د. حنين يتحدث عن بعض من الضربات الحكومية المعدة للشرائح المستضعفة في العام 2007
نشر بتاريخ: 23/12/2006 ( آخر تحديث: 23/12/2006 الساعة: 10:29 )
القدس- معا- حذر د. دوف حنين، عضو الكنيست من الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، أعضاء لجنة المالية البرلمانية، في جلستها هذا الأسبوع، من امكانية تدخل محكمة العدل العليا، ضد المصادقة على قانون التسويات، اذا ما تمت المصادقة على كل بنوده ومعظمها يمس بشكل جدي وغير مبرر بالشرائح المستضعفة.
وأضاف "إما أن يحترم أعضاء الكنيست مكانتهم ويستغلوا صلاحياتهم بعدم المصادقة على بنود قانون التسويات, وإما أن يقوموا بتعديل البند الأول من القانون فقط والذي يتحدث عن هدف القانون", واردف "الهدف المعلن الآن من هذا القانون، هو ضمان الموازنة في ميزانية الدولة للعام 2007، ولكن الحقيقة هي أن معظم البنود لا تمت بصلة الى هذه الميزانية، ما يعني بأن المحكمة العليا قد تتدخل، ومنع ذلك يكون فقط بتغيير الهدف من القانون"، وأضاف بسخرية مرة "النجاة الوحيدة للقانون تكون بأن تعترف الحكومة بأن الهدف منه هو الاستمرار بسياسة اجتماعية اقتصادية رفضها الجمهور الاسرائيلي خلال الانتخابات الأخيرة!!".
هذا وكانت المستشارة القضائية للكنيست نوريت ألشتاين, قد حذّرت هي أيضا أعضاء اللجنة من مغبة المصادقة على كافة بنود القانون، وحذّرتهم أيضا بأن تدخل المحكمة العليا سيتسبب بضرر كبير لصورة ومكانة الكنيست بنظر الجمهور الاسرائيلي.
وقالت:" ألشتاين بأن أربعة بنود فقط من قانون التسويات (84 بندا) لها علاقة بميزانية العام 2007، ولذلك دعت الى المصادقة على هذه البنود الأربعة فقط على أن يتم سن بقية البنود كاقتراحات قوانين ضمن المسار العادي لسن القوانين".
* قانون التسويات؟! نموذج واحد!
علماً بأن قانون التسويات هو قانون التفافي يهدف الى الالتفاف على القوانين القائمة، واجهاضها وتجميد العمل بها، بحجة الموازنة في ميزانية الدولة، الا أن أسوأ ما فيه لا يتوقف فقط عند ما يحدثه من ضربات بشعة بالشرائح المستضعفة، انما بالشكل الذي يتم اقراره بالكنيست، على عجلة دون التوقف الجدي عند كل بند وبند، ووفق اعتبارات ائتلافية محضة.
وحول هذا يقول د. حنين:"قانون التسويات، هو أسوأ ما قد يحدث للسلطة التشريعية، فالحكومة هي التي تضعه وتفرض تمريره وفق الاعتبارات الائتلافية، وهي بذلك تقول لأعضاء الكنيست، أنتم تقرون ما تشاءون من القوانين ونحن نجمد منها ما لا يروق لنا، وفي هذا مس كبير الديمقراطية وبالفصل بين السلطات."
وعن الاشكالية بسن هذا القانون سردد. حنين، حادثة من هذا الأسبوع "الأجواء في جلسة لجنة العمل والرفاه، كانت طيبة هذا الأسبوع، كان من المقرر المصادقة على البند الذي يعترف بحق المواطنين المحتاجين بتلقي خدمات التمريض، لكن الحكومة نصبت فخاً لم يكتشفه في البداية أعضاء الكنيست، اذ جاء في البند المذكور في قانون التسويات بأن من يحتاج مساعدة ومرافقة طيلة ساعات اليوم، هو من يستحق توفير خدمات التمريض له، فيما كانت الصيغة الأصلية للقانون تقضي بتوفير هذه الخدمات لمن لا يستطيع أن يقوم لوحده بالقيام بما يحتاج اليه، كالاستحمام وتناول الطعام، دون تحديد ساعات لذلك".
