قراقع امام اجتماع دول الانحياز يطالب بحماية دولية للاسرى
نشر بتاريخ: 10/05/2012 ( آخر تحديث: 10/05/2012 الساعة: 19:14 )
شرم الشيخ -معا- طالب وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع بتحرك عاجل وسريع من وزراء خارجية دول عدم الانحياز لانقاذ حياة الأسرى المضربين عن الطعام منذ 73 يوماً والضغط على اسرائيل للاستجابة لمطالب الأسرى العادلة.
جاءت أقوال قراقع خلال القاء كلمة في الاجتماع الخاص للأسرى الذي عقد في شرم الشيخ لوزراء خارجية دول عدم الانحياز والذي قرر تخصيص جلسة خاصة حول قضية الأسرى الفلسطينيين.
وركز قراقع على أهمية الزام اسرائيل باحترام القوانين الدولية والانسانية في تعاملها مع الأسرى وارسال لجان تحقيق دولية لمحاسبة اسرائيل على أعمالها وانتهاكاتها.
وفيما يلي نص كلمة الوزير قراقع:
السيد الرئيس معالي وزير الخارجية المصري المحترم
معالي الوزراء المحترمين
السيدات والسادة،
بداية أتوجه لكم بالشكر الجزيل على تخصيص هذا الاجتماع لمناقشة أوضاع الأسرى الفللسطينيين القابعين في سجون الاحتلال الاسرائيلي وإعطاء هذه المساحة الدولية الهامة للاطلاع على ظروفهم ومعاناتهم لا سيما في ظل تواصل إضراباتهم المفتوحة عن الطعام احتجاجاً على تردي أوضاعهم الانسانية ولمواجهة السياسات العنصرية الظالمة التي تطبق بحقهم وتتناقض مع كافة شرائع ومواثيق حقوق الانسان.
لقد وصلت الى اجتماعكم وينتابني قلق وخوف شديدين على مصير وحياة سبعة من الأسرى يخوضون إضراباً ملحمياً مفتوحاً عن الطعام لليوم الثالث والسبعين على التوالي ضد اعتقالهم الإداري التعسفي. وهم الآن في وضع صحي خطير للغاية، وحياتهم مهددة بالموت في كل لحظة. هؤلاء الأسرى هم بلال ذياب و ثائر حلاحلة و حسن الصفدي و جعفر عز الدين وعمر أبو شلال و محمود سرسك و محمد التاج.
السيدات والسادة،،
إن الاعتقال الإداري التعسفي المطبق على الأسرى الفلسطينيين هو جزء من المشهد المخيف الذي يعانيه 4800 أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال. حيث بدأ عدد كبير من الأسرى (ما يقارب من 1300 أسير) منذ تاريخ 17/04/2012 إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على أوضاعهم اللاإنسانية وتجريدهم من أبسط حقوقهم الانسانية والمعيشية. وبدأت أوضاعهم الصحية بالتدهور، ونقل جزء كبير منهم الى المستنشفيات، ولا زالت الأوضاع ساخنة وخطيرة، وتتفاقم يوماً بعد يوم. مما يتطلب الاسراع في وقف حريق يندلع، وانفجار قد يتسع ويترك انعكاسات كبيرة في المنطقة برمتها.
إن الأسرى يمثلون إرادة الحرية وإرادة التعطش الفلسطيني للانعتاق من براثن المحتل وقيوده وظلمه الذي طال. ولا يجوز أن يكسر الأسير لأنه يمثل رمز العدالة الانسانية ورمز الحرية والاستقلال الوطني الفلسطيني. والأسرى في احتجاجاتهم لا يطالبون بالمستحيل، بل بالكرامة والحقوق التي نصت عليها أحكام القانون الدولي الانساني وتشمل حقهم بالزيارة من قبل ذويهم، وحقهم في التعليم والعلاج الطبي، ورفع العقوبات الخطيرة بحقهم كالعزل الانفرادي واستمرار القمع والاعتداءات المتواصلة عليهم.
لهذا جئت اليوم لأحمل لكم رسالة بشر على هذا الكوكب. رسالة شعب اعتقل أكثر من مليون من أبنائه وبناته منذ عام 1967. يتعرضون لسياسة انتقام رسمية ومتعمدة عبر عنها رئيس وزراء اسرائيل نتانياهو في حزيران عام 2011 عندما قرر مجموعة من الاجراءات ضد الأسرى رافقه سلسلة تشريعات سنها الكنيست الإسرائيلي تقضي بحرمان الأسرى من الكثير من حقوقهم. وبذلك وضعت حكومة إسرائيل الأسرى العُزل عنواناً لعدوان جديد وحرب لاأخلاقية تجري على أرواحهم وأجسادهم.
جئت اليوم من أجل أن ينتصر الصوت الانساني على صوت الظلام والشر، أن ينتصر ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها التي دعت الى نصرة الشعوب وحقوقها وإزالة الاستعمار والاستعباد عن كاهلها.
