إيران تغلق أجهزة التتبع في سفنها لإخفاء مبيعاتها النفطية
نشر بتاريخ: 14/04/2012 ( آخر تحديث: 14/04/2012 الساعة: 02:05 )
القدس- معا- تخفي إيران وجهة مبيعاتها النفطية عن طريق إغلاق أنظمة التتبع على متن ناقلاتها وهو ما يجعل تقدير حجم الصادرات أمرا صعبا مع سعي طهران لمواجهة العقوبات الغربية التي تهدف لوقف إيراداتها النفطية.
وقالت مصادر في قطاعات النفط والتجارة والشحن البحري إن معظم أسطول الناقلات الإيراني المكون من 39 ناقلة أصبح غير قابل للتتبع بعد أن أمرت طهران قادة السفن التابعة لشركة الناقلات الوطنية الإيرانية بإغلاق جهاز المرسل المجيب الذي يستخدم في قطاع الشحن لرصد حركة السفن.
وقال مسؤول تنفيذي كبير في شركة نفط وطنية تعاملت مع إيران لوكالة رويترز "إيران تحاول التعتيم قدر الإمكان بمساعدة من زبائنها."
وقالت المصادر إن إيران ربما عوضت عن انخفاض في مبيعاتها النفطية في مارس اذار بحسب تقارير من خلال تقديم خصم كبير في صورة شحن مجاني وتمويل وتأمين وشروط ائتمان سخية.
وبسبب الحظر الأوروبي لاستيراد النفط الإيراني الذي سيبدأ تطبيقه أول يوليو تموز والعقوبات المالية الأمريكية والأوروبية التي تستهدف البرنامج النووي الإيراني تراجعت مبيعات النفط الإيرانية إلى معظم الوجهات الغربية وصدرت وعود من بعض الزبائن الآسيويين بأنهم سيخفضون مشترياتهم.
لكن المصادر تقول إن المبيعات الرخيصة والسرية قد تكون أبطلت انخفاض الشحنات.
والحذر واجب هنا.
فقد أغلق قادة السفن العملاقة التابعة لشركة الناقلات الوطنية الإيرانية أنظمة التعرف ويلتزم الزبائن بالكتمان الشديد.
وقال رئيس قسم النفط الخام لدى شركة نفطية تجارية كبرى "الناس كتومون للغاية حاليا. لا يتحدثون عن الأمر على البريد الالكتروني ... أو الهاتف المحمول."
ويظهر مسح رويترز للأسطول الإيراني من خلال خدمة ايه.آي.اس لايف لتتبع السفن أن سبعة فقط من أصل 25 ناقلة إيرانية عملاقة هي التي مازالت تشغل جهاز المرسل المجيب على ظهر السفينة الذي يسمح لأجهزة الكمبيوتر بتتبعها.
وتقول مصادر في قطاع الشحن إن اثنتين فقط من الناقلات الإيرانية التسعة من طراز سويز ماكس الأصغر حجما تشغل أنظمة التتبع.
وقال مسؤول في قطاع الشحن طلب عدم نشر اسمه "سفن شركة الناقلات الوطنية الإيرانية ستعمل في الخفاء."
وفي الظروف العادية لا تغلق الناقلات أنظمة التتبع التي استحدثت لتحسين السلامة البحرية وتمكين السلطات البحرية من تحديد مواقع السفن.
والسفن ملزمة بموجب القانون الدولي بحمل جهاز تتبع بالقمر الصناعي على متنها عند السفر. لكن قائد السفينة له الحرية في إغلاق الجهاز لأسباب تتعلق بالسلامة إذا أخذ إذنا من الدولة التي ترفع السفينة علمها.
وأغلقت بعض الناقلات أجهزة التتبع في العام الماضي أثناء الحرب في ليبيا لكي تتاجر مع حكومة القذافي دون أن يجري رصدها.
ولأن العقوبات الغربية تزيد من صعوبة سداد ثمن النفط الإيراني وشحنه من إيران فقد أصبح من الصعب حساب حجم الشحنات التي تبحر من المرفأ الإيراني الرئيسي في جزيرة خرج.
