الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

فياض يريد بناء اقتصاد مقاوم

نشر بتاريخ: 18/04/2012 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 08:48 )
رام الله- معا- قال رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض ان الانخفاض المتصل في العجز الجاري منذ العام 2008 دليل واضح على التقدم الذي احرز في السياسة المعتمدة لخفض الاعتماد على المساعدات الخارجية.

لكن الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم قال ان الازمة المالية ليس سببها تراجع وتيرة المساعدات بل عدم قدرة السلطة على ضبط الانفاق وبالمقابل الايرادات التي توقعتها في العام المنصرم لم تتحقق حيث توقعت نسبة 15% ولم تتجاوز تلك الايرادات نسبة 2% ".

وكان فياض يتحدث خلال جلسة استماع لوزير المالية نظمها الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة "امان" في مدينة رام الله، صباح اليوم، حضرها عدداً من الخبراء والناشطين في مؤسسات المجتمع المدني.

وقال فياض: "هناك انخفاض متصل بالعجز الجاري للسلطة الوطنية الفلسطينية بالأرقام المطلقة، وأيضا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. فقد انخفض هذا العجز من 22% من الناتج المحلي الإجمالي على اساس الالتزام، في العام 2008، الى 13% في العام 2011، وهذا ان دل على شيء فانما يدل بالفعل على ان هناك تقدم".

وأضاف رئيس الوزراء "إن انخفاض العجز بالأرقام المطلقة، على أساس نقدي، يعكس تقدما اكبر بكثير باتجاه تخفيض الاعتماد على المساعدات الخارجية، وفي نفس الوقت يعكس وضعا ماليا صعبا جراء تراجع في مستوى المساعدات الواردة للسلطة الوطنية الفلسطينية، موضحا ان العجز الجاري في موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية على أساس نقدي انخفض من 28% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008 الى 8% فقط في عام 2011".

|172316|وتابع: "أؤكد لكم حقيقة هامة، وهي أن مسار السياسة المالية على مدار السنوات منذ عام 2008، باستثناء العام 2009 الذي طرأ فيه ارتفاع بالعجز بالقياس عما كان سائدا أو على المسار المتوقع للسياسات على مدار السنوات الماضية باتجاه تخفيض المساعدات، وذلك بسبب النفقات الطارئة في قطاع غزة، وهذا يبشر بان هناك نهجا متبعا كسياسة مالية تم نقاشه في اكثر من مناسبة بما يؤشر على الأهمية القصوى التي اوليت لوضع السياسة المالية على مسار كفيل بتحقيق خبرات في الاعتماد على الموارد الذاتية، وبالتالي تخفيض الاعتماد على المساعدات الخارجية بما يمكن السلطة الوطنية من تحصين القرار السياسي".

وقال فياض: "بالرغم من أن التركيز من قبل المهتمين بالشأن المالي كان على درجة عالية من عدم استقرار الوضع المالي المتصلة بالاعتماد المفرط على المساعدات الخارجية، واهمية التخلص من هذه الدرجة العالية من الاعتماد على المساعدات الخارجية في اسرع وقت ممكن، لما كان يشار اليه ويؤكد عليه بضرورة ان تكون هذه القدرة اكبر فيما يحصن القرار السياسي، ويضمن درجة أعلى من التوافق، بينما هو منفذ في مجال المشاريع في أولويات الإنفاق، وبين ما هو متاح ومتوفر من مساعدات من قبل المجتمع الدولي، إذاً كلها عناوين تناقش بقوة من قبل المهتمين، إلا انه حصل هناك تراجع بهذا الشأن من هذا التوجه إلى توجه أخر".

وشدد رئيس الوزراء على أن الاستمرار في اعتماد سياسة خفض العجز لتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية له ما يبرره في ظل توقع استمرار شح المساعدات الخارجية، وقال "لكن من المهم أن نميز بين ما ينتج عن هذه السياسة عن وعي بتخفيض الاعتماد على هذه المساعدات، وهذا امر مهم للاستمرار فيه، وبين التخفيض الإضافي بالعجز الذي تحتمه الضرورة الناشئة عن عدم ورود ما يكفي من مساعدات خارجية".

وأضاف: "اعتقد انه من الحكمة بمكان الاستمرار باعتمادنا على نهج قائم على تخفيض العجز لأسباب لا تخفى على احد، حيث واجهت السلطة الوطنية الفلسطينية ازمة مالية على مدار ما يزيد عن عامين، واشتدت حدتها على مدار العام الماضين وبما انعكس بشكل واضح في تراكم مستحقات متأخرة السداد لكافة المتعاملين مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وتأخير الوفاء بالالتزام المتصل بالرواتب والأجور في اكثر من مناسبة في العام الماضي".

