الثلاثاء: 24/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

مهرجان شاشات الثاني - افلاماً تثير حواراً حول الهوية والوطن

نشر بتاريخ: 14/12/2006 ( آخر تحديث: 14/12/2006 الساعة: 12:47 )
رام الله- معا- تعرض مؤسسة "شاشات" في مهرجانها الثاني "سينما المرأة في فلسطين" افلاماً لمخرجات فلسطينينات وعربيات ودوليات.

تعرض مؤسسة "شاشات" في مهرجانها الثاني "سينما المرأة في فلسطين" افلاماً لمخرجات فلسطينينات وعربيات ودوليات. واثارت الافلام التي عرضت مؤخراً في القصر الثقاقي بمدينة رام الله نقاشاً وحواراٍ مستفيضاً بين الجمهور والمخرجات حول الهوية والوطن، وخصوصاً في ما يتعلق بالأوضاع الراهنة في فلسطين والوطن العربي.

كما أثارت تساؤلات حول اللغة السينمائية المستخدمة وإمكانياتها في التعبير عن قضايا جوهرية تمتزج فيها العوالم الداخلية للمخرجات مع الهموم العامة التي يتعرضن لها في أفلامهن.

وسيعرض اليوم مساء الخميس في القصر الثقافي في رام الله فيلمين جديدين للمخرجة علياء ارصغلي، وهما "حبل الغسيل"، 14 دقيقة، 2006، فلسطين، الذي يشكل معالجة جديدة لإجتياح رام الله في آذار 2002.

والفيلم بمثابة رحلة في نفسية إمرأة، فبينما يتهاوى عالمها بفعل عزلتها وحيدة في شقة تشرف على المقاطعة خلال الإجتياح، حيث تعيش يوميا القصف والخوف والذعر في شقة انقطع عنها الماء وتحولت البناية المجاورة إلى مركز قناصة ودبابات، تبدأ ذكريات طمستها المخرجة منذ سنوات في العيش مرة أخرى، في هذا العالم المعزول والعاري من أي سند إجتماعي، في شقة ذات اباجورات مغلقة اختلط فيها النهار والليل، والنوم واليقظة، والواقع والخيال، في جو رعد وقصف وبرق مستمر.

يبقى الغسيل الذي غسلته المرأة قبل الإجتياح، شاهداً على ما يجري في الخارج، بينما ليس بقدرتها إلا التخيل، من خلال الأصوات والأضواء عن ماذا يجري هناك، في خارج الشقة، بينما تأخذ الذكريات واقع في داخل الشقة، وانتج في صيغة 3 دقائق للقناة الرابعة وطورته المخرجة إلى فيلم أطول مدته 14 دقيقة.

أما فيلم "بعد السماء الأخيرة"، 55 دقيقة، 2006، فلسطين، فيبحث في دلالات قصة القرية الفلسطينية المدمرة "كفر برعم" وعلاقة امراة من القرية ناهدة، بامرأتين من الكيبوتز المبني على أراضي القرية في النضال من أجل عودة أهالي القرية إلى اراضيهم. ويطرح الفيلم، من خلال قصة مؤثرة للثلاث نساء، قضايا رئيسية في الهم الفلسطيني. ويناقش من خلال قصة "كفر برعم" أبعاد دولة ثنائية القومية.

والعنوان مستوحى من قصيدة محمود درويش "تضيقُ بنا الأرضُ" حيث يتسائل:
"الى أين نَذهبُ بعد الحدودِ الأخيرةِ
أين تطيرُ العصافيرُ بعد السماءِ الأخيرة
أين تنامُ النباتاتُ بعد الهواءِ الأخير؟"

وأثار فيلم "الطريق الى البيت"، 33 دقيقة"،2006، فلسطين، للمخرجه غادة الطيراوي، وهو محاولة شخصية لمعالجة مفاهيم وجودية تخص الفلسطينيين، كالمنفى والعودة وصورة الوطن، عدة تساؤلات لدى الجمهور حول معنى الوطن والواقع في فيلم الطيراوي.

وقد نال الفيلم إعجاب المشاهدين للمستويات المضمونية والتعبيرية التي إستخدمتها المخرجة لتروي قصة الشتات الفلسطيني والحرمان من الهوية.