وقال وزير النفط الإيراني رستم قاسمي إن صادرات النفط الإيرانية مستقرة عند مستوى العام الماضي البالغ 2.2 مليون برميل يوميا. لكن من الصعب التوفيق بين هذا وبين بيانات تتبع الناقلات ومعلومات السوق.
ويرى خبراء أن مبيعات النفط الإيراني الظاهرة تراجعت إلى نحو 1.9 مليون برميل يوميا في مارس اذار.
وهذه الحسابات تدعمها مجموعة من أفضل المؤسسات المصدرة للتوقعات في قطاع النفط ومنها وكالة الطاقة الدولية وشركة بترولوجستيكس الاستشارية التي تراقب شحنات النفط العالمية.
وتفيد تقديرات جديدة لشهر ابريل نيسان بأن الصادرات الإيرانية انخفضت نحو 500 ألف برميل يوميا عن مستواها في العام الماضي.
والمشكلة هي أنه ليس ثمة دليل ملموس على أن إنتاج النفط الإيراني تراجع أو أنه يذهب إلى منشآت تخزين.
وتظهر بيانات تتبع السفن أن ملايين البراميل من النفط الإيراني التي كانت مخزونة في ناقلات إيرانية قبل أسابيع قليلة قد تلاشت الآن فيما يبدو.
فأين تذهب إذن؟ هل غيرت إيران وجهتها أم خفضت الطاقة الإنتاجية أم هل يخزن النفط في مكان آخر؟ هل يخزن كله في البحر؟
وقال مسؤول تنفيذي كبير لدى شركة نفطية تجارية كبرى في آسيا "هذا هو سؤال المليون دولار بل سؤال المليار دولار."
ويصبح الاقتفاء أكثر صعوبة مع تطبيق إيران ثاني أكبر منتج في أوبك لمجموعة من الوسائل لتفادي التدقيق.
وقال مصدر آخر في قطاع الشحن الأوروبي "بعض الشركات الآسيوية الكبيرة ربما تأخذ نفطا من سفن إيرانية شريطة أن تغلق جهاز المرسل المجيب."
وقال تاجر في سنغافورة إن إيران تمكنت من بيع كل الخام المخزون في ست سفن تقف قبالة سنغافورة في وقت سابق من العام الجاري. وكان معظم المشترين من الصين وكوريا الجنوبية.
ونظرا لتعذر متابعة أسطول شركة الناقلات الوطنية الإيرانية سيصبح من الصعب حساب المخزون العائم. وتقول مصادر بالصناعة إن المخزون لدى جزء من الأسطول بلغ ما يصل إلى 12 مليون برميل من الخام في مارس. وقد تلاشى هذا الآن.
وأحجم مسؤول في شركة الناقلات الوطنية الإيرانية عن التعقيب حين اتصلت به رويترز. وترفض الشركة المقابلات الصحفية منذ عدة أسابيع.
وقريبا ستتمتع إيران بمرونة أكبر لإخفاء مواقع مبيعات النفط إذ ستتسلم شركة الناقلات الوطنية الإيرانية أول ناقلة من 12 ناقلة عملاقة جديدة من الصين في مايو ايار.
ولا تمتلك إيران الطاقة الكافية لشحن كل صادراتها بنفسها لذلك فهي تستأجر مزيدا من السفن أو تترك الأمر للمستوردين لاستئجار سفن.
ومنذ فترة طويلة ساد افتراض بأن إيران ستبيع معظم النفط الذي كان يذهب إلى أوروبا إلى الصين حليفها الاستراتيجي والتجاري على المدى الطويل. لكن حتى الآن ليست هناك أدلة قوية على ذلك.
وتقول مصادر بالصناعة إن الهند تشتري نفطا على متن سفن إيرانية بفترات سماح تمتد لعدة أشهر.
وقال مسؤول نفطي إيراني طلب عدم كشف هويته "الصين والهند هما الملاذ الأخير للشراء. والعقوبات تجعل الظرف مواتيا لهم."
ويتفق المسؤول الكبير في الشركة التجارية مع هذا الرأي قائلا "نعتقد أن الصين تأخذ معظم الإمدادات الإيرانية الفائضة في كتمان شديد."