جئت أسأل عن دولة إسرائيل التي هي عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، أخلت بشرط عضويتها وهو الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وبحقوق الانسان وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
إسمحوا لي أن أسألكم..... إلى متى ستبقى دولة إسرائيل دولة فوق القانون، تستخدم القوة والقمع في الاعتداء على الأسرى وأهاليهم، تعتقل الأطفال الصغار والشيوخ الكبار وتعذبهم وتنتزع منهم اعترافات بالقوة والتهديد، وتفرض عليهم إقامات جبرية منزلية أو إبعاد خارج مناطق سكناهم ووطنهم، وتزج أسرى في زنازين عزل إنفرادي بعضهم يقبع فيها منذ أكثر من عشر سنوات كالأسير عباس السيد و محمود عيسى و حسن سلامة و أحمد المغربي و عبدالله البرغوثي و أحمد سعدات و إبراهيم حامد وغيرهم. تعتقل النواب المنتخبين كالأسير مروان البرغوثي و حسن يوسف و جمال الطيراوي و عزيز الدويك، وتحرم عائلات الأسرى من الزيارات كحرمان أسرى قطاع غزة من زيارة ذويهم منذ سبع سنوات...
جئت أسأل العالم من خلالكم، كيف يقبل أن يداهم الجنود الإسرائيليون المدججون بالسلاح والكلاب البوليسية غرف وزنازين الأسرى يعتدون ويقتلون كما قتل الأسير محمد الأشقر عام 2007 في سجن النقب وليصل عدد الشهداء من الأسرى الى 204 شهيداً سقطوا خلف قضبان السجون قتلاً أو مرضاً أو تعذيباً دون مسائلة أو ملاحقة قانونية لمرتكبي هذه الجرائم.
كيف يقبل العالم أن يبقى الأسرى دون علاج ومنهم الجرحى والمشلولين والمصابين بالسرطان والمعاقين كالأسير خالد الشاويش ومنصور موقدة وأشرف أبو دريع و معتصم رداد و ناهض الأقرع و محمود سليمان و أكرم الريخاوي و أحمد سمارة و زهير لبادة و رياض العمور وغيرهم.... .
كيف يقبل العالم استمرار احتجاز أسرى أكثر من ربع قرن في السجون الإسرائيلية؟ بعضهم أمضى 30 عاماً كالأسير كريم يونس و 124 آخرين يقضون أكثر من 20 عاماً ونحن في عصر الثورات الديموقراطية والتغيير وسيادة حقوق الانسان.
من حقي ومن على هذا المنبر أن أسأل فقهاء القانون ومحبي السلام ومناصري حقوق الانسان كيف لا تتحركون وتعملون شيئاً لانقاذ طفل يعذب بالصعقات الكهربائية والتحرش الجنسي، وكيف تتحملون أن تشاهدوا مستوطناً اسرائيلياً يدعى أو يسمى دافيد مزراحي يحاول قتل الأسير وسيم مسودة بدهسه أربع مرات بسيارته ليحاكم بالسجن لمدة ثلاثة شهور فقط في المحاكم الاسرائيلية. كيف تتحملون هذه العنصرية في القضاء الاسرائيلي، والسكوت على محاكمات غير عادلة، وعلى محققين يحظون بحصانة قضائية ولا يلاحقون على ما يرتكبون من تعذيب خلال استجواب المعتقلين.
كيف يتحمل الراعون لحقوق الانسان أن يشرع الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) ستة قوانين تنتهك حقوق الأسرى وتنتهك القوانين الدولية تحت ذريعة احتجاز الجندي شاليط، وبعد أن أفرج عن شاليط تصاعدت هذه الانتهاكات أكثر وأكثر.
كيف تتحملون ثقافة العسكرة والتحريض والتطرف القومي في تصريحات ومواقف الساسة الاسرائيليون ووسائل اعلامهم وحاخاماتهم ومربيهم عندما يدعو عضو الكنيست الاسرائيلي ميخائيل بن أري الى فرض عقوبة الاعدام على الأسرى ويدعو الصحفي الاسرائيلي ايان جيبون الى خنق الأسرى بالغاز وابادتهم، وعندما يدعو وزير الجيش الاسرائيلي أيهود باراك الأسرى أن يتعفنوا في السجن، وتهديد وزير الأمن الاسرائيلي بعدم الاستجابة لمطالب الأسرى حتى ولو ماتوا. ودعوة كبار الحاخامات في اسرائيل يوم 16/01/2011 الى إقامة معسكرات ابادة للفلسطينيين.
أقول للعالم الآن أن دولة اسرائيل تتجه لتصبح دولة أبرتهايد، دولة دينية متطرفة، تستهتر بكم وتضللكم، وهي تكرس احتلالها لشعبنا وتحوله الى شعب لا وجود ضائع لا وجود له في المكان والزمان ...... . وبمماراساتها المتواصلة هذه، تشن اسرائيل حرب تطهير عرقي على الثقافة الانسانية والعدالة الكونية، كأن تأثير مباديء وثقافة حقوق الانسان لم تصل بعد الى منطقة الاشتباك القاسية خلف قضبان السجون ومعسكرات الاحتلال.
