

يقول مركز الميزان في بيان صدر مؤخرا "بينما لم يتعمد الجيش الإسرائيلي استهداف الطفلة مباشرة، إلاّ أنهم أطلقوا ثلاثة صواريخ على منطقة مزدحمة بالسكان مما تسبب في وفاة الطفلة، وإصابة ثلاثة مدنيين، وإلحاق أضرار بثلاثة منازل في المنطقة".

"لا علاقة للأمر بالنشاط الإسرائيلي"

هذه التفاصيل وغيرها مما يتعلق بوفاة الطفلة ضاعت في خضم الجدل.

موقف الجيش الإسرائيلي ظل كما كان عليه دون أي تغيير، إذ بعد أن نشرت خلود بدوي الصورة على تويتر بيوم واحد نشر الجيش الإسرائيلي على المدونة الخاص به أن "وفاة رجاء لا علاقة لها بأي نشاط إسرائيلي".

كما أكد ناطقة بلسان الجيش الإسرائيلي الأحد الماضي أن ما ورد على المدونة يمثل الموقف الرسمي للجيش.

ورغم أن الجيش الإسرائيلي لم يجر أية تحقيقات حول وفاة الطفلة، إلاّ أن ما جاء على المدونة استند إلى التصحيح أجرته رويترز للوصف الذي كتب بداية تحت صورة الطفلة عام 2006، على حد تعبير ناطقة عسكرية إسرائيلية.

وتضيف الناطقة العسكرية "إن مسئولين فلسطينيين صرحوا بأن الطفلة لم تقتل على يد القوات الإسرائيلية،" في إشارة إلى ما كتبه إسرائيلي اسمه آفي ماير على حساب تويتر الخاص به.
التصحيح الذي أجرته رويترز بتاريخ 10/8/2006 للوصف الذي جاء تحت صورة الطفلة جاء فيه: "الطفلة ابنة الثلاث سنوات التي قيل إنها قتلت في غارة جوية إسرائيلية على غزة الأربعاء توفيت في الحقيقة نتيجة حادث، كما جاء على لسان مسئولين فلسطينيين الخميس".

وجاء في التقرير الإخباري الذي نشر مع الصورة أنه مع أن الصاروخ الذي قتل اثنين من نشطاء لجان المقاومة الشعبية لم يصب رجاء، إلاّ أن مصادر طبية تعتبر أن هناك علاقة وثيقة بين حالات الوفاة تلك.

ويتابع تقرير رويترز: "قال مدير الإسعاف والطوارئ الفلسطيني معاوية حسنين إن الطفلة سقطت من على أرجوحة في منزلها بالقرب من المكان الذي قتل فيه مسلحين اثنين. ويعتقد أن الطفلة سقطت نتيجة دوي الانفجار."
وتضيف رويترز على لسان حسنين أن "الطفلة لم تقتل كنتيجة مباشرة للغارة الجوية".

ورغم الترابط القائم بين الغارة الجوية الإسرائيلية وبين وفاة الطفلة رجاء إلاّ أن المسئولين الإسرائيليين لم يكفوا عن التعبير عن سخطهم على استخدام الصورة على تويتر.

الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية يغئال بالمور وعلى صفحة فيسبوك الخاصة بالوزارة وصف ما كتبته خلود بدوي على تويتر بأنه "وصف كاذب يقصد منه تشويه صورة إسرائيل من خلال فبركة الحقائق،" وظهر في كلماته التهكم على الأمم المتحدة.

أما والد الطفلة رجاء فلديه دوافع أخرى للغضب والانزعاج. يقول الأب المكلوم في حديثه لوكالة "معا": "إن إعادة ظهور صورة ابنتي بعد مرور ستة أعوام على وفاتها سبب لي الحزن والمرارة".

وتعليقا على نشر خلود بدوي لصورة ابنته ونسبها إلى أحداث مغايره، قال سلام أبو شعبان إنه خطأ وقع عن براءة. ويضيف: "غير أن استخدام مؤيدي إسرائيل لذلك النشر ضدها أثار غضبي".

"لماذا يعيدون فتح هذه المأساة من جديد؟" يتساءل الوالد سلام أبو شعبان.