حرموا من استيراد وسائل لتعليمهم فصنعوا بأيديهم ما يلزمهم: طلبة الهندسة في النجاح يتحدون الحصار
نشر بتاريخ: 24/12/2006 ( آخر تحديث: 24/12/2006 الساعة: 11:48 )
نابلس- معا- "نتحدى الحاضر لنرسم المستقبل" شعار رفعته جامعة النجاح الوطنية من أجل الرقي والنجاح ومواكبة التطور التكنولوجي، ولأن طلبة الجامعة لم يتوانوا لحظة واحدة عن تحقيق حلمهم في التعليم فاجتهدوا من أجل توفير ما يخدم مسيرتهم التعليمية وتحدوا من وضع العراقيل أمام طريق رسم مستقبلهم، ولأن جامعة النجاح تضم في جنباتها 19 كلية علمية وإنسانية وتمنح 64 برنامجا في الدرجة الجامعية الأولى و33 برنامجا للدرجة الجامعية الثانية وبرنامج واحد للدكتوراة بالإضافة الى21 برنامجا لدرجة الدبلوم المتوسط في كليتي المجمتع وهشام حجاوي التكنولوجية وقسم الهندسة الصناعية واحد من أقسام كلية الهندسة الثمانية يضم بين جنباته طلبة يملكون من الأمل الشئ الكثير من أجل بناء مستقبل مشرق لهم يفتخرون به أمام مدرسيهم وأهاليهم فاستطاعوا أن يتخطوا الحدود بتفكيرهم ويجتازو كل الحواجز والجدران ليطلقوها صرخة إلى العالم أن الشعب الفلسطيني شعب حي ويريد الحياة فخطوا الخطوات الأولى على طريق الصناعة ليجعلوا ما درسوه على الورق مطبقا على أرض الواقع.
لمحة عن قسم الهندسة الصناعية
تأسس القسم سنة 1996 بهدف تلبية الاحتياجات المتجددة للسوق الفلسطيني والإقليمي من الكوادر البشرية المدعمة بأحدث الأسس والتقنيات العلمية في مجالات الهندسة الصناعية المختلفة، والعمل على خلق قاعدة للتوعية الصناعية ونقل المعلومات والتكنولوجيا التي تمكن القطاعات المختلفة من تحسين إنتاجها وأدائها. بالإضافة إلى ربط الطلبة الخريجين بالقطاعات الإنتاجية والخدماتية المختلفة في فلسطين وربط الجامعة مع هذه القطاعات وذلك من خلال إجراء الدراسات الميدانية حول هذه القطاعات ومن خلال تدريب طلبة القسم فيها.
ويعمل في القسم نخبة من المحاضرين من خيرة الأساتذة في تخصص الهندسة الصناعية والذين بجهدهم وجدهم استطاعوا أن يحولوا القسم من قسم مستقبل للآلات إلى قسم منتج له من خلال مشاريع تخرج عملية للطلبة الخريجين، ويرأس القسم الدكتور أحمد عبد الحفيظ الرمحي الحاصل على الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية من جامعة شرق المتوسط من تركيا وهو حاصل على رتبة أستاذ مشارك وقد ترأس القسم منذ العام 2000.
وكان الهدف من إنجاز هذا النوع من المشاريع هو توفير أجهزة ومعدات ذات تكاليف قليلة قادرة على ربط المفاهيم العلمية النظرية بتطبيقاتها العملية، وكان هذا التوجه بمشاريع التخرج وليد الأوضاع السياسية الصعبة التي تعاني منها الأراضي الفلسطينية والمتمثلة بالحصار المتواصل الذي تفرضه سلطات الاحتلال على الأراضي المحتلة بشكل عام وعلى مدينة نابلس بشكل خاص منذ بداية الانتفاضة الحالية، فقد حرم الحصار معظم الجامعات الفلسطينية ومنها جامعة النجاح من إمكانية توريد العديد من الأجهزة الجديدة اللازمة لتطوير مختبراتها وخصوصا الاجهزة المتعلقة بعمليات الانتاج، هذا الإضافة إلى حرمان الطلبة من أية زيارات ميدانية لمنشآت صناعية ذات علاقة خارج مدينة نابلس لمشاهدة التطبيقات العملية على ارض الواقع.
وانطلاقا من هذه الرؤية فقد نجح قسم الهندسة الصناعية من تنفيذ عدد من المشاريع وكان نتيجتها ثمانية أجهزة تم تصنيعها وقد وفرت هذه الأجهزة مبالغ كبيرة على الجامعة في ظل الظروف المالية الصعبة التي تمر بها، وكان لوجودها أثر إيجابي ملحوظ في مساعدة الطلبة على ربط الجوانب النظرية بالجوانب التطبيقية من خلال إضافة العديد من التجارب الجديدة لمختبرات القسم الفنية.
ويقول الدكتور احمد الرمحي، رئيس قسم الهندسة الصناعية أن الهدف من إنتاج مثل هذه الآلات هو محاكاة عمليات إنتاجية رئيسية مثل عمليات السحب العميق للصفائح المعدنية، وتشكيل الصفائح المعدنية من خلال الدوران، وعمل نماذج عن خطوط أنتاج اوتوماتيكية مثل خط تعبئة جالونات الشراب.