وأضاف "التقييد بالساعات لا مبرر له ولا يهدف الا الى تقليص عدد مستحقي خدمات التمريض بطريقة غير شرعية، وفي البداية لم يثر هذا الموضوع، الى أن أثرته فصوتت اللجنة ضد اقتراح القانون هذا, ما أريد أن أقوله بأن الحكومة تحاول دس البنود وفرض التصويت عليها بشكل سريع وخاطف دون التعمق بما قد تقتضيه من انعكاسات مدمرة بالنسبة لشرائح واسعة من المجتمع الاسرائيلي."
* على درب نتنياهو.
"أغرب ما في هذه الحكومة وفي وزارة ماليتها على وجه الخصوص" يقول د. حنين "بأنها لم تستوعب شيئا من دروس الانتخابات الأخيرة، ففيها قال المجتمع الاسرائيلي كلمته بوضوح ضد سياسة بنيامين نتنياهو الاقتصادية ووجه ضربة عقاب قاسية لليكود ورئيسه، ولكن الحكومة تواصل نفس نهج نتنياهو، رغم وجود كتل ما كانت لتحقق انجازاتها الانتخابية لولا برامجها الاجتماعية وخاصة حزب العمل والمتقاعدين وشاس، وكلهم تنكروا لوعوداتهم ومواقفهم."
ويشير د. حنين في هذا الباب الى التقارير الصادرة تباعا عن جهات مختلفة بخصوص الظروف الاجتماعية في اسرائيل ويقول "آخر هذه التقارير هو الصادر عن جمعية حقوق المواطن في اسرائيل، وهنا لا تطرق الى ظروف المحرومين من العمل أو العاجزين، انما الى من يخرجون من منازلهم كل صباح لاستلال لقمة العيش بكرامة، لكن ظروف تشغيلهم منتهكة بشكل فظ يشير الى ما تؤدي اليه هذه السياسة الخنازيرية، بخدمة رأسالمال المتوحش."
وهنا يستعرض د. حنين اهم ما جاء في هذا التقرير "يكشف هذا التقرير مدى التميز ضد العمال من الشرائح المستضعفة، بدءا بالمهاجرين الجدد، الذين لا يصل معدل أجورهم العام نسبة 70% من قيمة معدل أجور غير المهاجرين، واما العمال الأجانب، مهجري العمل فظروفهم غير انسانية بالمرة".
ويتوقف د. حنين عند ظروف المواطنين العرب فيقول "يبلغ معدل المعاشات في البلدات العربية 63% من قيمة معدلها في البلدات اليهودية ويعانون من التمييز بالقبول لأماكن العمل بحجج مختلفة أبرزها تأدية الخدمة العسكرية كشرط للقبول أو أن تكون اللغة العبرية لغة ألأم، ولكن المعطى الأغرب بالنسبة للمواطنين العرب هو بأن الشهادة الأكاديمية بشكل عام لا تمنحهم فرصة أكبر من الاندماج بسوق العمل، بل بالعكس، تشكل حاجزا امامهم!"
كما تطرق د. حنين الى انتهاك حقوق العمال من أبناء الشبيبة الذين يتقاضى 56% منهم أجورا لا تصل الحد الأدنى وكذلك الى اضطرار المزيد من العمال في اسرائيل الى الاكتفاء بوظائف جزئية أو أولئك الذين يعرّفون بشكل دائم على أنهم عمال مؤقتون لحرمانهم من الظروف الاجتماعية التي يستحقها العمال الثابتون.
