الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

القيادة الفلسطينية: شرعنة البؤر الاستيطانية مسمار آخر في نعش السلام

نشر بتاريخ: 24/04/2012 ( آخر تحديث: 25/04/2012 الساعة: 11:28 )
رام الله – خاص معا - أعلنت القيادة الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، عن رفض قرار حكومة إسرائيل الذي صدر اليوم، بإضفاء صبغة شرعية على ثلاث بؤر استيطانية في الضفة الغربية، واعتبرت هذا القرار مسمار آخر يدق في نعش عملية السلام المترنحة أصلاً، لتكون هذه الخطورة بمثابة رد نتنياهو على رسالة الرئيس محمود عباس.

وأكدت القيادات الفلسطينية في تقرير لوكالة "معا" إن المجتمع الدولي يدرك تماماً أن إسرائيل لا تزال تستغل صمت العالم على جرائمها، لتواصل سياستها الاستيطانية، وفرض أمر واقع جديد على الأرض، تمنع بموجبه إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة.

وكانت الحكومة الإسرائيلية شرعنت ثلاث بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية، حسب ما أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في بيان صحفي، اليوم الثلاثاء.

وجاء في البيان إن لجنة وزارية قررت تشريع وضع ثلاثة كتل استيطانية أقيمت في التسعينيات بناء على قرارات حكومات سابقة، وذلك خلال اجتماع عقدته في وقت متأخر من ليلة أمس الاثنين.

وهذه هي المرة الأولى منذ العام 1990، التي تقر فيها حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية بإقامة مستوطنات جديدة على أراض فلسطينية ذات ملكية خاصة، عبر تشريعها لثلاث بؤر استيطانية عشوائية، وهو ما يعني إقامة مستوطنات جديدة بطريقة ملتوية، ليكشف نتنياهو وحكومته بذلك عن وجههما الحقيقي الداعم للاستيطان بدلاً من الذهاب إلى السلام.

وتشكل القرارات الإسرائيلية الأخيرة رد حكومة اليمين الاسرائيلي على رسالة الرئيس محمود عباس، حول متطلبات تحريك عملية السلام والعودة إلى المفاوضات، لتترك عملية السلام خلف ظهرها، وتؤكد استمرارها بسياسة إدارة الظهر للفلسطينيين ومطالبهم وللمجتمع الدولي الداعي لوقف الاستيطان بفرضها للمزيد من الوقائع على الأرض.

وفي هذا الصدد، أكدت عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، د. حنان عشراوي، إن الإعلان الإسرائيلي يشكل جوهر السياسة الإسرائيلية لهذه الحكومة الاستيطانية العنصرية المتطرفة، وأشارت إلى ضرورة عدم التعامل على المستوى اللفظي، بل تقييم الأمور بالنسبة للمارسات على الأرض.

وقالت د. عشراوي أن إسرائيل ترى في الاستيطان جوهر سياستها، وبالتالي يجب أن يكون التعامل معها على هذا الأساس، كونها تتحدى المجتمع الدولي، وتتحدى القانون الدولي، وتتحدى حتى الاتفاقيات التي وقعت عليها، وهي تعتبر نفسها أن القرار العسكري هو فوق كل الاعتبارات الأخرى، بما في ذلك اعتبارات السلام.

وشددت د. عشراوي على خطورة القرارات الإسرائيلية، مؤكدة رفض السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لهذه القرارات، كونها قرارات تجعل من احتمالات السرم عملية غير واقعية على الإطلاق، بل هي تدل على الغطرسة والالتزام بالاستيطان والتوسع وسرقة الأراضي، بدلاً من الالتزام بمتطلبات حل السلام.

وقالت د. عشراوي: على الدول التي تدعي أنها تعمل من أجل السلام أن تتدخل بشكل فاعل، وأن تسائل إسرائيل، وأن تكون هناك عقوبات حقيقية لمثل هذه الممارسات والغطرسة والخروقات الخطيرة، فإذا ما فقدت هذه الدول الإرادة للتدخل والردع والمساءلة، فعلينا الذهاب إلى المؤسسات الكفيلة بمسائلة إسرائيل، وإنزال العقوبات بها.