وقال رئيس الوزراء: "في كل ذلك ما يدلل على أهمية الاستمرار في اعتماد سياسة تقلل من الاعتماد على المساعدات الخارجية من ناحية، ومن ناحية اخرى ضمن هذا الإطار وضمن هذه الرؤية اعتقد انه يجب ان نستمر في ايلاء أهمية فائقة بضرورة تخفيض العجز الجاري في موازنة السلطة، لان عدم ورود ما يكفي من مساعدات مخصصة لتمويل النفقات الجارية في موازنة السلطة الوطنية في ظل الوضع الخاص بالسلطة ومحدودية قدرتها على اللجوء للاقتراض يجعل من قدرة السلطة على التعامل مع اية احتيجات طارئة محدودة للغاية، وبالتالي أي نقص وخاصة في ضوء الوضع القائم لجهة علاقة بالسلطة الوطنية القائمة كما هي اليوم مع القطاع المصرفي في فلسطين من جهة مديونيتها لهذا القطاع والتي تبلغ اليوم حوالي 1 مليار و200 مليون دولار".

وأضاف: "اعتقد أن هذا كله يدعونا للتوقع بدرجة عالية من اليقين انه في حال عدم ورود ما يكفي من المساعدات الخارجية المخصصة لتمويل النفقات الجارية، لا بد الا وان ينشأ وبشكل سريع، او قد تبلغ الامور علامات ومؤشرات على ازمة مالية، وما نعيشه وعايشناه هو اكبر دليل على ذلك".

واعتبر رئيس الوزراء أن الوضع المالي الصعب للسلطة الوطنية وعدم تمكنها من التعامل مع الالتزامات المترتبة عليها للمتعاملين معها من القطاع الخاص هو العنصر الأكثر تأثيرا، وسلبا، على الوضع الاقتصادي الفلسطيني"

وتابع فياض: الموضوع واضح كسياسية عامة . علينا أن نستمر في هذا النهج الهادف إلى التخفيض في عجز الموازنة وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، وما يتعلق فيما فُرض علينا من واقع زاد من التحديات التي تواجهنا ونحن تحت الاحتلال، وهو العنصر الأكثر تدميرا وتأثيرا من الناحية السلبية والسياسة المالية والواقع الاقتصادي، بكل تأكيد وجدنا أنفسنا مضطرين لاتخاذ إجراءات إضافية.

وردا على الشكوك التي اثيرت حول امكانية نجاح جهود السلطة في تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، اكد فياض أن الاحتلال هو العنصر الأكثر تدميراً بهذا الشأن،"وهذا العنصر واضح بكل تأكيد،وما نريده من المجتمع الدولي أن يمارس دوراً فاعلاًفي الشأن السياسي، وفي هذا ما يعزز تحقيق المزيد من السياسة القائمة على تحقيق المزيد من المنعة الذاتية.

وأضاف: كلما حققنا قدرا اكبر وأسرع باتجاه النقطة التي نستغني فيها عن المساعدات، كلما وضعنا المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الحقيقة، وما نريده أن يتحمل مسؤولياته لإنهاء الاحتلال، ومساعدة الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره. هذا ما نحتاجه وبالتالي ارجوا أن لا نستمر في التشكيك في جدوى العمل وفق نهج يضمن تقليص العجز وتخفيض الاعتماد على المساعدات الخارجية، واعتقد انالأرقام والبيانات،تدل بوضوح بأن السياسة المالية كفلت تحقيق تخفيض العجز وبشكل ملحوظة على مدار السنوات الثلاث أوالأربعة الماضية، طالما أن العجز ينقص،فلا يوجد استحالة في الوصول الى نقطة نستغني بها عن المساعدات لتمويل النفقات الجارية.من جهة اخرى، اشار فياض الى انخفاض ملحوظ في المساعدات العربية للسطة على مدار العاميين الماضيين، مقارنة مع القترة 2007 – 2009 .

وقال فياض: معدل ما تلقته السلطة الوطنية سنويا من المساعدات العربية بين عامي 2007 و2009 هو 450 مليون دولار مخصصة لتمويل النفقات الجارية، انخفض الى 256 مليون دولار سنويا في عامي 2010 و2011،ما يعني انخفاضا بمعدل 190 مليون دولار سنويا من المنطقة العربية،مع العلم انه حتى عندما كانت المعدل الأعلى هو 450 مليون دولار، كان اقل بكثير بما هو ملتزم به،وبما يشمل إطار القمم العربية.