ويضيف الرمحي أن القسم تمكن من إنتاج ثمان آلات بحيث تم تشغيلها في مختبرات القسم والاستفادة من بعضها لإجراء بعض التجارب الحقيقية وتم مقارنة النتائج بنتائج أخرى منشورة وكانت مقبولة بشكل جيد جدا للأغراض التعليمية واستخدام البعض الآخر كوسائل إيضاح لتدريس مساقات الطلبة.
وعن الكلفة المادية التي تلزم لإنتاج مثل هذا النوع من الآلات ذكر الرمحي إن التكلفة المادية قليلة نسبيا بحيث تم الاستفادة من قطع ميكانيكية من بعض المركبات القديمة وتم إجراء بعض التعديلات عليها للاستفادة منها ورجح السبب الذي جعل الطلبة يتوجهون إلى مثل هذا النوع من القطع قلة ثمنها وعدم توفر القطع الجديدة منها في الأسواق لصعوبة استيرادها من داخل الخط الأخضر.
وأوضح الدكتور الرمحي ان هناك حصار على انواع معينة من المواد التكنولوجية التي تصل إلى الجامعات الفلسطينية وهناك العديد من العطاءات لتوريد أجهزة تم منعها من سلطات الجمارك الإسرائيلية بحجة الأسباب الأمنية علما بان الجامعة تستخدم الأجهزة الموجودة فيها لأغراض التعليم فقط.
مساهمة الجامعة في المشاريع
وعن الدور الذي تقدمه الجامعة لأي مشروع يعود بالفائدة على الجامعة وطلبتها فقد ذكر الرمحي أن الجامعة ساهمت في مشاريع التخرج حيث وصلت مساهماتها لبعض المشاريع إلى ما قيمته 800 $ أمريكي وهناك مساهمة من الطلبة أنفسهم لتكاليف كانت مباشرة للقطع الميكانيكية، وعن تكاليف العمالة ذكر الرمحي انه لا توجد أي تكاليف عمالة لان الطلبة يقومون بهذه الأعمال بأنفسهم في مشاغل كلية الهندسة في الجامعة.
من الذي يقوم بصناعة الآلات؟
طلبة سنة خامسة من قسم الهندسة الصناعية هم من ينجز هذه الأعمال والتي بدورها تعطي هؤلاء الطلبة الثقة بالنفس خاصة لحظة الانتهاء من المشروع وخروجه إلى ارض الواقع، و بمتابعة الطلبة بعد تخرجهم وجد أن هؤلاء الطلبة يحصلون على وظائف بصورة اسرع من نظرائهم.
وخلال حديثنا مع د. الرمحي ذكر انه يتم تقييم هذه المشاريع من خلال لجنة رسمية تتشكل من أعضاء هيئة تدريس في القسم ومن الكلية بالإضافة الى ممتحنين خارجيين يمثلون القطاع الصناعي المحلي وكان رأي هؤلاء الممتحنين إبداء الإعجاب بإنجاز الطلبة وكان تقديرهم للطلبة من خلال النقاش تقديرا متميزا.
وعن طموح القسم في المستقبل القريب أوضح د. الرمحي انه يأمل ان تكون الخطوة التالية هي صناعة الات حقيقية للسوق المحلي لأنه على ثقة ان طلبة القسم قادرين على حل بعض المشاكل التقنية التي يعاني منها القطاع الصناعي.
وعن الآلات التي تم تصنيعها في القسم بين الرمحي ان هذه الآلات هي
. ماكنة خط تعبئة عبوات شراب.
. ماكنة قص الصاج باللهب يتم التحكم بها عن طريق الكمبيوتر.
. ماكنة السحب العميق للصاج.
. ماكنة تشكيل الصاج عن طريق الدوران.
. ماكنة الصب الدوراني للبلاستيك.
. ماكنة حقن البلاستيك.
. ماكنة اوتوماتيكية لدمك عينات مارشل الاسفلتيه.
. روبوت الي لتثقيب الخشب في بعدين.
حيث ذكر الرمحي ان جميع هذه الماكنات تحاكي عمليات تصنيع حقيقية مطلوبة في السوق المحلي.
وبناء على ما تقدم نستجلي الأثر الإيجابي الذي أحدثته مشاريع التخرج العملية في مجال التصميم والتصنيع في قسم الهندسة الصناعية، فلقد ساعدت في تدعيم البنية التحتية لمختبرات القسم، ولقد كان لهذه المشاريع أثر طيب في مساعدة الطلبة على إيجاد وظائف بعد التخرج وشكلت حافز جيد لطلبة السنوات اللاحقة للإقبال على مثل هذا النوع من المشاريع.
ففي الوقت الذي قام فيه الاحتلال بمحاصر الطرق والمداخل فقد عجز حتى الآن عن محاصرة العقول والمبدعين في الوصول الى ما خططوا الوصول اليه كما فعل طلبة قسم الهندسة الصناعية في جامعة النجاح والذين لم يتمكنوا من الحصول على المعدات اللازمة لاستكمال تحصيلهم العلمي من الخارج بسبب إجراءات الاحتلال فانكبوا مخلصين في العمل وانتجوا ما يحاكي تلك المعدات من خلال مشاريع تخرجهم التي بها انطلقوا للعالم حاملين شهادات عز وفخر بكل منجزاتهم الرائعة.