كما ثمّن الفيلم لقيمته في مسار السينما الفلسطينية باعتباره اول فيلم يتناول قضية العائدين، ويطرح همومهم واحلامهم دون مواربة، وإن أخذ الجهمور على الطيراوي الاسهاب والاطالة في سرد قصص وتجارب شخوص فيلمها على حساب تجربتها الشخصية، التي اختزلتها في مشهد هنا وهناك، وإن كانت هي الأثرى في الفيلم، وهذا ما عبر عنه العديد من المشاهدين .

وعلقت الطيراوي: "ان الصورة التي رسمتها عن الوطن في فضاء الحلم غير الوطن الواقع", مشيرة بذلك الى ان "الاحلام المتخيلة دائماً تختلط في مخيلة وذاكرة الانسان بالصور الايجابية والجميلة ولا يمكن ان تحمل في طياتها الصور السلبية والمنفرة"
وأضافت" لم اكن اتصور ان اجد في فلسطين شخص يتلفظ بالفاظ نابية او ان يسرق, عندما كنت اشاهد هذه الصور الخارج, كنت أعتقد ان الوضع في فلسطين مختلف, ولكن عندما يستيقظ الانسان من الحلم ويعيش الواقع كما هو يدرك ان الطبيعة الانسانية واحده مهما تغيرت الأمكنة والأزمنة".


اما فيلم " رند"، 3 دقائق، 2006، فلسطين، للمخرجه ديمه ابو غوش، فقد جرى انتاجه كجزء من منح القناة الرابعة البريطانية التي حصلت عليها مؤسسة شاشات، وشملت بالإضافة إلى ابو غوش، وفاء جميل، ومهند يعقوبي، وعلياء أرصغلي، لتمويل إنتاج فيلم قصير لكل واحد منهم، بحيث لا يتجاوز الثلاث دقائق، ويعرض في القناة، ضمن فقرة "عجائب الثلاث دقائق"، والتي تبث في وقت ذروة المشاهدة التلفزيونية، بعد نشرة الأخبار المسائية.

ويحكي الفيلم قصة فتاة فلسطينية في الخامسة عشرة من العمر، ملت الجلوس في البيت في ظل الاضراب المفتوح عن العمل للمعلمين احتجاجاً على الحكومة التي لم تدفع لهم الرواتب منذ ثمانية اشهر...

نجحت أبو غوش في فيلمها في تسليط الضوء على قضية الاضراب التي تلامس الهم اليومي للفلسطينين، من خلال رند التي اخذت بحل مشكلتها بشكل شخصي. وأشار البعض أن مظهر رند لم يقنع المشاهد بالسبب الحقيقي لرفض الوالد ارسال ابنته إلى مدرسة مختلطة، ويرى والد الفتاة أن السبب الحقيقي هو عدم قدرته على دفع الاقساط المدرسية ، وكما هو معلوم في المجتمعات العربية ان الانسان العربي يشعر بالاحراج والخجل عندما يتعلق الامر بالفقر والفاقة، وهنا يبدا باختلاق الأعذار والحجج الوهمية التي لا تمت للحقيقية بصلة.

اما فيلم "بركات"، للمخرجة الجزائرية جميلة صحراوي، 90 دقيقة، 2006، الجزائر-فرنسا، فقد أثار نقاش حول اسلوب المخرجة السينمائي، حيث عبر بعض المشاهدين أن الأسلوب مغاير للأفلام الأميركية التي تركز على الحركة الدائمة والمونتاج. ونوه الجمهور إلى أهمية تركيزه على التواصل بين جيلين من النساء الجزائريات، وسرد تاريخ الجزائر من خلال عيون النساء، ومعايشتهم لواقع حرب التحرير والحرب الأهلية.

وقد فاز فيلم "بركات" مناصفة مع الفيلم المصري "قص ولزق" للمخرجة هالة خليل بجائزة أحسن فيلم عربي في ختام الدورة الثلاثين لمهرجان القاهرة الدولي للسينما. واشاد رئيس اللجنة الخاصة بمسابقة أحسن فيلم عربي، الممثل السوري القدير دريد لحام، خلال إعلان الجوائز، بجرأة وشجاعة المخرجة جميلة صحراوي، لتناولها موضوع حساس مطروح على الساحة العربية، وقد تنافس 11 فيلماً على جائزة أحسن فيلم عربي وقيمتها 100 الف جنية، وذلك تقديراً للإعمال الفنية العربية السينمائية التي تعالج قضايا ومواضيع حساسة تعبر عن انشغالات واهتمامات المواطن العربي ، وحازت رشيدة براكني على جائزة أفضل ممثلة من "بينالي السينما العربية" الذي يقيمه معهد العالم العربي بباريس (دورة 2006).