إلا أن أسوأ ما يعانيه سوق العمل الاسرائيلي بنظر د. حنين هو سيطرة شركات القوى العاملة على السوق، اذ يقول "يعمل بواسطة شركات القوى العاملة في البلاد مئات ألوف العمال، وتبلغ نسبتهم وفق معطيات غير رسمية ما يعادل الـ 10% فيما لا تتعدى نسبتهم في أوروبا الـ 2%، وبحسب ما يشير اليه التقرير اياه فإن متوسط أجور العاملين في هذه الشركات لا يتجاوز الـ 60% من معدل الأجور العام وفقط 5% من عمال هذه الشركات يتلقون أجر 25 شاقل أو أكثر على ساعة العمل الواحدة. هؤلاء العمال مثل كؤوس البلاستيك احادية الاستعمال، تستخدم لمرة واحدة ثم ترمى، هكذا يعاملونهم اليوم، وهكذا تريد هذه الحكومة أن تواصل طريقها.."
* المس بالمصابين النفسيين.
كل بند في قانون التسويات يحمل ضربة قاسية لشريحة مستضعفة في المجتمع، ويؤكد د. حنين اهتمامه واهتمام كتلة الجبهة البرلمانية بشكل عام بكل شريحة وشريحة دون تمييز، لكنه يستأنف ويقول "رغم كل الشرور التي يحملها هذا القانون الا أنه لا يحوي كل المخططات الشريرة للحكومة في العام القادم".
ويقول بأن واحدة من أبشع الضربات التي تعدها الحكومة خارج قانون التسويات موجهة نحو المصابين النفسيين في البلاد، ويشرح "عندما أقر قانون التأمين الصحي في العام 1995 أقر بأن تنقل المسؤولية عن المرضى النفسيين خلال عامين الى صناديق المرضى الا أن هذا لم يحدث رغم مرور عشرة أعوام، والآن فقط أقرت الحكومة تنفيذه مع بداية العام 2007."
وأضاف د. حنين "نقل المسؤولية الى صناديق المرضى، قد يضع حدا لشكاوى المرضى النفسيين وأبناء عائلاتهمن بأنهم لا يتلقون العلاج الذي يتلقاه أي مصاب بأي مرض جسدي عادي، وبأن العيادات التي تهتم بهم معدودة في البلاد وقدرتها على توفير الخدمات محدودة بشكل كبير، ما يؤدي الى انتظار الدور الى الطبيب النفسي مدة تتراوح ما بين ثلاثة أشهر وحتى عام كامل بينما التوجه الى أطباء نفسيين خاصين مكلف فوق العادة، وعدم توفير العلاج الملائم بالوقت المطلوب يؤدي عادة الى تدهور الوضع."
وأكد د. حنين بأن توفير العلاج لا يجب أن يكون فقط للمرضى النفسيين بشكل صعب انما لكل من هو بحاجة لعناية نفسية، كطلاب المدارس وضحايا الاعتادءات الجنسية والجسدية.
وأضاف د. حنين "عقب النواقص في الخدمات النفسية، طالبت منظمات باسم المرضى النفسيين وذويهم بنقل المسؤولية عن هذا المجال الى صناديق المرضى العامة، على أمل تحسين ظروفهم من جهة والتخلص من الوصمات السلبية من جهة أخرى، أي بالتعامل معهم على أنهم مرضى ككل المرضى، الا أن الرفض جاء هذه المرة من قبل الطباء النفسيين وأطباء الأعصاب، الذين سيتضررون نتيجة توفير خدماتهم للمرضى بأسعار منخفضة نسبيا الى ما جنوه في السوق الخاصة."
ويضيف د. حنين بأن المشكلة الأساسية بهذا الموضوع كله هو أن الحكومة تعمل على نقل المسؤولية الى صناديق النمرضى دون تحويل اميزانيات اللازمة، ما يجعل هذه الصناديق تبذل كل الجهود من أجل تقليص تكاليف هذه الخدمات، ما قد يؤدي الى عدم تطويرها بل والى تراجعها!
هذا وكان د. حنين قد استقبل برفقة عدد آخر من أعضاء الكنيست، قبل أسبوعين عددا كبيرا من ممثلي المرضى النفسيين، وأقاموا يوما دراسيا حول الموضوع وحول الامكانيات للتصدي له.