وأضاف: نحن لا ننسى ان إجمالي ما قدمته الدول العربية من دعم إلى السلطة الوطنية، وقبل ذلك للشعب الفلسطيني، ساهم بدرجة كبيرة في تمكين الشعب الفلسطيني في الاستمرار في الصمود والثبات والبقاء، لكن ما يجعل هذه المساعدات وزياداتها في هذا الوقت بالذات أكثر أهمية، هو انسداد في الأفق السياسي والصعوبات التي توجب علينا أن نحقق المزيد من التقدم باتجاه التحول إلى اقتصاد أكثر قدرة على المقاومة، فمجمل السياسات التي بنيت على أساسها خطط التنمية على مدار السنوات الماضية ركزت على هذه النقطة بالذات، وهي عناصر التمكين والاستمرار في الصمود والبقاء، وخاصة في المناطق المهمشة والمتضررة من الجدار والاستيطان والمهددة وبما شمل القدس الشرقية، وبما ساهم في ارتفاع بما يزيد عن 300% في الإنفاق هناك على مدار الأعوام 2008-2011.

وقال "ما نتحدث عنه هو ضرورة تعزيز التحول الاقتصادي نحو اقتصاد مقاومة، خاصة إزاء انسداد الأفق السياسي وطول أمد هذا الحال، في إطار ياتي توجهنا إلى أشقائنا العرب".

وتابع فياض: نحن عرضنا باستمرار احتياجاتنا عليهم، في إطار شمل أيضا المساعدات التي تلقيناها بسخاء من المجتمع الدولي، وأؤكد على الدور الذي قاموا به وما زالوا يقومون به من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى كالولايات المتحدة والنرويج والمانحين الأوروبيين ممن قدموا مساعدات خاصة، وأقول للأشقاء العرب، وإضافة للأسباب الموضوعية بما يشمل واقع الاحتلال، وبما أسهم في واقع الانقسام من جهة القصور في التعامل مع الاحتياجات، نقول للأشقاء العرب نحن بحاجة إلى الدعم والمزيد منه لتعزيز قدرتنا على الانجاز بقدر اكبر وبسرعة اكبر باتجاه التحول إلى اقتصاد مقاوم، ولتمكيننا من تنفيذ برامج تعزز وبشكل مباشر قدرة المواطنين على البقاء والصمود،إن كنا نتحدث عن القدس والمناطق المهمشة والتجمعات البدوية وفي المناطق المختلفة في الأغوار وفي رام الله والخليل وبيت لحم وفي كافة المناطق، ففي ذلك ترجمة للشعار المطروح الذي نتحدث عنه وهو شعار الصمود، وهذا ما ينادي به الجميع،خصوصا في المناطق العربية، وللانتقال من شعار مطروح إلى ممارسة عملية نحن بحاجة إلى هذا الدعم والى المزيد منه.

كذلك، قال رئيس الوزراء أن حالة الانقسام التي تعيشها الاراضي الفلسطينية منذ العام 2007 "تحد بشكل كبير من قدرة السلطة الوطنية على الوصول بسرعة اكبر إلى النقطة التي نبتغي الوصول إليهاوهي الاعتماد على مواردنا بقدر اكبر". وأضاف: في كل الأرقام المتعلقة بالعجز الجاري، فانه كان يمكن ان يكون اقل بـ30% مما هو عليه لولا الانقسام.

من جهة أخرى، أكد فياض ان النفقات الاجتماعية ارتفعت بشكل ملحوظ منذ العام 2008، اذ ارتفع الانفاق على التعليم بنسبة 31%، والنفاق على الصحة بنسبة 77%، وقال "ان خفض الفقر عنوان موجه للسياسة المالية والاقتصادية"، مشيرا إلى انخفاض نسبة الفقر في الاراضي الفلسطينية "وهذا ارتبط باستحداث برامج اجتماعية وتوسيع القائم منها، كما يعود جزء مهم من هذا اللانخفاض الى التقدنم التشغيلي على محدوديته وبطئه".

وفي هذا السياق، قال فياض "تحت أي تطور محتمل كحالة تقدم في الواقع الاقتصادي والمعيشي، لا أتوقع إطلاقا أن نصل إلى مرحلة يمكن ان نستغني فيها بشكل تام عن برامج في بعض المجالات الاجتماعية، ولهذا فان جزءا مهما من البرامج في المجال الاجتماعي يجب ان يبقى، وان نزيد كفاءتها وفعاليتها . نحن ملتزمون بالعمل وصولا الى درجة من التكامل في مجال الضمان الاجتماعي، فمحاربة الفقر تحتاج الى تدخل، ولا يجب ان تترك لتطورات النمو، سواء كان هشاً أمّ مستداماً".