الجمعة: 20/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

التأكيد على أن الفصل بين السلطات ضمانة لسيادة القانون ولحقوق الإنسان

نشر بتاريخ: 21/04/2012 ( آخر تحديث: 21/04/2012 الساعة: 14:29 )
رام الله - معا - دعا مشاركون في ورشة إلى ضرورة إيجاد معايير واضحة واستقلال كامل بين السلطات الثلاث لتحقيق مبدأ سيادة القانون، وإلى تعزيز حقوق الأفراد، وإلى ضرورة أن يصبح مبدأ سيادة القانون ثقافة وليس فقط التزاماً خوفاً من العقاب، وإلى وجود رقابة دستورية على السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية لتعزيز سيادة القانون وعدم انتهاك حقوق الإنسان.

جاء ذلك خلال ورشة عمل عقدها عقد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"بالتعاون والتنسيق مع كلية الحقوق في جامعة القدس لقاء حول الفصل بين السلطات ، وذلك في إطار مساعيه الهادفة لتعزيز ونشر ثقافة حقوق الإنسان في أوساط الشباب والشابات ضمن برنامج تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان وسيادة القانون لدى طلاب الجامعات، بدعم وتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.وقد افتتحت الورشة ميادة زيداني من مركز "شمس" معرفة بالمشروع وأهدافه.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد الملك الريماوي أستاذ القانون في كلية الحقوق في جامعة القدس أن النظم السياسية تختلف في تكوينها وبنيتها وتوزيع السلطات وقيمها فيها، فمن بينها من يجعل اختصاصات التشريع موزعة بين رئيس الدولة ملكًا كان أو رئيس وبين مجلس نيابي كله منتخب أو بعضه معين ويتم انتخاب السلطة التشريعية أو تعينها كما يجري في بعض البلدان، لكن في النظم السياسية الديمقراطية الحقيقية فتنتخب السلطة التشريعية من قبل من يحق له الانتخاب من أفراد الشعب ويكون مباشرة أما من خلال قوائم قريبة أو أفراد ضمن دوائر أو ضمن دائرة الصوت الواحد كبريطانيا مثلا، وقد يكون الانتخاب بدوره واحدة أو دورتين ويوجد مدة محددة للسلطة التشريعية. وقد تسمى السلطة التشريعية بأسماء فيطلق عليها البرلمان أو المجلس النيابي أو مجلس الشعب أو الجمعية الوطنية أو المجلس التشريعي أو مجلس الأمة أو مجلس الشعب أو الكونغرس وغير ذلك من التسميات.

وقال أن النظم السياسية الديمقراطية المعاصرة تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات ويعتبر مبدأ الفصل بين السلطات المدخل الرئيسي لتحديد نوع النظام السياسي وأساس هذا المبدأ هو توزيع السلطات وعدم تركيزها في يد واحدة بل توزيعها على شكل هيئات أو مؤسسات وفق الاختصاصات المنوطة بها فتتخصص السلطة التشريعية بالتشريع والرقابة والسلطة التنفيذية في مهمة تنفيذ القانون والسياسات المقرة وتقوم السلطة القضائية بتطبيق القانون وتقديم المشورة القضائية وتجري العلاقة بين هذه السلطات في أطر يحددها النظام السياسي كما يقره دستور هذه النظم. وبناء على ذلك يمكن أن تصنيف نماذج من النظم السياسية على أساس وجود فصل نسبي بين السلطات من زاوية العلاقة الموجودة بينها. فإذا كانت العلاقة قائمة على أساس المساواة والتعاون فيسمى بالنظام البرلماني أما إذا كان الفصل بين السلطات قائماً مع رجحان كفة السلطة التنفيذية فيسمى بالنظام الرئاسي أما إذا كان النظام يقوم على أساس تقاسم السلطات بين رأس الدولة ورئيس الوزراء عندها يسمى بالنظام شبة الرئاسي أو نصف رئاسي.

