السبت: 09/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مناقشة رسالة ماجستير حول تجربة دمج البلديات في فلسطين

نشر بتاريخ: 05/05/2012 ( آخر تحديث: 05/05/2012 الساعة: 21:30 )
رام الله- معا- جرى في جامعة القدس مناقشة رسالة ماجستير للطالب محمود عامر قنداح من المعهد العالي للتنمية المستدامة، تخصص بناء المؤسسات والتنمية البشرية.

وقد تناولت هذه الرسالة مسألة تشهد جدلا في الساحة الفلسطينية بين قبول ورفض وحياد، وهي تجربة دمج البلديات في فلسطين، وقد تمت الدراسة من وجهة نظر أعضاء المجالس البلدية والمنتفعين من خدمات البلديات المدمجة.

وقد تكونت لجنة المناقشة من الدكتور عبد الوهاب الصباغ (مشرفا)، والدكتور يوسف أبوفارة، والدكتور عبد الناصر مكي. وحضر المناقشة الدكتور زياد قنام مدير المعهد العالي للتنمية المستدامة، وعدد من اعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا والمهتمين من بعض المؤسسات الفلسطينية ومن المجتمع المحلي.

وقد أشارت الرسالة إلى أن دمج البلديات يعمل على ضم المجالس القروية في منطقة جغرافية متقاربة في بلدية واحدة، بحيث تكون هذه البلدية قادرة على تقديم خدمات أفضل للمستفيدين، وتتمتع بجهاز إداري ومالي وتقني ذي كفاءة عالية، وتكون هذه البلديات قادرة على البقاء ومواجهة التحديات، ومستندة إلى قانون الهيئات المحلية رقم (1) 1997. وتم التأكيد في الرسالة على أن عملية الدمج تراعي عوام متعددة مثل رغبة السكان والتواصل الجغرافي والتقارب في عدد السكان والتجانس الاجتماعي والثقافي والاقتصادي وتوفر الخدمات المشتركة.

وأشار الباحث قنداح في رسالته إلى أن عملية دمج البلديات تعزز المشاركة المجتمعية من خلال تعزيز مشاركة المواطنين في تحديد الاحتياجات، وتشركهم أيضا في اتخاذ القرارات، وفي تخطيط الكثير من الأعمال ذات العلاقة ببلداتهم، ومن خلال تقريب المواطن من الإدارة حتى يصبح عنصراً فاعلاً في المجتمع ومشاركاً كفؤا في تحقيق تنميته المستدامة.

وأكد الباحث قنداح في رسالته على أن الحكم المحلي في فلسطين مر بظروف صعبة عبر مراحل تاريخية متلاحقة، وقد كانت فلسطين بحدودها التاريخية خلال هذه المراحل خاضعة لجهات متعاقبة بدءا بالعثمانيين ووصولا الى الاحتلال الإسرائيلي. )، وقد أرست هذه القوى المتعاقبة أسس نظام الحكم المحلي الفلسطيني، غير أنها لم تعمل على تمكين النظام ليكون ممثلا لمصالح وتطلعات الشعب الفلسطيني، إذ لم يكن الحكم المحلي بالنسبة لها سوى امتداد للسلطة المركزية واستخدامه وسيلة للسيطرة لا وسيلة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وأضاف الباحث قنداح أن هذا الواقع الممتد عبر الزمن الماضي قد أدى إلى إثقال العبء على السلطة الوطنية الفلسطينية منذ قدومها عام 1994 حيث وجدت نفسها إمام تركة ثقيلة من الأنظمة والقوانين والأوامر العسكرية، وخاصة فيما يتعلق بالسلطات المحلية التي شهدت في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية توسعا كميا كبيرا في قطاع الحكم المحلي.

وقد تناول الباحث قنداح في رسالته مجموعة من المبررات التي تبرز أهمي دمج البلديات، حيث هناك زيادة ملحوظة في أعداد البلديات، وهذا أدى إلى عيوب كثيرة في أداءها للخدمات المطلوبة منها، وخاصة إذا كانت هذه البلديات من الحجم الصغير، حيث لا تكفي مواردها الذاتية لدفع رواتب موظفيها، إضافة إلى عدم وجود كوادر بشرية مؤهلة وقادرة على إدارة البلدية أو إدارة الخدمات المقدمة للمواطنين، وأصبحت البلديات عاجزة عن أداء واجباتها الأساسية.
وعلى صعيد متصل، فقد ظهرت خدمات جديدة في ظل التقدم الهائل في وسائل الاتصال والمواصلات والتطور التكنولوجي، وهذا الأمر أدى الى تقريب المسافات البعيدة بين القارات فكيف بين البلديات القريبة من بعضها البعض. وقد اتضح من تجارب قريبة أن عملية الدمج تعزز العلاقات الاجتماعية من خلال الحد من النزاعات العشائرية التي تصاحب الانتخابات، وتسهل الرقابة المركزية على اعمال البلديات، وتوفر المال والنفقات وتجعل قرارات البلدية اكثر صوابا، وتساعد في وقف التوسع العمراني العشوائي في الاراضي الزراعية.

وقد أبرز الباحث قنداح في رسالته مجموعة من المعيقات التي اعترضت وواجهت تجربة دمج البلديات، ومن ذلك قصور الجهات المختصة في تطوير القوانين والتشريعات ذات العلاقة، خاصة ما يتعلق بعضوية المواقع المدمجة في المجالس البلدية، وعدم تمكن البلديات من تعزيز الثقة بينها وبين متلقي الخدمات، والثقافة غير الناضجة لدى بعض المواطنين حول دمج البلديات. وهذا الأمر يستدعي وضع خطط وبرامج لرفع مستوى الوعي لدى هؤلاء المواطنين، وتفعيل إعلام مساند لفكرة الدمج.

وقد قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات، تم التأكيد فيها على ضرورة تكريس الموارد المتاحة لتعزيز فكرة الدمج والعمل على تطويرها، والعمل على تخصيص موازنات خاصة لدعم المشاريع العامة والمشتركة في البلديات المدمجة، وضرورة العمل على تشجيع البلديات المدمجة بتنفيذ مشروعات استثمارية لزيادة إيراداتها المالية لتمكينها من الاستمرار والديمومة، وإعطاء صلاحيات أوسع للبلديات المدمجة مع ضرورة إجراء الانتخابات بشكل منتظم.

وتعدّ هذه الدراسة من الدراسات النادرة التي تناولت دمج البلديات. وفي نهاية المناقشة، تم منح الطالب قنداح درجة الماجستير من المعهد العالي للتنمية المستدامة في تخصص بناء المؤسسات والتنمية البشرية.