وأكدت د. عشراوي أن المجتمع الدولي لديه إدراك من فترة طويلة بأن إسرائيل تشكل عقبة أمام تحقيق السلام، ولكنها قالت إن هناك غياب الإرادة السياسية والقدرة على مواجهة إسرائيل، فضلاً عن الظروف التاريخية في أوروبا، وعملية الانتخابات، والمصالح الذاتية التي فرضت نفسها على السياسة الأمريكية، ووجود تحالف استراتيجي بين أمريكا وإسرائيل، وبالتالي فإن هناك تواطؤ حتى في الاستيطان.

وشددت د. عشراوي على عدم وجود عملية سلام جراء الممارسات الإسرائيلية في ضم وتهويد القدس وبناء الجدار واستمرار الاستيطان وسرقة الأراضي والموارد، وهذا يدل على عقلية تتناقض جذرياً مع متطلبات السلام.

وأضافت في هذا الصدد: بالتالي لا توجد عملية سياسية، ولسنا مستعدين بخوض عملية شكلية تعطي إسرائيل غطاء للإمعان في مثل هذه الممارسات.

وأشارت د. عشراوي إلى أنه بات من غير الممكن أن تكون هناك دولة فلسطينية قابلة للحياة في ظل استمرار البناء الاستيطاني، لاسيما أن بنيامين نتنياهو يريد أن يحول الدولة الفلسطينية إلى جيوب سكانية وتجمعات منفصلة ومعزولة عن بعضها البعض، وغير قابلة للحياة، ويحاول تقويض كل متطلبات الدولة، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وعلى القيادة الفلسطينية أن تواجه هذه السياسة.

من جهته، اعتبر وزير الدولة لشؤون الجدار والاستيطان، ماهر غنيم إن القرار الإسرائيلي يعد تطوراً خطيراً، خاصة أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تتحدث عن موضوع إعطاء تصاريح للبؤر الاستيطانية خلال العشرين سنة الماضية، رغم أنها قامت بتسهيل الاستيطان ورعاية نشاطات المستوطنين كافة في هذه المناطق.

وأضاف غنيم: الآن يدور الحديث بشكل مباشر عن شرعنة هذه المستوطنات التي أقيمت على أراضي ذات ملكية فلسطينية خاصة، ولكن بالنسبة لنا كافة أشكال الاستيطان غير شرعية وغير قانونية، سواء هذه البؤر أو النشاطات الاستيطانية، أو ما تخطط له حكومة الاحتلال لإقامته في داخل أراضينا.

وشدد غنيم على أن ما يجري يأتي في إطار ممنهج واستراتيجية تقوم من خلالها الحكومة الإسرائيلية بتوفير كل الإمكانات للنشاط الاستيطاني سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وأكد أن حكومة الاحتلال تقوم بتوفير الرعاية للنشاطات الاستيطانية التي تستطيع الحكومة أن تقوم بتنفيذها بشكل مباشر من خلال فتح المجال لتنفيذها عبر المستوطنين.

وأضاف غنيم: نحن نقول أن الاستيطان يتم تنفيذه من خلال أدوات الاحتلال الثلاث، جيش الاحتلال بشكل مباشر، والذي يقوم بتوفير الأمن والحماية للمستوطنين، والتشريعات والمحاكم الباطلة التي تقوم بمحاولة توفير الصيغ القانونية للبؤر الاستيطانية، التي يعتبرها القانون الدولي جرائم حرب.

ثلاث بؤر استيطانية هي "بروخين" و"راحيليم" قرب نابلس، و"سنسنسانا" قرب الخليل يقطنها قرابة 600 مستوطن، حازت اليوم على شرعنة أو خطت خطوة نحوها ستجعلها بلا شك مستوطنات مؤهلة لابتلاع المزيد من الأرض الفلسطينية وتقتل معها أي أمل بالسلام.