وقال أن السلطة التنفيذية تتكون في هذا النظام من طرفين هما رأس الدولة ومجلس الوزراء ويلاحظ في النظام البرلماني عدم مسؤولية رأس الدولة أكان ملكا أم رئيسا أمام البرلمان أما مجلس الوزراء أو الحكومة فتكون مسؤولة أمام البرلمان أو السلطة التشريعية ومسؤولية الوزراء أما أن تكون مسؤولية فردية أو مسؤولية جماعية بالنسبة لأعمالهم. ويؤخذ بهذا النظام في الدول ذات أشكال الحكم الجمهورية أو الملكية لأن رأس الدولة في النظام البرلماني لا يمارس اختصاصات سلطوية بنفسه وتتم ممارسة السلطة عن طريق هيئة الوزارة.ومع أن السلطة التشريعية لها وظيفة التشريع فإن للسلطة التنفيذية الحق في اقتراح القوانين والاشتراك في مناقشتها أمام البرلمان كذلك فيما يتعلق بوضع السياسات العامة من حق السلطة التنفيذية لكنها أي السلطة التشريعية تمتلك الحق في نقاش السياسات وإبداء الرأي فيها كما تمتلك السلطة التشريعية الحق في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية والتصديق على ما تعقده من اتفاقيات.

وأضاف: لذلك فمعظم العلاقة بين السلطتين مبنية على التوازن والتعاون أما ما يتعلق برئيس الدولة في النظام البرلماني فقد اختلف الفقهاء حول دوره ولكن الرأي المرجح أن معظم دوره غير فعال ومركزه مركز شرفي ومن ثم ليس له أن يتدخل في شؤون الإدارة الفعلية للحكم وكل ما يملكه في هذا الخصوص هو مجرد توجيه النصح والإرشاد إلى سلطات الدولة وحفظ التوازن، لذلك قيل أن رئيس الدولة في هذا النظام لا يملك من السلطة إلا جانبها الاسمي أما الجانب الفعلي فيها فيكون للوزراء.

وقال الدكتور عبد الملك أن الفصل بين السلطات يؤدي إلى توزيع الصلاحيات والأدوار بين هذه السلطات، وذلك يؤدي إلى تسهيل عملية إدارة أمور المجتمع والدولة في مختلف جوانب الحياة، ضمن إطار الديمقراطية التي تتيح لكل الأفراد والمؤسسات المشاركة والمساهمة في عملية اتخاذ القرار في كل المجالات، وفي ظل سيادة القانون الذي يخضع له جميع المواطنين على اختلافهم، وهم جميعا متساوون أمامه. وقال أن الفصل بين السلطات يؤدي إلى حالة التوازن الضرورية لاستقرار الدولة، وفي نفس الوقت فان ذلك لا يعني فصلاً تاماً بين السلطات الثلاث، وإنما يعني أن هناك تداخلاً وتشابكاً وتكاملاً في الوظائف والصلاحيات بما يخدم المجتمع والمواطنين ويؤمن لهم مصالحهم وحقوقهم أهمية فصل السلطات

وأوضح الريماوي أن الفصل بين السلطات يحقق التخصص في العمل، حيث تعمل كل سلطة في مجال اختصاصها بما يفتح المجال واسعا إمام إتقان الدور والعمل الذي تقوم به على أحسن وجه لخدمة المجتمع. كما ويؤدي إلى صيانة حقوق المواطنين وحرياتهم العامة ومنع التعدي عليها وكذلك منع التفرد والاستبداد. وإلى احترام القانون والنظام والحفاظ على سيادته،وإلى وتطبيق القانون بشكل متوازن بحيث يكون الجميع متساوون أمامه. ويخلق حالة من التوازن بين مختلف الفئات في المجتمع. إيجاد حالة من التكامل في ظل تقسيم العمل والتخصص فيه. ويوفر حالة من الرقابة على عمل السلطات والأجهزة المختلفة في الدولة، وهذا يؤدي باستمرار إلى تطوير وتحسين أداء هذه السلطات لخدمة المجتمع. لذلك فإن مبدأ الفصل بين السلطات من أهم دعائم المجتمع الديمقراطي الخاضع لسيادة القانون.