لكل ذلك وغيره أيها السيدات والسادة فإن تدويل قضية الأسرى يعتبر مطلباً استراتيجياً قانونياً وسياسياً وانسانياً وأخلاقياً لكسر العزلة عن المعتقلين واشراك المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته القانونية للأسرى وتوفير الحماية لهم وفق مباديء وأحكام القانون الدولي، ووضع حد لاستمرار فرض قوانين وأوامر عسكرية اسرائيلية جائرة عليهم تنتهك بشكل فظيع كافة الشرائع والاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
السيدات والسادة،
لكل ما ذكرت وغيره انتفض الأسرى في السجون انتصاراً لحقوقهم وهم يتطلعون الى من ينقذهم ويضع حداً لدولة تستهتر بالثقافة الانسانية وتتحدى القيم والمباديء الدولية.
ولهذا فإنني أدعو اجتماعكم الموقر الى ما يلي:
1.تحرك عاجل وسريع لانقاذ حياة الأسرى المضربين عن الطعام والذين يتهددهم خطر الموت الآن في سجون الاحتلال الاسرائيلي، وممارسة الضغط على حكومة اسرائيل للاستجابة لمطالبهم العادلة والمشروعة وتحميلها المسؤولية عن ممارساتها اللاإنسانية التي قادت الى هذه الأوضاع الكارثية والمأساوية متمنياً أن يصدر بيان خاص عن اجتماعكم حول ذلك.
2.الدعوة الى تشكيل لجنة تحقيق دولية وتحت رعاية الأمم المتحدة للتحقيق في الأوضاع التي يعيشها الأسرى وما يتعرضون له من انتهاكات مخالفة للقوانين الدولية.
3.دعم التوجه الفلسطيني والعربي بوضع قضية الأسرى على طاولة الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار باستصدار فتوى قانونية من محكمة لاهاي الدولية حول المركز القانوني للأسرى بصفتهم أسرى حرب وفق اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة وتحديد الالتزامات القانونية الناشئة على عاتق المحتل الإسرائيلي بشأنهم ودور والتزامات المجتمع الدولي لمواجهة الانتهاكات والخروقات الإسرائيلية لحقوق المعتقلين وفق قواعد وأحكام القانون الدولي الانساني.
4.إطلاق حملة قانونية وإنسانية وتشكيل ائتلاف دولي لوقف سياسة الاعتقال الاداري التعسفية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحق أبناء شعبنا.
5.إعادة النظر في الاتفاقيات الثقافية والاقتصادية والتجارية والأكاديمية المعقودة مع دولة إسرائيل بسبب استمرار انتهاكاتها لحقوق الأسرى الفلسطينيين.
وأخيراً أيها السيدات والسادة، لقد اختار شعبنا الفلسطيني طريق السلام القائم على العدل والمساواة والعيش المتكافيء والمشترك وفق ما نصت عليه المرجعيات والشرعية الدولية ليعيش في وطنه ودولته حراً ومستقلاً وليس عبداً أو ذليلاً أو مشرداً. وإن تقاعس المجتمع الدولي عن القيام بمسؤولياته القانونية تعتبره إسرائيل تشجيعاً لها للاستمرار في ارتكاب جرائمها بحق الشعب الفلسطيني.
لهذا فإنني أهيب بكم وباسم الانسانية والمعذبين في الأرض، وباسم القانون الدولي الانساني أن تساعدونا على فتح أبواب السجون وإضاءة شموع الحرية لأسرانا ورحيل الجلادين عن حياتنا للأبد.
وأختتم بما قاله السيد اليسوع عليه السلام "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، فنحن شعب لا نريد سوى الحرية والكرامة.
وقد صدر بيان عن مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز تضمن ما يلي:
1.دعوة المجتمع الدولي للتصدي بشكل عاجل للوضع الذي يمر به الأسرى المضربين وانقاذ حياتهم وتحميل اسرائيل المسؤولية عن كل ما يحدث من انتهاكات لحقوق الأسرى داخل سجون الاحتلال.
2.شدد البيان على الزام اسرائيل باحترام اتفاقية جنيف الرابعة التي تنطبق على الأراضي الفلسطينية والأسرى الفلسطينيين وأن ما تقوم به اسرائيل من ممارسات ضد الأسرى يرقى الى جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية.
3.دعا البيان الى إطلاق سراح جميع الأسرى والانصياع الكامل لبنود اتفاقية جنيف ذات الصلة.
4.دعم الجهود المتواصلة لزيادة الوعي بقضية الأسرى وحشد التأيد لجهود الشعب الفلسطيني وقيادته لمواجهة الاختراقات الاسرائيلية ضد الأسرى.
5.مطالبة الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الانسان بالتصدي للوضع المأساوي للأسرى داخل سجون الاحتلال.
6.تأييد مطالبة وزير الأسرى بادراج قضية الأسرى على طالو الجمعية العامة للأمم المتحدة واستصدار فتوى حول المركز القانوني للأسرى بصفتهم أسرى حرب من محكمة لاهاي الدولية.
7.دعا البيان الأطراف المتعاقدة لاتفاقيات جنيف الرابعة للانعقاد والزام اسرائيل بالاعتراف باتفاقيات جنيف على المعتقلين في سجون الاحتلال.